عماد أنور لا حديث لوسائل الإعلام الرياضية المسموعة والمقروءة والمرئية، إلا عن مباراة المنتخب المصري أمام غانا يوم 13 نوفمبر المقبل، في ثاني جولات التصفيات الأفريقية المؤهلة لمونديال روسيا 2018، الكل يترقب ويتساءل عن موقف الجهاز الفني المصري من إفرام جرانت، المدير الفني الإسرائيلي للمنتخب الغاني. فتحت مجددا أبواب الحديث حول المواجهات المصرية الإسرائيلية، ولم لا؟ وما أروعه من حديث دسم وغزير ومادة خصبة لملء فقرات البرامج هنا وهناك، تطرح فيه التساؤلات من نوعية، هل مثلا سيصافح أحمد ناجي هذا المدرب الصهيوني، أم يختلق أسامة نبيه حجة للخروج من المأزق نفسه، حتى أن الأمر طال هيكتور كوبر المدرب الأرجتنيني، الذي لا ناقة له ولا جمل في الأمر. ومع كل مواجهة نجتر نفس الكلمات ونظهر تناقضا، وإذا كان الموقف هنا مختلف تماما، فمواجهة المنتخب المصري ليست أمام المنتخب الإسرائيلي نفسه، فالأمر فقط يتعلق بالرغبة في مصافحة "جرانت" أم لا، لكن إجمالا فجميعنا تنتابه غصة لمجرد التفكير في مصافحة من ينتمون لشعب تلوثت أيدي جنوده بدماء الأبرياء في فلسطين، وتلك قضية الزمن وكل الأزمان. لكن لماذا نشغل أنفسنا بمثل هذه الأمور قبل مواجهة تعد ثأرية بالنسبة للفراعنة، ولماذا أيضا نصدر للجهاز الفني واللاعبين ما يشتت أذهانهم عن المهمة الحقيقية والرغبة في التقدم خطوة نحو تحقيق حلم المونديال، وهل يعكف مدرب غانا على التفكير في الطريقة التي سيتعامل بها أعضاء الجهاز الفني المصري.. هل يتشاور مع معاونيه في التوصل إلى طريقة مناسبة للفرار من هذا الموقف إذا ما تجاهلوا مصافحته؟ "خلاص بلاها سلام"، عدم المصافحة أمر يتعلق بصاحبها ولا أزمة فيه، رغم الهجوم الذي يلاقيه اللاعبون المصريون والعرب من الصحف الغربية، واتهامهم بالتخلي عن الروح الرياضية وخرق الأعراف والمواثيق الأوليمبية وخلافه، وهو ما حدث منذ أشهر قليلة مع لاعب الجودو إسلام الشهابي، بعدما رفض مصافحة منافسه الإسرائيلي في دورة الألعاب الأولمبية (ريو 2016). وإذا اتفقنا على أن المصافحة أمر يتعلق بصاحبها، وأقررنا بضرورة فصل الرياضة عن السياسة، فلا يجب أن نربط بين الانتماء والفوز أو الخسارة أمام لاعبي إسرائيل، فلاعب الجودو رمضان درويش لم يتفوق على منافسه في نهائي كأس العالم 2012 لأنه صهيوني، وإذا كان هذا صحيح فلماذا مني زميله إسلام بالهزيمة من صهيوني آخر قبل شهرين.. الأمر فقط يتعلق بالفنيات والاستعداد الجيد. وإذا اتفقنا ثانية على أن المصافحة أمر يتعلق بصاحبها، فلماذا التناقض في الموقف العام من المواجهات الإسرائيلية، ولماذا لا نتخذ موقفا موحدا باللعب أو الاعتذار، فليس منطقيا أن يعتذر اتحاد السباحة عن المشاركة في إحدى بطولات العالم بسبب مشاركة إسرائيل، فيما يشارك منتخب اليد في بطولة العالم الأخيرة بقطر برغم مشاركة إسرائيل. دعونا نتفق على أن إسرائيل هي العدو الغاصب المحتل، لذا أليس الأحرى أن نتعامل معه بمنطق (اعرف عدوك)، نعم نقبل المواجهة للتعرف على ما وصل إليه مستوى هذا العدو، وكيف صارت أسلحته الرياضية وما الجديد لديه، ولا شك أن هذا سيكشف لنا أمورا اقتصادية، تتمثل في تقدير حجم الإنفاق على بند الرياضة هناك، من خلال مستوى اللاعبين الفني والبدني الذي يظهر في المباريات. ولم لا نجلس مع اللاعب المصري عقب كل مواجهة، نعرف منه كيف كان مستوى المنافس، هل يمتلك فنيات أعلى أم أن الغل هو سلاحه الوحيد الذي يواجه به المصريين، مثلما يواجه العرب على كل المستويات. وأخيرا انتظروا قضية جديدة قبل وبعد 13 نوفمبر.