1 كان امرؤ القيس، شاعر العرب الأكبر، ملكا، لاهيا. جامعا لفراشات العرب من الصعاليك والمخلعين وشذاذ الآفاق. كان يغير هو وصحابته على القبائل العربية، يسبى نساءهم، يستحوذ على ممتلكاتهم. يسرق عيون الماء حتى تجف فيتركها إلى غيرها. لا تنقطع كئوس الخمر، لا يتوقف الغناء، لا يتعب الراقصون! 2 كان ملكا ضليلا. كاسرا لأصنام القبيلة، رافضا عادات أبيه وإخوته الملوك. بنو أسد قتلوا أباه. إخوته المتحلقون بأبيهم هالوا على رءوسهم التراب. وحده من تلقى مقتل أبيه بصبر وصمت.. قال: ضيعنى صغيرا، وحملنى دمه كبيرا. لا صحو اليوم، ولا سكر غدا. اليوم خمر وغدا أمر. 3 فُرض عليه القتال فلم يجزع من الرسالة. أصحابه فى السراء والضراء. ثأر أبيه أولى به من السفر فى تيه الصحراء. ذهب بعيدا فى القتال والشعر. ذهب حتى بلاد الروم. بلادا حملت جثمانه الغريب . 4 قالوا: امرؤ القيس كان أسطورة . أسطورة ركبوها لإثبات جاهلية عصر ما قبل الإسلام. ذهب فى ذلك طه حسين وصحابته. لكن اليمانى لم يعد يلتفت إلى أقوالهم أو أساطيرهم. مضى فى دربه المرسوم. يواجه عواصف الحزم القديمة والجديدة. يقرر السير ليلا فى صحراء الربع الخالى. 5 لا يزال اليمانى فى قتال. بنو أسد الجدد يقاتلونه ويقتلون أولاده. ليس أمام اليمانى إلا السفر إلى الفرات. والهجرة إلى الشام. والوصول إلى بلاد الروم. سيموت غريبا فى حُلة مسمومة أهداها له ملك الروم الجديد. ملك الروم الجديد أصبح قريبا ونسيبا لملك الربع الخالى. يتقاسمان الموت والخلود والأساطيل وكراهية اليمانى امرىء القيس. 6 فى نهاية الرحلة قال امرؤ القيس، وكلامه الحق، قال عن الغرباء والمساكين، قال عن المهاجرين واللاجئين من بنى العرب، كيف يموتون غرباء فى البحار والمحيطات، لاجئين، منفيين، مرميين على أرصفة القطارات، ونحن سنستعيد صوت هذا اليمانى العظيم، اليمانى الذى يقتلونه بدو الربع الخالى يوما بعد آخر، سنة بعد أخرى، لكنه يبقى ما أقامت الدنيا، ونردد معه فى السماوات العلا: أجارتنا إن المزار قريبُ وإنى مقيم ما أقام عسيبُ أجارتنا إن الخطوب تنوبُ وإنى مقيم ما أقام عسيبُ أجارتنا إنّا غريبان ها هنا وكل غريب للغريب نسيبُ فإن تصلينا فالقرابة بيننا وإن تصرمينا فالغريب غريبُ أجارتنا مافات ليس يؤؤبُ وماهو آتٍ فى الزمان قريبُ وليس غريبا من تناءت ديارهُ ولكن من وارى التراب غريبُ