يكاد سلامة موسي في كتاب «كتاب الثورات» والذي صدر من 58 عام ، وأعادت هيئة قصور الثقافة طباعته حديثا أن يسجل شعار «الثورة مستمرة». وذكرت وكالة رويترز للأنباء في تقرير أعدته عن الكتاب أن موسي شدد في كتابه على ضرورة حراسة مبادئ الثورات بعد نجاحها لأن المستبدين والطغاة يتناسخون ولا يردعهم شيء فكلما قامت ثورة ونجحت في إزاحة طاغية، ظهر آخر. يقول موسي: إن الثورات يقوم بها الأحرار لتحقيق مبادئ الشرف والعدالة والحرية وإن هذه المبادئ مكافحة متجددة تحتاج إلى الحراسة الدائمة والبعث المتوالي.. حتى تربي الإنسان على أن يكون إنسانيا. شعار «الثورة مستمرة» الذي ظهر بعد خلع مبارك خاضت به تجمعت لأحزاب جديدة الانتخابات البرلمانية نهاية العام الماضي ، وهو نفسه عنوان حملة أبو العز الحريري أحد مرشحي انتخابات رئاسة الجمهورية التي ستجري الأربعاء والخميس القادمين. ويقول موسى في الكتاب الذي صدر للمرة الأولى عام 1954 إن الحاكم المستبد هو ثمرة مجتمع من الفاسدين من «القوادين إلى السماسرة إلى البغايا إلى الجواسيس... واللصوص» ضاربا المثل بملك مصر السابق فاروق الأول ،قال «ولو أن فاروق وجد مجتمعا سليما لما فسد» حيث أنهت ثورة 1952 حكم فاروق وأنهت حكم أسرة محمد علي (1805-1952). ويقول إن التاريخ يسجل أن الثورات تتقدم وتستمر مهما يحدث من تراجع عن مبادئها في بعض الفترات مستشهدا بنابليون بونابرت الذي "«فسق بمبادئ» الثورة الفرنسية ولكنه لم يستطع إلغاء هذه المبادئ فبعد أن نفي إلى جزيرة سانت هيلانة هب الشعب الفرنسي يستعيد هذه المبادئ ويسترشد بها. ويرى أن الثورات ثمار لأفكار وكلمات تعبر عن الظلم والاستعباد فالعبيد الأميون لا يفكرون في أنهم مضطهدون مشددا على أن هذا التصور يطرح على المثقفين مسؤولية كبرى باعتبارهم "الضمير اليقظ" الذي يردع الطغاة عن التمادي في طغيانهم. كما يستعرض نماذج لمثقفين مصريين ساوموا على ضمائرهم وفسقوا بعقولهم ومدحوا فاروق وأباه الملك فؤاد بالشعر والنثر، إذ دافع بعضهم عن حل البرلمان 1925 في يوم انعقاده وأيد بعضهم الملك فؤاد في وقف العمل بالدستور 1928 لينالوا رتبة الباشوية وأيد البعض إلغاء الدستور 1930. ويقول موسي إن الملك فؤاد خان الدستور عدة مرات «وكانت كل خيانة تكفي لمحاكمته والحكم عليه هو وأعوانه بالإعدام... وقد عوقب ملوك أوروبا لأقل من هذا بالإعدام». ويرى أن الأديب يسبق الثورة ويمهد لها بأفكاره وكلماته التي يجب أن تتبنى مفاهيم أساسية حول الحرية وسيادة الشعب ولكن كم قال: أدباءنا لم يرتفعوا عن مستوى مجتمعهم الفاسد ولو أنهم قالوا صاحب الجلالة الشعب كما قالوا صاحب الجلالة فاروق لأسهموا في إعفاء الشعب من عار سنوات الظلم في عهد فاروق. إلا أنه يسجل وجود عدد قليل من المثقفين المصريين والذي لم يذكر أسمائهم «لم يحنوا رؤوسهم» وعانوا الحرمان وراهنوا على الأمل ودافعوا عن حقوق الشعب. ويفسر حفاوة التاريخ بهم قائلا: ربما كان الأدباء أقرب الناس إلى الأنبياء من حيث إن لهم رسالة يؤدونها للخير العام. ونعني الأدباء الذين يقفون إلى صفوف الشعب يكافحون كفاحه» بلغة مفهومة غير متعالية. ويضيف: وما من نبي برز إلى التاريخ إلا كان ثائرا على مظالم الحكومة والمجتمع. وما من نبي فكر قط في أن يتحدث إلى الشعب باللغة الصعبة. بل لم يكن ليستطيع ذلك إذ كان مضطرا إلى أن ينقذ الشعب وإلى أن يدعوه إلى الثورة على الظلم والفساد باللغة التي يفهمها. وموسى (1887-1958) من أبرز طليعة رواد النهضة الفكرية في مصر وأحد مؤسسي تيار العقلانية ودعاة الاشتراكية حتى إنه يسجل في هذا الكتاب أنه اعتقل 12 يوما حين قال: إن في مصر من يعيشون بألف جنيه في اليوم ومن يعيشون بثلاثة قروش في اليوم وأحيانا لا يجدون هذا المبلغ.