بدء الاقتراع في 20 دائرة من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب بالدوائر المُلغاة    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    تنسيقية شباب الأحزاب تهنئ أعضاءها الفائزين بعضوية "مجلس النواب"    أسعار الخضروات اليوم الأربعاء 3 ديسمبر في سوق العبور للجملة    أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 3 ديسمبر 2025    وزير الخارجية يؤكد اهتمام مصر بالدبلوماسية البرلمانية لتعزيز أواصر التعاون مع برلمانات دول العالم    القطاع الخاص غير النفطي في مصر يسجل أقوى نمو خلال 5 سنوات    جولة مفاجئة.. محافظة الغربية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات فجرًا    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان وسط اعتراض أمريكي-إسرائيلي    روبيو: واشنطن حققت بعض التقدم فى المحادثات مع روسيا بشأن أوكرانيا    نتنياهو: اتفاق محتمل مع سوريا بشرط إنشاء منطقة عازلة    زلزال بقوة 4 درجات يضرب جنوب غربى باكستان    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    جوارديولا: أهداف فولهام من أخطاء دفاعية.. ولا أملك إجابة لما حدث في المباراة    القلاوي حكما للقاء الجونة وبترول أسيوط في دور 32 لكأس مصر    نادي الزهور ينعى يوسف محمد لاعب السباحة ويعلن الحداد 3 أيام    أمطار وشبورة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم    بعد لقائهما المسلماني.. نقيبا السينمائيين والممثلين يؤكدان تعزيز التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 3-12-2025 في محافظة الأقصر    د.حماد عبدالله يكتب: " ينقصنا إدارة المواهب " !!    الرئيس الكولومبي يحذر ترامب: مهاجمتنا تعني إعلان الحرب    متحدث الصحة: تحذير للمسافرين من أدوية ومستلزمات خاضعة للرقابة الدولية    تجديد حبس المتهمين باستدراج موظف وسرقته    قوات الاحتلال تعزز انتشارها وسط مدينة طولكرم    مطروح للنقاش.. نجاح خطة ترامب لحصار الإخوان وتأثير طموحات ماسك على منصة إكس    توقيع مذكرة تفاهم بين "الاتصالات" و"الاعتماد والرقابة "بشأن التعاون فى تنفيذ التطوير المؤسسي الرقمى    إصابة 9 أشخاص بينهم أطفال وسيدات في حادث تصادم بالفيوم    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    زكريا أبوحرام يكتب: تنفيذ القانون هو الحل    «أحكام الإدارية» تُغير خريطة البرلمان    5 محاذير يجب اتباعها عند تناول الكركم حفاظا على الصحة    5 وفيات و13 مصابًا.. ننشر أسماء المتوفين في حريق سوق الخواجات بالمنصورة    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الصحة» تعلن انطلاق استراتيجية توطين صناعة اللقاحات وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل 2030    زينة عن شخصيتها في "ورد وشوكولاتة": حبيتها لأنها غلبانة وهشة    مصر توسّع حضورها في الأسواق الأفريقية عبر الطاقة الشمسية والتوطين الصناعي    سوريا تعلن إحباط محاولة تهريب ألغام إلى حزب الله في لبنان    «بإيدينا ننقذ حياة» مبادرة شبابية رياضية لحماية الرياضيين طبيًا    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    في ملتقى الاقصر الدولي للتصوير بدورته ال18.. الفن جسر للتقارب بين مصر وسنغافورة    مراوغات بصرية لمروان حامد.. حيلة ذكية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر (الست)؟    هل سرعة 40 كم/ساعة مميتة؟ تحليل علمى فى ضوء حادثة الطفلة جنى    مقتل شخص أثناء محاولته فض مشاجرة بالعجمي في الإسكندرية    والد جنى ضحية مدرسة الشروق: ابنتي كانت من المتفوقين ونثق في القضاء    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    مانشستر سيتي يهزم فولهام في مباراة مثيرة بتسعة أهداف بالدوري الإنجليزي    تقرير مبدئي: إهمال جسيم وغياب جهاز إنعاش القلب وراء وفاة السباح يوسف محمد    رئيس شئون البيئة ل الشروق: نسعى لاستقطاب أكبر حجم من التمويلات التنموية لدعم حماية السواحل وتحويل الموانئ إلى خضراء    نقيب الإعلاميين يستعرض رؤية تحليلية ونقدية لرواية "السرشجي" بنقابة الصحفيين    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة أسيوط تختتم ورشة العمل التدريبية "مكافحة العنف ضد المرأة" وتعلن توصياتها    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في جنوب سيناء    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



3 لقاءات بين بوتين ونيتانياهو خلال 2016.. ماذا وراء تكثيف التعاون الروسي - الإسرائيلي؟
نشر في الأهرام العربي يوم 21 - 06 - 2016


د. أشرف الصباغ
شهد العام الحالى 3 لقاءات بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو. وكان اللقاء الأخير فى 7 يونيو الحالى هو الأهم والأخطر على خلفية ما يجرى فى منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس الأخيرة من جهة، وفى ظل الانقسامات الدولية والاصطفافات الجديدة من جهة أخرى.

من الصعب فصل العلاقات الروسية الإسرائيلية عن مجمل ما يجرى فى الشرق الأوسط، والتحركات الإيرانية، بعد توقيع المعاهدة النووية بين طهران والغرب، والصراع بين إيران ودول الخليج، والأزمة الأوكرانية وتبعاتها من عقوبات غربية على روسيا، وحصار حلف الناتو لروسيا، وتحركات الأخيرة فى البحر المتوسط.
من كل ذلك يتضح أن إسرائيل ضرورية لروسيا كما لم يحدث أبدا حتى فى فترة الحرب الباردة إيان وجود الاتحاد السوفيتي. كما أن روسيا باتت ضرورية لإسرائيل، وفى المقام الأول من أجل ضمان أمنها، وتدشين شكل من أشكال توازن العلاقات مع الولايات المتحدة. إذ إن هناك تعقيدات بدرجات ملموسة فى العلاقات بين تل أبيب وواشنطن خلال فترة حكم الرئيس باراك أوباما، وقلق إسرائيلى من الإدارة الأمريكية المقبلة، وحالة ترقب لما ستؤول إليه الأحداث القائمة فى الشرق الأوسط.
فى هذا المقام، وبصرف النظر عن تعقد العلاقات نسبيا بين إسرائيل والولايات المتحدة، أو تحسنها بين الأولى وروسيا، فكل من موسكو وواشنطن تحرصان فى كل الظروف والتحولات على أمن إسرائيل، وتتسابقان على إعلان ذلك لعدة أسباب، أهمها تأثير اللوبى اليهودى فى كلتا الدولتين وبالذات فى مجالى المال والإعلام، ومخاوف كل من الدولتين من تحول إسرائيل إلى مشروعات بعيدا عنهما وخصوصاًَ فى مجالات الأمن والاستخبارات والسلاح والتعاون فى مجال التكنولوجيا الدقيقة. غير أن روسيا بحاجة إلى إسرائيل لكسر طوق الحصار الغربى والعقوبات المفروضة عليها، وعدم استبعاد روسيا من أى مفاوضات للسلام مع الفلسطينيين، واجتذاب أموال اللوبى اليهودى فى مجال الاستثمار، وعدم وقوع روسيا تحت مطرقة إعلام اللوبى اليهودى الدولى.
كل هذه العوامل عادة ما كانت حاضرة فى اللقاءات الروسية – الإسرائيلية طوال السنوات التى تلت تفكك الاتحاد السوفيتي. ولكن الجديد فى الفترة الأخيرة، وبالذات فى الزيارة الأخيرة التى جاءت بمناسبة مرور 25 عاما على إقامة العلاقات بين روسيا وإسرائيل، هو أن إيران قد تحررت من ضغوط ملفها النووى من جهة، ولديها حسابات مع منطقة الخليج، الأمر الذى يسمح لطهران بحرية الحركة والمناورة حتى وإن كان على حساب المصالح الروسية. وبالتالي، فموسكو بحاجة إلى تل أبيب لإعادة التوازن للعلاقات وتحسبا لأى مناورات من جانب طهران، سواء فى سوريا أم مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، أم فى مجال الطاقة تحديدا.
لقد أعلن نيتانياهو أن "تعزيز العلاقات مع روسيا هو عامل فى الأمن الوطنى الإسرائيلى، سمح بحماية إسرائيل من مواجهات خطرة على حدودها الشمالية". كما أشارت الصحف الإسرائيلية القريبة من الحكومة إلى أن "الوجود الروسى يسمح باحتواء نشاطات حزب الله، على الرغم من تعاون موسكو مع المحور الموالى لإيران الذى يضم هذا الحزب". ما يعنى أن روسيا تبذل ضغوطا ما على إيران التى تضغط بدورها على "حزب الله" لتخفيف الضغط على إسرائيل التى تتعاون مع روسيا فى سوريا، وبالذات فى تفعيل آلية منع وقوع حوادث جوية فى السماء السورية.
لقد لخص الرئيس الروسى بوتين كل ذلك بعبارة بسيطة للغاية: "نحن فى روسيا نولى أهمية كبيرة لعلاقاتنا مع إسرائيل، ليس فقط لأنها دولة من الدول المحورية بالنسبة للوضع فى الشرق الأوسط، وإنما أيضا بفضل العلاقات التاريخية التى تربط بين بلدينا". وبرغم هذا "العلاقات التاريخية"، فإن روسيا لديها علاقات وطيدة مع كل من "حماس" و"حزب الله"، فى الوقت الذى تعتبرهما إسرائيل منظمتين إرهابيتين. ولكن براجماتية العلاقات تسمح لكل منهما بالمناورة وحرية الحركة والبحث عن حلول وسط ونقاط تماس.
لا يمكن تجاهل التعاون بين روسيا وإسرائيل فى مجالات الزراعة والتكنولوجيا الرفيعة والتصنيعات العسكرية. إذ وصل حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى أكثر من 3 مليارات دولار. وهذا الرقم ليس بالكبير، ولكنه يعنى سياسيا أن إسرائيل خارج منظومة العقوبات الغربية. غير أن التعاون العسكرى والاستخباراتى هو الأهم، خصوصاً أن إسرائيل تطرح نفسها ضمن "الدول التى تعانى الإرهاب، ومن ثم عليها أن تكافحه".
وفى الشأن السورى، فقد أكد بوتين ونيتانياهو على استمرار التنسيق العسكرى بينهما فى سوريا. وأكد نيتانياهو أمام قادة اللوبى اليهودى ورجال الأعمال خلال زيارته روسيا أن إسرائيل لا تتدخل فى الحرب القائمة فى سوريا، ولكنها لن تسمح بإطلاق هجمات من سوريا باتجاهها. وإذا كان نيتانياهو قد أكد أن إسرائيل "لا تتدخل فى هذا الشأن"، إلا أنه قال أيضا إن "مصير الأسد مسألة فرعية". أى ببساطة لا يمكن التعامل مع عبارة نيتانياهو الأولى بجدية، وإلا لما كان هناك تنسيق عسكرى فى سوريا بين موسكو وتل أبيب. كما أن العبارة الثانية تشير إلى أن إسرائيل مطمئنة تماما لمصير الأسد، سواء تمت الإطاحة به أم ظل لبعض الوقت فى السلطة، وهى الرسالة التى أراد رئيس الوزراء الإسرائيلى نقلها بدبلوماسية شديدة إلى بوتين عندما قال "نريد أن تضمن أن لا تتحول سوريا إلى منصة إطلاق للهجمات ضد إسرائيل". وبالتالى، فالوجود الروسي، شئنا أم أبينا، هو إحدى الأوراق التى تضمن أمن إسرائيل. فالأخيرة لم تعترض إطلاقا على الوجود الروسى فى سوريا.
لا شك أن هناك تناغما كبيرا فى العلاقات الروسية – الإسرائيلية. ما يمثل ورقة رابحة لروسيا فى علاقاتها المعقدة مع إيران. ومن الصعب تجاهل التناقضات شديدة الوطأة فى العلاقات بين موسكو وطهران، سواء بشأن قلق الأولى من تجارب إيران الصاروخية، أم تحركات إيران فى دول آسيا الوسطى، أم الخلافات على تقسيم قاع بحر قزوين، أم دخول طهران إلى أسواق الطاقة، وتوافر بدائل أخرى أمامها فى مجال التسليح.
وإذا كانت إسرائيل، التى تمتلك لوبى يهوديا مؤثرا فى أوكرانيا، تحسب حساباتها بدقة فى التعاون مع كييف، فإيران فعلت العكس. حيث أفادت وزارة الطاقة الأوكرانية ووزارة النفط الإيرانية، أن كييف وطهران بأنهما بحثتا خلال زيارة وزير الخارجية الأوكرانى بافل كليمكين إلى إيران، فى نهاية مايو الماضي، سبل تعزيز التعاون فى مجال صناعة النفط والغاز. كما بحث الطرفان موضوع نقل الغاز إلى أوكرانيا والتعاون فى مجال تخزين الغاز. بالإضافة إلى تشكيل شركة مشتركة بين البلدين مختصة فى مجال الصناعات النفطية والغاز. وقد تم تشكيل هيئة مشتركة من الطرفين لبحث هذه المواضيع فى الفترة المقبلة للوصول إلى اتفاقيات حول الأمور التى تم طرحها خلال زيارة الوفد الأوكراني. بل وتقدمت طهران بمقترحات قد تكون مهمة فى إطار صراع موسكو وكييف. إذ أكد الرئيس الإيرانى، خلال استقباله وزير الخارجية الأوكرانى، ضرورة تقوية وتعزيز العلاقات بين بلاده وأوكرانيا، لافتا النظر إلى توافر إمكانات لتعزيز العلاقات الثنائية، خصوصاً فى مجال الطاقة وتجارة الترانزيت، وضرورة دعم التعاون بين القطاع الخاص فى البلدين، وبالذات فى قطاع المصارف والبنوك، وهو ما يمهد لتطوير التعاون الاقتصادى والتجارى المشترك.
إضافة إلى ذلك، هناك تعاون فى مجال الإذاعة بين أوكرانيا وإيران، وهو ما يكسر طوق الحصار الروسى على المنتجات الزراعية الأوكرانية. إذ تزامنت زيارة وزير الخارجية الأوكرانى إلى طهران مع زيارة أخرى لهيئة زراعية أوكرانية إلى محافظة البرز الإيرانية (20 كيلو متراً غرب العاصمة طهران) للتعرف على الواقع الزراعى فى هذه المدينة. واعترف مسئول الغرفة التجارية الإيرانية - الأوكرانية المشتركة على رضا بيروزان، بأن وفدا أوكرانيا متخصصا فى القطاع الزراعى قد زار بلاده للوقوف على واقع الزراعة فى محافظة البرز والتعرف على الإمكانيات الزراعية الإيرانية بشكل عام. وأوضح أن الوفد كان يتألف من مسئولين ومدراء شركات متخصصة فى الأعمال الزراعية والتربية الحيوانية وصناعة الأخشاب والآلات الزراعية والهدف من هذه الزيارة دراسة إمكانية التعاون فى المجال الزراعى بين البلدين. وبالتالى، ليس مصادفة أن تنشط علاقات روسيا مع دول الخليج، وبالذات السعودية على الرغم من التناقضات الجوهرية بين موسكو والرياض فى العديد من الملفات، وعلى رأسها الملف السورى، وملف النفط، وملف الأمن الإقليمى.
لقد تم التوقيع خلال زيارة نيتانياهو إلى موسكو على عدد من الاتفاقيات المهمة فى مجالات الطاقة والزراعة والمعاشات التقاعدية والحفاظ على الحقوق الاجتماعية والتسوية الجمركية. إضافة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى غازَل بوتين بأنه "لا يوجد قيود تشريعية تحول دون مشاركة الشركات الروسية فى تطوير حقول الغاز الإسرائيلية". أما اتفاقية المعاشات التقاعدية والتعويضات، فهى تهم مئات الآلاف من المهاجرين اليهود الذين نزحوا من الاتحاد السوفيتى (ما بين عامى 1970 و1992) ولم يحصلوا على مستحقاتهم. وإذا كان هذا الاتفاق يمثل نوعا من حسن النية تجاه إسرائيل، إضافة إلى تحجيم إيران وحزب الله، ومنع الأسد من التفكير فى الجولان، فالأخيرة تمنح روسيا أيضا مساحة لا بأس بها فى مباحثات السلام فى الشرق الأوسط، أو على الأقل تعلن ذلك بطرق مختلفة.
إن منح روسيا مساحة فى المفاوضات الشرق أوسطية تمثل أهمية جوهرية بالنسبة لموسكو فى ظل التحولات التاريخية فى المنطقة، وفى ظل التقارب المصرى – السعودى ونشاطات البلدين فى البحر الأحمر من جهة، وصراع موسكو وواشنطن والناتو فى البحر المتوسط من جهة أخرى. إضافة إلى التحولات الجارية فى سوريا والعراق وليبيا، ورحيل إدارة أوباما أيضا. فوزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف أعلن، للمرة المليون، أن موسكو مستعدة لتقديم ساحة للحوار بين الأطراف الفلسطينية. وذلك خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره الفلسطينى رياض المالكى. وقال "إننا نعير اهتماما خاصا لاستئناف الحوار الفلسطينى الداخلى. روسيا تؤيد الجهود التى كانت تبذلها قطر سابقا، ونرحب باستعداد مصر للعب دورها فى هذه الجهود". وأضاف: "نحن مستعدون للمساهمة وقد استقبلنا سابقا فى موسكو فصائل فلسطينية مختلفة، ومستعدون لخوض جولة جديدة من المباحثات بين الأطراف الفلسطينية فى هذه المرحلة".
هذا على مستوى الخلافات الفلسطينيةالفلسطينية. وهو الأمر الذى قد لا يروق لإسرائيل بدرجات كبيرة، نظرا للعلاقات المعقدة والمتناقضة التى تربط "حماس" بكل من موسكو وتل أبيب. وبشكل عام، فإن جولات المباحثات الفلسطينية - الفلسطينية فى موسكو لم تسفر عن أى نتائج ملموسة. ولكن روسيا التى تحاول البحث عن موطئ قدم فى القضية الفلسطينية، تذهب إلى أبعد من ذلك. إذ أشار الوزير الروسى لافروف إلى أن موسكو لا ترى ضرورة لإدخال تعديلات على مبادرة السلام العربية. وقال إنها "مبادرة شاملة وتغطى جميع مجالات العلاقة بين إسرائيل والدول العربية، بما فى ذلك فلسطين طبعا. ولا تحتاج لتعديلات. لا أعتقد أن إسرائيل ستطرح تعديلات. إذ كنا جميعا متفقين على أن هذه الوثيقة مقبولة كقاعدة جيدة للمفاوضات اللاحقة، فمن المهم تحديد التفاصيل العملية وتسلسل الخطوات للمضى قدما إلى التسوية الفلسطينية الإسرائيلية والعربية الإسرائيلية". بل وشدد على أنه لم يلمس فى تصريحات بنيامين نيتانياهو أى مطالب بإدخال تعديلات على مبادرة السلام العربية التى طرحتها فى البداية السعودية، ومن ثم تبنتها جامعة الدول العربية برمتها. وقال "إنها تعد اليوم وثيقة يقبلها الجميع وهم مستعدون للاعتماد عليها كأساس للتسوية".
غير أن الخطير فى الأمر أن لافروف قال أيضا إن "ما يبعث على التفاؤل هو أن رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو خلال محادثاته مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ذكر مبادرة السلام العربية أكثر من مرة باعتبارها أساسا مقبولا للجميع لمواصلة الجهود". وربما هذا ما دفع الوزير الروسى إلى القول إن "رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو، أبدى، خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، استعدادا لقبول مبادرة السلام العربية دون أى تعديلات".
غير أن نيتانياهو لم يعلن ذلك بنفسه أو يدل بأى تصريحات بهذا الصدد. وبالتالى، أثارت تصريحات وزير الخارجية الروسى الارتباك. وعلى الفور، أعلنت رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن موضوع المبادرة العربية لم يبحث خلال المناقاشات مع موسكو.
لقد وصل التناغم الروسى – الإسرائيلى إلى مستوى ملفت للنظر، بما فى ذلك فى المجال العسكرى. وهذا ما يمكن أن نراه خلال الفترة المقبلة. إذ أكدت تقارير استخباراتية إسرائيلية أن مناورات عسكرية روسية - إسرائيلية مشتركة ستجرى فى البحر المتوسط قريبا. وهذه الخطوة جاءت كإحدى ثمار لقاء بوتين ونيتانياهو الأخير فى موسكو، حيث اتفقا على توطيد العلاقات العسكرية بين الجانبين. واعتبرت تل أبيب هذا القرار تاريخيا. فهو من جهة، يعنى وقف اعتماد إسرائيل بصورة مطلقة على الولايات المتحدة فيما يخص الدعم العسكري. ومن جهة أخرى، الاعتراف بنفوذ وتأثير روسيا فى البحر المتوسط. ومن جهة ثالثة، رسالة إلى دول المنطقة، وبالذات إلى إيران، وإن كانت الرسائل تختلف فى مضمونها.
ووفقا للتقرير الإسرائيلى، فهذه المناورات تعد الأولى فى التاريخ العسكرى فى الشرق الأوسط التى تنطلق فيها طائرات روسية من دولة عربية، وهي سوريا، من قاعدة حميميم بالقرب من اللاذقية وسفن حربية روسية ستبحر من قواعدها فى طرطوس واللاذقية للمشاركة فى مناورة مع طائرات حربية إسرائيلية وسفن حربية تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلى والتى ستنطلق من قواعدها فى حيفا وأسدود. وبالتالي، فإن التعاون العسكرى بين روسيا وإسرائيل، يمثل شكلا من أشكال الشراكة الإقليمية (العسكرية والاقتصادية)، وحماية"ممتلكات وبنى الطاقة الإسرائيلية فى المنطقة، وخاصة حقول الغاز". وهو ما يعيدنا إلى مغازلة نيتانياهو لبوتين بشأن "السماح لشركات الغاز الروسية بالمشاركة فى العطاءات الخاصة بالنفط والغاز فى إسرائيل، وبالذات بتطوير حقلى الغاز الإسرائيليين "لفيتان" و"تمر" فى البحر المتوسط".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.