السيد رشاد الحرف التقليدية هى فنون الماضى التى من الممكن أن ترسم صورة أفضل كثيرا لمستقبل مصر التى نريدها، لكننا مع الأسف أهملنا هذا القطاع المهم عقودا طويلة، حيث تغافلت الدولة عن وضعه ضمن إستراتيجية التنمية الشاملة لديها ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، برغم أنه قادر على تغيير وجه الحياة فى مصر وإحداث نقلة حضارية واجتماعية واقتصادية كبيرة، فى وقت قصير وبتكلفة زهيدة، حتى جاء افتتاح المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء برافقة سبعة وزراء للمهرجان القومى السابع للحرف الذى تجرى فاعلياته الآن فى قصر الفنون بدار الأوبرا ويستمر حتى نهاية أغسطس الجارى، جاء ليعلن عن اهتمام غير مسبوق من الدولة المصرية بقطاع الحرف والحرفيين، تجلى ذلك فى تقديم مشروع قومى للنهوض بالحرف وملايين العاملين بها، وإيجاد مداخل جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو مشروع المجلس الأعلى للحرف التقليدية بمصر، الذى سيناقشه المهندس إبراهيم محلب ومجموعة الوزراء المختصين خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد أن شاهدوا روعة الإبداع الحرفى المصرى فى مختلف الحرف، وتفوقها على نظيرتها الأجنبية. عن المشروع يقول الناقد والفنان عز الدين نجيب رئيس المهرجان، ورئيس جمعية أصالة ومقدم المشروع: هذا المشروع هو طريق الخلاص من أجل بقاء واستمرار الحرف التقليدية وتحقيق أهدافها، وهو الهدف الذى قاتلنا طويلا لتحقيقه منذ قيام ثورة يناير، حيث تم تقديمه لكل وزراء الثقافة ورؤساء مجلس الوزراء السابقين الذين انبهروا به، ثم تركوه حبيس أدراجهم، حتى جاء مهرجان الحرف هذا العام وتم طرحه على كل من د. جابر عصفور وزير الثقافة والمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، وستعقد قريبا جدا سلسلة اجتماعات لمناقشة تفاصيله فى مجلس الوزراء. أوضح عز الدين نجيب أن المشروع يقوم على إنشاء جهاز قومى تحت مسمى «المجلس الأعلى للحرف التقليدية» يتبع مباشرة رئيس الوزراء، ويخصص له صندوق للتنمية يتم فيه جمع الموارد المخصصة بالفعل لهذا الغرض ومبعثرة على العديد من الجهات الحكومية، وأن تتولى إدارة المجلس مجموعة من الخبراء فى مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى جانب قيادات بنوك التنمية المتعددة، والقيادات المختصة بوزارات الثقافة والتضامن الاجتماعى والشباب والسياحة والتربية والتعليم والتنمية المحلية وبعض قيادات المؤسسات الأهلية ذات الصلة. أضاف رئيس المهرجان: هذا المجلس سوف يتبنى سياسة شاملة للنهوض بالحرف التقليدية من خلال وضع البنية الأساسية لمراكز حرفية إنتاجية فى مختلف المحافظات، تعتمد على استغلال الأماكن المتاحة بمراكز الشباب وقصور الثقافة والنوادى الرياضية ومدارس التعليم الصناعى ومواقع العرض السياحى ومقار الجمعيات الأهلية وغيرها. مع التزام البنوك وصناديق التنمية ووزارات الثقافة والسياحة والشباب والتعليم والصناعة بتخصيص جانب من الميزانيات اللازمة للمشروع، فى إطار المشاركة الضرورية فى تنمية الوطن، إلى جانب مشاركات رجال الأعمال والمستثمرين. أيضا تنظيم برامج للتدريب على مختلف الحرف فى الأماكن التى يتم تخصيصها، وإقامة مراكز إنتاج فى المناطق الجغرافية طبقا للخامات الطبيعية المتوافرة، والحرف المتوارثة، والخبرات المدربة، وكذلك تأسيس شركة لتسويق المنتجات الحرفية فى الداخل والخارج تقوم بتقديم منح إنتاجية صغيرة للمنتجين الصغار من الحرفيين، يتم خصمه من عائد بيع إنتاجهم، على أن تتولى الشركة تأسيس منافذ عرض للمنتجات التراثية فى أماكن مختلفة محليا وخارجيا، وأن تضع معايير للجودة لقياس قيمة هذه المنتجات وتحديد أسعارها وقدرتها على المنافسة فى الأسواق العالمية. ودعا نجيب إلى إنشاء مراكز للأبحاث والإحصاء والدراسات الميدانية لوضع قواعد بيانات الحرف، وتوثيقها لحمايتها من الاندثار وتطوير تصميماتها لتواكب العصر والمساعدة على إقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر للشباب والمواطنين فى مجال إقاماتهم بتوفير التسهيلات الممكنة والدعم الضرورى لممارسة عملهم الحرفى بشكل مستقل. شدد المشروع أيضا على ضرورة إنشاء نقابة كبرى للمشتغلين بالحرف مع تشجيع إقامة الروابط والجمعيات الأهلية الخاصة بهم، تسعى لتوفير مظلة تأمين اجتماعى واقتصادى وصحى لهؤلاء الفنانين، وإضافة مادة الحرف التقليدية إلى مناهج التعليم بالمراحل المختلفة، وإفراد أقسام خاصة بها فى مدارس ومعاهد وكليات التعليم الفنى والصناعى، بما يؤهل الطلبة للاشتغال بها فى المستقبل، مع السعى لإقامة مدينة الحرف التقليدية بمنطقة الفسطاط التى صدر قرار بشأنها منذ 12 عاما ولم ينفذ. وأكد عز الدين نجيب أن المشروع يقدم على تسع عائلات حرفية هى الحرف النسيجية والتطريزية والخشبية والمعدنية والحجرية والفخارية والجلدية والزجاجية والنخيلية، وأن هذا المشروع سيوفر دخلا منتظما لملايين العاملين وأسرهم من عائد إنتاج حقيقى، إضافة إلى دخل كبير من العملات الصعبة للاقتصاد المصرى من عائد بيع هذه المنتجات فى الخارج، فضلا عن أنه يؤكد مجددا الوجه الحضارى والثقافى لمصر فى المحافل الدولية غير إقامة المعارض الحرفية والمواقع السياحية، بجانب تقوية الشعور بالانتماء والاعتزاز القومى للمصريين بإدخال المنتجات الحرفية المصرية فى صميم حياتهم اليومية وتوظيفها فى الأغراض المعيشية والجمالية معا. أشار عز الدين نجيب رئيس المهرجان إلى أن من أهم أهداف هذا المهرجان، هو أن تنتقل بقطاع الحرف من مجرد عرض أعمال الحرفيين إلى دفعها لإنشاء هذا البناء المؤسس «المجلس الأعلى للحرف» لكى يعظم العائد منها ويعظم حركتها بشكل منهجى، وهو المشروع الذى تحاول جمعية أصالة منذ قيام ثورة يناير أن تحصل على الموافقة بإقامته تحت مظلة مجلس الوزراء، مما يدل على اهتمام حكومة المهندس إبراهيم محلب بتغيير الوضع اليائس للحرفيين، وتحقيق الهدف الأهم لهذا المهرجان الذى كان هدفا إستراتيجيا لجمعية أصالة منذ سنوات طويلة، وقاتلت لاستمراره سنويا منذ فترة قيامى بتولى مسئولية الحرف التراثية بوزارة الثقافة التى انتهت بإنشاء إدارة مركزية للحرف التراثية بقطاع الفنون، لكن إشراف مجلس الوزراء على المهرجان هذا العام فتح الطريق لإزالة المعوقات البيروقراطية، ليدير هذه المؤسسة مجلس أمناء من الخبراء باحتر افية وديمقراطية وخبرة تحقق سياسات الدولة ومصالح الحرف والحرفيين معا من خلال المجلس الأعلى للحرف الذى هو على مائدة رئيس الوزراء الآن.