رفض خبراء مصرفيون واقتصاديون مقترح بعض المصدرين بتوريد حصيلة الدولار من الصادرات إلى البنوك بزيادة 15 ٪ على السعر الرسمى، حيث اعتبروه بمثابة السماح بتدشين سوق موازية جديدة لن تسهم فى حل مشكلة نقص العملة الأجنبية بالسوق بل ستفاقم الأزمة. قال شريف عفيفى رئيس شعبة السيراميك باتحاد الصناعات صاحب المقترح: إن البنك المركزى رفض هذا الاقتراح رغم ترحيب وزير الصناعة والتجارة الخارجية. وأضاف أن التجربة مطبقة بالفعل فى دول مثل الصين وبعض دول آسيا التى تعانى من مشكلة وجود سعرين لصرف الدولار خاصة أن تطبيق هذه التجربة يعنى السماح بتدفق العملة الصعبة لشرايين البنوك بعيدا عن السوق الموازية، متسائلا: كيف لا يسمح البنك المركزى بتطبيق هذا النموذج فى التعاملات رغم أنه يتماشى مع أهداف البنك المركزى المعلنة لمنع تسرب العملة لخارج البنوك؟ من الجدير بالذكر ان البنك المركزى اكد لوزير الصناعة أن مثل هذا المقترح سيؤدى إلى تعقيد الأمر لأنه يعنى السماح بوجود سعر ثالث لصرف الدولار فى وقت يسعى فيه البنك المركزى جاهدا لتضييق الهوه بين السعرين الرسمى بالبنوك والموازى فى السوق غير الرسمية. من جهه قال محمد بدرة الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك القاهرة: إن هذا المقترح لن يحل المشكلة كما يراه المصدرون لأن تلقى البنك المركزى دولارا بسعر أعلى من السعر الرسمى يعنى سماحه بإضافة سوق غير رسمية جديدة للتعاملات، كما أنه سيكون فرصة للمضاربين وتجار العملة لرفع سعر الدولار فى السوق الموازية بنسب تفوق النسبة التى سيسمح بدفعها البنك المركزى لحصيلة التصدير وهى 15 ٪ . وأشار إلى أن رفض البنك المركزى لهذا المقترح قرار جيد والسماح بغير ذلك يفند حرب المركزى ضد الأسعار غير الرسمية ويؤدى إلى مزيد من المشكلات فى التعاطى مع هذه الأزمة، كما أن هذا المقترح يعد غير قانونى لأن البنك المركزى يسمح لشركات الصرافة بهامش ربح من 10 إلى 15 قرشا، زيادة أو نقصا عن السعر الرسمى المعلن فى البنوك، فكيف يخالف ذلك بنفسه ويسمح للبنوك بشراء أو بيع الدولار بأعلى من السعر الرسمى المعلن. وقال هشام إبراهيم الخبير المصرفى: إن هذا المقترح لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع لأنه سيتسبب فى مشكلات كارثية حتى وإن رأى بعض المصدرين أنه يمثل حلا ولو جزئيا للمشكلة فلا يعقل أن يقبل البنك المركزى دولارا بزيادة 15 ٪ على سعره الرسمى ليعيد توظيفه لمصلحة القطاعات الأساسية أو حتى الثانوية بهذا الفارق الكبير لأن ذلك يعنى مزيدا من ارتفاع تكلفة تدبير العملة التى يظهر أثرها فى أسعار السلع بشكل كبير. وأضاف: هذا المقترح غير منطقى من الناحية الاقتصادية لأنه يضفى الكثير من الأعباء على تكلفة تدبير الدولار للمستوردين خاصة أن تحريك أسعار السلع الأساسية مثل الأدوية قوبل برفض شعبى فكيف بالمركزى أن يحمل مزيدا من الأعباء على مستورى السلع الرئيسية! وأشار إبراهيم إلى أن هذا المقترح يعنى وجود سوق سوداء للدولار أخرى بصبغة رسمية وهو ما لا يمكن أن يقبله البنك المركزى، كما أن الزيادات المقابلة لهذه النسبة فى السوق الموازية ستقفز بسعر الصرف إلى معدلات مرتفعة جدا تجهض ما يقوم به البنك المركزى من غلق لشركات الصرافة المخالفة ومحاولة تجريم الاتجار فى العملة للأفراد فى القانون الجديد للبنك المركزى الذى يجرى العمل عليه فى البنك المركزى بالتعاون مع اتحاد بنوك مصر. ويتفق مع سابقيه شريف الجبلى رئيس شعبة المصدرين باتحاد الغرف التجارية، فى أن مثل هذه المقترحات تضر ولا تنفع ولا يمكن أن يسمح بها البنك المركزى، كما أن تحركات البنك المركزى الأخيرة بإلغاء الحد القصى للإيداع والسحب الدولارى لمستوردى السلع الأساسية كانت جيدة ولكن الإبقاء على المليون دولار شهريا كحد أقصى لإيداعات مستوردى السلع غير الرئيسية أدى إلى ارتفاع سعر الدولار نتيجة الطلب عليه وهو الأمر الذى انعكس على صعوبة تدبير العملة، وارتفاع سعر المدخلات التى تستوردها المصانع. وأوضح أنه لابد من إلغاء سقف الإيداع النقدى للأفراد والمؤسسات التى ترغب فى استيراد سلع غير أساسية بما يسهم فى تنشيط الصادرات خاصة أن نسبة المكون المستورد فى بعض المنتجات قد تصل إلى 50%. ورفض على عيسى رئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية هذا المقترح قائلا: هذه مقترحات غريبة ولا يمكن تطبيقها عمليا وطبيعة الأمر أن يكون البنك المركزى هو صاحب قرار تحديد سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية وله أن يعتمد على أدواته المالية وطبيعة أداء السوق وتحركات الاقتصاد ولذلك يجب ألا يتبارى أحد فى تقديم مقترحات تضر بالاقتصاد. وأضاف عيسى أن البنوك المركزية فى العالم تضع بالتعاون مع صانعى القرار المالى خطط أداء وعمل الاقتصاد وعلى رأسها سعر الصرف، وطبقا لسياسات وأهداف الاقتصاد سواء الانفتاحية أو الانكماشية يتم تحديد سعر الصرف الخاص بالعملة المحلية مقابل العملات المختلفة الرائدة عالميا. وأِشار إلى أن مثل هذا المقترح سيرفع سعر الصرف فى السوق الموازية بنسب مرتفعة جدا بل إنه سيؤدى إلى انفلات سعر الصرف رسميا من يد البنك المركزى ولذلك لا يمكن القبول به بأى حال من الأحوال. ورفض وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء المقترح لأنه من وجهة نظره لن يحل المشكلة وتنفيذه يعنى اعتراف البنك المركزى رسميا بانخفاض جديد للجنيه أمام الدولار فقبول البنك هذه الأموال بالتكلفة المرتفعة سيتبعه زيادة فى سعر بيع الدولار بالبنك المركزى ومن ثم زيادة سعر الصرف رسميا. وطالب جمال الدين بإلغاء الحد الأقصى للإيداع الدولارى، معتبرا أنه سبب رئيسى فى اللجوء للسوق الموازية بهدف تدبير العملة وهو الأمر الذى يخالف الهدف من القرار الذى أعلنه البنك المركزى فى مارس الماضى لجذب دولار التعاملات غير الرسمية للقطاع الرسمى. وقال فخرى الفقى الخبير الاقتصادى: إن تطبيق هذا المقترح سيأتى بنتائج عكسية على الاقتصاد وسيضعف من قدرة البنك المركزى على مواجهة الأزمة المفتعلة للدولار ومن ثم سيكون البنك المركزى تابعا لتحركات المضاربين دون أن يستطيع اتخاذ قرار قوى لمواجهتهم، وقبول البنك المركزى بهذا المقترح سيمنح المضاربين فرصة ذهبية لرفع سعر صرف الدولار. وأضاف الفقى أن أى مقترح تجب دراسته من جميع الجوانب وليس من وجهة صاحبه فقط خاصة أن المصدرين يهتمون بتحقيق مكاسب من عملية بيع الدولار بسعر أعلى من الرسمى دون أن ينظروا إلى باقى الأطرف مثل المستورد الذى سيحصل على الدولار بسعر مغالى فيه، والمستهلك الذى سيتحمل هذه التكلفة النهائية فى شكل زيادة معدلات الأسعار. وأشار إلى أن تطبيق مزيد من الترشيد فى استخدام موارد الدولة من الدولار وتعظيم دور السياحة والاستثمار الأجنبى سيسهم فى حل جزء من مشكلة نقص الدولار. وقال هانى توفيق، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر: إن هذا المقترح ليس حلا بل يعد تعقيدا للمشكلة ولذلك لابد من البحث عن حلول واقعية ومنها جذب المستثمرين الأجانب للاستثمار فى أذون الخزانة، وهو ما يسمى ب»آلية التحوط» إلى جانب وضع آليات عمل وخطط اقتصادية تتضمن مزيدا من الحوافز الاستثمارية للمستثمر الأجنبى بما يرفع معدلات تدفق النقد الأجنبى. وأضاف توفيق أن تحويلات المصريين وحدها قادرة على حل مشكلة النقد الأجنبى ولكن بحسابها بشكل صحيح أولا فعدد المصريين بالخارج يتجاوز 8 ملايين مواطن وعلى حساب أن معدل تحويل الفرد الواحد 5 آلاف دولار سنويا فإننا سنكتشف أن حجم تحويلات المصريين بالخارج هو 40 مليار دولار يذهب نصفها إلى السوق الموازية. وأضاف: تقريب الهوة بين السعرين الرسمى وغير الرسمى سيضمن الاستفادة من 20 مليار دولار تذهب للسوق الموازية ولن يمكن الاعتماد على أموال المصريين بالخارج إلا بعد توحيد سعر الدولار.
13 تذكرة طيران جوائز مسابقة «الاقتصادي» .. اضغط هنا لتفاصيل المسابقة