حوار: سوزى الجنيدى أكد السفير ناصر كامل، مساعد وزير الخارجية للشئون العربية أن مصر ستعود بقوة وفاعلية إلى محيطها العربى فى الفترة المقبلة، مشيرا فى حديثه ل «الأهرام العربى» أن مصر ستضطلع بدور فاعل وبناء ومؤثر فى محيطها العربى، وهو ما ظهر كعنوان رئيسى ظاهر بقوة فى تصريحات الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسى، وكذلك فى تصريحات وزير الخارحية نبيل فهمى، مؤكدا أن المرتكز الوطنى العربى لا يعنى بأى حال من الأحوال أن مصر ستتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، مضيفا بأن مصر تؤمن أن اللاعبين الإقليميين عليهم مسئولية كبيرة فى محاولة الوصول بسوريا إلى بر الأمان عبر الوصول إلى تطبيق حل سياسى وأن هناك مسئولية على الأطراف الإقليمية فى إطار علاقتها بكل أطراف الأزمة للضغط عليهم للوصول إلى حل يسمح بحلحلة الأزمة، ومؤكدا ل «الأهرام العربى» أن العنصر الحاكم للموقف المصرى فى ملف ليبيا هو عدم التدخل فى الشئون الداخلية والتركيز على إطار الجامعة العربية، معربا عن أمله أن يقوم الأشقاء فى ليبيا بإعلاء مصالح الدولة الليبية لتأمين الاستقرار للشعب الليبى وإبعاد شبح التطرف. كيف ترى مستقبل العلاقات المصرية - العربية فى الفترة المقبلة بعد انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى؟ لابد مبدئيا أن نتحدث عن االرؤية العربية لمصر بعد 30 يونيو، فهناك إجماع وطنى على أن الحاضنة العربية هى نقطة الارتكاز للسياسة الخارجية لمصر إلى جانب تعزيز العلاقات مع الأشقاء فى القارة الإفريقية وأن لدى مصر ما تقدمه للأشقاء العرب من أجل رفعة الأمة العربية، وقد جاءت المواقف العربية المساندة لمصر لتؤكد الدعم العربى للاختيار الديمقراطى للشعب المصرى فى 30 يونيو ولأهداف ثورة يونيو وخريطة الطريق التى أسفرت عن انتخاب المشير عبد الفتاح السيسى بأغلبية كبيرة، وكل تلك الرسائل هى ترجمة لقناعة أن الهوية الوطنية والعربية لابد أن تسمو لكى تكون هى المحرك الأساسى فى مواجهة دعوات الطائفية والجهوية والطائفية والتنظيمات العابرة للحدود، فالشعب المصرى انحاز وبوضوح لفكرة إعلاء المصلحة القومية لمصر والهوية العربية، وبالتالى فإن الإطار الحاكم للسياسة المصرية عقب انتخاب المشير عبد الفتاح السيسى هو إعلاء الهوية العربية كعنوان رئيسى خلافا للبعض الذى يقوم بإعلاء مشاريع أخرى مذهبية أو طائفية أو مشروعات عابرة للحدود، ولا يعنى التركيز على الهوية العربية بأى حال من الأحوال أن مصر ستتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى وإنما انحياز مصر سيكون لهذا النموذج الحضارى الجامع هل ستتم ترجمة ذلك إلى سياسة خارجية نشطة فى المجال العربى ؟ بالتأكيد أن الفترة المقبلة ستسلتزم بالضرورة سياسة خارجية نشطة فى العالم العربى سواء فى المشرق أو المغرب أم الخليجى العربى، وهى سياسة تنطلق من إحساس مصر بأهمية دورها ودعم الأشقاء العرب لها، ما يعنى انحياز العالم العربى فى مجمله لهذه الرؤية المصرية، خصوصا أن عودة مصر بقوة إلى العالم العربى تشكل نقطة أساسية فى اختيارات الشعب المصرى وقياداتة وبالتالى فان هناك ترابطا عضوياً بين المشروع المصرى لدعم الهوية العربية والقناعة العربية بأهمية هذا المشروع. البعض يرى أن التاريخ قد يعيد نفسه بالنسبة للتأكيد على القومية العربية، فهل هذا صحيح؟ لقد ذكرت فى حديثى الهوية العربية فى إطار حضارى وأعتقد أن هناك إيمانا مصرياً وبأهمية منظومة العمل العربى المشترك، ونحن نلمس قبولاً لهذه الطرح فى العالم العربى، ونحن لا نتحدث عن وحدة بل عن تعاون وتنسيق، ويرتكز الطرح المصرى على أن مصر ستمد يدها بشكل منفتح لجميع الأشقاء العرب لتطوير منظومة عربية شاملة تحقق الاستقرار وزيادة فرص التنمية المستدامة لما يحقق مصالح العرب وأمنهم القومي، كيف ترى مستقبل العلاقات مع دول الخليج العربى تحديدا؟ إن المناخ مهيأ لعلاقات أقوى مع دول الخليج، خصوصا أن معظمها كان له دور رائع ومقدر تماماً لدى القاعدة السياسية والشعبية المصرية بدعمهم وانحيازهم لخيارات الشعب المصرى الذى لن ينسى هذه المواقف النبيلة من بعض الأشقاء فى الخليج، وهناك إدراك بأن العلاقات مع دول الخليج مهمة بأن تعظيم التعاون والتكامل مع هذه المنطقة الحيوية مهم جدا للأمن القومى المصرى ولأمن الخليج والمنطقة العربية، بالإضافة لأن ما لدى هذه الدول ومصر من إمكانيات هائلة يوفر مساحة كبيرة من التنمية والتعاون والتكامل وسيعود بالفائدة على الأشقاء فى الخليج ومصر . وما الموقف بالنسبة للعلاقات المصرية مع دول المغرب العربى؟ مصر لديها مع المغرب العربى علاقات متميزة، وهناك مواقف لا تنسى لتلك الدول لدعم مصر، فمثلا لدينا مع موريتانيا علاقات متميزة وقد بذل رئيس موريتانيا والذى ترأس حاليا الاتحاد الإفريقى جهدا كبيرا لدعم مصر ومن أجل عودتها لممارسة نشاطها فى الاتحاد الإفريقى، وكذلك كان هناك دعم كبير لمصر من العاهل المغربى الملك محمد السادس وأيضا دعم القيادة الجزائرية ولا ننسى تهنئة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للمشير عبد الفتاح السيسى فور صدور المؤشرات بفوزه فى الانتخابات، وكل ذلك يوضح مدى دعم دول المغرب العربى لمصر ولرؤية القيادة المصرية الجديدة فى دعم منظومة العمل العربى المشترك مما سيفتح آفاقا واسعة للتكامل، خصوصا أن إمكانات التكامل أكبر من مساحة التنافس، وأيضا فى المجمل العام نحن نلمس نفس الارتياح لخيار الشعب المصرى فى العراق ولبنان. هناك أزمات فى ملف ليبيا وسوريا وهى دول مهمة لمصر فهل ستكون هناك رؤية لكيفية التحرك فى الفترة المقبلة؟ نشهد حالة عدم استقرار فى ملفى ليبيا وسوريا وهناك حاجة لأن يكون لمصر دور فاعل فى إطار دول الجوار فى محاولة الخروج من الأزمات التى تتعرض لها ليبيا كدولة جوار عربية أو فى إطار إقليمى فى ملف سوريا كدولة عربية مهمة من أجل تأمين عودة الاستقرار لهاتين الدولتين، ويرتكز الطرح المصرى على إعلاء الهوية العربية للتغلب على العديد مما تشهده سوريا من مخاطر الطائفية والتقسيم، فسوريا مازالت فى مأزق يزداد حدة فى ظل انسداد أفق الحل السياسى الذى يشكل الحل الوحيد الممكن فى ظل هذه الأزمة نظرا لعدم استطاعة أى طرف الحسم فى مواجهة الطرف الآخر، والموقف المصرى يحكمه مبدأ أهمية الحفاظ على وحدة أراضى سوريا والحفاظ على الدولة وعلى وحدتها وصيغة العيش المشترك بين أبنائه فى إطار ديمقراطى تعددى، ويتسق هذا الطرح إن لم يتطابق مع وثيقة جنيف الذى قبلها كل من النظام والمعارضة معا، لكن للأسف لم يتم ترجمة هذا الطرح إلى عملية سياسية قادرة على الحل، بل على العكس فشلت جولة المفاوضات الأخيرة واستقال المبعوث الأممى الأخضر الإبراهيمى، ونخشى أن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من إراقة الدماء وسقوط الضحايا بما يهدد وحدة سوريا ويفاقم واحدة من أكبر مشكلات اللاجئين التى واجهها العالم فى العصر الحديث، لهذا فإن مصر تؤمن بأن اللاعبين الإقليميين عليهم مسئولية كبيرة فى محاولة الوصول بسوريا إلى بر الأمان عبر الوصول إلى تطبيق حل سياسى، وهناك مسئولية على الأطراف الإقليمية فى إطار علاقتها بجميع أطراف الأزمة بالضغط عليهم للوصول إلى حل يسمح بحلحلة الأزمة. هل ستقوم مصر فى الفترة المقبلة بمزيد من التنسيق حول الملف الليبى؟ مصر فى إطار سياستها المبدئية ترفض التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، لهذا فهى تطبق نفس المبدأ فى ليبيا كما هي الحال فى تعاملها مع قضايا عديدة أخرى ومصر تفضل أن يتم التعامل مع الملف الليبى فى إطار الجامعة العربية ومنظومة دول الجوار لأنها الأقدر على التعامل مع التحديات التى تواجهها ليبيا، كما أن مصر دائماً ما تؤكد أنها ضد التدويل للوضع فى ليبيا، وبالتالى فإن العنصر الحاكم للموقف المصرى فى ملف ليبيا هو عدم التدخل فى الشئون الداخلية والتركيز على إطار الجامعة العربية ودول الجوار. كانت هناك خلافات مع السودان فى ملفى حلايب وسد النهضة، فهل من المنتظر بذل الجهد لإزالة بعض تلك الخلافات؟ شهدت الفترة الأخيرة تفعيلاً حقيقىاً للعلاقات مع الإخوة فى السودان وتم اتخاذ الإجراءات التى تؤدى إلى فتح المعابر وتعزيز التعاون الاقتصادى مما يؤشر لطفرة فى العلاقات بين أبناء وادى النيل ولدى مصر آمال عريضة للارتقاء بكل العلاقات مع السودان هذا ا البلد المهم والمحورى لمصر . يعتبر هدف مكافحة الإرهاب ملفا رئيسياً فى العلاقات مع العديد من الدول فى الفترة المقبلة، فهل سيكون هناك تعاون مصرى عربى فى إطار هذا الملف؟ بالتأكيد فإن مكافحة الإرهاب يعتبر ملفا رئيسياً نظرا للتأثير السلبى للإرهاب على التنمية، ولن يكون هناك استقرار حقيقى طالما بقى خطر الإرهاب يواجهنا جميعا، وهو خطر حقيقى وموجود سواء بشكل سافر لدى بعض الدول أو حتى أو مستتر لدى دول أخرى، ولهذا فبدون تنسيق عربى لمكافحة الإرهاب سيصعب تحقيق مواجهة قوية لهذا الخطر الموجود فى العالم العربى، والنقطة الإيجابية أن هناك وعياً عربياً وتجاوباً مع كل أطروحات الجامعة العربية للتوصل لإستراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب، وقد كانت هناك استجابة كاملة من الأشقاء العرب لمبادرة الرئيس السابق عدلى منصور وهو ملف مرشح بقوة للتنسيق والنعاون مصريا عربيا فى الفترة المقبلة. وماذا عن العلاقات المصرية - القطرية؟ أحيلك لتصريح الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما كان لايزال مرشحا فى قناة سكاى نيوز عربية عندما قال عن الخلافات إن: «قطر هى من تسأل عن ذلك، وليس نحن»، مضيفا أن مصر لم تبدأ الخلافات مع قطر، لكى تبادر بتسويتها،كما أكد أن مصر تحترم جميع الدول، وترفض التدخل فى شئون أى دولة، قائلا: «مصر لا تتدخل فى شئون أحد، ولن يستطيع أحد التدخل فى شئونها مرة أخرى، وكل واحد يخليه فى حاله». وهو ما يعد فى حد ذاته تعبيراً واضحاً وفى مدلولاته ولا أستطيع أن أضيف إليه الكثير فى هذه المرحلة.