زينب هاشم أثار تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسى أخيرا بأنه لا يوجد خلاف بين الدولة والشباب، مؤكدا أنه لا يوجد معتقلون سياسيون داخل السجون المصرية علامات استفهام لكثيرين لا يعرفون ما هو تصنيف مئات الشباب المحتجزين سواء فى غرف الحجز المؤقتة أو حتى خلف أسوار السجون . وهم الشباب الذين نزلوا الشارع لأسباب ثورية، معترضين على كثير من القرارات والقوانين السياسية منذ ثورة يناير وحتى الآن، لا سيما المعترضين على قانون التظاهر. «الأهرام العربى» ناقشت قضية المسجونين والمحتجزين على ذمة قضايا فى أغلب الوقائع السياسية، ومن أشهرهم أحداث مجلس الشورى والاتحادية وأيضا قانون التظاهر، خصوصا بعد قرار السيسى أخيرا بتوكيل لجنة إعلامية لبحث أسباب اعتقال هؤلاء الشباب والقبض عليهم، كما طالبه البرلمان الأوروبى أخيرا بالإفراج عن المعتقلين سياسيا. كانت البداية مع إيمان نضال، مسئولة لجنة المعتقلين بحزب العيش والحرية والتى تحدثت عن دورها فى اللجنة قائلة: نحن نقدم الدعم الأساسى للمسجونين، نساعدهم ونزورهم ونحضر كل الجلسات لتقديم الدعم النفسى لهم، بما فى ذلك شراء احتياجاتهم الأساسية غير الموجودة فى السجن، مثل البطاطين والوجبات الغذائية، ومتابعة مواعيد الامتحانات الخاصة. وعن اعتراض الكثيرين على مصطلح المعتقلين السياسيين تقول: لا أفهم ماذا يعنى أننا لسنا لدينا فى مصر معتقلين سياسين فكل أصحابنا دخلوا السجن ولم يتم تحويلهم إلى الجنائى ولم يتم القبض عليهم فى حوادث سرقة أو قتل، بل تم القبض عليهم بسبب مظاهرات ضد قانون التظاهر، ومنهم من كان مقبوضا عليه فى أحداث مجلس الشورى قبل إقرار مادة رفض مد المحاكمات العسكرية فى الدستور، وفى هذه المظاهرات تحديدا تم القبض بشكل عشوائى على الموجودين فى الشارع كان من بينهم 12 من أصدقائى المقربين والذين تم الحكم عليهم ب15 سنة، ونحن مازلنا فى مرحلة الاستئناف وتم التعامل معهم معاملة الجنائى، وربما كان التركيز على أشخاص بعينهم وهم: محمد تيمور ومحمد سامى وعلاء عبدالفتاح ود. يحيى عبد الشافى، وتعمدوا تلفيق تهم حمل السلاح وسرقة لاسكى من أمين شرطة وضربه بدون إثباتات، ذلك مع العلم بأنهم مقبوض عليهم الآن، ويتم التعامل معهم معاملة سيئة، فلا يوجد مراتب لهم داخل السجون أو عدد كاف من البطاطين، وتم منع دخول أو خروج الكتب والخطابات إليهم، هذا بخلاف أن أحد المسجونين وهو ممدوح جمال، الذى تم إلقاء القبض عليه فى قضية الشورى والذى بعث منذ شهر تقريبا خطابا شرح فيه ما يحدث بداخل السجن، وتم نشر الخطاب فى إحدى الصحف، وعندما علمت إدارة السجن ذلك نقل لمدة شهر كامل إلى الحبس الانفرادى، إلى جانب المعاملة السيئة التى يلاقونها هو وأصدقاؤه داخل السجون والضغط عليهم نفسيا بإلقائهم بسجون مشتركة مع الإخوان. وعن رأيها فيما يتعلق بقانون التظاهر ورفضها الحصول على تصريح من الجهات الأمنية للقيام بمظاهرة قالت نضال: إذا كنت معترضة فى الأساس على القانون فكيف لى أن أبحث عن موافقة الأمن لى بالنزول إلى الشارع وأنا فى الأساس غير معترفة بهذا القانون. وعن رأيها فى اللجنة الإعلامية الموكلة من قبل الرئيس للعفو عن المساجين تقول: فى رأيى الشخصى أنه سيصدر عفو رئاسى عن محمد سلطان وهو أحد المساجين فى واقعة الشورى، وهو مضرب عن الطعام منذ سنة كاملة، وهو الآن فى غيبوبة وأصيب ب 13 جلطة فى الرئة، ولو توفى داخل السجن ستكون فضيحة ومعه الكثيرون من المقبوض عليهم فى واقعة الاتحادية، منهم سناء سيف، ويارا سلام وتحديدا فى اليوم العالمى للإفراج عن المعتقلين وكان عددهم 24 شابا وفتاة، وهم مجموعة من الشباب فى سجن طرة تعرضوا للضرب ووقعوا فى مشادات كلامية وصراعات مع جماعة التكفير والهجرة بسبب الصلاة وتم ضربهم فى السجن . أما عبد الله شمس، بكالوريوس هندسة بأكاديمية الشروق، فيتحدث عن تجربته بداخل السجن قائلا: ألقت قوات الأمن القبض على فى أحداث العباسية 2 فى عام 2012 وكانت قوات الأمن تحاول دخول الاعتصام، فكانوا يضربوننا بالرصاص، وكنا نحاول أن نبعد الناس عن مكان الضرب، لكن قوات الأمن ألقت القبض على كثيرين كانوا يحاولون إلقاء القبض علينا، وبعد سماعنا لأصوات ضرب النار ألقوا القبض علينا لمدة 13 يوما، وتم محاكمتنا عسكريا، بعدها تم عرضنا على نيابة عسكرية فى (س 28 ) معسكر النيابة العسكرية فى الحى العاشر يوم كامل، وبعد وصولنا للنيابة تم حجزنا لمدة 15 يوما، وبعدها رحلونا إلى سجن طرة من خلال عربات الداخلية، وكان عددنا أكثر من 50 محتجزا فى العربة الواحدة ودخلنا بعدها الحجز مع الجنائيين، وتم احتجازى لمدة 13 يوما، مراعيين فى ذلك أننى طالب، لكنهم أطلقوا صراح المحتجزين من الصحفيين فى اليوم التالى لليوم الذى تم فيه إلقاء القبض عليهم، وفى أثناء تنقلاتنا كانوا يضربوننا ويعاملوننا معاملة سيئة، لكن بعدما عرفوا أن الزيارات الخاصة بنا مفتوحة تعاملوا معنا معاملة جيدة على عكس ما كان يتم من الضرب بالعصا، لدرجة أن محتجز معنا أصيب بصرع، والآن لا يمكننى زيارة أى من أصدقائى بداخل السجن، لأنه لابد وأن يكون الزوار على درجة قرابة أولى للسجين . وفى الوقت الذى دافع فيه الثوار عن حقهم فى الاعتراض على القوانين معتبرين المحتجزين بداخل السجون معتقلين سياسين، فإن رأى عدد من السياسيين وجمعيات حقوق الإنسان جاء رافضا مصطلح الاعتقال السياسى، مؤكدين أنه لا يوجد معتقلون سياسيون فى مصر، وكانت البداية مع د. حسن محمد وجيه، أستاذ لغويات التفاوض والعلوم السياسية قائلا: لابد أن تهدأ الأحوال فى مصر، خصوصا فيما يتعلق بالأجواء السياسية وحتى تحدث تسوية للأوضاع على جميع المستويات، ويكون هناك مناخ سليم لقيام الدولة، والتى لابد وأن تسير فى اتجاه كل من يريد التسوية ويساعد على نموها وقيام اقتصادها ومؤسساتها، ويجب على كل من يخالف ذلك أن يتم النظر فى أمره، خصوصا أننا ليس لدينا اعتقال سياسى فى مصر، وإنما هو اعتقال جنائى لكل من كسر وحرق وهدم وضرب وخسر منشآت الدولة ومبانيها، وفى المقابل يجب الإفراج فورا عن كل سجين ثبتت براءته، فلابد أن يخرج من السجن اليوم قبل غد وذلك بغض النظر عن توقيت الثورة أو الأحداث السياسية المتجددة يوميا فى البلد فهو حق قبل أى شىء. ويتفق مع نفس الرأى اللواء محمود زاهر، الخبير السياسى والإستراتيجى مستكملا: فى البداية ليس بمصر معتقلون، لكن الموجود بالسجون هو حبس احتياطى على ذمة قضايا أمرت بها النيابة، والاعتقال هو بأمر ضبط وإحضار بعيدا عن النيابة تقوم به قوات الشرطة وقوات الأمن بصفة عامة بتهمة الاشتباه ولا يكون له دخل بالقضاء، ويتم فى غالب الأمر فى حالات الطوارئ، وهذا الأمر غير موجود حاليا بمصر وليس بها حالة طوارئ وما قاله الرئيس بالنظر فى حالة ما سماه بالمعتقلين، هو يقصد من هم على ذمة قضايا ولا يستطيع الرئيس الإفراج عنهم أو تخفيف الحكم عليهم أو منحهم نسب العفو المقررة لهم دستوريا إلا بعد كلمة القضاء النهائية. ويتحدث د. عفت السادات رئيس حزب مصر القومى عن المقبوض عليهم والمسجونين قائلا: ليسوا معتقلين سياسيين، لكن هم ناس موقوفة بمعرفة النيابة وعلى ذمة البحث، وقد كان حديث الرئيس السيسى واضحا فإذا كان لديهم شكاوى أو مظالم أن يعرضوا الأمر عليه من خلال الوفد الذى خصصه لذلك، وحتى الأن لم يحدث هناك جديد فى هذا الموضوع وهو الدليل على أن المحتجزين والموجودين بداخل السجون ليسوا على ذمة قضايا . ولابد من توضيح أننا جميعا نؤسس دولة القانون، والذى لابد أن يطبق على الجميع، وطالما هناك تطبيق للقانون على الجميع فلا يصح لأحد أن يتجرأ اويتجاوز مهما كانت الأسباب والدوافع بحسب قوله فلابد لعصر الفوضى أن ينتهى ويختفى معه ايضا الحديث عن دعوات غير قانونية كان الأولى بالفعل أن يطبق عليهم القانون لأن ما حدث من فوضى وما عشناه فى ثلاث سنوات كاملة كان لابد وأن يمضى، وبالفعل بدأنا للعودة إلى الاستقرار، وأى مزايدات أو انتهازية لأى شخص يحاول التجاوز لابد وأن يواجه ويعنف، لأن هذا هو القانون الذى لابد وأن يسرى ويسيطر فى هذه المرحلة، وكان الواضح من المخالفين له هو أنهم يحاولون البحث عن شىء مرفوض، ولو كان المتظاهرون حصلوا على إذن بالتظاهر ما تم القبض عليهم. وهاجم السادات الإعلام والصحافة، قائلا: الخطأ يقع على الصحافة والإعلام الذى يقوم بنشر أحاديث لأشخاص دون المستوى بحسب قوله ولو أن هذا الإعلام بشكل عام لم يفعل ذلك أو ينشر هذا الكلام ما كان لأحد أن ينزل إلى الشارع. ويمضى فى الحديث مسترسلا: لا يوجد ما هو أكثر من الذى نراه ونعيشه الآن، فهناك انتهازية سياسية كبيرة تسيطر على الأحداث وتطرح وجهة نظرها فقط، ولا تترك بديلا للجهات السياسية الأخرى، إما تستفيد من النظام أو أن تقول وتدعى بأنه لا توجد حريات وأن هناك قمعا سياسيا، لكن فى كل الأحوال آن الأوان أن نفهم حجم الوضع ومشاكله وهموم الشعب، لأن الشباب ليسوا وحدهم من قاموا بالثورة، الشعب هو من قام بالثورة. ويستعرض حازم منير، رئيس وحدة دعم الانتخابات بالمجلس القومى لحقوق الإنسان حالات الشباب المقبوض عليهم فى الفترات المختلفة الماضية قائلا: لابد وأن نفرق بين ما شاهدناه فى ثورتى يناير ويونيو وما بينهما، وبين ما بعد يونيو، لأن ما حدث ووقع بين الثورتين كان يعبر عن مرحلة تحول سياسية واسعة جدا، وشهدت هذه المرحلة موجات متتالية من المطالبات السياسية الحادة، وهو ما يعتبره البعض حالة استثنائية بكل المقاييس ولكن بعد 30 يونيو كانت هناك حالة مختلفة تماما، فكانت هناك استعادة للدولة ومؤسساتها وكان لابد وأن يسيطر على الأحداث السلوك الهادئ فى مواجهة المعارضة التى كانت موجودة بمعناها الصحيح فى أيام مبارك وبعده بما فى ذلك من معان سياسية، لكن الآن ما يحدث هو إرهاب وعنف وليس معارضة، لأننا لو تحدثنا عن الاعتراض بما يتعلق بالتظاهر، نجد هناك نوعين تحققا بالفعل فى مصر خلال تلك الفترات، الأول تبنى العنف وهم الإخوان المسلمون، وهناك دلائل كثيرة على ذلك، ونوع آخر مثل المعارضة السياسية بما فى ذلك من مظاهرات القوى السياسية المختلفة وقطاع من الشباب المعترض والمعارض لقانون التظاهر مثلا، لكن فى النهاية هناك القانون الذى يجب على الجميع احترامه وعدم التعدى عليه أو مخالفته خصوصا أن الفهم السياسى يجب أن يعطى معانى مختلفة، فلا يمكن المطالبة أو التمييز فى تطبيق القانون بين جهة وأخرى تتعامل بمفهوم سياسى ولابد أن نتلمس القوانين مع كل من كان يمارس فعلا سياسيا أو إرهابيا لأن تطبيق القانون فى حد ذاته مسألة محمودة، لكن السلوك غير المحمود هو تطبيق القانون على البعض ومخالفته على البعض الآخر، لذلك لابد وأن نؤكد أن هناك خطوطا حمراء لكل من تقع عليه مخالفة القانون بسلوك مرفوض، ولابد للجميع أن يخضع للمحاسبة القانونية، خصوصا أن هناك وسائل عدة للتعامل مع الاستثناءات القانونية، وهى مثلا الخروج فى نصف المدة والإفراج الصحى ووسائل قانونية أخرى كتيرة تتيح لنا التفرقة السياسية مع الحالات المختلفة، وأنا شخصيا مع مراعاة وتطبيق القانون بكل صوره، مع التأكيد على الفرق بين الفعل السياسى المقبوض عليه فى إحداث شغب وإثارة الرعب بأفعال العنف المختلفة. ويضيف منير قائلا: بعد 30 يونيو كان لابد أن يكون هناك استقرار للدولة، ولا تكون هناك مخالفة للقانون وقد تتيح عدم احترام البرلمان، وجهات التشريع، ومن يتحدث عن القمع يقدم أدلة، فليس لدينا مجال للأحاديث المرسلة بدون أدلة واضحة، فلابد أن نأتى بأدلة تؤكد أن هناك حالة من التضييق على الحريات، لأن الأمر لابد وأن يخلو من الحديث عن المخاوف والمحاذير، ولابد أن نعرف أن كل فعل لابد وأن يرتبط بدلائل ووقائع، فإذا كان البعض يعتبر مظاهرات الإخوان سياسية يأتى بالدليل على ذلك . وتساءل: منير هل مازلنا فى مرحلة الثورة أم أنها انتهت؟ خصوصا أن الفعل الثورى له مراحل ولابد أن يكون حالة تنتهى، حتى تستمر الدولة فى الإطار الإيجابى ويصبح هناك نتيجة للأحداث السياسية السابقة، لذلك لابد أن نتوقف عن الثورة، لأنه لو استمرت بشكل دائم لن تقوم الدولة ولن يكون هناك استقرار للأوضاع بأى شكل من الأشكال، لأن النكتة التى نسمعها ونراها حاليا هى أن حتى بعد الحكم ببراءة مبارك نزلت عدة مظاهرات ضمت أعدادا قليلة جدا بحسب قوله لكن الشعب لم ينزل وأغلبهم تظاهر لمدة ساعتين فى ميدان التحرير والأمن ألقى عددا من القنابل المسيلة للدموع وانتهى الأمر، وهذا معناه أن الشعب وهو من قام بالثورة رافض التظاهر، والنزول وهو الدليل أن الجميع يريد عودة الدولة من جديد بمؤسساتها المختلفة وبرلمانها وأحزابها. ويرفض أحمد سميح، رئيس مركز الأندلس لحقوق الإنسان وصف ما يحدث بداخل السجون بالعتقال السياسى قائلا: ليس لدينا معتقلون سياسيا لأننا لدينا ما هو أسوأ، ألا وهو الحبس الاحتياطى بدون تحقيق لمدة تتجاوز الستة والثمانية أشهر، وقد رأيت بنفسى حالات يتم القبض عليها فى حوادث ووقائع مختلفة ويدخلون قسم الشرطة ويجدد لهم ثمانية أشهر فى أخرى، لكن المعروف عن الاعتقال السياسى أنه اعتقال تحفظى لمدة شهر أو اثنين، فيتم القبض على عدد كبير من المحبوسين بشكل احتياطى على ذمة قضايا لم يحقق فيها أصلا من قبل وزارة الداخلية، ومشكلتنا أنه مع هذا القرار الصادر من قبل النيابة والسلطة، أن من يتم التحقيق معه فى القضايا لابد ألا يستغرق حبسه أكثر من ستة أشهر، لكننا نجد النيابة تحكم ببدء صدور القانون برغم أنه قد تم القبض على الشباب قبل صدور هذا القانون بفترة طويلة، لكننا نبدأ فى العد مع صدور القرار وليس منذ القبض على المحبوس احتياطيا، وكل حالة مختلفة وهو ما تم فى كل القضايا تقريبا، خصوصا قضية مجلس الشورى ويحاول المحامون بذل مجهود كبير مع النيابة العامة، والتى قد تترك القضايا فترات نظرا لمسئولياتها الضخمة. ويمضى فى الحديث سميح قائلا: كما أن المشكلة الكبيرة فى الحبس الاحتياطى أن الاعتقال السياسى لابد وأن يصدر من قبل وزير الداخلية، لكن الأغلبية العظمى على ذمة قضايا لم يتم التحقيق فيها، كما أن التحقيقات لن تنتهى ولن تذهب إلى المحكمة أصلا.