في كتاب عمره 58 عاما يكاد المفكر المصري الراحل سلامة موسى يسجل شعارا يطلقه كثير من المصريين بعد نجاحهم في خلع الرئيس السابق حسني مبارك، في فبراير/شباط 2011 وهو "الثورة مستمرة". فيشدد موسى في "كتاب الثورات" على ضرورة حراسة مبادئ الثورات بعد نجاحها لأن المستبدين والطغاة يتناسخون ولا يردعهم شيء فكلما قامت ثورة ونجحت في إزاحة طاغية ظهر آخر. ويقول إن الثورات يقوم بها الأحرار لتحقيق مبادئ الشرف والعدالة والحرية وإن هذه المبادئ "مكافحة متجددة تحتاج إلى الحراسة الدائمة والبعث المتوالي. حتى تربي الإنسان على أن يكون إنسانيا". وبعد خلع مبارك خاض تجمع لأحزاب جديدة - يمثلها غالبا كثير من الشباب- الانتخابات البرلمانية نهاية العام الماضي تحت شعار "الثورة مستمرة" والشعار نفسه هو عنوان حملة أبو العز الحريري أحد 12 مرشحا في سباق انتخابات رئاسة الجمهورية التي ستجري الأربعاء والخميس المقبلين. وطرحت الهيئة العامة لقصور الثقافة وهي إحدى مؤسسات وزارة الثقافة طبعة جديدة من (كتاب الثورات) الذي يقع في 216 صفحة متوسطة القطع. وموسى (1887-1958) من أبرز طليعة رواد النهضة الفكرية في مصر وأحد مؤسسي تيار العقلانية ودعاة الاشتراكية حتى إنه يسجل في هذا الكتاب أنه اعتقل 12 يوما حين قال "إن في مصر من يعيشون بألف جنيه في اليوم ومن يعيشون بثلاثة قروش في اليوم وأحيانا لا يجدون هذا المبلغ". ويقول موسى في الكتاب الذي صدر للمرة الأولى عام 1954 إن الحاكم المستبد هو ثمرة مجتمع من الفاسدين من "القوادين إلى السماسرة إلى البغايا إلى الجواسيس. واللصوص" ضاربا المثل بملك مصر السابق فاروق الأول "ولو أن فاروق وجد مجتمعا سليما لما فسد" حيث أنهت ثورة 1952 حكم فاروق وأنهت حكم أسرة محمد علي (1805-1952). ولكن سلامة موسى لم يذكر أسماء هؤلاء الكتاب المصريين النبلاء مثلما سجل أسماء أدباء الثورات في الغرب ومنهم جان جاك روسو وجون مليتون وفولتير الذي "ألهم شعب فرنسا الحرية" منوها إلى التاريخ يذكر أسماءهم لأنهم "أعطوا الثورات لغتها" أكثر مما يذكر أسماء الثوار الذين قاموا بهذه الثورات وقادوها. ويقول إن الملك فؤاد خان الدستور عدة مرات "وكانت كل خيانة تكفي لمحاكمته والحكم عليه هو وأعوانه بالإعدام. وقد عوقب ملوك أوروبا لأقل من هذا بالإعدام". ويرى أن الأديب يسبق الثورة ويمهد لها بأفكاره وكلماته التي يجب أن تتبنى مفاهيم أساسية حول الحرية وسيادة الشعب ولكن "أدباءنا لم يرتفعوا عن مستوى مجتمعهم الفاسد" ولو أنهم قالوا "صاحب الجلالة الشعب" كما قالوا "صاحب الجلالة فاروق" لأسهموا في إعفاء الشعب من "عار" سنوات الظلم في عهد فاروق. ويفسر حفاوة التاريخ بهم قائلا "ربما كان الأدباء أقرب الناس إلى الأنبياء من حيث إن لهم رسالة يؤدونها للخير العام. ونعني الأدباء الذين يقفون إلى صفوف الشعب يكافحون كفاحه" بلغة مفهومة غير متعالية.