لو افترضنا جدلاً أن الإخوان هم الذين يسيطرون على مقدرات الأمور داخل قصر الرئاسة، ما استطاعوا أن يصلوا إلى هذه الفكرة العبقرية الكفيلة بضرب الانتخابات الرئاسية القادمة، والتى يسميها المستشار القانونى للرئيس «تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية»!! هذا النص المطعون عليه يصب فى مصلحة الإخوان الذين يريدون القول بأن ماستواجهه مصر،سوف يكون أكثر سوءاً مما مرت به أيام الإخوان!!لذلك نطرح السؤال: هل توجد خلايا نائمة داخل اللجنة؟ هل هناك من يريد نتيجة بعينها أو يريد الإساءة إلى المرحلة القادمة؟! أعتقد أنه سؤال مشروع يستحق الإجابة! بحكم الدستور..لايجوز منع مواطن أى مواطن من حقه فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى، لأن حق التقاضى بنص الدستور مكفول للمواطن العادى فمابالنا بمرشح لرئاسة مصر كيف نمنعه من استعمال هذا الحق!! المادة 97 من الدستور الجديد الذى تجاوزت نسبة التأييد له 98% تنص على أن «التقاضى حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضى، وتعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أى عمل أوقرار إدارى من رقابة القضاء، ولايحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعى، والمحاكم الاستثنائية محظورة». أعتقد أن الكلام واضح جداً، فالنص يدلنا على مواطن الخلاف، فلايجوز «تحصين» أى عمل أوقرار إدارى من رقابة القضاء، وبما أن قرارات اللجنة العليا للإنتخابات، هى قرارات إدارية بالأساس، وأعمالها هى أعمال إدارية، إذن لايجوز تحصين قراراتها!! طيب.. سوف تقول لى: مارأيك فيما قاله وزير العدل من ساعات، عندما أكد أن التحصين لايتعارض مع هذه المادة، وأن حق التقاضى مكفول!! سوف أقول لك: نفهم من كلامه أن الغرض من قرار التحصين هو تعطيل من يريد الطعن على أى من قرارات اللجنة!! وسوف نرد عليه بأن مابنى على باطل فهو باطل،وسوف يتم عندها التشكيك فى العملية الانتخابية برمتها،مهما كانت نزاهتها، وحتى لو كانت نسبة الشفافية فيها مليون فى المائة، ثم إننا نقول لوزير العدل إننا قمنا بكتابة الدستور لنحترمه وليس لنخالفه!! ثم إن كلام وزير العدل مردود عليه بآراء فقهاء القانون الذين قالوا كلاماً مهماً يجب سرده وفهمه ومناقشته!! الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، قال إن «تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات غير دستورى لأنه مخالف تماماً لماجاء بنص الدستور الواضح بأنه لايجوز تحصين أية قرارات إدارية، واللجنة وإن كانت قضائية لكن قراراتها ذات صبغة إدارية وكل القرارات الإدارية يجوز الطعن عليها..وهذا القرار المحصن للجنة لن يحقق الاستقرار، لأنه وإن عرض علىالمحكمة ستحيله إلى مجلس الدولة ووقتها يمكن الدفع بعدم دستوريته.. لقد كنا بصدد بناء دولة قانونية، ولكن الإخلال بها يعرضنا جميعاً للانهيار وليس البناء». الدكتور رأفت فودة أستاذ القانون بجامعة القاهرة والخبيرالقانوني قال: «تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية مخالف تماماً للدستور، وهو مايعارض أيضاً ما أكده مجلس الدولة بعدم تحصين قرارات اللجنة باعتبارها قرارات إدارية بحتة يجوز الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا.. وما حدث هو خطأ دستوري فادح وكان من الأفضل الاتفاق مع قرارات مجلس الدولة بجواز الطعن علي القرارات حتي لايكون هنا كشبهة عدم دستورية من السهل الطعن عليها وبطلانها». المحامى الكبير بهاءالدين أبوشقة،قال: «إن تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية من الطعن عليها وعلي إجراءاتها يخالف المادة 97 من الدستور التي تنص علي الطعن علي القرارات الإدارية كافة.. وقد كان المتداول في هذا الشأن أن تخضع اللجنة للطعن وتم تحديد الجهة التي تقدم لها الطعون وهي المحكمة الإدارية العليا ويتم الفصل في الطعن خلال 10 أيام من تاريخه أو يكون القرار محصناً من الطعن، وقد كنت أفضل أن يتم العمل بهذا النص وليس غيره. .لأن هناك الآن شبهة عدم دستورية، لقرار التحصين، بوضوح النصوص الدستورية التي لابد وأن تكون اللجنة ملتزمة بها في حديثها عن التحصين من عدمه». الدكتور نبيل حلمي أستاذ القانون الدولى بجامعة الزقازيق وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان قال: «لا يجوز إقرار عدم جواز الطعن على قرارات اللجنة العليا للانتخابات، لأنه لا يوجد قرار إداري لايمكن الطعن عليه بأمر مواد الدستور الخاصة بهذا الشأن، وهو ما خالفه هذا القانون وضرب بها عرض الحائط، لأن هذا النص المحصن للجنة من السهل الطعن عليه ورفعه لمجلس الدولة والبت فيه بعدم دستوريته والعودة إلي البداية مرة أخري، ويمكننا تعديل قانون الانتخابات الرئاسية للخروج من هذا المأزق الدستوري»!! الآن.. ليس أمام من قاموا باختراع هذا النص المخالف للدستور سوى التراجع..لأن الوطن سوف يجد نفسه فى أتون معارك جديدة للحفاظ على الدستور ..كما أن هذا الوطن ليس فى وضع يسمح له برفاهية الخلاف!!