مصطفى عبادة لأننا كنا صادقين، ولم نتجن علي المركز القومي للترجمة ومديرته رشا إسماعيل بعد ارتكابها العديد من المخالفات التى نشرناها بالمستندات. نجحنا لأننا كنا نبحث عن عمل ثقافى جاد، لا يخضع للمجاملات، ويتعامل بإنسانية مع مقدم الخدمة الثقافية ولا يهينه، ولأننا دافعنا عن العاملين في المركز وسمعته كمنشأة ثقافية في الوطن العربي، وحرصاً علي مستقبل الترجمة فى مصر، نجحنا. لم يكن بيننا وبين رشا إسماعيل، مدير المركز السابق، أي أمر شخصي، ولم أكن أعرفها أو تعرفني، وليس لمجلة «الأهرام العربي» أية مصلحة مع المركز، من أي نوع، ولم نكتب حرفاً واحداً، علي مدار ثلاثة أعداد، استمرت الحملة فيها شهراً ونصف الشهر، لم نكتب حرفاً واحداً ليس عليه دليل، ودون مبالغة أو تهويل، ذكرنا الحقائق من واقع الأوراق والمستندات المنشورة، وهناك معلومات كثيرة نعرفها، ولم ننشرها، لأن أوراقها ومستنداتها لم تتوافر لنا، وسيأتي وقتها، لكل ذلك نجحت حملة «الأهرام العربي»، وتم تعيين مدير جديد للمركز القومي للترجمة، هو واحد من المترجمين الأكفاء والمشهود لهم بالنزاهة: أنور مغيث. والموضوعية تقتضي أن نعترف بأن الوزير صابر عرب، الذي هاجمناه بسبب تخبط وعشوائية رشا إسماعيل، يحسب له أن تجرأ واتخذ القرار الصائب والصعب في الوقت نفسه، وأنهي انتداب رشا بعد أن طلب منها مكتبه أن تتقدم باستقالتها، حفظاً لماء وجهها، وكما هاجمناه، نعترف له بأنه فعل الصواب، بعد أن تبين له صدق ما كتبناه هنا، وبعد أن لمس مندوبه محمد أبوسعدة، عشوائية رشا إسماعيل، ولمس بنفسه غضب العاملين ضدها، وأنها فضلت صديقتها: سهير قطب وعزة شبل، علي جميع العاملين في المركز، ومنحتهما كل الامتيازات المعنوية والمادية، سنشرح بعد قليل كم الأكاذيب التي وردت في استقالة رشا إسماعيل المقدمة إلي وزير الثقافة، والتي بناء عليها تم إنهاء ندبها، لأنهما ذكرتهما وحدهما بالاسم وتجاهلت 156 عاملاً، هم جملة العاملين في المركز، وهم معاونوها في أي كتاب صدر، وكأنها، كما تدعي أصدرت وحدها 180 كتاباً مع صديقتها، مع أنها لم تصدر سوي 85 كتاباً فقط، والباقي ورثته من عهد كاميليا صبحي. المهم أن وزير الثقافة استجاب للأصوات العاقلة التي فضحت عشوائية مدير المركز السابق واتخذ القرار، وهو أمر أفضل كثيراً من حالة الصمت التي كان يصر عليها، لا سيما أن قرار إنهاء ندبها جاء بعد تجديد انتدابها بشهر واحد، لذا كانت النصيحة بالاستقالة التي أرادتها د. رشا إسماعيل "استقالة مسببة"، واعتمادها علي أهل الثقة، بدل أهل الخبرة، الغريب في الأمر أن رشا إسماعيل، علي طريقة الإخوان، استخدمت الآيات القرآنية في غير موضعها، وتجنت علي زملائها والعاملين في المركز، بل علي وزارة الثقافة كلها، وأفصحت عن إخوانيتها الكامنة، حينما ختمت استقالتها بالآية القرآنية "ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً، وأجعل لنا من لدنك نصيراً". في عصر يوم الخميس التاسع والعشرين من مايو الماضي، اتصل بي بعض العاملين في المركز، وهم في حال فرح غامر وأخبروني بوصول قرار وزير الثقافة بإنهاء ندب د. رشا إسماعيل، وعودتها إلي جامعة القاهرة، وطلبوا مني الحضور لمشاهدة فرحة العاملين علي الطبيعة، وأرادوا توجيه الشكر لمجلة "الأهرام العربي" التي وقفت معهم في محنتهم، وطالبوا بعودة زملائهم الذين أنهت رشا انتدابهم، لكن جرت مياه كثيرة في النهر، منذ أنهي العاملون اعتصامهم وسمحوا لمدير المركز بالدخول، وأدت فى الوصول إلي اللحظة الراهنة التي هي أن المركز القومي للترجمة دون رشا إسماعيل، بعد ثلاثة عشر شهراً بالتمام والكمال من التخبط والعشوائية والفشل. الواقعة الأولي تمثلت في القرار 385 لسنة 2014، الصادر من وزير الثقافة بإلغاء تفويض د. رشا إسماعيل مدير المركز القومي للترجمة، بسلطات الوزير في الشئون المالية والإدارية، وسلطات الوزير الواردة في القانون رقم 89 لسنة 1998، بتنظيم المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية، وذلك فيما يخص المركز القومي للترجمة والصادر بشأنها قرار وزير الثقافة رقم 260 لسنة 2013. كان هذا القرار هو الخطوة الأولي في تقليص صلاحيات رشا إسماعيل، وتحويلها إلي مدير بلا اختصاصات، مدير صوري، وكنوع من الضغط عليها للاستقالة واعترافاً بتخبطها الإداري والمالي، وتفويض الصلاحيات نفسها لمحمد أبوسعدة، المشرف علي مكتب الوزير وصندوق التنمية الثقافية. تمثلت الخطوة الثانية في حرمان مدير المركز من "أنتيمتها" والمتحكمة في كل قراراتها: سهير قطب، وبذلك شعرت رشا إسماعيل بأنها وحيدة، ولأنها لا تستطيع الإدارة بنفسها، بل بالآخرين، كان قرار الاستقالة، فقد أصدر وزير الثقافة القرار 386 لاحظ أنه القرار التالي مباشرة للقرار السابق بتقليص صلاحياتها، والقراران صادران في يوم واحد، يوم 18 مايو 2014، المهم أن القرار 386 لسنة 2014، والصادر من مكتب وزير الثقافة نص علي: "تكلف السيدة سهير محمد عبدالغني قطب، بالدرجة الثالثة التخصصية بالمركز القومي للترجمة للعمل بمكتب أمين عام المجلس الأعلي للثقافة اعتباراً من صدور هذا القرار..وهكذا أصبحت كل الطرق تؤدي إلي مغادرة د. رشا إسماعيل للمركز القومي للترجمة وقد كان، فبعد عشرة أيام من القرارين السابقين 385 و 386، وبالتحديد يوم الأربعاء 28 مايو الماضي أصدر الوزير قراراً بإنهاء ندب رشا إسماعيل بالقرار رقم 421 والذي نص علي: إنهاء ندب الدكتورة رشا أحمد علي إسماعيل، الأستاذ بقسم اللغة الإسبانية وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة من العمل مديراً للمركز القومي للترجمة وعودتها إلي عملها الأصلي، اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار، ووصل القرار بصيغته التنفيذية إلي المركز القومي للترجمة برقم صادر 3456 بتاريخ 29 مايو الماضي، لتطوي بذلك صفحة من الصفحات السوداء في مسيرة المركز القومي للترجمة استمرت 13 شهراً، هي فترة عمل د. رشا إسماعيل. قدمت د. رشا إسماعيل استقالتها إلي وزير الثقافة بتاريخ 25 مايو الماضي، بعد أسبوع واحد فقط، من صدور قراري الوزير، بتقليص صلاحياتها، وبإنهاء ندب سهير قطب، وفي هذه الاستقالة لعبت رشا إسماعيل دور الضحية بامتياز، وصورت نفسها علي أنها سوبر مان الثقافة والمنقذ من الضلال في مجال الترجمة: ولم أعط الفرصة كاملة لنجاح التجربة كقيادة شابة داخل وزارة الثقافة، بنص كلامها، وكأن ثلاثة عشر شهراً غير كافية لإثبات فشل التجربة، ثم إنها ليست من قيادات وزارة الثقافة، فهي أستاذة جامعية، وعادت إلي عملها، وليس عيباً أن تفشل إدارياً في إدارة منشأة ثقافية فربما صادفت النجاح في مجال آخر، لكنه إنكار الفشل وتصدير الأنا العليا في وجه الوزير الذي وجهت إليه دون أن تدري تقريعاً غير لائق حينما قالت: ويؤسفني أن أقول إنني تعرضت للظلم والغبن من جانبكم وذلك فيما يتعلق بقراراتكم الأخيرة المتعلقة بالمركز ومديرته، حيث لم يستوقف سيادتكم ما أنجزت وانحزتم لتصديق أكاذيب ومكائد المنتفعين من المركز الرافضين لأية إدارة قوية حاسمة. ثم بجرة قلم ألغت رشا إسماعيل تاريخ المركز قبلها، علي طريقة الإخوان حيث تصفه بمنطقة الكوارث قائلة: تسلمت إدارة المركز وهو بحق منطقة كوارث وإدارته لا تعمل بكفاءة، وذكرت بالتحديد الإدارات: القانونية، المالية، المكتب الفني، إدارة الملكية الفكرية، إدارة التحرير، إدارة التصحيح اللغوي، الجرافيك، إدارة التجهيزات الفنية، أي أن المركز برمته لا يعمل وهي وحدها مع سهير قطب التي أصدرت ال 180 كتاباً التي تذكرها في نص استقالتها، ثم انتقلت من ذلك إلي تحريض الوزير علي العاملين في المركز ووصفتهم بالعمالة الزائدة ووصفت بعضهم بالجهل قائلة: إن آخر ما يحتاج إليه المركز هو حاملو المؤهلات المتوسطة، مع نسبة لا يستهان بها من العاملين يجيدون لغة أجنبية واثنتين وبعضهم ثلاث لغات، وإلا من كان يقوم بمخاطبة دور النشر الأجنبية للحصول علي حقوق الترجمة، أم أن رشا كانت تقوم بهذا العمل بنفسها؟ ثم ذكرت جملة غاية في الخطورة، حينما ذكرت أن جملة رواتب العاملين تبلغ نحو سبعة ملايين جنيه في الجهود والمكافآت والإثابات المضاعفة، وهو أمر غير صحيح، لأن رواتب العاملين جميعاً ومكافآتهم لا تتعدي المليونين ومائتي ألف جنيه، وبعد تطبيق الحد الأدني، تحصل منها رشا نفسها علي ثمن هذا المبلغ. وذهبت رشا إلي نقطة أخري مهمة في استقالتها، حينما وصفت المركز مصدقة هي نفسها ما يقال خارجه من شائعات بأنه ينظر إليه علي أنه "باب رزق لكثيرين" وفي الحقيقة هي من حولت المركز إلي باب رزق لأصدقائها من جامعة القاهرة، حينما أفرطت في انتدابهم علي حساب العاملين في المركز، وهو الأمر الذي قام الوزير بإلغائه، وألغي كل قرارات الانتداب التي طلبتها د. رشا بعد بدء حملة "الأهرام العربي"، الأخطر من ذلك أنها هي من حول المركز إلي باب رزق لكثيرين عندما وافقت علي انتداب موظفين من صندوق التنمية الثقافية مثل مي مصطفي كمال، التي انتدبت لمدة شهر واحد وحصلت علي ستة آلاف جنيه مكافأة، وهي موظفة في صندوق التنمية الثقافية، ومثل تامر عبدالله محمد حسن، وتمت إثابته علي عمل واحد مرتين، ثم عادت وانتدبته مرة ثانية لمدة يوم واحد في الأسبوع، مع أنه لا يجوز ندبه، وهو ما أوضحناه في الحلقة السابقة في "الأهرام العربي". غير هذه العبارات الإنشائية الاستعطافية امتلأت استقالة رشا إسماعيل بالأكاذيب لتبدو ضحية آخرين تصفهم بالمنتفعين من المركز، اشتملت الاستقالة علي تسعة بنود مفصلة توضح إنجازات السيدة رشا، وهي إنجازات ليس هناك ما يسندها علي أرض الواقع، في البند أولاً تقول إنها أصدرت في عام واحد 180 عنواناً بما يمثل طفرة في إصدارات المركز، والحقيقة أن ال 180 عنواناً هذه، مائة منها موجود ومتوقفة علي مرحلة "التغليف" منذ عهد د. كاميليا صبحي، وعملياً صدر في عهد رشا إسماعيل 80 عنواناً فقط، أقل من إصدارات المركز في أي عام آخر، التي وصفتها رشا نفسها بأنها 85 عنواناً..في البند 2 تتفاخر رشا بأنها كانت بصدد التعاقد مع مطبعة خاصة لطباعة 95 عنواناً جديداً، وهو أمر مخالف لقوانين المناقصات. وفي البند الثالث تلقي بمشكلة الكتب المتأخرة علي المترجمين أنفسهم، مع أن الشئون القانونية تقوم بسحب الكتاب من المترجم المتأخر، وهي الإدارة التي وصفتها د. رشا بأنها لا تعمل، أما البند الخامس وهو الخاص بالأغلفة التي تدعي أنها غيرتها كما تقول: مشكلة أغلفة الكتب التي كانت إحدي عقبات إخراج الكتب بالمركز، وقد تصديت لها ووضعت نظاماً جديداً للتغلب علي سلبيات نظامها القديم، في الحقيقة فإن د. رشا كلفت مصممين بإخراج الأغلفة وقد تم ذلك بالفعل وحصل المصممون علي مكافآتهم، وأغلفتهم لم تصدر حتي الآن، ولم يفعل قرار رشا نفسها بتغيير أغلفة الكتب أي إهدار مال عام بشكل رسمي. أما المضحك المبكي فهو البند السابع والخاص بتدشين موقع المركز الجديد علي شبكة الإنترنت، فقد كان لدي المركز موقع أنشأته وزارة التنمية الإدارية مجاناً وكان يمكن تحديثه، لكن رشا إسماعيل أنشأت موقعاً جديداً وكلفته نحو 45 ألف جنيه، أما بند توسعة منفذ البيع، وافتتاح قاعة طه حسين، وهي أمور تنسبها رشا إسماعيل لنفسها، فهي كلها بدأ العمل فيها منذ عهد د. كاميليا صبحي، والمهندسون العاملون في صندوق التنمية الثقافية يشهدون علي ذلك، كما تشهد عليه أوراق ملف العملية، بل إن قاعة طه حسين بدأ العمل فيها منذ أيام د. جابر عصفور. أما الكتالوج الذي تدعي د. رشا أنه إنجاز لها، فقد أوضحت فضائحه في الجزء الأول من هذه الحملة. هكذا أدانت د. رشا نفسها بنفسها في نص الاستقالة الذي أرادت من خلاله أن تصور نفسها ضحية آخرين، ولم تحاول أن تعترف مع نفسها بأنها فشلت، وبأن حملة "الأهرام العربي" نجحت في الإطاحة بها من إدارة المركز.