أحمد إبراهيم عامر منذ نجاح الثورة الليبية فى التخلص من حكم معمر القذافى وإعلان التحرير فى 23 أكتوبر 2011، بدأت التنظيمات المتشددة فى العمل المكثف فى ظل وجود أرضية خصبة على تقوية ميليشياتها العسكرية والتمركز أكثر فى الأماكن التى تفتقد للأمن، واستطاعت تحت مسمى "أنصار الشريعة الإسلامية" من السيطرة عسكريا على مدينة درنه شرق مدينة بنغازى سيطرة تامة، فمدينة درنة الآن تعتبر مدينة مختطفة من الميليشيات الإرهابية المتشددة، وبها أهم وأكبر مركز تدريب لأنصار الشريعة واستطاع تنظيم القاعدة خلال السنوات الثلاث الماضية عقد صفقات واتفاقيات مع التنظيم الدولى للإخوان الإرهابى، لتصبح هذه المنطقة الواقعة على حدود مصر الغربية بؤرة إرهابية توازى البؤرة الإرهابية التى شكلتها جماعة الإخوان المصرية فى سيناء. تحت دعاوى مساعدة الشعب السورى فى ثورته ونصرة الإسلام بدأ معسكر القاعدة لتدريب كثير من الشباب الليبى، وقامت أيضا عناصر تنظيم أنصار الشريعة بمحاولة للتوغل فى جميع المدن الليبية، وبدأت فى هدم مساجد بدعوى أنها أضرحة ولا يصح أن يصلى فيها، ولكنها تمركزت فى عدد من المدن الليبية التى تحتوى على أزمات أمنية حادة أهمها درنة وأيضا بالقرب من صحراء مدينة سرت مسقط القذافى بدأت فى إنشاء ثانى مركز تدريب لها. وبعد نجاح الموجة الثانية للثورة المصرية 30 يونيه، فر عدد من قيادات الجماعة الإرهابية إلى ليبيا، وكان أبرزهم عاصم عبدالماجد الذى هرب إلى ليبيا ثم سافر لقطر، ولكنه قبل سفره مكث نحو أسبوعين يرتب وينسق مع التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية فى ليبيا وتحديدا فى مدينة درنة سيناريو إرباك الدولة المصرية وتقليل الضغط على عناصر الجهادية التكفيرية فى سيناء، وبدء مخطط جديد يحمل اسما تنظيميا جديد أيضا وهو تنظيم "دالم" جيش الدولة الإسلامية فى مصر وليبيا، وذلك على غرار جيش الدولة الإسلامية فى العراق والشام "داعش"، ويتولى قيادته ثروت شحاته القيادى بتنظيم الجهاد أحد الأجنحة الرئيسية لجماعة «الإخوان الإرهابية» بمصر. يذكر أن عناصر من أنصار الشريعة في ليبيا وتونس والمغرب ومصر، وكذا عناصر جزائرية من القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عقدوا قمة على مدى ثلاثة أيام في بنغازي لوضع إستراتيجية جديدة للمنطقة، حسب ما ورد فى تقرير للمخابرات الألمانية نشرته صحيفة "فيلت أم سونتاغ" الألمانية الشهر الماضي. ليبدأ تنظيم "دالم" برفض الاعتراف بمؤسسات الدولة الليبية ويتهم كل من يعمل فى جهاز الأمن بالدولة بأنهم كفرة وسيطروا على كامل مدينة درنة وبعض أحياء مدينة بنغازى ومدينة سرت، وبدأ فى الاغتيالات اليومية واستهدف جميع القيادات الشرطية والأمنية وعناصر من القوات المسلحة الليبية حتى النائب العام الليبي السابق المستشار عبدالحميد الحصادى لم يتركه وتم استهدافه وقتله منذ أسابيع. وأيضا تم تفجير جميع المقار الانتخابية لانتخاب لجنة الستين لصياغة الدستور الليبى بمدينة درنة. وبعد زيارة رئيس الوزراء الليبى على زيدان للقاهرة، كنوع من الاعتذار وتحسين العلاقات بين القاهرةوطرابلس بعد خطف الدبلوماسيين المصريين الخمسة من قبل ميليشيات غرفة ثوار ليبيا التى أيضا ليست بعيدة عن تنظيم "دالم" وتعد الذراع العسكرية لتنظيم الإخوان الإرهابى فى العاصمة الليبية طرابلس، وبرغم التحفظ على تفاصيل الصفقة سيئة السمعة التى تمت للإفراج عن أبوعبيدة الليبى مقابل الإفراج عن الدبلوماسيين المصريين، فقد تفهمت الحكومة المصرية الموقف الدقيق الذى تمر به دولة ليبيا الشقيقة وقررت دعمها لحكومة زيدان خصوصا من الناحية العسكرية. فقرر تنظيم الدولة الإسلامية في مصر وليبيا، أن يحدث شرخا فى العلاقة التاريخية بين الشعبين الشقيقين، مما يسهم فى توتر العلاقات بين مصر وليبيا ليستطيع أن يفرض نفوذه بشكل أكثر، والبدء فى المخطط الأكبر، وهو إعلان الإمارة الإسلامية من درنة. فكانت خطة قتل المصريين الأقباط بدأت بقتل سبعة مصريين أقباط الأسبوع الماضى، وقتل مواطن قبطى مصرى آخر منذ أيام، وسيستمر مسلسل قتل المصريين خصوصا فى المنطقة الشرقية، منطقة نفوذ تنظيم دالم حتى تتوتر العلاقات. هذا هو بداية المخطط، ثم بعد نجاح أولى خطواته سيتم محاولة الاشتباك مع القوات المسلحة المصرية فى مناطق الحدودية حتى يستنفر ويرد فى محاولة لتحويل الحالة من أعمال إرهابية إلى جر الجيش المصرى لتدخل محدود عسكريا داخل الحدود الليبية لخلق حالة عداء لدى الشارع الليبى، ليبدأ الإعلام الليبى بعدها فى تمرير أكذوبة أن لمصر مطامع تاريخية داخل الحدود الليبية، وهنا نشير لتمويل قطر وبشكل كامل لمجموعة من القنوات والصحف الليبية التى ستستخدم فى الوقت المناسب للهجوم على مصر. وبجانب ثروت شحاتة وهو قيادي بتنظيم الجهاد بمصر، تظهر قيادات ليبية وجزائرية تابعة لتنظيم القاعدة كقيادات للجيش المزعوم، منهم أحمد بوختالة فى بنغازى وسفيان بن قمو فى درنة والمكنى أبو عياض التونسى. والحديث عن وجود القاعدة في درنة، يستند إلى وجود سفيان بن قومو، سائق سابق لأسامة بن لادن، وتشير تقارير إلى أنه يقود كتيبة مسلحة في المدينة وأحد قادة "دالم" وعقيدة سفيان متطرفة إلى أبعد الحدود. أما أحمد بوختالة الرأس المدبر لكل هذه الجرائم خصوصا فى مدينة بنغازى، فهو متهم فى عدة جرائم، منها اغتيال القائد العسكري للثوار سنة 2011 عبد الفتاح يونس والهجوم على البعثة الأمريكية في بنغازي العام الماضى، وله تصريح فى إحدى الصحف الليبية يعارض الديمقراطية لأنها مخالفة للإسلام، ووصف من يؤيد الدساتير ب"المرتدين". فى الوقت التى تحدثت مصادر صحفية ألمانية عن أن تنظيم أنصار الشريعة المرتبط بالقاعدة عقد قبل أشهر اجتماعا سريا في بنغازي مع ممثلين عن تنظيمات أنصار الشريعة في كل من ليبيا وتونس والمغرب ومصر، وممثلين جزائريين عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لوضع خطة قتال جديدة في المنطقة، ومحاولة لإعادة تقييم قدرات الجماعات المسلحة المنتشرة في جبهات القتال. فالاجتماع الذي دام ثلاثة أيام في بنغازي الليبية وشارك فيه أبو عياض زعيم تنظيم أنصار الشريعة في تونس والذي طلب دعما إضافيا بالمقاتلين لمواجهة الحكومة التونسية، وأبدى رفضه لإرسال مقاتلين تونسيين إلى سوريا بينما التنظيم بحاجة لهم داخل البلاد. وقد كلف عنصرا إرهابيا مهما بتنظيم القاعدة، وهو جزائرى الجنسية ويدعى خالد الشايب الملقب ب" لقمان أبوصخر" بقيادة مراكز تدريب عناصر جيش "دالم". وما يحدث فى الجوار الليبى ليس ببعيد عما يحدث فى شمال سيناء، فكلما استطاع الجيش المصرى محاصرة الجماعات الجهادية الإرهابية وأهمها تنظيم بيت المقدس الإرهابى، سنجد نشاطا من جانب تنظيم "دالم" ضد الدولة المصرية خلال الفترة المقبلة، ولكنها فى البداية تتخذ تكتيكا مختلفا بفك التلاحم التاريخى بين الشعبين الشقيقين المصرى والليبى، ثم العمل على توتر العلاقات المصرية الليبية ومع كثرة العمليات الإرهابية ضد المصريين المقيمين فى ليبيا تنتج عنها حالة من الغضب الشعبى المصرى لتضغط على الحكومة المصرية. وكشف مصدر ليبى مسئول ل «الأهرام العربى» عن عدم استبعاده وجود بعض التحالفات بين قيادات نظام القذافى السابق والذى يعيش كثيرا منها داخل مصر، وبين هذه الجماعات لتوتر العلاقات بين البلدين لصالح عدم تسلمهم مستقبلا. فهل يستطيع التنظيم المزعوم "دالم" فى جر الجيش المصرى للتشابك العسكرى داخل الأراضى الليبية أم تقوم الإدارة المصرية بخطوة استباقية بالتعاون مع الحكومة الليبية وتقذف مراكز تدريب عناصر "دالم" خصوصا وأنها معلومة ومحدد أماكنها قبل تفاقم المشكلة.