وفجأة أعطي البنك المركزي ومحافظه هشام رامز درسا موجعا للمضاربين عندما طرح600 مليون دولار في طرح استثنائي لتغطية احتياجات المستوردين للسلع الغذائية الأساسية والأدوية, واختار المركزي هذا التوقيت مستفيدا من الأخبار الجيدة حول حصول مصر علي وديعة2 مليار دولار من ليبيا و3 مليارات دولار من قطر لشراء سندات حكومية جاءت بعد مفاوضات شارك فيها محافظ البنك المركزي ووزير الصناعة حاتم صالح في العاصمة القطرية الدوحة اختتمها رئيس الوزراء هشام قنديل بزيارة قطر وتوقيع عدد من الاتفاقات. والدرس الذي أعطاه المركزي للمضاربين كان قاسيا لأن تجار السوق السوداء خسروا مبالغ كبيرة بعد أن تراجع سعر الدولار فجأة بما يعادل نحو جنيه لكل دولار, وهو نفس السيناريو الذي حدث في2005 عندما وصل سعر الدولار إلي7.5 جنيه بل إن أحد كبار رجال الصناعة كان يستورد أدوات إطفاء من ألمانيا ونظرا للارتفاع المستمر في أسعار الدولار حينئذ اتفق مع أحد التجار لشراء دولارات علي سعر8 جنيهات ودفع له مقدم50 ألف جنيه علي أن يحصل علي الدولارات بعد شهر, وفي اليوم التالي انخفض سعر الدولار في السوق إلي5.5 جنيه متراجعا2 جنيه عن اليوم السابق له, واضطر رجل الصناعة إلي التفاوض مع تاجر العملة لاستعادة40 ألف جنيه بعد أن ترك له باقي الثمن. هذا السيناريو مرشح للحدوث في أي وقت وقابل للتحقق فجأة أيضا وبدون توقع من المضاربين الذين يستغلون فرصة اقتراب شهر رمضان والإقبال علي استيراد الياميش, إضافة إلي موسم العمرة, وإن كان قرار البنك المركزي إعطاء5 آلاف ريال لكل معتمر بمجرد تقديم جواز السفر جعل الإقبال علي شراء الريال السعودي أقل حدة, كما أن التعليمات التي صدرت للبنوك بألا يتجاوز السحب النقدي باستخدام كروت الائتمان مبلغ800 جنيه يوميا بحد أقصي8 آلاف جنيه شهريا بالنسبة للمسافرين في الخارج مع أحقية كل مسافر أن يدفع أي مبالغ بدون حدود للفنادق أو لتمويل عمليات الشراء الشخصية, هذه التعليمات أدت إلي ضبط سوق النقد الأجنبي إلي حد كبير وزادت من مخاطر المضاربة علي شراء الدولار من السوق السوداء. أيضا وبعد أن أصبح من شبه المؤكد أن مصر سوف تحصل علي قرض صندوق النقد الدولي استنادا إلي تصريحات رئيس بعثة الصندوق الذي أكد أن مصر اتخذت خطوات مهمة في سبيل زيادة إيراداتها والحد من وصول الدعم لغير مستحقيه. نعلم أن التكلفة الاجتماعية للإصلاح الاقتصادي ستكون مرهقة لكثير من الفئات, ولكن تأخر اتخاذ القرار ستكون عواقبه أكثر فداحة علي الأجيال القادمة, لذلك يجب أن يتوزع العبء بالتدريج حتي لا يدعو علينا أبناؤنا لأننا تركنا لهم تركة مثقلة بالهموم. [email protected]