أقام ملتقى الثلاثاء بالكويت ندوة حول العالم الروائي للكاتبة السورية ابتسام تريسي بمشاركة وتقديم الكاتبة السورية نسرين طرابلسي. كانت الأمسية مختلفة شكلا ومضمونا، حيث تروي تريسي أجواء كل رواية من روايتها الست، وتدخل طرابلسي بقراءة مقطع دال على تلك الأجواء، قراءة لا تخلو من الطابع الحكائي والدرامي كأنها تجسد الشخصيات الخيالية بتلوينها الصوتي . روايات تريسي كلها تقريباً كتبت قبل اندلاع الثورة، لكنها تظل شاهدة على التحولات، والثورات والانكسارات التي عاشها الشعب السوري عبر نضاله الطويل ضد الاستعمار ثم ضد حكم الفرد الواحد والحزب الواحد. إنها روايات تقدم شهادة للتاريخ المسكوت عنه، التاريخ غير الرسمي والمتحيز للسلطة.. وهي ملحمة في السعي إلى الحرية والعدل والكرامة الإنسانية. بهذا المعنى تبدو روايات تريسي على اختلاف جغرافيتها وشخوصها وزمانها، أشبه بفصول متتابعة في كتاب كبير، كتبته بدأب وإخلاص شديدين. هكذا حكت تريسي عن رواياتها، وقرأت طرابلسي مقاطع منها، لتبدو الحكايات خير تعبير عن فوران اللحظة الراهنة، شهداء ونساء ثكالى وروائح الموت والغربة والحنين. في أولى رواياتها "جبل السماق: سوق الحدادين" تدور الأحداث في النصف الأول من القرن الماضي تحت الاحتلال الفرنسي وحتى الاستقلال عام 1946 ، حول حياة المهمشين في بلدتها أريحا الواقعة في سلسلة جبال الزاوية وكيف قاوم الثوار الاحتلال حتى انتزعوا الاستقلال بثباتهم وبطل الرواية هو نجيب السخيطة قائد الثوار في جبل الزاوية، وتقرأ نسرين على لسان نجيب: الثورة لم تنته بعد فلم تطأطئ رأسك هكذا؟" في الجزء الثاني من "جبل السماق: الخروج إلى التيه" أصبح إبراهيم الطفل في الجزء الأول، معلما وتنقل بين القرى إلى استقر في درعا وعاش وسط مجتمع مختلف بديانته وعاداته وتقاليده وتأتي "ذاكرة الرماد" التي كتبت أولا ونشرت تاليا ل "جبل السماق" على إيقاع الحرب الأهلية في بيروت، والآثار القاتلة التي خلفتها الحرب وتحكي قصة حب بين صحفية سورية ورسام فلسطيني من مخيم عين الحلوة، وتقرأ نسرين من أجوائها:ومن صنع الحرب؟ لماذا نتهم الأشياء دائما وهي بريئة من أفعالنا؟ ... التسميات الخاطئة أقنعة نرتديها ضد الخوف من قمع السلطات". رابع الروايات "المعراج" وفيها تكمل تريسي إبحارها خلف الفلسطيني المطرود من أرضه التي لابد أن يعود إليها ، فهذه الأرض كنعانية ولا جدال في ذلك. أما "عين الشمس " فتتناول قصة حب بين شابين في المرحلة الجامعية في زمن سيطر فيه الخوف والقتل والقمع في ثمانينات القرن الماضي وترك آثاره على تلك العلاقة التي انتهت بالفراق ، وبعد عودة " نسمة " بطلة الرواية ولقاء حبيبها صدمت بسب التغيير الحاصل في بلدها، وتعود الطرابلسي لتجعل الحضور يعايش الأحداث. وأخيراً في أحدث رواياتها "غواية الماء" عن الناس الذين يلجئون إلى العالم الافتراضي ليعيشوا فيه كما يحبون.