تواجه استثمارات النقل النهري خطرا جسيما من جراء سد النهضة التي بدأت أثيوبيا العمل فيه بعد تحويل مجري النيل الأزرق. يمتد نهر النيل في مصر لمسافة1350 كيلومترا, ويمتلك أكثر من50 ميناء نهريا, وأسطولا لنقل البضائع, وصل عدد الوحدات المستخدمة فيه إلي927 وحدة. يأتي ذلك في الوقت الذي ضخت الحكومة والقطاع الخاص استثمارات ضخمة لعمل بنية اساسية لتفعيل نهر النيل في نقل البضائع والركاب ولديها خطط ودراسات للتوسع في استخدام نهر النيل لتخفيف الضغط علي الطرق. ويمتلك القطاع مقومات يستطيع بها مضاعفة حصته في النقل لعشر مرات علي الأقل,' تتمثل في أن النقل النهري لا يحتاج بنية أساسية تتكلف مليارات الجنيهات مثل السكك الحديدية أو الطرق, وتتمثل بنيته الأساسية في نهر النيل وفروعه والقنوات الملاحية, بالإضافة إلي انخفاض تكلفة تشغيل وحدات النقل النهري, ما ينعكس إيجابا علي أجرة النقل والبعد البيئي'. ومن أهم مزايا النقل النهري إمكانية نقل حاملات ذات أطوال تتعدي30 مترا, وأوزان يمكن أن تصل إلي400 طن,' كما أن نسبة المكون المحلي في الموانئ النهرية تصل إلي أكثر من75%, بالإضافة إلي وجود927 وحدة نقل نهري, منها587 وحدة مملوكة للدولة و340 وحدة مملوكة للقطاع الخاص, فيما يقدر عدد الوحدات التي تبحر بأشرعة ألف مركب, مملوكة كلها للقطاع الخاص, وتبلغ الحمولة الإجمالية لهذا الأسطول الضخم نحو40 ألف طن'. وبدأت الدولة من سنوات في نقل القمح والأرز والقطن والقصب والحجر الجيري والفوسفات الصخري والعلف والتي تعد من البضائع الأكثر تداولا بين المحافظات الواقعة علي النهر, وتمثل نحو4.5% من إجمالي كميات البضائع المتداولة في مصر. ومع ظهور مشكلة سد النهضة الأثيوبي يطالب خبراء النقل النهري بسرعة تنفيذ الحلول المقترحة حتي لاتضيع الاستثمارات التي تم ضخها وايجاد فرص لتعظيم الاستفادة مما هو متاح. وقال اللواء كريم أبو الخير الرئيس الأسبق لهيئة النقل النهري والمستشار الفني لشركة ايجيترانس, أنه لو حدث انخفاض في المياه بنهر النيل فمن المؤكد أن الملاحة بالنهر ستتأثر سلبا. وأوضح أن عمق الغاطس الخاص بالمراكب التي تنقل البضائع لن تتيح مرور السفن بالمجري أو علي الأقل ستجبر أصحاب هذه المراكب علي تقليل الحمولة لتتمكن السفن من السير بالنهر. وأكد أنه لو اضطرت هذه المراكب لعمل ذلك فان اقتصاديات التشغيل لن تكون مجدية وبالتالي لن يكون منافسا للنقل البري. وطرح حلول يمكن تنفيذها, حيث يري أنه لابد من التفكير في أسلوب علي قدر المياه التي نستخدمها, فاذا نظرنا الي عرض نهر النيل نجد أنه يتراوح بين300 الي800 متر, ففي الماكن العريضة توجد جزر تقسم مجري النهر الي فرعين أحدهما يكون المجري غير عميق وبالتلي يمكن تهذيب مسار المياه في هذا الجزء بعمل سد حديدي في الجزء الأصغر منه, في اشارة الي ماتم عمله في نهري الراين والدانوب وذلك بعمل سد في الجزء الأصغر من النهر. وأوضح أن هذا السد دائما مايكون مؤقتا وغير دائم ويتم رفعه في أي وقت عند زيادة المياه وبالتالي توفير في عملية البخر نتيجة تقليل المساحة العرضية للمياه وينتج عن ذلك رفع منسوب المياه في مجري النهر. وقال لابد من ترغيب الدول الافريقية المطلة علي نهر النيل وليس لها منافذ بحرية باستخدام المنافذ البحرية بمصر للنقل البحري لهذه الدول ومرور سفن بضائع بنهر النيل تحمل تجارة' صادر ووارد' مع عمل اتفاقيات بهذا الشأن لاستغلال موانئ دمياط والاسكندرية لنفاذ بضائع تلك الدول من خلالهما مرورا بنهر النيل مقابل توفير مياه النيل التي تسمح بمرور السفن وعدم نقص المياه في أي وقت من العام. وأشار الي أن دول اوربا تستغل نهر الدانوب والذي يمر بعشر دول اوربية تقريبا وكلهم مشتركون في هذا النهر والذي يبدأ من المحيط الأطلسي حتي أوربا الشرقية. أما علي المستوي الداخلي فيطالب بضبط استخدامات المياه' بترشيد مسار المياه' واعادة استغلال المياه التي تلقي بالبحر المتوسط من خلال فرعي رشيد ودمياط واعادة ضخها مرة أخري بمجري النيل لتعيد منسوب المياه الي حالته الطبيعية ويمكن استخدامها في الري والشرب. وقال اللواء سامي عبدالله الرئيس الأسبق لهيئة النقل النهري أن نهر النيل تم تطهيره علي عمق2.30 متر من القاهرة حتي أسوان مرورا بترعة النوبارية وفرع دمياط. وأوضح أن خطة اثيوبيا حجز مالايقل عن20 مليار متر مكعب من المياه خلال أربع سنوات تخصم من حصة مصر من مياه النيل والتي تقدر سنويا ب55 مليار متر مكعب مما ستضطر الحكومة المصرية من سحب هذه الكمية من مخزون بحيرة ناصر لتعويض جزء من نقص المياه. وقال عبدالله أن المراكب السياحية تسير علي عمق1.8 متر وعندما ينخفض منسوب المياه بعمق نصف متر علي سبيل المثال فكأن مجري النيل لم يتم تطهيره والذي تم الصرف عليه ملايين الجنيهات. ولفت الي أن طبيعة نهر النيل اطمائي وترسبي وبالتالي فإن منسوب النهر سيقل أيضا في بعض الأماكن عن1.80 متر نتيجة التطمين والترسيب مما يؤدي الي شحوط معظم العائمات. بالاضافة الي أن شركتي الوطنية للنقل النهري والنيل العامة للنقل النهري والتي تقوم بنقل البضائع من خلال ترعة النوبارية ستقومان بتحويل نقل البضائع نهريا الي بريا رغم أن هويس' ك100' تم افتتاحه منذ شهرين بتكلفة300 مليون جنيه مما يعني أن هذه الأموال مهدرة. وقال إن المخاوف من عمل سدود أخري حيث سبق أن أقامت أثيوبيا4 سدود علي النيل الأزرق تحجز خلفه مابين9 الي14 مليار متر مكعب من المياه لكل سد منهم. لكنه أكد أن هذه السدود الأربعة مفيدة لمصر والسودان حيث إنها تقلل من سرعة اندفاع المياه التي تأتي الينا من المياه الفاقدة خلال مرورها بالأراضي السودانية. لكن مشكلة ماسيتم بعد سد النهضة من عمل سدود اخري سواء في اثيوبيا أو أي من الدول الاخري بحوض النيل. وقال إن الحل في تشكيل لجنه فنية محلية من الأمن القومي والوطني وخبراء الزراعة والري والنقل النهري ويتم الاتفاق علي استراتيجية لتلافي هذا الخطر بالتفاوض مع الحكومة الأثيوبية. أما د. وليد عبد الغفار رئيس الأمانة الفنية لمشروع تنمية محور قناة السويس ومستشار وزير النقل للقطاع البحري والنهري فقال إننا كهيئة فنية وادارة هيئة النقل النهري نعد مذكرة حاليا ونناقشها مع وزير النقل تتضمن حلولا عملية لهذه المشكلة التي يتم مناقشتها علي أعلي المستويات بالدولة.