في تطور إيجابي للعلاقات بين دولتى شمال وجنوب السودان، أعلنت حكومة جنوب السودان أنها أعطت الحركات المسلحة السودانية مهلة 30 يوما لمغادرة البلاد، وقال وزير الدفاع بحكومة جوبا كوال مانيانغ إن حكومته تظل ملتزمة بالكامل بتنفيذ اتفاقية عدم الاعتداء التي وقعت مع حكومة الخرطوم، ولاثبنا التزامنا الكامل والصادق، أمرنا المجموعات المتمردة التي تقاتل الحكومة السودانية أن تغادر بنهاية شهر نوفمبر. وهو مابدا أنه رد فعل رسمي قوي وحاسم لمنح الرئيس السوداني عمر البشير دولة جنوب السودان مهلة حتى ديسمبر القادم لإنفاذ اتفاقيات التعاون التسعة التي سبق له التوقيع عليها مع رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت في عام 2012 . وبدا القرار أنه يسير في الاتجاه الصحيح بعدما دأبت حكومة الجنوب على نفي استضافتها أو دعمها للحركات السودانية المتمردة وهو ما ظل عقبة كؤود في احراز اي تقدم في علاقات البلدين منذ انفصالهما في يونيو من عام 2011 . ولا يستبعد أيضا أن اجراء حكومة جنوب السودان قصد منه – بجانب الضغوط السودانية و الدولية - قطع الطريق أمام زعيم المعارضة الجنوبية، رياك مشار، للاستفادة من هذا الموقف إذ ادركت حكومة جوبا أن استمرارها في دعم الحركات المتمردة وإنكاره في نفس الوقت ربما دفع الطرف الآخر إلى اللجوء إلى المعاملة بالمثل وهو ما لن تطيقه جوبا في ظل أوضاعها الحالية أو المستقبلية، فضلا عن عدم مقدرتها الاستمرار في الإنكار بعدما فضحت الولاياتالمتحدةالأمريكية إيواءها لحركات مسلحة تعمل ضد السودان، حيث أشارت بوضوح في بيان للخارجية الأمريكية إلى تمتع الحركات المسلحة السودانية بدعم القيادة الجنوبية، ليس هذا فحسب بل أكدت علي لسان نائب المتحدث الرسمي للخارجية الأمريكية، مارك سي تونر، دعم حكومة جوبا للحركات المسلحة السودانية، واستضافتها لهذه الحركات داخل أراضيها. ويعد اعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية لذلك في بيان رسمي هو حدث في حد ذاته يدعو للتأمل . على أية حال بادرت حكومة الجنوب إلى تسريع الخطى فتبع إعلان المهلة للحركات المسلحة توجيهات أصدرتها السلطات في جنوب السودان لجميع حكّام الولايات، بطرد المعارضة السودانية من أراضيها، مؤكدة أنها لا يمكن أن تسهم في أيّ حرب أو تحرّكات قد تضرّ بالسودان، كدولة مجاورة مؤكدة حرصها على إقامة علاقة متينة مع الخرطوم.وأمر النائب الأوّل لرئيس جنوب السودان، تعبان دينق، جميع حكّام الولايات ال28، بطرد القوّة السالبة والمعارضة الشمالية من ولاياتهم، خاصّة المناطق المتاخمة للجارة السودان) أغلب الحركات المتمردة السودانية تتمركز في الحدود المتاخمة لبحر الغزال وولاية الوحدة في أعالي النيل، وعلى حدود ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ( وقال نائب الرئيس الجنوبي تعبان دينق، في خطاب ألقاه خلال اجتماع ضمّ جميع حكّام الولايات بالعاصمة جوبا، إن حكومة جنوب السودان “لن تعبث بأمنها من أجل الآخرين، لأن الثوابت الوطنية هي التي تحتّم علينا اتّخاذ مثل تلك القرارات. ما قاله السيد دينق يؤكد أن دولة جنوب السودان أدركت الآن أنها بحاجة إلى بناء علاقات جيّدة ومتينة مع السودان الذي طالما قدم المبادرة تلو الاخرى لعلاقات تعاون و مصالح مشتركة و الخروج من هذه الدائرة الجهنمية بالدعم و الدعم المضاد للحركات المسلحة في كلا البلدين . بالرغم من أن بعض المراقبين يرون أن جوبا لاتستطيع طرد الحركات في الوقت الراهن، لأن حكومة الجنوب إذا أقدمت علي الخطوة في ظل الظروف التي تمر بها، فإن الحركات ستعمل إلى جانب المجموعات التي تقاتل ضد حكومة سلفا ولكن لم تعد مسألة دعم الحركات المسلحة أو إيوائها مقبولة حتى في المحيط الإقليمي الضيق وذلك لما عانته دول الاقليم من جراء هذا التصرف الذي ادى الى تخلفها ومعانات شعوبها منذ الاستقلال . و الدليل على ذلك ما اوصت به قمة البحيرات العظمى الاربعاء الماضي في الاجتماع رفيع المستوى رقم (7) لآلية الرقابة الإقليمية لحالة السلم والأمن والتعاون بدول الإقليم بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية، من بينها الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي والمجموعة الإنمائية للجنوب الإفريقي .(SADC) أوصت القمة بضرورة عدم التسامح مع الجماعات المسلحة أو تزويدها بأي شكل من أشكال المساعدة بما في ذلك عدم توفير الملجأ والمأوى لأفرادها ومنع نشوب النزاعات و تسويتها في منطقة البحيرات دون الحاجة إلى التدخل الخارجي، مع أهمية دعم جهود التنمية في جميع أنحاء المنطقة. القمة ذهبت إلى أكثر من ذلك حيث طالبت بضرورة تحديد الجهات من البلدان والشركات والأفراد التي تقوم بالتجارة وتستفيد من الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة للمجموعات الهدامة بدول الإقليم وذلك للحيلولة دون الاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية والتجارة. إذن لم يعد مقبولا على المستوى الدولي و لا على الصعيد الاقليمي الاستمرار في إيواء او دعم اي حركات مسلحة تعمل ضد الدولة الأخرى، أو من داخلها و هو اجراء يجب ان يتبعه تصنيف واضح ومحدد لدى كافة المنظمات الاقليمية و الدولية لكل الحركات التي تتخذ من السلاح وسيلة لتحقيق المطالب السياسية بأنها منظمات إرهابية تجب ملاحقتها وان يعتبر ايوائها او دعمها إخلال بالسلم و الأمن الدوليين .