انتخابات النواب، إقبال متواصل للمصريين بالخارج في اليوم الثاني داخل 4 دول    عاشور: زيارة الرئيس الكوري لجامعة القاهرة تؤكد نجاح رؤية الوزارة في تعزيز الشراكة العلمية    دعم العمالة المصرية بالخارج وتوفير وظائف.. جهود «العمل» في أسبوع    غرفة السياحة تشيد بجهود الأجهزة الأمنية في مكافحة عمل سماسرة الحج والعمرة    جهاز تنمية المشروعات يشارك في قمة المعرفة التي تنظمها مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة    تنفيذ 9 مشروعات تنموية ومتناهية الصغر للأسر ضمن جهود التحالف الوطنى بسوهاج    رئيس الوزراء يشارك في فعاليات قمة مجموعة العشرين «G20» بجوهانسبرج    قوة "يونيفيل" تؤكد التزامها بدعم الجيش اللبناني    سوريا.. فرق الإطفاء تكافح لإخماد حرائق غابات في اللاذقية وسط صعوبات    العين والجزيرة.. صدام مصري بالدوري الإماراتي    تشكيل الأهلي المتوقع أمام شبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا    لاعب الاتحاد: تأهلت للممتاز 3 مرات متتالية ولم ألعب.. وهذا الثلاثي "كلمة السر" في مسيرتي    بحوزتهم مخدرات بالملايين.. كواليس اشتباكات بين الشرطة وعناصر مسلحة بقنا| صور    حملات مرورية.. الأوناش ترفع 39 سيارة ودراجة نارية متهالكة    خاص| لجنة من «تعليم القاهرة» تبدأ التحقيق في وقائع مدرسة سيدز للغات    وفاة شاب إثر اصطدام دراجته النارية بشجرة على طريق بحيرة قارون بالفيوم    وزارة التضامن تشكل لجانا ومجموعات عمل لخدمة حجاج الجمعيات الأهلية    مصرع عنصر جنائي شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بقنا    إنقاذ حياة مريض بعد جراحة معقدة لإزالة سدة بالشريان السباتي بمستشفى السنبلاوين    إقبال المصريين على سفارة مصر بباريس في اليوم الثاني للتصويت بانتخابات مجلس النواب    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام نيوكاسل.. موقف مرموش    وزير الرياضة يدعم البطل الأولمبي أحمد الجندي في رحلة علاجه بألمانيا    تشيلسي في مواجهة سهلة أمام بيرنلي في البريميرليج    انتخابات النواب بالخارج.. إقبال كبير للمشاركة بانتخابات النواب باليوم الأخير في السعودية وسلطنة عمان |صور    عاشور يناقش مع خبراء تطوير التعليم العالي بالاتحاد الأوروبي تعزيز آفاق التعاون الدولي    وزير الخارجية يشيد بما وصلت إليه العلاقات بين مصر وإسبانيا    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    موسكو: المسيرات الروسية تضرب نقطة انتشار اوكرانية مؤقتة    وزيرة «التخطيط» تبحث مع «بروباركو» الفرنسية خطط تمويل و تمكين القطاع الخاص    مخرجة لبنانية: مهرجان القاهرة منح فيلمي حياة مستقلة وفتح له أبواب العالم    بعد تصدره التريند.. موعد عرض برنامج «دولة التلاوة» والقنوات الناقلة    استخدمت لأداء المهام المنزلية، سر عرض تماثيل الخدم في المتحف المصري بالتحرير    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    مركز بحوث الصحراء يستقبل وفدًا طلابيا لتعزيز التعلم التطبيقي في البيئات الصحراوية    دايت طبيعي لزيادة التركيز والمزاج الإيجابي، نظام غذائي يدعم العقل والنفس معًا    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 22 نوفمبر 2025    شيكو بانزا يظهر فى مران الزمالك الأخير استعدادا ل زيسكو بعد وفاة شقيقه    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    إصابة 28 عاملا بانقلاب سيارة ربع نقل بقرية الشنطور ببنى سويف.. «بالأسماء»    موعد تطبيق منظومة السيارات الجديدة بديلة التوك توك فى الجيزة    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    منظمة الصحة العالمية: أكثر من 16.5 ألف مريض بغزة في انتظار الإجلاء الطبي    دراسة جديدة.. عصير البرتقال يؤثر على نشاط الجينات    سعر الجنيه الإسترلينى اليوم السبت فى البنوك 22-11-2025    فرنسا لمواطنيها: جهزوا الطعام والماء لحرب محتملة مع روسيا    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    محمد التاجي: لولا تدخل السيسي ل"طبل" الجميع للانتخابات وينتهي الأمر دون كشف التجاوزات    محمد التاجي: اعتذار محمد سلام اللحظي خلق «شماتة» ويتعارض مع تقاليد المهنة    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الأحد في الدوري الممتاز    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شمعون بيريز استراح قبل أن يُحاكم
نشر في الأهرام العربي يوم 29 - 09 - 2016


د. خالد سعيد
" اليوم الأول لإسرائيل بدون بيرتس.. مات الحائز على نوبل للسلام .. توفي أحد مؤسسي دولة إسرائيل .. انتقل إلى ربه القبة الحديدية لبلاد ( إسرائيل ) "
هكذا علقت وسائل الإعلام الصهيونية، المنشورة باللغة العبرية، على وفاة شمعون بيريز، الرئيس الإسرائيلي السابق، ورئيس الوزراء الأسبق، الذي وافته المنية فجر الأربعاء، بعد أن استيقظ الكيان على خبر وفاته، رغم ميتته الإكلينيكية منذ أسبوعين مضت! حيث أغدقت عليه الشكر والثناء، لتكوينه بلادهم الغاصبة، ثم الرثاء لرحيله وبقائهم وحدهم دون قبة حديدية، والمقصود بها " قناع يحمي المستوطنين الصهاينة " من العرب " الإرهابيين "! لتتشح إسرائيل بالسواد، حتى كتابة هذه الكلمات، وربما لعدة أسابيع قادمة، فالكيان الصهيوني لن يعوِّض شخصية إجرامية مثل بيريز!!
بيد أننا نقول : " كم أراق من دماء عربية طاهرة، إسلامية ومسيحية، وكم أزهق من أرواح بريئة كانت تسبح بحمد ربها، ومات دون محاكمة عربية وإسلامية، لارتكابه جرائم إنسانية يستحق عنها السجن للأبد، أو الإعدام على كرسي كهربائي، أو الموت شنقًا، أو الدفن حيًا، كما سبق وساهم في قتل الآلاف "!
استيقظ المجتمع الدولي فجر الأربعاء مع خبر، سبق توقعه منذ أسبوعين، وفاة الصهيوني شمعون بيريز، في عاصمة الكيان، تل أبيب، عن عمر يناهز 93 عامًا بعد إصابته بسكتة دماغية قبل نحو أسبوعين.بيرتس، أحد الشخصيات الرئيسية في إسرائيل، والتي أسهمت، وبقوة، في رفع شأنها في الأوساط الدولية، .. تمتع بيرتس بشخصية فريدة من نوعها، بالدهاء والمكر، والكاريزما في آن، والحنكة الدبوماسية والقيادة العسكرية، كونه دبلوماسي على خلفية عسكرية، ضمن عصابات صهيونية استباحت قتل الفلسطينيين الأبرياء العُزَّل قبيل تكوين دولته الغاصبة، ورغم هجرته من بولندا وهو في الصغر، لكنه منذ أن وطأت أقدامه الأراضي الفلسطينية وهو يستبيحها عمدًا، وبعد توليه مناصب سياسية رفيعة نجح في شرعنة الاحتلال الصهيوني، والاندماج في المؤسسات الدولية، وعمد على " توتيد " أركان إسرائيل، وساهم في تكوين دولة كانت من قبل عبارة عن عصابات مسلحة!
يستحق بيرتس أو بيريز أحد جوائز العالم الأكثر إجرامية، إن جاز التعبير، فسجله وتاريخه حافلين بالمجازر والمذابح ضد المواطنين العرب والفلسطينيين، بدأها بالانضمام لعصابة " الهاجاناه " الإجرامية، وشارك في جُل المذابح التي سبقت تكوين الدولة، ليتوجّ بتعيينه بوزارة الحرب الإسرائيلية، ليساهم آنذاك في تدشين البرنامج النووي الإسرائيلي؛ والغريب أن وسائل الإعلام الإسرائيلية، الصادرة باللغة العبرية، تفتخر وتزهو بتاريخ بيرتس الحافل بالاغتصاب والقتل والذبح، وذلك كله رغم وصفه ب " المسالم "، ولكنه " المخادع " في حقيقة الأمر.
اشترك، بداية في عصابات تسليح الصهاينة قبيل تكوين دولة " إسرائيل "، وقتل الفلسطينيين وتشريدهم من أراضيهم، ليضع لبنة قوية في تدشين الدولة عبر المساهمة في دمج تلك العصابات معًا بعيد الانتهاء من حرب 48 " حرب الاستقلال " كما تدعي تلك الوسائل الإعلامية، بدعوى تحريرها من العرب والمسلمين عبر قرون طويلة من الزمان، حيث شارك أساسيًا في المذابح التي جرت بحق الفلسطينيين طوال حقبة الأربعينيات من القرن الماضي، وحتى العام 1952. ورغم ولادته في العام 1923، ببولندا، فإن هجرته لفلسطين في العام 1934 كانت وبالاً على الأمتين العربية والإسلامية، إذ يعد هذا المجرم أحد المؤسسين الحقيقيين للكيان الصهيوني، ويرفق اسمه بديفيد بن جوريون ويتسحاق رابين، ومناحم بيجين، ولكل منهم سجله الحافل في تقتيل الفلسطينيين والعرب!
بعيد حرب 48 مباشرة، وبعد تكوينه للجيش الإسرائيلي، بات بيرتس رئيسا للخدمات البحرية في القوات البحرية للجيش الإسرائيلي، ليسرع به القدر ليشغل منصب رئيس بعثة وزارة الحرب الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية، لثلاثة أعوام، تقريبًا، ليعود إلى إسرائيل، ويعينه ديفيد بن جوريون، رفيق دربه، قائم مقام، وفيما بعد مديرًا عاماً لوزارة الحرب، وهو أشهر المناصب الرفيعة التي تولاها شمعون بيرتس قبيبل توليه رئاسة الوزراء أو الرئاسة في تل أبيب!
يعد بيريز مهندس العدوان الثلاثي على مصر، في العام 1956، الذي اشتركت فيه إسرائيل مع بريطانيا وفرنسا، بدعوى تأميم الرئيس جمال عبد الناصر لقناة السويس في العام نفسه، ليتدخل بيرتس بنفسه في شبه جزيرة سيناء لعدة أشهر وبقيادته استمر في سيناء حتى الانسحاب منها في مارس من العام التالي 1957، ليستمر بعدها شمعون في شراء السلاح للكيان الصهيوني من الغرب، الذي ساعده في " توتيد " أركان هذا الكيان الوليد، بعد وصفه بحارس الإمبريالية الغربية في الشرق الأوسط.
دخل بيريز السلك السياسي بانتخابه عضوًا بالكنيست في العام 1959، ليعُيّن بعدها مباشرة نائباً لوزير الحرب الإسرائيلي، آنذاك، دافيد بن جوريون، وظل في منصبه مدة ست سنوات حيث أقام الصناعة الجوية والإلكترونية والنووية وسلطة تطوير الوسائل القتالية، فضلاً عن كونه مؤسس البرنامج النووي الإسرائيلي.كان شمعون عضواً في الكنيست مدة 48 عاماً، وهي أطول فترة عضوية في تاريخ البرلمان، وعمل كوزير في 12 حكومة إسرائيلية متعاقبة، حيث تقلد وزارات وحقائب عدة، من بينها المالية والحرب والخارجية.
عمل بيريز أثناء توليه منصبه الرفيع، والمهم في تاريخ إسرائيل عامة، على تعزيز العلاقات الأمنية والعسكرية مع فرنسا، تحديدًا، حيث يعتبر مؤسس المفاعل النووى فى "ديمونا" بصحراء النقب، بعد أن أقنع الفرنسيين بضرورة بنائه والحصول على مساعدات ضخمة منهم لأجل هذا الهدف. ونجح بالفعل في مقصده! فقد حصل على صفقات سلاح ليزود بها الجيش الإسرائيلى الصغير، آنذاك، بأفضل ذخيرة فى تلك الفترة، وزودت فرنسا إسرائيل بعشرات الدبابات، والطائرات النفّاثة، ونظم المدفعية والرادارات، وجُل الأسلحة الحديثة في هذه الفترة.
وعلى الرغم من تلك المذبحة التي راح ضحيتها العشرات، فإن المجتمع الدولي ما يزال يذكر لبيرتس مساهمته في اتمام اتفاق أوسلو في العام 1993، ومن قبله اتفاق مدريد في العام 1991، واللذان ساهما في حصوله على جائزة نوبل للسلام، بالاشتراك مع رفيق دربه يتسحاق رابين، والرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، في العام 1994. في وقت نجح في توقيع اتفاق التطبيع مع الأردن، اتفاق وادي عربة في العام نفسه، 1994. وبعدها بعامين، وخلال توليه رئاسة الحكومة الصهيونية، نفذ الجيش الإسرائيلي مجزرة قانا الأولى في لبنان عام 1996 وهي العملية العسكرية التي عرفت باسم "عناقيد الغضب"! ما أدى إلى قتل العشرات من اللبنانيين، ليطالب المجتمع الدولي بسحب الجائزة من المجرم دون جدوى! بعد أن استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض ( الفيتو )!
الثابت عن بيريز لدى قطاع عريض من المجتمع الدولي في الفترة الراهنة أنه رجل سلام، وكثيرًا ما دعى الجانب الفلسطيني للسلام، حتى بعيد توقيع اتفاقي، أوسلو ومدريد، لكن هذا المجتمع يجب أن يدرك أنه لو أراد المجرم بيرتس السلام بالفعل لانسحب من الأراضي الفلسطيني والعربية المحتلة، ولا يفعل كما يزعم كُتاب حركة " المؤرخون الجدد " من تحسينهم لصورة الكيان الصهيوني، بزعم دعوتهم الدائمة للسلام، دون جدوى من الشعب الفلسطيني، وبزعم أنه لا يوجد فلسطيني يمكن التحدث معه، ولكن ما يرغب فيه المؤرخون الجدد ، أو حركة ما تسمى ب " ما بعد الصهيونية " ومن قبلهم بيرتس ورفاقه هو تحسين صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي، الذي تتسع فيه رقعة المقاطعة الدولية " بي دي أس "، وبشكل مطرد!!
يشار إلى أن بيريز لم يكتف بالمذابح التي قام بها قبيل تكوين دولته الغاصبة، أو مذبحة قانا الأولى، وإنما أمر بإجهاض الانتفاضات الفلسطينية الأولى والثانية، وما تسمى حاليا بالانتفاضة الثالثة، انتفاضة الطعن والدهس، أو انتفاضة السكاكين، وكان يعمل في الخارج على تحسين صورة الكيان الصهيوني، بدعوى أن ما يقوم به الفلسطينيون هو عمل " إرهابي وإجرامي "، وما تقوم به إسرائيل هو رد فعل وليس الفعل نفسه! وهو الدور الذي أتقنه، للأسف، مع توليه رئاسة الوزراء، غير مرة، أو أثناء منصبه الأخير كرئيس لدولة إسرائيل!
أعلنت إسرائيل الحداد على رئيسها السابق، ورئيس وزرائها الأسبق، ووقفت الحكومة الحالية، حكومة بنيامين نتانياهو، دقيقة حدادًا على روحه " الطاهرة "! وسيظل اسمه في تاريخ الكيان كأحد ألمع نجومها الساطعين، سواء في المجال العسكري أو السياسي، ويكتب اسمه بأحرف من نور، خاصة لو قلنا أن المركز البحثي الذي دشنه قبل سنوات " مركز بيريز للسلام " يحمل معنى السلام، دون مضمونه، ويبقى بيرتس في ذاكرة الأمتين، العربية والإسلامية، أحد عتاة الإجرام في العالم، ليذهب إلى ربه دون أن يُحاكم!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.