حمدي الجمل بعد تحرير سعر الصرف وترك سعر الجنيه أمام العملات الدولية يتحدد وفقا لآليات العرض والطلب وبعد إلغاء الدعم عن الكهرباء والطاقة بشكل جزئي للوصول للإلغاء التام في غضون ثلاث سنوات , هل ستتشكل الهوية الاقتصادية للاقتصاد المصري بصورة واضحة ؟ وهل يمكن أن نصل إلي تطبيق منهج الرأسمالية علي كل الأنماط الاقتصادية ؟ وهل الحكومة وهي في سبيلها للوصول إلي الرأسمالية الكاملة ستلتزم بما يستوجب الالتزام به أمام دافع الضرائب ؟ وهل الحكومة ستتحمل تبعات النظام الرأسمالي مثلما هو قائم في الأنظمة الرأسمالية الراسخة ؟ أسئلة لابد من طرحها لمعرفة وجهة الحكومية تجاه توسيع شبكة الحماية الاجتماعية المعمول بها في كل الدول الرأسمالية بعد تحرير سعر الصرف وتخلي الحكومة عن تمويل الاستيراد من الخارج، وترك هذه المهمة للبنوك مما يعني ارتفاع احتياطي النقد بالبنك المركزي، وانخفاض العجز في الميزان التجاري، وأن كل السلع والخدمات التي سيحصل عليها المواطن ستكون بالسعر العالمي أو بالسعر الحقيقي لها دون تحمل الحكومة أية التزامات، وهذا من شأنه ارتفاع تكاليف المعيشة علي الطبقات الفقيرة والمتوسطة . والشاهد أن الحكومة بعد تحرير سعر الصرف قامت بعدة إجراءات تندرج تحت عنوان توسيع برامج شبكه الحماية الاجتماعية، وهي إجراءات يمكن وصفها بذر الرماد في العيون، ولا يمكن وصفها بالبرامج الكاملة أو الكفيلة بحماية الفقراء والحفاظ علي كتلة الطبقة المتوسطة سواء كانت برفع دعم البطاقة الاجتماعية من 18 إلي 21 جنيها للفرد، أي أن الأسرة المكونة من خمسة أفراد تحصل على 104 جنيهات شهريا، أي نحو 1284 سنويا وهو رقم لا يساوي عشر معشار إنفاق الأسر علي تعليم أبنائها شهريا، وينطبق نفس الأمر علي العلاج حيث يقدر حجم الإنفاق علي التعليم نحو 60% من ميزانية الأسرة المصرية. وبالتالي فإن المواطن مع إلغاء كل أشكال الدعم المقدمة له والبالغة 206,4 مليار جنيه، وفقا لبيان لموازنة العامة للدولة للعام المالى 2016/2017. فإن قيمة الدعم السلعى انخفض بقيمة 24.687 مليار جنيه عن العام المالى السابق، حيث بلغ إجمالى الدعم السلعى فى مشروع الموازنة للعام المالى 2016 /2017 ( 111.916) مليار جنيه، بينما بلغ إجمالى الدعم السلعى فى الموازنة العامة للعام المالى 2015/2016 (136.603) مليار جنيه. ويشمل الدعم السلعى، دعم السلع التموينية، ودعم المزارعين، ودعم الموارد البترولية، ودعم الكهرباء، ودعم الأدوية وألبان الأطفال، ودعم شركات المياه. وبالنسبة لدعم السلع التموينية، يقدر الدعم فى مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2016/2017 بنحو 41.115 مليار جنيه، مقابل 37.751 مليون جنية بموازنة السنة المالية الحالية 2015/2016 بزيادة قدها 3.364 مليار جنيه بنسبه زيادة قدرها 8.9%. وبلغ دعم المواد البترولية (35.043) مليار جنيه مقابل (61.704) مليار جنيه بموازنة السنة المالية 2015/2016، وذلك بخفض قدرة (26.661) مليار جنيه بنسبة خفض بلغت 43.2%.. وسبب الخفض يعود إلى انخفاض سعر برميل برنت من 70 دولارا للبرميل بموازنة 2015/2016 إلى متوسط سعر متوقع للبرميل فى موازنة 2016/2017 يبلغ 40 دولارا للبرميل، بالإضافة إلى بعض الإجراءات الأخرى لأحكام الرقابة على منظومة المواد البترولية التى تضمن الرقابة على المواد البترولية من شركات التكرير وصولاً لمحطات التموين ومنظومة كروت البنزين المتوقع العمل بها خلال 2016/2017. وفيما يتعلق بدعم الكهرباء، فيبلغ نحو (28.979) مليار جنيه مقابل (31.073) مليار جنيه بموازنة العام الماضي بخفض قدره (2.094) مليار جنيه أى بنسبة خفض قدرها 6.7 %، والدعم يمثل قيمة فروق أسعار المواد البترولية المستخدمة فى إنتاج الكهرباء. ولا يمثل دعماً لتعريفه استهلاك الطاقة الكهربائية مباشرة كمنتج نهائى، وإنما الدعم المدرج يمثل التزام على الدولة من خلال فروق أسعار المواد البترولية الموردة لشركات الكهرباء، ويرجع الخفض المشار إليه إلى انخفاض أسعار البترول الخام والكميات الموردة للكهرباء نتيجة دخول محطات جديدة للخدمة ورفع كفاءة المحطات القائمة. فيما لم يشهد الدعم الموجه للأدوية وألبان الأطفال، أى تغيير فى الدعم الموجه من الحكومة للأدوية وألبان الأطفال، حيث يبلغ فى العامين الماليين ( 600.0) مليون جنيه، أما فيما يتعلق بدعم شركات المياه، فبلغت نحو (1.000) مليون جنيه بخفض قدره 750 مليون جنيه عن موازنة العام السابق، بنسبة خفض قدرت ب42.9%.. وسبب الخفض يرجع إلى تقديم دعم إضافى بمبلغ مليار جنيه بموازنة 2015/2016 لمرة واحدة لشركات المياه، أن دعم مياه الشرب أساساً يتمثل فى الفرق بين إيرادات واستخدامات شركات المياه لتغطية العجز الجارى فى موازناتها، لتغطية الفرق بين السعر الاقتصادى للمياه وسعر البياع لها طبقا للتعريفة المقررة. وفيما يخص دعم المزارعين، يقدر الدعم بنحو 5.180 مليار جنيه، مقابل 3.726 مليار جنيه بالموازنة السابقة، ويبلغ دعم محصول القمح المحلى ( 3.405) مليار جنيه، والدعم الموجه لمحصول قصب السكر المحلى واحد مليار جنيه، وبلغ دعم أسعار القطن 300 مليون جنيه. وفقا للتقديرات فأن حجم إنفاق المصريين علي التعليم فقط يبلغ نحو 200 مليار جنيه سنويا مابين دروس خصوصية ومدارس وجماعات خاصة ومستلزمات تعليم، وهذا يعني أن كل الدعم المقدم من الحكومة يساوي قيمة إنفاق المصريين علي بند واحد فقط وهو التعليم . ونتيجة لهذه الأرقام فإن الشعب المصري سيكون الرابح الأكبر من إلغاء كل أشكال الدعم الحكومي، شريطة أن تلتزم الحكومة بكل متطلبات منهج الرأسمالية، وآليات السوق الحر المعمول بها في كل دول العالم، التي تقضي بمجانية كاملة للتعليم من المرحلة الابتدائية حتي الثانوية العامة في أمريكا، وصولا إلي الجامعة في فرنسا ومد مظله التأمين الصحي لكل المواطنين . ولتفادي الآثار السلبية التي نتجت عن تحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الطاقة، فإنه ينبغي رفع المرتبات والأجور والمعاشات بنسبة 25 % علي الأقل للقطاعين العام والخاص ورفع الحد الأدني للأجور إلي 2500 جنيه، ووضع سقف للحد الأقصي للدخل وليس للأجر، ويكون ذلك بقانون يصدره مجلس النواب بدلا من القرار الإدارى الذى أصدره محلب، وتم الطعن عليه أمام مجلس الدولة . وأن يتم احتساب الأجر وفقا لساعات العمل وليس بعدد أيام العمل وتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي لتشمل الفقراء وغير القادرين على العمل وإعطاء إعانة بطالة للعاطلين عن العمل .