أحمد إسماعيل انتقدت الأحزاب والقوي السياسية ورجال القانون، قانون الانتخابات الرئاسية رقم 22 لسنة 2014، والذي أصدره الرئيس عدلي منصور أخيرا، وأكدوا أن تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية يحمل شبهة عدم الدستورية لأنه يتعارض مع نص المادة 97 من الدستور، والتي تضمنت حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء،كما أنه يتناقض مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان، وأضافوا أن تحصين قرارات اللجنة يخالف ما تم الاتفاق عليه بين الأحزاب والقوي السياسية ومؤسسة الرئاسة. وحذروا من أن الإصرار علي تحصين قرارات لجنة الانتخابات ينتج عنه رئيس جمهورية يحمل شبهة عدم الدستورية، الأمر الذي يعطي فرصة ذهبية للمتربصين بمصر في الداخل والخارج وهم كثر. بداية يقول الدكتور أيمن سلامة - أستاذ القانون وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية - إن مؤسسة الرئاسة تستهدف إنفاذ هذا الاستحقاق الدستوري الثاني من خارطة الطريق وهو الانتخابات الرئاسية، ومن ثم فإن مؤسسة الرئاسة قامت بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من قامات قضائية رفيعة برئاسة رئيس المحكمة الدستورية، وقد آلت أيضا مؤسسة الرئاسة أن تضم هذة اللجنة الموقرة أكفأ الشخصيات القضائية في مصر حتي تحد من احتمالات الطعن علي قراراتها وتفوت الفرصة علي البعض ممن يهدفون فقط إلي تمديد فترة الفحص وإصدار القرارات النهائية لتسمية رئيس الجمهورية المرتقب وفقا للانتخابات، ومن ثم تجاوز السقف الزمني المحدد مسبقا لذلك الاستحقاق الدستوري وهو الانتخابات الرئاسية، مما يفتح الباب مرة ثانية للطعن في قرارات اللجنة أو في الطعن في إجراء العملية الانتخابية برمتها لتجاوزها خارطة الطريق، مما يوقع البلاد والعباد في حلقة مفرغة، مع التسليم بحقيقة دستورية ودولية في ذات الوقت أن سائر القرارات التي تصدر عن هذة الهيئة الموقرة هي في مجملها هي قرارات إدارية، ومن ثم فإن حق الطعن في هذة القرارت مكفول بموجب القوانين الدولية لحقوق الإنسان وأيضا الدساتير الوطنية في سائر الدول. ويشدد الدكتور أيمن سلامة، علي أن الحالة المصرية حالة خاصة لأن السياق المصري في هذه الحقبة سياق متميز مع ضرورة عدم إغفال المتربصين بمصر في الداخل والخارج لا يريدون أن تمر العملية الديمقراطية والتي ارتضاها الشعب المصري الشريف بسلامة وسلاسة، ويقفوا بالمرصاد ويتحينوا الفرصة للتشكيك في سلامة المسار الديمقراطي والدستوري في البلاد، ومن ثم فمن الواجب علي الدولة أن توائم بين الأمرين، الأول هو ضرورة إنجاز الاستحقاق الدستوري المتمثل في الانتخابات الدستورية في الموعد المحدد، والثاني هو كفالة حقوق الإنسان دون تمييز أو إقصاء. أيضا تحدث عبد الغفار شكر- رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي - قائلا: إن موضوع تحصين قرارات اللجنة به شبهة عدم دستورية، وهو ما أكده مجلس الدولة نفسه، والذي طبقا للدستور هو المختص بالقول بمدي دستورية القانون قبل إعداده وأيضا قدم الحل لذلك قائلا: أمام مخاوف الآخرين فإن الطعن علي قرارات اللجنة من الممكن أن يؤجل إعلان النتيجة لمدة 159 يوما، فقد قال: إن القانون ينص علي أن الطعن يقدم خلال يومين وأن المحكمة الإدارية العليا الوحيدة المختصة بنظر الطعن وأن تصدر قرارها خلال أسبوع. مضيفا: النقطة الأهم هو عندما تم تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية بحيث أن المحال للمحكمة الجنائية ليس من حقه الترشح، فهي ضربة قوية لقانون ينص علي أن المتهم برىء حتي تثبت إدانته، أيضا هذه مخالفة للدستور الذي ينص علي أن من حق الإنسان المصري مباشرة حقوقه السياسية ما لم يكن قد صدر ضده حكم نهائي. أما بالنسبة لموضوع سقف الدعاية، فأنا أري أن 20 مليون جنيه مبلغ مناسب للدعاية لمنصب رئيس الجمهورية، وبالنسبة للإعلام الحكومي فعليه أن يلتزم بأن يقدم مساحات متساوية للمرشحين فهو أمر إيجابي مهم جدا تطبيقه لضمان مبدأ تكافؤ الفرص لكل المرشحين. أما السياسي المخضرم أبو العز الحريري - القيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي - فيقول: أولا أنا كنت قد رفعت دعوي عام 2012، ضد وجود المادة 28 تحديدا التي كانت تنص علي تحصين قرارات اللجنة، والتي كان الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، قد وضعها من قبل في دستور 2005، والتي أجازها وقتها رئيس المحكمة الدستورية العليا، فأنا معترض علي هذه النقطة منذ عام 2012، وأري أن المادة 6 التي تحصن قرارات اللجنة العليا للانتخابات هي مادة غير دستورية وتتناقض مع المادة 97 من الدستور والتي تحظر تحصين أي قرار إداري من الطعن عليه أمام القضاء، كما أن المحكمة الدستورية العليا نفسها في جلسة 7 مارس 1992، وضعت قاعدة برقم 26 تقول بأن حق التقاضي هو أحد المكونات الأساسية لمبدأ خضوع الدولة للقانون وإلزامها بتوفير متطلباته، وهو تأكيد لسيادة القانون التي جعلها أساسا للحكم في الدولة، وأنه يتعين لحماية النفاذ إلي القضاء أن يقترن بإزالة العوائق التي تحول دون تسوية الأوضاع الناشئة عن العدوان عليها، وأكدت ذات المحكمة في مناسبة أخري أن إنكار الحق في الترضية القضائية سواء بمنعها ابتداء أو بإقامة العراقيل في وجه اقتضائها أو بتقديمها متباطئة متراخية دون مسوغ تكون معيبة في ذاتها بصفة جوهرية، وهذا لا يعدو إلا أن يكون إهدارا للحماية التي يكفلها الدستور. إذن - والكلام علي لسان أبو العز - فالتحصين يتناقض مع الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وتعتبر مصر إحدي الدول الموقعة عليه، وهي أيضا مناقضة للمادة 97 من الدستور، أما الحديث عن أن الإجراءات في الأحكام الانتقالية جعلت أعضاء اللجنة القديمة مع اللجنة الجديدة هم المشرفون علي الانتخابات، فهذا الحديث يقصد به التكوين الإجرائى للجنة لكنه لا يقصد به تطبيق دستور آخر، أيضا القانون لا يعمل به بأثر رجعي، وإنما يعمل به لما هو قادم في المستقبل فكيف نعود لقانون آخر وضع في ظل دستور آخر. وأريد أن أؤكد أننا نريد إقامة الانتخابات بشكلها العادي وفي توقيتها، لكن التخوف الأكبر من أن تخرج الانتخابات معيبة أو مطعون عليها وهو ما أدي بنا إلي الحالة الراهنة، كذلك فنحن لدينا رئيس جمهورية الآن مؤقت يستطيع أن يبقي طوال الفترة المطلوبة وفكرة أن الميعاد محدد وفقا للدستور، فهذا يطلق عليه في لغة القانون الدستوري تحديد تنظيمي، لكن يمكن التغاضي عنه حال الضرورة. أيضا حرمان المتهمين من الترشح، فهذا الأمر يبدو مقبولا من الناحية السياسية، لكنه من الناحية القانونية والدستورية أمر عبثي، فالمتهم برىء إلي أن تثبت إدانته. ويوضح المستشار الدكتور مساعد عبدالعاطي شتيوي - أستاذ القانون الدولي - أن إصدار قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية الجديد الصادر برقم 22 لعام 2014، والمعدل للقانون رقم 174لعام 2005، أثار حالة من النقاش القانوني حول مواده، نظرا لأن القانون المذكور يمثل خطوة مهمة نحو إرساء وبناء المؤسسات الدستورية في البلاد، وذلك بانتخاب رئيس جديد لمصر مما يسهم في تدعيم الاستقرار وحفظ الأمن بالبلاد، بالإضافة إلي أنه يمثل نقلة أساسية نحو إنفاذ وتطبيق خارطة الطريق، وبالتالي استكمال كل الاستحقاقات الدستورية. وأشار إلى أن القانون به العديد من الإيجابيات نذكر من أهمها ضم زوجة المرشح إلي نطاق الحظر المفروض علي المرشح وعلي والديه، بما يعني عدم حمل زوجة المرشح لجنسية دوله أخري، وإن كنا نري هنا أنه كان يجب أن يقتصر المنع علي الزوجة الحالية للمرشح، ومن الإيجابيات التي جاء بها القانون أيضاً وضعه حداً أقصي لما ينفقه كل مرشح علي الحملة الانتخابية يقدر بعشرين مليون جنيه، ويكون الحد الاقصي للإنفاق في حالة انتخابات الإعادة إلي خمسة ملايين جنيه، ونري هنا أن هذا النص ينال من مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين. وفي المقابل نجد أن هناك بعض السلبيات في قانون الانتخابات الرئاسية من بينها عدم وضعه لضوابط صريحة ورادعة لأعمال الدعاية الانتخابية، فضلا عن عدم نصه علي آليات تكفل إنفاذ وتطبيق الالتزامات الخاصة بأعمال الدعاية، وأهمها تشكيل لجنة من المختصين لتقييم أعمال الدعاية علي أساس مهني، وإخطارها لجنة الانتخابات الرئاسية في حالات مخالفة المرشحين لضوابط الدعاية الانتخابية. ولا تفوتنا في هذا المقام الإشارة الي الإشكالية الأهم التي أثارها القانون، وذلك من خلال تحصينه لقرارات وأعمال لجنة الانتخابات الرئاسية من الطعن عليها، حيث نصت المادة السابعة من القانون علي عدم جواز الطعن علي ما تصدره اللجنة من أعمال، الأمر الذي قد يحمل مخالفة دستورية لنص المادة 97 من دستور 2014، والتي نصت بصفة مطلقة علي حظر أي أعمال أو قرار إداري من رقابة القضاء، وعلى الرغم من نص المادة السابعة من قانون الانتخابات الرئاسية يحمل في طياته إيجابيات أهمها عدم إطالة العملية الانتخابية، فإنه في ذات الوقت يمنع الاعتراض من قبل المرشحين علي قرارتها وعدم الطعن، ولما كان الحق في الطعن هو من الحقوق الأساسية المكفولة لكل مواطن، والذي كفلته المواثيق والعهود الدولية ومن أهمها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر في عام 1966، فإننا كنا نأمل أن يتم تدارك هذه الإشكالية من خلال تفادي تحصين قرارات اللجنة من خلال تحقيق نوع من الموازنة بين المصلحة العليا للبلاد في تحقيق الاستقرار وبين الالتزامات القانونية الدولية والدستورية، وذلك من خلال وضع اللجنة لضوابط قانونية للطعن علي قراراتها بقصد ضمان عدم مخالفة الدستور واحتراما له، وتأكيدا علي إرساء دولة القانون.