وفاء فراج مشهد متكرر ونزيف لا ينتهي لأبناء أهالي غزة، كلما قررت إسرائيل أن تلهو بأقدارهم وتنتهك أرضهم، ففي الدور الرابع في مستشفي معهد ناصر وكذلك الدور الخامس في مستشفي الهرم يتلقى مصابو غزة العلاج بعد أن أصيب معظمهم بطلقات نارية وشظايا القنابل والقذائف الحربية داخل منازلهم خلال العدوان على عشرات من الحالات الحرجة استقبلتهم المستشفيات المصرية حوالي عشرات الحالات في مستشفي معهد ناصر ومستشفي الهرم وما يفوق ال100 حالة في مستشفي العريش، تتنوع إصابتهم ما بين فقدان للنظر وحروق وتشوه وبتر أطراف وتهتك للأجهزة الحيوية في أجسامهم وبرغم ذلك فما شاهدناه منهم في زيارتنا لهم كان مثالا للإصرار علي الاستمرار في المقاومة والرضا بقدر الله بالابتسامة والإيمان بالنصر في يوم قريب،حتي إنه وبشهادة الأطباء المعالجين يؤكدون أن تلك الهجمة هي الأشرس علي غزة منذ بدأت الهجمات خلال السنوات الأخيرة، خصوصا أن الهجمات استهدفت النساء والأطفال، وكذا مستقبل مصر لأول مرة عدد كبير من النساء والأطفال في حالات حرجة جدا. بابتسامة أمل استقبلتنا «سماح أحمد» 17 سنة من رفح في غزة لتقول: كنت جالسة داخل البيت مع أسرتي المكونة من 7 أفراد وتم قصف بيتنا بطائرة إف 16 الصاروخية وتم إنقاذنا بصعوبة من تحت الأنقاض مضيفة: كل أهلي مصابون وموزعون في مستشفيات مختلفة ما بين غزة ومصر وقد فقدت عيني وكسرت يدي وقدمي وجسمي مليىء بالجروح والشظايا. جمعهم العيد وفرقهم القصف الإسرائيلي تجمعوا ليحتفلوا بالعيد فكانت يد إسرائيل الغاشمة أسرع لتفرقهم ففي قصف صاروخي يستشهد 8 أشخاص ويصاب 14 شخصا من أسرة واحدة، ويروي لنا إسلام عبدالله أحد أفراد تلك الأسرة والمصاب هو ابنته وأمه وأولاد أخيه في مستشفي معهد ناصر، قائلا: تركنا منزلنا منذ بداية القصف لنتشتت علي منازل قري غزة إلي أن جاء العيد وقررنا التجمع في منزلنا جميعا كأسرة لنفرح بالعيد ونقضيه معا فكان موعدنا مع القدر، حيث لم يمهلنا الجيش الإسرائيلي الوقت وضرب بيتنا المكون من 5 أدوار بالكامل أول أيام العيد، مشيرا إلي والدته التي فقدت القدرة علي التحدث والتواصل بعد أن استقرت قذيفة صاروخية في بطنها، أدت إلي تهتك في أمعائها ومعدتها وقولونها وكبدها متمنيا أن يرحمها الله من عذابها وآلامها الرهيب كل يوم لتلحق بباقي أبنائها الشهداء، كما أشار إلي ابنته ميار ذات السنة ونصف السنة التي تلعب بجواره علي السرير غير واعية أنه تم استئصال أصابع قدميها، لينظر من حوله ، متسائلا لما يحدث كل هذا في المدنيين المساكين ، وإلي متي سيظل أهالي غزة يعيشون مهددين بالموت والتشرد؟. الحاج عبد الله الغزاوي جد الطفلين معتصم ورؤي الذين لم يتعدي عمرهما العاشرة بعد أن قصف منزلهم بثلاث صواريخ نتج عنه إصابة الطفل معتصم بكسور متعددة في الحوض والساق، أما الطفلة رؤي فقد أصابتها شظايا صاروخ في بطنها فأدت إلي تهتك كامل لجهازها المعوي بالكامل، ويقول عبدالله: أتألم لألم أحفادي فهم أصغر من أن يعبروا أو يفهموا معني الألم لذلك أطالب من الأطباء والتمريض في مصر، لأن يعطوا عناية خاصة للأطفال المصابين فدموعهم لا تنقطع من شدة الألم . متعجبا مما يعانوه أهل غزة من ويلات الحرب وعند الساسة مع بعضهم البعض، خصوصا أن الضرب لم يستهدف ولا أي مرة أعضاء المقاومة أو حماس، ولكن دائما المدنيين الأبرياء هم الهدف. لست نادما وسأنضم للمقاومة فادي ياسين 24 سنة عامل في بنزينة من منطقة الزيتون في غزة الذي لا تكاد أن تنظر إليه إلا لتتجسد أمامك جرائم الحرب الذي تقوم بها القوات الإسرائيلية، حيث لا تري ملامح وجهه جراء التشويه الذي حدث له، بالإضافة إلي أنه فقد إحدي عينية وتآكل جسده وتحطم ما تبقي من عظامه جراء سقوط صاروخ قاتل عليه، ويحكي فادي بأنفاس متقطعة ما حدث ويقول: كنت أنا وصديقي ننقل المصابين إلي المستشقيات وفي إحدي المرات التي كنا ننقل فيها المصابين في سيارة صديقي، ترصدنا صاروخ من طائرة إسرائيلية واخترق السيارة التي كان بها 5 أفراد فمات صديقي علي الفور، ويضيف فادي بإصرار وعزيمة قائلا: برغم ما حدث لي ولكني غير نادم علي محاولتي إنقاذ أهلي وأشقائي ولو عاد الزمن لكررت نفس العمل وعندما أشفي من مرضي سأنضم للمقاومة لمحاربة العدو الصهيوني. أما ميادة سالم 14عاما من منطقة الزيتون فى غزة والتي رفضت التصوير والكلام بعد أن بترت قدماها وإحدي ذراعيها والتي بات المستقبل أمامها مظلما فتقول والدتها بدموع لم تتوقف: لقد قصف بيتنا ونحن بداخله واستشهدت علي الفور ابنتي الكبري وفقدت ميادة أطرافها ولا أعرف ماذا افعل وأنتظر مع ابنتي في المستشفي في القاهرة أم أرجع إلي غزة لمساعدة باقي أولادي الناجين من القصف والذين يعيشون بمفردهم الآن وسط الحرب والدمار. سلاح أطفال غزة للمقاومة بشجاعة نادرة يقول: محمد الزيد ابن ال 14 عاما الموجود في مستشفي الهرم: أصابتني شظايا القنابل وأخرجت أحشائي أمامي علي الأرض بعد أن شاهدت المدافع تدمر منزل جيراني فهرعت لإنقاذ أهل المنزل، وبالفعل أنقذت طفلا صغيرا من تحت الأنقاض وعندما وجدت الطلقات والمدافع موجهة تجاه أخي الأكبر الذي كان يحاول إنقاذ الجيران معي ففديته بجسدي وأخذت القذيقة بدلا منه، ويضيف محمد أدعو الله الشفاء سريعا لأعود إلي بلادي لأحمل الحجارة لتحرير وطني وأشارك أهلي في مقاومتهم للعدوان الإسرائيلي. حتي المدارس لم تسلم من القصف الصهيوني هكذا يقول: شعبان الأدهم 48 عاما الذي يحتمي هو أسرته والكثير من أهالي غزة الذين هدمت منازلهم في المدارس ومخيمات الإيواء لمنظمة «الإونروا» ويصف ما حدث قائلا: أثناء نومنا ومع اقتراب الفجر فوجئنا ودون سابق إنذار بوابل من الصواريخ تنهال علي ساحة وفصول المدرسة التي يحتمي بها الأطفال والنساء والشيوخ ، فلم أشعر بنفسي سوي وأنا مستلق على أحد الأسرة في المستشفي مصابا في معظم قدمي بجروح وشظايا.