يعقد اتحاد المصارف العربية مؤتمراً بعنوان "منتدى تعزيز الأطر الإشرافية والتنظيمية وتخفيف المخاطر المتعلقة بالبنوك المراسلة" في شرم الشيخ في مصر، وذلك في الفترة بين 19 إلى 21 أغسطس القادم.
ويحظى تجنب المخاطر في وقتنا الحاضر باهتمام الكثير من المصارف والمؤسسات المالية والمنظمات الدولية التي تحاول تحديد مفهوم واضح لها حتى تستطيع تحديد سياساتها للتعامل مع هذه المسألة التي باتت تُعتمد كثيراً في الآونة الأخيرة لدى المؤسسات المالية والمصرفية في المنطقة العربية .
ويعتبر غياب تعريف موحد لهذه الظاهرة أمراً يجعل منها مثاراً للجدل والنقاش بشكل واسع خاصة في الأوساط المصرفية، وتشير بعض التقارير الصادرة في هذا الشأن إلى مصطلح تجنب المخاطر على أنه إنهاء التعامل وقطع العلاقة مع العملاء وخاصة علاقة العملاء من خلال البنوك المراسلة، عوضاً عن تطبيق متطلبات العناية الواجبة تجنباً للمخاطرالمحتملة التي قد تنطوي على التعامل مع كل منهم .
وقد يفهمها البعض على أنها قطع للعلاقة مع فئات كبيرة من العملاء دون تمييز بين نسب المخاطر المترتبة على التعامل، ليس فقط على أساس كل حالة على حدة وآليات مواجهتها، بل إنهاء العلاقات “بطريقة الجملة”، ما أدى إلى إنسحابها من التعامل مع فئات كاملة من العملاء، أو خطوط الأعمال، أو حتى الأقاليم.
وتم إطلاق العديد من المبادرات الدولية للنظر في عواقب تجنب المخاطر، ومنها إعلان مجموعة العمل المالي (FATF) في أكتوبر/تشرين الأول 2014 حول تقييم المخاطر، وتكليف البنك الدولي من قبل مجموعة العشرين لإجراء إستبيان من أجل النظر في العواقب الاقتصادية الكلية لتجنب المخاطر، وإقتراح مجلس الاستقرار المالي (Financial Stability Board) إعادة النظر في الإقصاء المالي غير المقصود (Financial exclusion) لفئات من العملاء والمؤسسات المالية من البلدان “عالية المخاطر” عبر قطع خدمات المصارف المراسلة.
وإستكمالاً لهذه المبادرات، أجرى إتحاد المصارف العربية وصندوق النقد الدولي إستبياناً للمصارف العربية إنطلق في بداية العام 2015، مطُالباً من تلك المصارف تقييم كيفية تأثرها بإنفاذ قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقانون فاتكا، وتطبيق بازل 3.
ويُعد ذلك الإستبيان أول مبادرة من نوعها تدرس هذا الموضوع الهام عن المصارف العربية. وقد عَرضت النسخة الأخيرة من الدراسة التي صدرت في بداية شهر يونيو 2015 النتائج الرئيسية للاستبيان وسلطت الضوء على المجالات التي تحتاج إلى مزيد من التحليل.
من هنا تأتي أهمية عقد هذا المنتدى حيث يتطلع اتحاد المصارف العربية استكمالاً لمبادرته مع صندوق النقد الدولي، الى اعتماد مبدأ إدارة المخاطر وليس تجنبها، ومناقشة نقص الفهم الواضح من قبل بعض المصارف والمؤسسات المالية بمتطلبات المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والمتمثلة بالتوصيات الأربعين الصادرة عن مجموعة العمل المالي، وخاصة التوصية الثالثة عشر منها والمتعلقة بمتطلبات التعامل مع البنوك المراسلة.
يسلط هذا المنتدى الضوء على التحديات الرئيسية التى تواجه المصارف العربية والبنوك المراسلة فى وقتنا الحاضر كرد فعل على التشدد في تطبيق المعايير التنظيمية العالمية والعقوبات الاقتصادية والتجارية ، وعلى الآليات والإجراءات الرقابية والممارسات السليمة لتقييم المخاطر.
كما يسمح بالتعرف على أهم وآخر ما أدخل من تعديلات على المبادرات الدولية والاقليمية على ضوء الآثار السلبية الناتجة عن قيام بعض المصارف الدولية بتقليص او انهاء علاقات المصارف المراسلة مع العديد من المصارف الإقليمية. كما سوف يتم من خلاله استعراض بعض التجارب الرقابية فى العالم العربى، وأفضل الممارسات فى إدارة تقييم المخاطر، وذلك على أيدى نخبة مختارة ومتميزة من خبراء العالم العربى وبعض المؤسسات الدولية المتخصصة.