غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    مواجهة بين أحد الصيادين ومؤسس حملة "خليها تعفن" تكشف أسباب ارتفاع أسعار الأسماك    ارتفاع الذهب اليوم الخميس.. تعرف على الأسعار بعد الزيادة    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    شراكة مصرية إماراتية لتوطين صناعة السيارات الكهربائية والتقليدية    3 شهداء وعدد من الإصابات جراء استهداف الاحتلال لمنزلًا شرق رفح    «زي النهارده».. بداية الحرب الأمريكية الإسبانية 25 إبريل 1898    مصير مجهول ينتظر "مؤتمر المصالحة الليبية" ..تحشيد عسكري روسي وسيف الإسلام مرشحا للقبائل !    مراقبون: فيديو الأسير "هرش بولين" ينقل الشارع الصهيوني لحالة الغليان    مظاهرات لطلاب الجامعات بأمريكا لوقف الحرب على غزة والشرطة تعتقل العشرات (فيديو)    البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرانيا حتى نهاية 2024    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    وزير الرياضة يتفقد استعدادات مصر لاستضافة بطولة الجودو الأفريقية    ميدو ل لاعبي الزمالك «قبل مواجهة دريمز»: «الجماهير لن ترحمكم»    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد خسارة ليفربول وفوز مانشستر يونايتد    كاراجر: محمد صلاح ظهر ظلا لنفسه هذا الموسم    "سنحولها إلى الجهات الرقابية".. الزمالك يكشف مفاجأة في قضية بوطيب وتحركات لحل الأزمة    خبر في الجول – الأهلي يتقدم بشكوى ضد لاعب الاتحاد السكندري لاحتساب دوري 2003 لصالحه    بعد خسارة الأهلي ضد أويلرز الأوغندي.. موقف مجموعة النيل ببطولة ال«BAL»    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    الأرصاد تُحذر من حالة الطقس المتوقعة اليوم الخميس: درجات الحرارة تصل ل43    إصابة أم وأطفالها الثلاثة في انفجار أسطوانة غاز ب الدقهلية    رئيس تحرير «أكتوبر»: الإعلام أحد الأسلحة الهامة في الحروب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أخبار الفن|طلاق الفنان أحمد جمال من زوجته سارة قمر.. وشريف منير يروّج ل«السرب».. وهذه الصور الأولى من زفاف ابنة بدرية طلبة    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    في حفل تأبين أشرف عبدالغفور .. أشرف زكي: فقدنا فنانا رسم تاريخه بالذهب    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    رئيسة «القومي للمرأة» تزور مكتبة الإسكندرية.. وتشيد بثرائها وأصالتها    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    الصحة تفحص مليون و413 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن فيروس سى    سفير ألمانيا بالقاهرة: المدرسة الألمانية للراهبات أصبحت راسخة في نظام التعليم المصري    المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمطاعم والمولات والمقاهي    مدير تعليم القاهرة: مراعاة مواعيد الامتحانات طبقا للتوقيت الصيفي    خال الفتاة ضحية انقلاب سيارة زفاف صديقتها: راحت تفرح رجعت على القبر    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    أحمد موسى: مصر قدمت تضحيات كبيرة من أجل إعادة أرض سيناء إلى الوطن    رئيس جامعة دمنهور يشهد فعاليات حفل ختام مهرجان بؤرة المسرحي    إجازات شهر مايو .. مفاجأة للطلاب والموظفين و11 يومًا مدفوعة الأجر    الهلال الأحمر المصري: إسرائيل تعطل إجراءات دخول الشاحنات إلى قطاع غزة    في الموجة الحارة.. هل تناول مشروب ساخن يبرد جسمك؟    طريقة عمل الكبسة السعودي باللحم..لذيذة وستبهر ضيوفك    خالد الجندي: الاستعاذة بالله تكون من شياطين الإنس والجن (فيديو)    حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه    أمين الفتوى: التاجر الصدوق مع الشهداء.. ومحتكر السلع خبيث    تحرير سيناء قصة كفاح نحو البناء والتنمية .. ندوة بمجمع إعلام قنا    تجديد اعتماد كلية الدراسات الإسلامية والعربية ب«أزهر الاسكندرية»    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    متحدث «الصحة» : هؤلاء ممنوعون من الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة (فيديو)    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    البورصة تقرر قيد «أكت فاينانشال» تمهيداً للطرح برأسمال 765 مليون جنيه    العاهل البحريني ورئيس الإمارات يدعوان إلى تهدئة الأوضاع بالشرق الأوسط    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وسائل الإعلام الصهيونية: الحرائق.. مخطط إسرائيلى لتوسيع رقعة المستوطنات
نشر في الأهرام العربي يوم 30 - 11 - 2016


د. خالد سعيد


تدمير الغابات والأحراش ضرورة لبناء مدينتين كاملتين للحريديم بعيدا عن الصهاينة العلمانيين بحلول عام 2020

تل أبيب استغلت الفترة الانتقالية للحكم فى واشنطن لافتعال الحادث كما فعلت فى عملية «الرصاص المصبوب» أثناء انتقال الحكم من بوش لأوباما

هاآرتس: تم تدبيرها للتغطية على الإخفاقات الداخلية


اتباعًا لنظرية "المؤامرة" التى ننتهجها دومًا مع الكيان الصهيوني، الذى يحسن استغلال أقل الفرص، ويقتنصها دون مورابة، وفى عملية تماهى واضحة المعالم، فإن إسرائيل، غالبًا، ما تستغل فرصة الأسابيع القليلة على انتقال السلطة من رئيس أمريكى لآخر، ما بين شهرى نوفمبر وديسمبر من نهاية ولاية رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وبعملية بحث بسيطة يمكننا تتبع هذا الخيط لنكتشف أن الكيان الصهيونى يستغل انشغال البيت الأبيض، باستقبال الرئيس الجديد، واهتمام الرئيس السابق بلملمة أوراقه، وعدم انزعاجه بأية قضايا حول العالم، حتى ولو كانت جوهرية.
فقد استغل الكيان الصهيونى الفترة الانتقالية لتولى الرئيس باراك أوباما، مطلع العشرين من يناير 2009، فى اقتحام قطاع غزة، والقيام بعملية عسكرية غاشمة سميت ب "الرصاص المصبوب" فى السابع والعشرين من ديسمبر من العام 2008، وحتى الثامن عشر من يناير 2009 ليسقط ما يزيد على 1200 شهيد، وإصابة وجرح عشرات الآلاف من الشعب الفلسطينى فى القطاع، وهدم الآلاف من المنازل والمساجد والمدارس والجامعات الفلسطينية فى غزة، بما فيهم مدارس منظمة الأونروا، فى حالة من التحدى الصهيونى الواضح للمجتمع الدولي، مع ضمانة أمريكية بعدم التعرض للمسئولين والقادة الصهاينة، السياسيين والعسكريين!
وبالأسلوب نفسه اقتنصت إسرائيل فرصة انشغال الإدارة الأمريكية الحالية بحالة القلق السائدة بعد فوز ترامب بمقعد الرئاسة، لتقوم بحرق الآلاف من الدونمات من الغابات والأحراش، بهدف تسوية الأرض وبناء مستعمرات صهيونية جديدة تستوعب الآلاف من الصهاينة الجدد، أو المتطرفين من اليهود، أو دواعش إسرائيل، وهم من الحريديم الذى قررت حكومة بنيامين نيتانياهو الحالية بناء مدينتين كاملتين لهم، بهدف استيعابهم، والابتعاد بهم عن الصهاينة العلمانيين! ما يعنى أن ما تم حرقه سيتم البناء عليه ضمن خطط وسيناريوهات مستقبلية وضعتها الحكومات الصهيونية المتعاقبة لاستمرار التهويد، وقضم المزيد من الأراضى الفلسطينية وفرض سياسة الأمر الواقع على الأمتين، العربية والدولية، دون مراعاة المجتمع الدولى!
الثابت أن ترامب نفسه، الرئيس الأمريكى الجديد لم يعلق على إعلان الكيان الصهيونى عن بناء 500 وحدة سكنية جديدة فى مدينة القدس المحتلة، وهو الإعلان الذى سبق أو ربما تزامن مع اندلاع الحرائق، فى الثانى والعشرين من الشهر الماضي، وإن كان من المعروف أو المعتاد بالنسبة لإسرائيل الإعلان بين الأسبوع والآخر عن بناء وحدات سكنية مشابهة، لكن ما أثار الحفيظة لدينا هو تزامن الإعلان مع حرق أحراش وغابات، سبق وقررت إسرائيل بناء مستوطنات جديدة عليها فى العام 2020، أو بحلول 2020، ضمن خطة استباقية لاستيعاب المزيد من المستعمرين الصهاينة الجدد.
فور اندلاع الحرائق، أعلن وزير الحرب الصهيونى المتطرف رئيس حزب " يسرائيل بيتنو "، أفيجدور ليبرمان، عن ضرورة بناء مستوطنات جديدة بدلاً من الوحدات السكنية التى طالتها النيران، ولكنه لم يدر أن باستطاعة بلاده إعادة ما تم حرقه بسهولة ويسر، سواء بالمال الأمريكى الغربى المعروف، أم بالجهود الذاتية الداخلية، خصوصا مع انتشار مراكز التبرعات فى كثير من القطر الفلسطينى المحتل.
بيد أنه لا ننسى أن الرئيس الأمريكى المنتخب، دونالد ترامب، قد أعلن نيته عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة، وهو ما لم يجرؤ عليه أى رئيس أمريكى سابق، برغم تبنيهم الأفكار الصهيونية، وتشبعهم بالأفكار والرؤى التى تساعد على " توتيد " أركان الكيان الصهيونى على الأراضى الفلسطينية المحتلة.
توسيع الاستيطان
قبيل أشهر قليلة على اندلاع الحرائق، وتحديدًا فى يوليو الماضي، أكد خليل التفكجي، الخبير فى شئون الاستيطان، أن الكيان الصهيونى يسرع فى بناء المستوطنات الإسرائيلية حول مدينة القدس، وهى إحدى المناطق التى طالتها النيران، بهدف توسيع نطاق حدود بلدية الاحتلال للمدينة المقدسية المحتلة، مرجحًا إلغاء الكيان لمطار القدس فى بلدة قلنديا لتوسيع الاستيطان، ضمن مخطط القدس 2020، وبناء مستعمرات جديدة ضمن الخطة نفسها، وفى أماكن أخرى، من بينها ما طالته الحرائق، أخيرًا. وهو ما ينطبق على هضبة الجولان السورية المحتلة، التى يستغل الكيان انشغال سوريا بالاحتراب الداخلى فى بناء مستوطنات جديدة عليها، فالموقع الإلكترونى العبرى " واللا " أكد أن هناك نشاطًا ملحوظًا هذه الأيام لمجلس مستوطنة " كتسير " يدور حول السعى لبناء وتسويق الآلاف من الوحدات السكنية فى الهضبة السورية المحتلة، من خلال استغلال الكيان للوضع المتردى فى سوريا.
بفعل فاعل "سياسى"
بعض وسائل الإعلام الصهيونية، الصادرة باللغة العبرية، تجرأت وخرجت عن السرب، مغردة بأن هناك أيادٍى فاعلة وسياسية وذات ثقل هى المتسببة فى اندلاع الحرائق، حيث أشارت صحيفة " هاآرتس" العبرية على سبيل المثال إلى أن مطاردة شبكات التواصل الاجتماعى العربية والفلسطينية لمعرفة المتسبب فى الحرائق مهمتها التغطية على كل الإخفاقات الداخلية، موضحة أنه سبق وطاردت إسرائيل المحرضين إبان حريق الكرمل، دون جدوى، مؤكدة أن هناك من وضع حقنة السم ليربح ربحاً سياسيًا، أى أن الحريق تم بفعل فاعل سياسى ومقصود لأهداف بعينها، حتى إن العنوان الرئيسى للتحليل السياسى للصحيفة جاء تحت عنوان " جنون حرائق سياسى "، وذلك يوم الأحد الماضي، الموافق السابع والعشرين من نوفمبر.
التحليل السابق للصحيفة على لسان هيئة التحرير، يوضح بما لا يدعم مجالاً للشك أن الحرائق التى طالت مساحات كبيرة من الأراضى الفلسطينية المحتلة تعزى لأسباب سياسية فى المقام الأول، ولأهداف مهمة وإستراتيجية، ولا يمكن أن تمر مرور الكرام دون تحليل على حد وصفها وهو ما أضافه، ناحوم برنياع، المعلق العسكرى لصحيفة " يديعوت آحرونوت " من أنه يجب ألا ندفن رءوسنا فى الرمال، فالسبب الحقيقى وراء الحرائق أسباب تخريبية لم تقصد بها المقاومة الفلسطينية وإنما المرجح أسباب سياسية تعود بالنفع على من قام بها!
وهو ما يرجح أن الحكومة الصهيونية نفسها هى من افتعلت هذه الحرائق بغرض التغطية على سيناريوهات بناء مستوطنات جديدة!
ترهل الجيش الإسرائيلي
الشاهد أن عدم تدخل الجيش الصهيونى حتى الأيام الثلاثة الأولى، وربما لم يتدخل من الأساس، يحتاج إلى تفسير، كونه قد تدرب، عشرات المرات، على مواجهة الطوارىء، واحتمالية سقوط صواريخ وقذائف على كثير من البلدات الإسرائيلية، ما بين الشمال والجنوب والشرق، تخلف حرائق هائلة، كما جرى إبان الحرب الصهيونية الثانية على لبنان، صيف 2006، إذ من وقتها تم تشكيل ما يسمى ب " الجبهة الداخلية "، فى العام 2007، لتكون مسئولة أو منوط بها مواجهة مثل هذه الصواريخ ومواجهة الكوارث الطبيعية مثلما جرى من حرائق حيفا.
والغريب أن بعض الوسائل الإعلامية الصهيونية نفسها، ترى أن كثرة التدريبات والمناورات التى أجراها الجيش ومن ورائه السكان الإسرائيليين ككل للتدريب على مواجهة الكوارث أتت ثمارها، والنتيجة أن تلك الحرائق لم تخلف قتلى وإنما عدد قليل لا يذكر من الجرحى، مقارنة بهول الحرائق، وهو ما يحتاج إلى تفسير!
الواضح أن تدريبات الجيش الصهيونى خلال السنوات القليلة الماضية اهتمت بحروب العصابات وحرب الشوارع الخلفية، بعيدًا عن حروب الجيوش المنظمة، مثل مواجهة حماس فى قطاع غزة أو حزب الله فى الجنوب اللبناني، وكل منهما تجهزت له إسرائيل بما يكفى، وكثيرًا ما يتردد أن تل أبيب تنتظر إشارة البدء لمواجهة أى منهما، فضلاً عن احتمالية مواجهة تنظيم داعش، وهى المواجهة التى تراها إسرائيل "مرتقبة"، خصوصا مع وجود عدد من الصحفيين الإسرائيليين فى قلب العراق، وربما سوريا، لمعرفة مكامن القوة ونقاط الضعف لتنظيم داعش، فالقناة الثانية الإسرائيلية ومعها صحيفة يديعوت أحرونوت نشرا تقارير مصورة ومطولة عن كيفية تحرير الجيش العراقى لمدينة الموصل، ومدى مواجهته لداعش، فى محاولة للاستفادة من تلك التجربة؛ وبالتالى ابتعد الجيش الإسرائيلى عن مواجهة الكوارث الطبيعية، برغم قوته وتطور عتاده العسكري، وبرغم مواجهة إسرائيل من قبل لحريق مدمر، ممثلاً فى حريق الكرمل، فى العام 2010، لكن من الواضح أن الكيان الصهيونى لم يتدرب أكثر على مواجهة الكوارث الطبيعية، خصوصا الحرائق المدمرة.
مساعدة دولية عاجلة
بفرض أن الحرائق اندلعت بعود ثقاب عادى أو بفعل عمل مقاوم فلسطينى، أو لأسباب أخرى غير فرضية تدخل عمل سياسى من قبل الحكومة الصهيونية نفسها، فإنه من الثابت أن طلب الكيان الصهيونى النجدة من الولايات المتحدة بعد مرور أربعة أيام كاملة على اندلاع الحرائق، مفاده أن هناك حدثا جللاً قد وقع، وعلى تل أبيب تداركه، ما جعلها تطالب بأكبر طائرة لإطفاء الحرائق حول العالم من الإدارة الأمريكية الحالية، باستدعاء شخصى من رئيس الوزراء، بنيامين نيتانياهو إلى الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، نفسه، وهى الطائرة " سوبر تانكر "، حيث ذكرت صحيفة " يسرائيل هايوم " العبرية، أن الطائرة الأمريكية تعد الأكبر من نوعها حول العالم، وتتسع لما يزيد على 75 ألف لتر من المواد الخامدة للحرائق، قد شاركت فى إخماد الحرائق المندلعة فى أكثر من بلدة إسرائيلية، وإن كانت فى اليوم الأخير أو اليومين الأخيرين فقط من يوميات الحرائق التى امتدت من الثلاثاء، الثانى والعشرين من الشهر الماضى، وحتى الأحد الذى تلاه، والموافق السابع والعشرين من الشهر نفسه. مع الإشارة إلى أن " سوبر تانكر " سبق وأن اشتركت من قبل فى إخماد الحرائق التى اندلعت فى مدينة الكرمل الصهيونية، شمال فلسطين المحتلة، فى ديسمبر 2010.


أكد المحلل السياسى لصحيفة " يسرائيل هايوم " العبرية، شلومو تسيزنا، أن الطائرة الأمريكية سبقتها طائرة إطفاء روسية من نوع " برييف 200 "، وكذلك طائرات مشابهة من إيطاليا وكرواتيا، ومن قبلهم أكثر من 70 رجل إطفاء من قبرص، وإن كانت القوة الأولى وصلت من اليونان وقبرص نفسها، وبعدهما طائرتين لكل من فرنسا وأوكرانيا، ثم بريطانيا بطائرة إطفاء واحدة. فيما أرسلت مصر مروحيتين لإطفاء الحرائق، ومن جانبهما، أرسلت السلطة الفلسطينية سيارات وطواقم إطفاء، والأردن ثمانى سيارات إطفاء.
المحاكمة
من جانبها، قالت القناة العاشرة الإسرائيلية، إن الشرطة وخدمات الاطفاء وضعوا رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة الأحد الماضي، أثناء الاجتماع الأسبوعي، فى صورة التحقيقات التى تقود نحو اعتبار حريق حيفا عملاً متعمداً، تم بفعل فاعل، وعلى خلفية قومية.
وفى الإطار نفسه، كتبت صحيفة " هاآرتس " العبرية أن الرياح الشرقية القوية والجفاف وعدم هطول الأمطار عوامل مساعدة وأساسية فى انتشار الحرائق فى أنحاء واسعة من الأراضى الفلسطينية المحتلة، فضلاً عن الإهمال والتسيب وعدم المبالاة وعدم الاكتراث اللذين جعلا من إسرائيل دولة ضعيفة أمام الحرائق، التى سبق أن ذاقت مرارتها فى مدينة الكرمل فى الشمال فى ديسمبر 2010، ولم تتعلم دائرة الإطفاء الإسرائيلية من دروسها السابقة، وهو ما حدا بها إلى توجيه الاتهام المباشر لتلك الدائرة وضرورة محاكمة المسئولين عنها.
تعددت أوجه تقديم المسئولين عن اندلاع الحرائق ومدى مقاومته أو مواجهتها بين وسائل الإعلام الإسرائيلية، المنشورة باللغة العبرية، حيث أكد جيورا آيلاند، الجنرال الصهيونى المعروف، والكاتب والباحث بمركز دراسات الأمن القومي، التابع لجامعة تل أبيب، وصاحب نظرية " تبادل الأراضى " بين الدول العربية وكيانه الصهيوني، أنه يجب محاكمة المسئولين بكل شفافية ووضوح لكى يتعلم الآخرون، وبدون قطع رءوس كما جرى مع عملية اختطاف الجندى الإسرائيلى السابق لدى حماس، جلعاد شاليط، الذى أُفرج عنه ضمن صفقة لتبادل الأسرى مع الحركة فى الثامن عشر من أكتوبر 2011، وكذا للتعلم من مكاحمة المسئولين عن واقعة " مافى مرمرة " سفينة المساعدات الإنسانية التركية، التى اقتحمتها وحدة " شييطت " الصهيونية البحرية، فى الواحد والثلاثين من مايو للعام 2010، وتسبب فى ست سنوات عجاف بين الكيان الصهيونى وتركيا، ولكن المحاكمة الإسرائيلية لهؤلاء تمت أو تمت بشكل صورى بدون قطع للرءوس، وبدون عقاب، اللهم إلا التوبيخ واللوم على الإفراط فى القوة، وهو معروف عن الجندى الصهيونى حينما يتعامل مع الأغيار ( غير اليهود )!
ضعف الجبهة الداخلية
فى واحدة من المقالات المهمة حول التأكيد على ضعف الجبهة الداخلية فى الكيان الصهيوني، كما ردد من قبل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بأن إسرائيل مجرد شبكة عنكبوت، ما طرحته صحيفة " يديعوت آحرونوت " العبرية، على لسان معلقها العسكري، ناحوم برنياع، من أن عود ثقاب واحد كان كافيًا للإشارة إلى ترهل وتآكل الجبهة الداخلية للكيان، فعلى الرغم من كون إسرائيل الأكثر تطورًا فى العالم، أو من بين الدول العشرين الأكثر تقدمًا حول العالم، ولديها الغواصات والطائرات المتقدمة، ارتعدت من عود ثقاب واحد، كان كافيًا لكشف ضعف الداخل الإسرائيلي، وهو درس لم تتعلمه إسرائيل، حتى الآن، من أن الداخل ربما يكون أهم وأفضل وأنجع من القوة العظمى، أو " هيش على ما فيش "
واعترفت القناة العاشرة الإسرائيلية بأن الكيان الصهيونى لا يمكنه مواجهة أية حرائق أخرى فى حال اندلاع أية حروب مقبلة؛ على اعتبار أن الجبهة الداخلية ليست مستعدة أو ليست مؤهلة لمواجهة مثل هذه الحرائق، حيث نقلت على لسان خبراء فى الحرائق أن إسرائيل ليست مستعدة لمواجهة الحرائق فى حال إعلان الطوارئ فى الكيان الصهيونى. حيث ذكرت القناة الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني، بلسان المحلل السياسى إيلى ليفى وموآف فيردي، أنه لا بد من تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لأخذ العبر والعظة من هذا الحريق الضخم، والاستفادة منها فى أية تجارب أخرى مقبلة!
الخسائر
بحسب معطيات بلدية حيفا، فإن أكثر من 77 مبنى سكنيًا احترق عن كامله، فيها ما يزيد على 527 شقة أو وحدة سكنية لم تعد صالحة للسكنى، كان يقطن فيها حوالى 1616 نسمة، فضلاً عن احتراق ما يزيد على احتراق 28 ألف دونم، ومبانٍ احترقت بشكل كامل، وأكثر من 75 ألف مستعمر تم إخلاؤهم من مستوطناتهم، سواء فى حيفا أم غيرها من البلدات الصهيونية.
من ناحية أخرى، أشارت بعض المواقع الإلكترونية الإسرائيلية، المنشورة باللغة العبرية، إلى أن النيران التهمت 560 منزلاً، وخلَّفت 180 جريحًا، وتم استخدام مليون ونصف المليون طن من المواد المعيقة للحرائق، ألقيت من الجو، ونفذت 480 طلعة جوية خلال أيام الحرائق الخمسة أو الستة. فيما تم اعتقال ما يزيد على 23 فلسطينيًا بشبهة تسببهم فى إشعال الحرائق، رغم مشاركة أكثر من 41 إطفائيًا فلسطينيًا فى المساعدة فى إخماد الحرائق نفسها، ومع اعتقالهم بدون دليل.
الغريب أن تل أبيب اعترفت بنفسها بأن بلادها شهدت أكثر من حريق بشكل يومي، بمعدل بلغ 200 حريق يوميًا، وهو معدل غير مسبوق، ولا يمكن لعاقل أن يصدق أن هؤلاء الفلسطينيين ال 23 الذين تم اعتقالهم هم من قاموا بكل تلك الحرائق؛ لأنه ببساطة شديدة الأمر يحتاج إلى جيش جرار لنشر الحرائق فى كل المناطق التى استشرت فيها. ومع ذلك، أفادت مصادر سلطة حماية البيئة الإسرائيلية إن ترميم الأحراش والمحميات التى التهمتها ألسنة النيران يحتاج إلى 30 عامًا، على الأقل. برغم أن نسبة كل تلك الحرائق لم تتعد ال 30 % من حريق الكرمل الذى اندلع فى ديسمبر 2010، وخلف العشرات من القتلى والمئات من الجرحى وخسائره فاقت عشرات المرات من الشواكل الإسرائيلية.
الشكر الواجب للإخوة العرب
الغريب أن بعض المقالات والتحليلات الصحفية الإسرائيلية، ابتعدت قليلاً عن مناقشة أسباب الحرائق وإذا ما كانت سياسية أو شخصية أو ما شابه، لتقدم الشكر للعرب الذين بادروا بتقديم يد المساعدة لإطفاء الحرائق، وخصت بالذكر الفلسطينيين، كونهم الأقرب والأكثر التحامًا بهم، حيث كتبت المحللة السياسية لصحيفة "يديعوت آحرونوت" العبرية، والمتابعة للشئون العربية أن طواقم الإطفاء الفلسطينية التى عملت بجانب إخوتها من الطواقم الإسرائيلية لفتة تستحق الإشادة، ويجب أن تتباهى بها إسرائيل، وهى نتيجة إيجابية للحرائق التى اعتبرتها قد كشفت عن الوجه الحقيقى للجيران العرب، فكل من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية قدمت يد العون والمساعدة لبلادها بمجرد طلب النجدة، التى لبتها على الفور، وبدون تردد. مشيرة إلى ضرورة توجيه الشكر العميق من رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نيتانياهو، نفسه لكل من رؤساء هذه الدول المجاورة، تقديرًا وعرفانًا بالجميل.
" أظهرت الحرائق المصير المشترك بين اليهود والعرب فى إسرائيل، وهو ما لا يمكن تجاهله كنتيجة حتمية من نتائج الحرائق الإيجابية، فى مشهد يبعث على الدفء فى القلب والطمأنينة، فكثير من المصابين والجرحى عولجوا على يد سكان أبو غوش، وأغقلت مطاعم مدينة حيفا لتقديم وجبات الطعام لرجال الإطفاء، وسكان شفا عمرو وعكا والناصرة فتحوا بيوتهم لمن تم إجلاؤهم من اليهود والفلسطينيين، وكثير من المدارس قدمت الحلوى لطواقم الإطفاء، وأصحاب الفنادق الصغيرة استوعبوا عددًا كبيراً من السكان، وفتحت أبواب المراكز التطوعية لتلقى التبرعات والهبات، وإيداع الودائع الأمينة، فضلاً عن المساعدة الدولية من أكثر من 22 دولة حول العالم، جاءوا للمساعدة " هكذا كتبت ليتال شيمش، المحللة السياسية لصحيفة " يسرائيل هايوم "!
بعض من الكتابات الإسرائيلية الأخرى أفادت بأن كثرة إجراء تدريبات ومناورات عسكرية وتدريب المجتمع الإسرائيلى على مواجهة الطوارىء خفف من حدة الإصابات بين المستعمرين الصهاينة ككل، والمهم فى الأمر بالنسبة إليهم هو عدم وجود قتلى جراء الحرائق التى طالت بلدات واسعة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، بمعنى أن التدريب على مواجهة الطوارىء كان أجدى وأنفع للكيان الصهيونى من مواجهة الحرائق نفسها!
اختصت صحيفة "يديعوت أحرونوت " العبرية مدينة حيفا، كونها المستهدف من النيران المندلعة خلال الأيام الماضية، مؤكدة أنه على الرغم من سقوط أكثر من ستين قذيفة، إبان الحرب الصهيونية الثانية على لبنان، يوليو 2006، وسقوط العشرات من القتلى من بين ساكنيها، فإن مستوطنى المدينة نجحوا فى الاستفادة من تلك التجربة، وكذا الاستفادة من التدريب على حالات الطوارىء فى تقليل عدد الإصابات والحد من وجود قتلى بين صفوفهم!
نهاية، فإنه إذا رجحنا فرضية وجود مؤامرة صهيونية، فإن إسرائيل قد أحسنت استغلال انشغال البيت الأبيض بالضيف القادم، الممثل فى ترامب، والمعادى للعرب والمقرب من الحركة الصهيونية، وذلك كله بهدف استكمال خطط وسيناريوهات مطروحة من قبل، ممثلة فى بناء مستعمرات جديدة؛ وفى حال نجاح فرضية اندلاع الحرائق بشكل طبيعي، فإننا أمام شبكة عنكبوت، مهترئة يمكن معها بسهولة اختراق الداخل الصهيونى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.