مع كل إجراءات أو إصلاحات اقتصادية جديدة تنسج الدولة المصرية مزيدا من الخيوط فى شبكة الحماية والأمان الاجتماعى بهدف حماية مواطنيها الفقراء وتجنيبهم الآثار السلبية المترتبة على هذه الإجراءات. ومع كل موازنة وعام مالى جديد تعلن الحكومة زيادة مخصصات الدعم والمنح الاجتماعية بجميع أشكالها للحفاظ على التنمية الحقيقية لهذا الدعم ومسايرة تضخم الأسعار. وربما يبدو ذلك أكثر وضوحا خلال السنوات التى تلت ثورة 25 يناير التى كان أحد أبرز شعاراتها «العيش والعدالة الاجتماعية» ومن ثم تعددت إجراءات الحماية التى كان أحدثها برنامجى كرامة وتكافل اللذين يسدان ثغرة كبيرة فى هذا المجال عبر توفير معاش شهرى للمسنين غير القادرين على الكسب وليس لديهم من يعولهم. وقد حاز هذان البرنامجان إشادة البنك الدولى. زيادة الانفاق الاجتماعى فى الموازنة الجديدة إلى 421 مليار جنيه لا شك أنها خطوة مهمة تعكس توجه السياسات الاقتصادية التي تعبر عنها الميزانية لتحقيق العدالة الاجتماعية إلا أن محدودية الموارد وعجز الموازنة يمثلان تحديا كبيرا . وكيف يمكن تعزيز ورفع كفاءة برامج الحماية الاجتماعية كما ونوعا وهل الحل فى تعميم فكرة الدعم النقدى مثلا وما هى مقترحات خبراء الاقتصاد والاجتماع والأحزاب السياسية والبرلمانيين فى هذا الشأن ؟! سؤال العدالة الاجتماعية يطرحه «الاقتصادى» فى هذا الملف. - الاستثمارات العامة .. يد خفية تدعم الفقراء يمثل بند الاستثمارات العامة فى الموازنة أحد أهم الروافد المالية التى تدعم قضية الحماية الاجتماعية بطريقة غير مباشرة، حيث إن الإنفاق علي بناء المستشفيات والمدارس وغيرهما يجرى ترجمته فى نهاية الأمر فى شكل خدمات عامة مدعومة مقدمة للمواطنين . وتكشف أرقام الموازنة العامة للعام المالي الجديد 6102 - 7102 عن زيادة مخصصات بند الاستثمارات العامة لتبلغ 701 مليارات جنيه تمثل نسبة 4.11٪ من إجمالي المصروفات وبزيادة قدرها 05٪ عن العام السابق. ويتوزع هذا المبلغ بواقع 46 مليار جنيه ممولة من الخزانة العامة والباقى منح وقروض وتمويل ذاتى، لكن لمفاجأة التى يكشفها خبراء ومحللون أن هذه الزيادة فى الاستثمارات العامة لاتعنى تحسنا فى الخدمات بالضرورة، حيث إن الزيادة الرقمية هى ناتجة بالدرجة الأولي عن ارتفاع معدلات التضخم ومن ثم ارتفاع تكلفة المشروعات المنفذة، الأمر الذى ينعكس علي قضية الحماية الاجتماعية بمفهومها الشامل ورغم ذلك لم تفلح مساعى الحكومة فى تنفيذ الاستحقاقات الدستورية الخاصة بمواد الإنفاق الحكومى علي التعليم والصحة علي مدار العامين الماضيين، حيث استقرت نسبة الإنفاق علي التعليم عند معدلات أقل من المحددة من الناتج القومى. ورغم أن الحاجة لدعم الاستثمار فى التعليم كانت تقتضى زيادتها إلا أنه لم يحدث، كذلك الأمر فيما يتعلق بقطاع الصحة، حيث لم تخصص الحكومة سوى 8.1٪ من الناتج القومى مقابل 3٪ نسبة حددها الدستور. ويؤكد عبدالخالق فاروق الخبير الاقتصادى أن الدولة لديها خطط لدعم الاستثمار فى التعليم والصحة ولكن الحكومات المتتالية تعمل عكس ذلك، حيث إن الموارد المحددة لهذه القطاعات تعكس انخفاضا فى الإنفاق الحقيقى ولن يكون بمقدور هذه القطاعات تنفيذ خططها التوسعية لخدمة المواطن. وأضاف علي سبيل المثال رغم زيادة موازنة الاستثمار فى قطاع التعليم فلم تستطع الحكومة خلال العام المالي 2015-2016 أن تخصص سوى ربع الموارد اللازمة لبناء الفصول الدراسية التى يحتاجها من هم فى سن التعليم. وأضاف الإنفاق علي الصحة والتعليم والشباب والرياضة ظل ثابتا من إجمالي الإنفاق العام وأشار إلى أن بند الاستثمار فى الخدمات العامة وحده استحوذ علي نصيب يفوق ثلث المصروفات الحكومية رغم أنه موجه للإنفاق علي دواوين الوزارات والمحافظات ومجلس النواب. خروج عن الهدف وأضاف رغم أن الحماية الاجتماعية تشهد زيادة فى النفقات إلا أن المستفيد من هذه الزيادة هى الفئات الأعلي دخلا مما يجعلها تخرج عن مضمونها فى مساندة غير القادرين. وقال إيهاب الدسوقى رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية إن مشكلات الإنفاق علي الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية لاتنتج فقط عن عدم كفاية مستوى الإنفاق وهيكلته، ولكن ينتج عن المشكلات الإدارية فى الإنفاق، فالكثيرون يعتقدون أنه كلما زاد حجم الانفاق العام كانت الخدمات أفضل وبشكل أحسن من ذى قبل إذ إن تخصيص اعتمادات أكبر لايعنى تقديم خدمة أفضل. وتابع إذا تحدثنا عن الصحة فإننا نجد أن الإنفاق العام عليها ارتفع من 02 مليار جنيه فى 1102/2102 إلي 30 مليارا فى 2013-2014 كما أن الاستثمارات العامة فى قطاع الصحة هبطت من 41٪ من إجمالي الإنفاق فى 2011-2010 إلي 11٪ عام 2013-2014 حتى هبط إلي 5٪ فى موازنة 6102 - 7102. وقال شريف دلاور الخبير الاقتصادى إن الحكومة أعلنت أن حجم الإنفاق علي برامج البعد الاجتماعى والحماية الاجتماعية بمشروع موازنة 6102 - 7102 يبلغ 124 مليار جنيه بنسبة 54٪ من إجمالي المصروفات وبنسبة زيادة 5.21٪ عن العام الماضى . وأضاف الحكومة وضعت نصب أعينها منذ منتصف التسعينات التأمينات كمحور أساسى فى الحماية الاجتماعية وهى تعانى اختلالات كبيرة ولم تنجح فى مواجهة الفقر. وبالنظر إلي موازنات مصر منذ 0102 وحتى 2013 نجد أن مخصصات الحماية الاجتماعية تراجعت عن معدلات ماقبل ثورة 52 يناير 1102 ثم ما لبثت أن ارتفعت خلال العامين الماضيين مرة أخرى لكن هذه الزيادة تآكلت نتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم. - مصاعب أمام تحقيق المطالب الدستورية .. الصحة والتعليم فى مصيدة نقص المخصصات فى الوقت الذى يشكو فيه الجميع من تدهور الخدمات العامة خاصة خدمات الصحة والتعليم تعلن وزارة المالية زيادة مخصصات هذين البندين فى كل موازنة جديدة، وحسب وزارة المالية فإن هذين البندين شهدا زيادة قدرها 8.6 مليار جنيه فى موازنة العام 2017 - 2016 ، هذه الزيادة يراها البعض محدودة نظرا لأن الدستور ينص على ضرورة الالتزام بتخصيص نسبة 4% من إجمالى الناتج القومى للتعليم كحد أدنى ثم يبدأ بعدها الوصول إلى المعدلات العالمية وبالنسبة للصحة فقد تم تحديد نسبة 3% من الناتج القومى.
وبالنظر لملف الإنفاق على الصحة والتعليم نجد ان الإنفاق بلغ على قطاع التعليم والبحث العلمى نحو 62.958 مليار جنيه عام 1102-2102، موزعا بين مؤسسات وزارة التربية والتعليم نحو 42.7 مليار، والمعاهد الأزهرية 6.354 مليار جنيه، ومؤسسات التعليم الجامعى نحو 11.673 مليار جنيه، وجامعة الأزهر نحو 112.1 مليار جنيه، ووزارة البحث العلمى والمؤسسات البحثية التابعة لها نحو مليار جنيه، إلا أن المنصرف على الأجور بمنظومة مؤسسات التربية والتعليم والأزهر بلغ نحو 43.7 مليار جنيه، بينما بلغ المنصرف على السلع والخدمات نحو 3.255 مليار جنيه، أما المنصرف على المشروعات الاستثمارية من مبان وتجهيزات وأجهزة من بند الأصول غير المالية، فبلغ نحو 2.053 مليار جنيه، كما قامت الحكومة برفع ميزانية وزارة الصحة بنحو 12.9 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري 2014 - 2015 لتصل بالموازنة الجديدة إلى نحو 46.4 مليار جنيه، مقارنة بميزانية قطاع الصحة عام 3102 - 4102 والتي قدرت بنحو 33.5 مليار جنيه بحسب التقسيم الوظيفي بالموازنة الجديدة. - زيادة المخصصات: ويشير محمد معيط نائب وزير المالية لشئون الخزانة العامة إلى أن مشروع الموازنة الجديدة للعام المالي المقبل 2016-2017 شهدت ارتفاع مخصصات بند الصحة بالموازنة الجديدة من 49.3 مليار جنيه إلى 53.3 مليار جنيه، كما ارتفعت مخصصات التعليم من 99.3 مليار جنيه إلى نحو 104 مليارات جنيه بمشروع الموازنة الجديدة ، لافتًا إلى حرص الدولة على الوفاء بالاحتياجات المطلوبة للمواطنين، وبخاصة فى تلك البنود المهمة والأساسية وهى زيادة الإنفاق على التعليم والصحة، لأنها تمثل التزاما حتميا لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين ، وعلى الرغم من زيادة الميزانية بالصحة والتعليم، فقد تراجع نصيب المواطن من العلاج ليصل فى العام المالي الجديد 51.5 جنيه للفرد الواحد، وفى حين بلغ مصروفات الوزارة أو المبلغ المخصص لشراء مستلزمات الأدوية بنحو 6.7 مليار جنيه، وبلغت قيمة أجور الموظفين وتعويضاتهم نحو 7.62 مليار جنيه، وفى العام قبل الماضى وصلت ميزانية التعليم حوالى 60 مليار جنيه، وإذا تم توزيعها على عدد الطلاب حوالى 02 مليون، يكون نصيب الواحد 3000 جنيه سنويا وهذه نسبة هزيلة جدا، بينما نصيب الطالب في دول أخرى يقترب من 00052 ألف جنيه سنويا، أى 7 أضعاف الميزانية المرصودة للتعليم فى مصر. يقول الدكتور خالد سمير، أمين صندوق نقابة الأطباء، إنه على الرغم من إعلان وزارة الصحة زيادة الميزانية العام الماضي 13 مليارا لتصل إلي 57 مليارا، بنسبة تمثل 5%، فإن هناك إشكالية بين زيادة النسبة وانخفاض نصيب المواطن منها، لافتا إلى أن هناك عوامل أخرى تؤثر على تراجع نصيب الفرد المعالج على حساب الدولة، بسبب أن وجود ما يقرب من 25% زيادة تقابل تلك النسبة، مشيرا إلى عوامل تؤثرعلى تكلفة الحصة بالنسبة للمريض، منها ارتفاع سعر العملات الأجنبية العام الماضي بنسبة لا تقل عن 10%، وزيادة نسبة التضخم التي لا تقل عن 10% وارتفاع معظم مستهلكات الصحة التي غالبا ما تكون مستوردة، بالإضافة إلى ضعف الاسثتمار في الصناعات المحلية الصحية، وارتفاع أسعار الخضار والفاكهة، كل ذلك يؤثر على نصيب المواطن من الإنفاق العلاجي. وأضاف أن ميزانية الصحة تنقسم إلي مخصصات رواتب، ومنشآت، ومستلزمات وأجهزة، بالإضافة إلي رواتب التدريس والأطباء والتمريض، كل ذلك يؤثر على ميزانية الوزارة، لافتا إلى أن قيمة الرواتب تقل رغم الزيادة الطفيفة في الميزانية، ومؤكدا أن التسويق السياسي دون تخطيط حقيقي لمواجهة المشاكل لن يؤدي إلي علاج حقيقي. واشارت إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن متوسط الإنفاق الصحي بمصر 152 دولارا على الفرد في العام، وما يقرب من 72% منهم ضمن المال الخاص للمواطن و28٪ فقط من الانفاق الصحي، و المتوسط العام للإنفاق على الفرد ألف دولار عالميا بعكس بعض الدول العربية التي يصل الإنفاق على الفرد في مجال الصحة إلي ألفي دولار، موضحا أن اقتصاديات الصحة تقول إن كل دولار يستثمر في الصحة يؤدي إلي زيادة 9 دولارات في الإنتاج القومي، وهو فكر غائب عن الحكومة. من جانبه، قال الدكتور اشرف كمال استاذ المحاسبة بجامعة عين شمس إن عجز الموارد بالدولة يكون على حساب الضرائب من المواطن، بالاضافة إلى أننا ما زلنا مستمرين في الإنفاق خارج الموازنة، فالصناديق والحسابات الخاصة التي تمثل ما يقرب من 100 مليار جنيه وهي نسبة عالية بمعايير الأداء للبنك الدولي وصندوق النقد، ما زالت مستمرة لافتا إلى أن أول خطوة على طريق الإصلاح تكمن فى حصر الموارد؛ لأن جزءا كبيرا منها لا يدخل موازنة الدولة، ويرجع ذلك إلى عجز الحكومة على حصر تلك الموارد، مشيرا إلى أن هناك حالة تخبط داخل الحكومة، من فرض ضرائب مؤقتة وإعادة إلغائها، مؤكدا أننا ما زلنا نخضع لرجال الأعمال وأصحاب النفوذ والمصالح، دون وجود من يتحدث عن نصيب الفقراء داخل الموازنة. وأكد أن موازنة التعليم والصحة تعتبر رواية غير واقعية من الحكومة عن مصادر الإنفاق على القطاعين، لأن ذلك بعكس ما يوضحه الحساب الختامي لنفس السنة المالية، وهو ما يبين الفعل والقدرة على التحقيقات، مشيرا إلى أن الحساب الختامي للحكومة خلال ال 7 أعوام الماضية توجد بها مهازل، خاصة أن تقديرات حصيلة الضرائب التي توقعها الدولة يوجد بها عجز 10%، وعندما يظهر نقص الموارد تقوم بفرض ضرائب جديدة على المواطن، كما أن الشركات الخاصة ما تم تحصيله منها لا يتعدى 67% فقط. يقول الدكتور حسن عودة استاذ الموازنات الحكومية بالجامعة الالمانية: بالنسبة للربط زيادة نصيب الصحة في الميزانة العامة للدولة بنسبة من الناتج القومي الإجمالي -وهو يمثل القيمة النقدية لجميع السلع والخدمات المملوكة للقطاعبن الحكومي والخاص في عام كامل وهو ما يقارب 3 أضعاف الميزانية العامة للدولة- فهناك مرحلتان للزيادة: زيادة تدريجية خلال 3 سنوات تنتهي في موازنة الدولة للسنة المالية 6102-7102، وزيادة أخري تدريجية للوصول للمعدلات العالمية المربوطة أيضاً بالناتج القومي الإجمالي، موضحا ان نسبة زيادة ال 1.65% تدريجياً علي 3 سنوات لتصل إلي 3% من الناتج القومي الإجمالي. وبحسبة بسيطة مطلوب من الموزانة الحالية في قطاع الصحة 57.2 مليار جنيه. ولكن هذه القيمة للناتج القومي الإجمالي غير واقعية؛ لأن الناتج القومي الإجمالي في زيادة مستمرة، ويجب أن تكون قيمته أعلي من هذه القيمة؛ أي أن نصيب الصحة المتوقع في موازنة 2016-2017 التي يجري إعدادها يجب أن يكون بين 57 و66 مليار جنيه. - برلمانيون وحزبيون .. الكفاءة غائبة فى استخدام مخصصات برامج الحماية الاجتماعية تتباين رؤى الاحزاب واعضاء البرلمان لقضية العدالة الاجتماعية بصفة عامة واجراءات الحماية وشبكة الضمان الاجتماعى بصفة خاصة انطلاقا من التوجه السياسى الأيديولجى لكل طرف. لكن هناك شبه إجماع بين حزبيين وبرلمانيين استطلع «الاقتصادى» آراءهم حول هذه القضية على أن المخصصات المالية لبرامج الحماية الاجتماعية غير كافية مقارنة بطبيعة وحجم احتياجات الفقراء والمهمشين فى مصر. كما يؤكد هؤلاء أن هذه الأموال لا يتم استخدامها بكفاءة عالية وأن هناك هدرا فى هذا المجال. وأوضحوا أن عدم كفاءة الاستخدام يعد مشكلة رئيسية فى تنفيذ برامج الحماية الاجتماعية، كما أن الحكومة لم تتحدث عن سياساتها وخططها التى ستفعلها لتحديث هذه البرامج، مشيرين الى أن وجود برامج حماية اجتماعية فعالة يسهم فى التحكم فى المعدلات الحالية للفقر كخطوة لتخفيضها، بالإضافة إلى توزيع أمثل للموارد الاقتصادية للدولة. ومن جانبه يؤكد النائب محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات أن الإصلاحات الهيكلية تستهدف أيضا إعادة توزيع الإنفاق على البرامج الاجتماعية بشكل أفضل، خاصة فى ظل وجود بعض برامج الدعم الحالية التى تؤدى إلى وصول الدعم لغير مستحقيه. وأوضح السويدى، أهمية وجود برامج حماية اجتماعية فعالة للإسهام فى التحكم فى المعدلات الحالية للفقر كخطوة لتخفيضها، بالإضافة إلى توزيع أمثل للموارد الاقتصادية للدولة، بحيث يتم توجيهها فى الاتجاه الصحيح لمصلحة الفئات الفقيرة، مضيفاً أن الحكومة المصرية تعمل خلال الفترة الحالية على النهوض ببرامج الحماية الاجتماعية، ولكنها تأخذ فترة طويلة من الوقت، وبالتالى مازال أمام الحكومة الكثير لكى تقدمه والسبب فى ذلك عدم شعور المواطن بزيادة المخصصات المالية الموجهة الى شبكة الحماية الاجتماعية. - الخدمة هى سلعة فى البداية يؤكد فريد زهران، رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى أن جميع المخصصات المالية فى الميزانية العامة للدولة والموجهة لبرامج الحماية الاجتماعية غير كافية، وبالتالى يجب على الدولة زيادة هذه المخصصات، مشيراً إلى أن الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى قرر خلال الفترة الماضية رفض برنامج الحكومة فى مجال الحماية الاجتماعية، كما أن الجانب الاقتصادى الذى شغل المساحة الأكبر من برامج الحكومة جاء محملا بالعديد من التحديات التى من أهمها تأكيد أن كل الخدمات هى سلعة وليست التزاما من الدولة وبالتالى أصبح الحق فى التعليم سلعة وأصبحت الطاقة وغيرها سلعة يجب أن يدفع المواطن ثمنها الحقيقى حتى تتمكن الدولة من سد عجز الموازنة وهو امر خطير. ويوضح زهران أن هذه الاموال المخصصة لبرامج الحماية الاجتماعية لا تستخدم بشكل كفء، حيث إن الحكومة تعمل فقط على وضع العديد من الشعارات الفضفاضة فى معظم الملفات المطروحة، مضيفاً أنه رغم زيادة المخصصات المالية فى الميزانية العامة للدولة فلم تشعر بها الطبقات الفقيرة، لعدم وجود رؤية عميقة لعلاج ما يمر به المجتمع المصرى من أزمات شديدة فى جميع الأصعدة الاجتماعية، لافتاً إلى أن هناك تناقضا بين فكرتين «الحكومة الاقتصادية» و»الحكومة الاجتماعية»، حيث إن الحكومة الاقتصادية تستهدف فى الأساس إعادة التوازن المالى والنزول بعجز الموازنة العامة بعد عامين ونصف العام إلى 9٪ بما يتطلبه ذلك من زيادة فى الضرائب »القيمة المضافة والعقارية« وتخفيض دعم الطاقة والحد من زيادة الأجور، مؤكدا أن الحكومة الاجتماعية بما تعد به من إنفاق إضافى فى مجالات الإسكان والصحة والتعليم والشباب والثقافة والتنمية المحلية، فضلاً عن سياستها التوسعية إلى أقصى الحدود، تحتاج إلى موارد لا تتفق مع ما يمكن توقعه. - توزيع جيد للمخصصات ومن جانبه يؤكد محمد فريد، نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب المصريين الاحرار أن الازمة الحالية فى برامج الحماية الاجتماعية من جانب الدولة تتمثل فى عدم التوزيع الجيد للمخصصات المالية فى الميزانية العامة للدولة الموجهة لهذه البرامج مما يعيق حصول الطبقات الفقيرة للدعم المستحق، مشيراً إلى أن جميع البرامج الخاصة بالحماية الاجتماعية فعالة ولكنها لا تصل إلى المواطن الفقير. وأوضح فريد أن نحو 26٪ من المصريين تحت خط الفقر، وبالتالى هؤلاء يحتاجون إلى زيادة فى المخصصات المالية، لافتاً إلى أنه رغم المجهودات التى تقوم بها الدولة خلال الفترة الماضية فيما يخص برامج كرامة وتكافل فإن هذه المجهودات غير كافية على الصعيد الاجتماعى، موضحاً أن جميع هذه البرامج تحتاج إلى التوسع بالقدر الكافى حتى تضم الفئات الاكثر فقرا فى الدولة، وبالتالى فإن برنامج الحكومة تضمن العدالة الاجتماعية، وبرنامج تكافل وكرامة لحماية المسنين وتكافل الأسر الأكثر فقرًا، مضيفاً أن البرنامج يسعى لتحسين الظروف المعيشية، ولكن لا يسعى للقضاء على الأسباب التى تؤدى للفقر نهائيا، كما أن برنامجى تكافل وكرامة هما جزء أساسى من الإصلاحات الهيكلية التى تتبناها الحكومة لتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية لتخفيض معدلات الفقر، ومد الخدمات الاجتماعية للمزيد من الفئات الفقيرة . وقال محمد فريد: إن المخصصات المالية فى الميزانية العامة للدولة الموجهة لبرامج الحماية الاجتماعية غير كافية نظراً لان الهيكل الاجتماعى فى هذه الميزانية ليس على القدر المطلوب لما يتبعه فى زيادة فى معدلات التضخم التى يتحملها المواطن الفقير، مؤكداً أنه لابد على الحكومة أن تعمل على ترابط السياسة الاجتماعية والاقتصادية معا، على أن تضع فى الحسبان قائمة بالاولويات التى يحتاجها المواطن الفقير بداية من الإسكان والصحة والتعليم وصولا بالتنمية المحلية لمواجهة معدلات التضخم. - عدم كفاءة الاستخدام ومن جانبه يؤكد أحمد عبد الحفيظ، من الحزب الناصرى، أن عدم كفاءة الاستخدام يعد مشكلة رئيسية فى قضية العدالة الاجتماعية الى جانب عدم كفايتها. من جانبه يؤكد الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، أن عدم وصول الدعم لمستحقيه يعد المشكلة الرئيسية التى تواجه الحكومة خلال الفترة المقبلة، كما أن جميع المخصصات المالية فى الميزانية العامة للدولة الموجهة لبرامج الحماية الاجتماعية غير كافية، نظراً لان الاغنياء يستفيدون من هذه المخصصات بداية من المقررات التموينية وما شابه ذلك من صور الدعم المخصصة للفقرار ومحدودى الدخل. - لهذه الأسباب يرفضون الدعم النقدى رفض كثير من الخبراء تحويل الدعم العينى إلى نقدى لأنه يحمل بين طياته المزيد من الأعباء التى سيتحملها الفقراء نتيجة احتمال تآكل قيمة الدعم النقدى مع ارتفاع الأسعار، لان تطبيقه يستلزم وجود مرونة وعدم الثبات عند مبلغ محدد، فعندما قررت الحكومة أن تكون قيمة الدعم فى البطاقات التموينية 15جنيها كان الدولار يساوى 6 جنيهات، والآن يقترب من 10جنيهات، وكانت ضريبة المبيعات 10 ٪ وبعد تطبيق القيمة المضافة ستصبح 14٪، فكان هذا يستوجب زيادة هذا المبلغ، كما أن الحكومة تتعامل بمعايير مزدوجة فى موضوع الدعم فهى تدعم الأغنياء وعندما تأتى للفقراء تطالب بالتحول إلى الدعم النقدى فقد قامت الحكومة بتخفيض سعر الغاز الطبيعى لمصانع الحديد من 7 دولارات إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، وقامت بتخفيض الضرائب لرجال الأعمال من 25 ٪ إلى 22.5 ٪ بينما فى الولاياتالمتحدة تقترب النسبة من 42٪، مما يطرح تساؤلا مهما وهو هل ستزيد الحكومة الدعم كل فترة مع ارتفاع الاسعار أم لا؟ وأبدى هؤلاء ا لخبراء تخوفهم من أن التحول إلى الدعم النقدى يمهد لإلغاء الدعم وتنفيذ مطالب صندوق النقد، كما أن بلدا 43 ٪ من سكانه تحت خط الفقر النسبى، يجب استمرار الدعم العينى به بالإضافة إلى أن دعم الغذاء لا يمثل النسبة الكبرى من الدعم فى مصر، فالنسبة الأكبر منه موجهة لدعم الطاقة. والمشكلة الكبرى أنه لا توجد آلية لتحديد المستحقين للدعم فإذا افترضنا أن الحد الأدنى للدخل المحدد ب 0021 جنيه هو الذى يستحق الدعم، فإذا كانت هناك أسرة يحصل فيها الأب على 1200 جنيه والام تعمل فى عمل غير معلن والأبناء يعملون فى الاقتصاد غير الرسمى، ربما يتعدى دخل الأسرة 4 آلاف جنيه، بينما قد توجد أسرة لا يعمل فيها إلا الأب ولا يتعدى دخله 2000 جنيه سيحرم الأخير من الدعم رغم أنه أكثر احتياجا من سابقه. وسبب ذلك أن لدينا اقتصادا غير رسمى كبير، كما أننا لا نستطيع ان نحصر من يعملون أكثر من عمل، بالإضافة إلى من يعانون من أمراض مزمنة، وكذلك عدم وجود قاعدة بيانات دقيقة. فإذا تم تحديد المستحقين فسيسهل توجيهه بشكل عينى او نقدى، ففى أمريكا يوجد دعم للبطالة يقدم نقدا بالإضافة إلى بعض السلع العينية، ونجحوا لانهم حددوا المستهدفين بدقة، ويحذر الخبراء من تآكل القيمة الحقيقية للدعم تدريجيا مع ارتفاع الأسعار، مما يستلزم ترجمة الدعم النقدى فى القوى الشرائية حيث يكفل للفقير ما كان يحصل عليه فى صورة عينية. - تكافل وكرامة .. بداية ناجحة للدعم النقدى للفئات الهشة نجاح برنامجى تكافل وكرامة اللذين تنفذهما وزارة التضامن لتغطية فئتى كبار السن والأسر التى بلا عائل اللذين تم تطبيقهما فى 10 محافظات هى الاكثر فقرا فى ربوع مصر وهو ما يمثل بداية مهمة لمساندة الفئات المهمشة وتقديم الدعم النقدى لهما.. ووفقا للبنك الدولى فإن هذين البرنامجين حققا نجاحا ملموسا يمكن البناء عليه حيث يغطيان حاليا 1.3 مليون شخص يستفيدون منهما كما يستهدفان الوصول ل 10 ملايين شخص خلال الفترة المقبلة. ويستهدف برنامجا تكافل وكرامة كبار السن فوق ال 65 عاما وذوى الإعاقة وتوفير التغذية المدرسية للطلاب. حيث يوفر برنامج «كرامة» معاشًا شهريًا بحد أدنى 350 جنيهًا و1050 جنيها حدا أقصى لكبار السن فوق 65 عامًا والأشخاص ذوى الإعاقة غير القادرين على العمل بنسبة إعاقة 05% فأكثر. أما برنامج «تكافل» فيوفر مساعدات للأسر الفقيرة بقيمة 325 جنيهًا حدا أدنى، و625 جنيهًا حدا أقصى، ويصرف بشكل تراكمى كل 3 أشهر، بشرط استمرار أبناء تلك الأسر فى المدرسة وانتظام حضورهم بنسبة %80على الأقل، وكذلك تلقى خدمات الرعاية الصحية، ويصرف من خلال بطاقات الصرف الإلكترونية عبر مكاتب البريد. وتقدر ميزانية البرنامجين ب 1.8 مليار جنيه فى العام الأول 2015-2016 لتوفير منح لنحو 500 ألف أسرة فى ست محافظات، وتصل فى العام الثانى 6102-7102 إلى 4.3 مليار جنيه لمليون أسرة، وفى العام الثالث 6.4 مليار جنيه، لمليون و500 ألف أسرة . ويتجاوز عدد المسجلين فى البرنامجين للحصول على الدعم النقدى 2 مليون مواطن ضمن 500 ألف أسرة تقريبًا فى 01 محافظات تمت تغطيتها حتى الآن. ويقوم البنك الدولى بتمويل البرنامجين بقرض قيمته 400 مليون دولار، كما أن الحكومة خصصت بندا مستقلا فى البيان المالى لمشروع موازنتها للعام المالى الحالى 5102-6102 بقيمة 2 مليار جنيه لتمويل معاشات تكافل وكرامة. وقد تضمنت المرحلة الأولى قرى المحافظات الأكثر فقرا مثل أسيوط وسوهاج والجيزة وأسوان وقنا وبنى سويف. ولمواجهة محاولات التلاعب وحصول غير المستحقين على إعانات يتم إجراء تحقيقات ميدانية للتأكد من أن الأسر أبلغت بيانات صحيحة فى استمارة التسجيل الخاصة بها التى تشمل سمات الأسرة المعيشية ومواصفات المسكن والحالة العملية والتعليمية للأسرة والحالة الصحية لأفرادها ومتغيرات أخرى يتم فحصها للبت فى درجة الاستحقاق. كما أن المستفيدين من البرنامج يوقعون عند الصرف على وثيقة تحملهم مسئولية أى ابلاغ خطأ من قبلهم ويحق للوزارة استرداد أى مبالغ من الأسر التى استفادت من البرنامجين وثبت أنها غير مستحقة. ويشترط للمستفيد من البرنامجين أن يكون من قاطنى المنطقة المستهدفة كما هو مسجل برقمه القومي. وضعف الحالة الاقتصادية كما يتم احتسابها بالمعادلة الإحصائية. وأن يكون لدى الأسرة أطفال فى الفئة العمرية حتى 18 سنة، وأن يكونوا مسجلين بالدراسة ومنتظمين بنسبة حضور 80% وعدم حصول صاحب الطلب / أو الزوج على معاش ضمان. بالإضافة إلى عدم حصول صاحب الطلب أو الزوج على معاش تأمينى فوق 325 جنيها. وعدم امتلاك حيازات زراعية تفوق نصف الفدان. وبالنسبة لمعاش «كرامة» يشترط تقديم شهادة قوميسيون طبى تفيد بأن درجة الاعاقة 50% أو أكثر. تقول د. يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس: يجب أن تقوم وزارة التضامن الاجتماعى بعمل تقييم للبرنامجين لتحديد عدد فرص العمل التى تم توفيرها، وإلى أى مدى ساعدت فرص العمل فى إحداث التمكين الاقتصادى وكم عدد الذين حصلوا على تكافل وكرامة وقرروا الاستغناء عن المبلغ؟ تمكين الفقراء وتضيف أن الفكرة مأخوذة من تجربة البرازيل فى الحماية الاجتماعية، حيث يشترط الاطمئان إلى أن الأسر أرسلت أبناءها إلى المدارس وحصلت على الخدمات الصحية، من أجل بناء أسرة متكاملة، مشيرة إلى أن الخبراء سبق أن طالبوا بأن يحدث تمكين اقتصادى للمحتاجين وخاصة السيدات من خلال مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، بدلا من الحصول على مبالغ نقدية، وعندما يستفيدون منها يقل اعتمادهم على المنح، ويخرجون من دائرة الفقر ويقل اعتمادهم على الإعانات تدريجيا، وأنقل الإعانات لآخرين، وهذا من مصلحة الدولة لأن ذلك يشكل ضغوطا على الموازنة العامة، فيمكن أن أقلل الدعم الذى تعدى ال 2000 مليار جنيه، فلابد أن يكون تحول الفقراء إلى طاقات إنتاجية هدفا بعيد المدى. أما كبار السن والمعوقون الذين يشملهم برنامج كرامة فلا يمكن أن نجعلهم منتجين وهذه مسئولية اجتماعية على الدولة لا يمكن أن تتخلى عنها. بينما برنامج تكافل الذى يستهدف الفقراء فلابد أن نحوله إلى طاقة إنتاجية وهذا يحتاج متابعة وأن تقوم التضامن الاجتماعى بعمل شراكات مع الجمعيات الأهلية والصندوق الاجتماعى. وتوضح أن العدالة الاجتماعية لها مفاهيم كثيرة فالفقر أنواع ليس فقر الدخل فقط. فيوجد فقر القدرات المرتبط بالتعليم والخدمات الصحية فمادامت خدمات التعليم متدنية المستوى فينتج عن هذا أن يتركز الفقراء فى التعليم الفنى ويتخرجوا دون أن يجدوا عملا، والحقيقة أنه يوجد جهد يبذل لتحسين التدريب حتى يتمكن الشباب من الحصول على فرص عمل ولكن هذه الجهود لا تخضع لخطة قومية. وتشدد على مسئولية وزارة القوى العاملة للقيام بالتدريب والتشغيل، فيوجد المجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية منذ عشرات السنين ولكنه لا يقوم بأى شىء على الإطلاق، فكل الأجهزة المؤسسية تحتاج إلى إعادة هيكلتها. لافتة إلى أهمية مواجهة فقر القدرات، بالتوازى مع مواجهة فقر الدخل، بالإضافة إلى التوزيع العادل للاستثمارات على مستوى محافظات مصر، فالاستثمارات كلها تتركز فى القاهرة والإسكندرية والشرقية وجزئيا فى الغربية، بينما تحرم منها محافظاتسيناء والصعيد والوادى الجديد وسيوه والواحات. وهذا ما يدفع الناس الى الهجرة الداخلية التى تتسبب فى ازدحام المحافظات الجاذبة للسكان، فاستغلال الموارد البشرية فى المحافظات الطاردة للسكان يجعل الناس لا يتركون أماكنهم مما يخفف الضغط على المرافق الأساسية ويحقق التوازن الإقليمى وهو أساس العدالة الاجتماعية. وتنوه د. يمن بأن العدالة الاجتماعية ليس مفهومها الإعانات والدعم، فالمفهوم الاكثر شمولا هو المرتبط بمواجهة فقر القدرات وإتاحة فرص متكافئة بين أفراد المجتمع، مشيرة إلى أن المرأة المصرية هى المتضرر الأكبر حيث لا تحصل على أى تكافؤ فى فرص العمل حيث تأتى مصر فى المرتبة 631 من 145 دولة، وبطالة المرأة ثلاثة أضعاف بطالة الرجل، ومشاركتها فى النشاط الاقتصادى 22 ٪ وهو من أدنى المعدلات فى العالم. وتوضح أن تقرير صندوق النقد الدولى الأخير أشار إلى أن مشاركة المرأة الاقتصادية فى مصر إذا ساوت الرجل فإن ذلك يزيد معدل نمو الاقتصادى بنسبة 34%. بينما د. علا نور الدين أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات ترى وجود قصور فى برامج الحماية الاجتماعية لأنها لا تغطى جميع الفئات المستحقة، مبدية أسفها لأن نسبة كبيرة من المواطنين لا يوجد لديهم إحاطة بجميع الأشخاص الذين تقدم لهم تلك البرامج لذا فمن الطبيعى أن يخرج علينا البعض شاكين من أن البرامج لا تصل إليهم، فهناك من يعيشون فى العشوائيات بمعزل عما يحدث فى البلاد، موضحة أن نسبة المحتاجين للحماية الاجتماعية كبيرة، ورغم ذلك فأحيانا التمويل المخصص لهذه البرامج يضيع جزء كبير منه بسبب البيروقراطية، فمن الطبيعى ألا يشعر البعض بأثر تلك البرامج. وتضيف أنه حتى تحقق تلك البرامج أهدافها ويشعر الناس بأثرها يجب أولا وجود تحديد دقيق للمستحقين للدعم، وتبصير الناس بكيفية الحصول عليه، ووجود آليات دقيقة لتطبيقه مبنية على دراسات وأسس علمية، ففى أوروبا يوجد دعم للبطالة الإجبارية، مشيرة إلى أهمية وجوده لحين حصول الشخص على عمل. مشيرة إلى محاولات كثيرة تمت من قبل لإقرار دعم البطالة إلا أنها فشلت، لانه سيحتاج إلى مخصصات كبيرة ويسبب عبئا على كاهل الاقتصاد المصرى، ويمكن أن يدخل فيه نوع من الاحتيال من خلال وجود أشخاص يعملون فى مهن غير مقيدة بالسجلات، مما يستلزم عمل حصر كامل للمتسحقين للبطالة الإجبارية، وغير ذلك من الأسر التى تحتاج إلى برامج الحماية الاجتماعية وأن يخصص لها مبلغ مالى محدد فى الموازنة، وإنشاء هيئات تقوم برصد الاحتياجات المطلوبة، وكيفية التغلب عليها، وتحديد التمويل وكيفية الحصول عليه وكيفية وصوله لمستحقيه. وأن نستفيد من تجارب الدول التى تنفذ سياسات الحماية الاجتماعية بأن نأخذ منها ما يناسب سياسة الدولة وظروفها الاقتصادية. %80 من الشعب يحصل على الدعم .. الحماية الاجتماعية .. تحتاج لإعادة نظر شدد خبراء اقتصاد على ان منظومة الحماية الاجتماعية بحاجة الى تعديل وهيكلة بما يضمن حماية الطبقات غير القادرة من تداعيات إجراءات الاصلاح الاقتصادى التى تظهر آثارها على شكل زيادة اسعار السلع والخدمات من ناحية، وعدم شعور المواطن بانعكاسات هذه الاصلاحات عليه بشكل ملموس من ناحية ثانية. وأكدوا أهمية وجود قواعد واحصائيات واضحة عن مستحقى الدعم بما يضمن وصوله لمستحقيه وعدم حصول القادرين على اموال لا يستحقونها نتيجة اخطاء حكومية متراكمة. هيكلة نظم الحماية من جانبها اكدت د. كريمة كريم استاذ الاقتصاد بجامعة الازهر ضرورة اعادة هيكلة نظم الحماية الاجتماعية مع التشديد على وصول الدعم لمستحقيه والابتعاد عن دعم القادرين فعلى سبيل المثال يجب ألا يحصل على دعم البنزين اى مواطن لديه سيارة سواء كانت صغيرة ام كبيرة ويجب ان يلغى عنه الدعم نهائيا على ان يتم تحويل السيارات العامة للغاز الطبيعى والسيارات التى تنقل السلع والبضائع ايضا ومن ثم توفير مواصلات عامة واساسية بأسعار فى متناول غير القادرين. وأشارت الى انه لابد من الوصول الى مستحقى الدعم بجميع الطرق وإخراج غير المستحقين للدعم من هذه المنظومة والوصول الى مستحقى الدعم أمر ليس مستحيلا سواء جغرافيا أو اجتماعيا، مع ضرورة توفير سبل حماية ملائمة لحماية منخفضى ومعدومى الدخل من تقلبات الاسعار وارتفاعها وهو ما يؤكد أهمية دور الدولة فى ذلك وعدم ترك المواطن فريسة للقطاع الخاص. وأشارت الى ان 08% من الشعب يحصل على الدعم وهو امر غير منطقى اذ ان نسبة المستحقين للدعم تقل كثيرا عن هذه النسبة وفقا لدخول المواطنين ومستويات معيشتهم. وقالت ان اجراءات الحماية الاجتماعية كافية ولكنها تدار بشكل خاطئ وحجم الاموال المتاحة للصرف على هذه النواحى كاف تماما ولكن يجب ان يعاد النظر فى توزيعها حتى يمكن ان تحقق الاهداف المرجوة منها. وقال الدكتور فرج عبد الفتاح استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة: ان منظومة الحماية الاجتماعية بحاجة الى تعديلات جوهرية فالدعم باعتباره أحد اشكال الضمان الاجتماعى مناسب لكنه يحتاج الى ترشيد ومشكلة الدعم الاساسية تتمثل فى عدم وجود قواعد بيانات حديثة وواضحة للمواطنين الذين يستحقون الدعم. واشار الى ان الاصلاحات الاقتصادية يجب ان يقابلها شبكة قوية خالية من الثقوب فى الضمان والحماية الاجتماعية، وسبب شعور المواطن بعدم وجود دعم وضمان يتناسب وهذا القدر من الزيادة فى الاسعار هو تراجع دور الدولة نسبيا مقارنة بالسنوات الماضية وترك المواطن فريسة سهلة امام جشع التجار والمحتكرين رغم ما يبذل من هذا جانب القوات المسلحة فى توفير السلع لغير القادرين بأسعار مناسبة لدخولهم. تطور يواكب السوق وأضاف: الاجراءات الخاصة بالحماية الاجتماعية تحتاج الى تطور يواكب مستجدات السوق وتغيرات الاحداث وتتوافق مع وتيرة التغيرات السريعة والمتلاحقة لعمليات الاصلاح الاقتصادى فلا يعقل ان تتسع رقعة الاصلاحات فى حين يقابلها تقليص لرقعة الضمان والحماية الاجتماعية. وقالت عالية المهدى العميد السابق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ان شبكة الحماية الاجتماعية مهترئة ولا تضمن حماية المواطن المحدود الدخل الذى يعانى من ارتفاعات متتالية فى اسعار السلع والخدمات بشكل دائم منذ الاعلان عن تطبيق سياسات للاصلاح الاقتصادى. وأضافت: بالنظر الى الموازنة الحالية والمعروض على مجلس النواب نجد ارقامها فيما يتعلق بالدعم غير واضحة وخططها لتعديل منظومة الحماية الاجتماعية لم تظهر بل ان الحكومة خفضت دعم المواد البترولية الى 35 مليار جنيه بنسبة 40% تراجعا عن العام السابق وهو ما يخالف فكرة العدالة الاجتماعية والاقتصادية فى الموازنة اذ إن ذلك سيتبعه ارتفاع فى اسعار تكلفة نقل الافراد والبضائع ومن ثم زيادة مشكلات اختراق شبكة الضمان والحماية الاجتماعية.. - تساؤلات ساخنة ووزارة لا ترد حاولنا مرارا وتكرارا وعلى مدار عدة أيام الاتصال بوزارة التضامن الاجتماعى سواء عبر المستشارة الاعلامية للوزارة أو السيدة نيفين القباح المدير التنفيذى لبرنامجى «كرامة» و«تكافل» وذلك للتعرف على رؤية الوزارة حول مشكلات البرنامجين الا اننا لم نتلق اى رد لذلك نضع تساؤلاتنا امام القارئ وهى: ما هى المعايير التى يطبقها برنامجا تكافل وكرامة للوصول الى المستحقين؟ وكيف يتم التحقق من دقة البيانات؟ وكيف نمنع التواطؤ بين بعض موظفى الوحدات المحلية بالمحافظات والمواطنين؟ وكيف تم اكتشاف حصول البعض على معاشات لا يستحقونها؟ وما هى الاجراءات التى تمت مع هؤلاء لاسترداد المال العام؟ وما هى الاجراءات التى سوف تنفذها وزارة التضامن لمنع تكرار هذه الاخطاء فى المراحل المقبلة للبرنامج؟