المشاط: لا تراجع عن سياسات الإصلاح الاقتصادي لترسيخ الاستقرار وزيادة الإنتاج والاستثمار والتصدير    عاجل.. البنك المركزي المصري يخفض الفائدة 1%    البنك المركزي المصري يحقق صافي ربح بقيمة 143.079 مليار جنيه    أردوغان يستقبل البرهان في أنقرة    الخارجية الروسية: الاتحاد الأوروبي يراهن على تصعيد الصراع الأوكراني من أجل المال    كأس عاصمة مصر، البنك الأهلي يتقدم على الجونة بهدف في الشوط الأول    محافظ الدقهلية يتفقد سوق الخواجات ويشدد على إصدار قرارات غلق للمحال    القبض على شخصين بتهمة الاعتداء على آخر بالسب لقيامه بإطعام الكلاب بالإسكندرية    ويتكوف يبلغ الوسطاء وإسرائيل بموعد بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة    هل يمنح اتفاق تبادل الأسرى هدوءاً نسبياً لليمن؟.. ترحيب عربى ودولى.. تبادل 3000 أسير ومختطف برعاية الأمم المتحدة.. توقعات بأن يشمل الإفراج عن قيادات بارزة بحزب الإصلاح.. مجلس الأمن: ندعم السلام فى اليمن    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    رئيس جامعة كفرالشيخ يلتقي بالطلاب الوافدين ويؤكد الحرص على تقديم بيئة متميزة    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة لمجلس النواب    إغلاق موقع إلكتروني مُزوّر لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    فيديو.. سرب مكون من 8 مقاتلات حربية إسرائيلية يحلق فوق جنوب وشرق لبنان    أشرف حكيمي يدعو كيليان مبابي وديمبيلي لحضور مباراة المغرب ضد مالي    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    برلماني: الوطنية للانتخابات وضعت خارطة طريق "العبور الآمن" للدولة المصرية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    المنيا تنفرد بتطبيق نظام الباركود للمحاصيل الحقلية    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    رجال سلة الأهلي يصلون الغردقة لمواجهة الاتحاد السكندري بكأس السوبر المصري    حسام حسن: ⁠طريقة لعب جنوب أفريقيا مثل الأندية.. وجاهزون لها ولا نخشى أحد    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    سحب رعدية ونشاط رياح.. طقس السعودية اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار وكواليس «صفقة الشياطين».. تفاصيل خطة "ربط الخيول" لإتمام الاتفاق النووى "الإيرانى -الغربي"
نشر في الأهرام العربي يوم 17 - 12 - 2013


عادل أبوطالب
ربما تظل جنيف تلك العاصمة السويسرية موطنا سياحيا لا يطمح قاصدها إلى الاستمتاع فقط، بعطلة استرخائية في واحدة من أجمل بقع العالم، بل قد يجد فيها الباحث عن المتاعب الكثير من المفاجآت في عالم السياسة وكواليسه.
فخلال لقاء مع أحد أصدقائي الذى يعمل في إحدى الهيئات الدولية في جنيف خلال زيارة له للقاهرة أخيرا، دار بيننا حديث مطول عن تطورات الأوضاع في المنطقة وكان أخطرها رواية عن تفاصيل الاتصالات التى سبقت الاتفاق الإيراني - الغربي الشهير حول برنامج طهران النووي –وهو الاتفاق الذى شهدت جنيف تفاصيله - بعد إشارات أرسلتها إيران عبرت فيها عن رغبتها في حل الصراع مع الغرب، الرواية تقول إن الإيرانيين أبلغوا أصدقاءهم في الخليج أنهم مهتمون بحل الصراع، لتدور الاتصالات في سريه تامة بعيدة عن عيون المتابعين والمراقبين تحسبا للفشل الذى قد يستدعي دفن القصة برمتها أو النجاح الذى ينتظر.
اختارت طهران إدارة العملية بحنكتها المعروفة لتنطلق منها عملية أطلق عليها «ربط الخيول» ليخرج منها وإليها مبعوثون سرا لجس النبض، وصاغ أمريكيون وإيرانيون شروطا وانطلقت القناة السرية في طريقها في شهر مارس الماضي الأخير من وراء ظهر الرئيس السابق أحمدي نجاد، وفي واشنطن حددوا مجموعة قليلة من المطلعين على السر، فإما أن تنضج الاتصالات وإما أن تُدفن المغامرة.
وتطورت الأحداث سريعا: فقد أرسل وليام بيرينز نائب وزير الخارجية، وجيك سليفان، مستشار نائب الرئيس، ليتفحصا مع وفد إيراني هل يمكن إنشاء تفاوض ظاهر في تعليق البرنامج الذري، وطلبت واشنطن خطوات بناء ثقة، وجاء الإيرانيون مع سلة مشتريات مليئة. وبعد شهرين هبطت طائرة عسكرية في الخليج. وروج وزير الخارجية جون كيري لذرائع لزيارته الأخيرة، ونجحوا في الإبقاء على الحوار سريا والتمهيد للطريق إلى جنيف، كما كانت الحال في القناة السرية التي وجدت في أوسلو بين إسرائيليين وفلسطينيين.
وفي يونيو أجريت الانتخابات في إيران وأصبح روحاني يستطيع أن يسمح لنفسه بفتح صفحة جديدة وبإسقاط العقوبات، وحينما دخل مكتب الرئيس في أغسطس الماضي تلقى رسالة من نظيره أوباما، لكن حينما ضغط الأمريكيون لإتمام لقاء تاريخي أو حتى مصافحة في أروقة الأمم المتحدة، أعلن الإيرانيون أن ذلك لن يكون، فأسقط أوباما على روحاني المكالمة الهاتفية الأولى.
الرواية تقول – وفقا للحديث الذى دار بيني وبين صديقي- يتبين الآن أنه تمت خمسة لقاءات عمل في الطريق إلى اتفاق جنيف. فمتى عرفوا عندنا بالقناة السرية؟ يُسرب المقربون من أوباما أن الرئيس أبلغ رئيس الوزراء نيتانياهو في نهاية سبتمبر الماضي. ولم يعطه صورة كاملة. وعرفت إسرائيل بطرقها أكثر من ذلك بقليل واستشاطت غضبا. وتلقى الوفد الإسرائيلي أمرا بمغادرة القاعة وقت خطبة روحاني في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وسمى نيتانياهو الغاضب الإيرانيين «ذئبا في جلد نعجة» وبيّن أن إسرائيل لا تجوز عليها ملابس التنكر الجديدة.
التهديد الإيراني المستدام
وما إن انتهى حوارنا عن أسرار وكواليس هذا الاتفاق حتى انتقلنا إلى السؤال، هل ما زال التهديد الإيراني قائما لدول الجوار الخليجي، برغم توقيع اتفاق جنيف، الكثير يدرك أن إيران لديها أهداف قومية مغلفة إيديولجيا وأمريكا تدرك ذلك تماما، لكن أوباما أعطى جرعة قويه لإطلاق يد إيران وفتح أبواب المنطقة أمامه، وبرغم التطمينات الأخيرة التى أطلقتها الإدارة الأمريكية على لسان مسئوليها في الخارجية والدفاع من أن العلاقات مع إيران يجب أن تبنى على القدرة العسكرية ولا تبدد مخاوف دول الخليج.
فالقصة التى بدأت مبادرات من دول الخليج لتسوية الأمر مع إيران دراءا للمخاطر التى يمكن أن تمثلها الأطماع الإيرانية في منطقة الخليج، ولكنها درء لا يندرج في الصيغة الجماعية أى عن كل دولة على حدة ولعل هذا ما يفسر مسارعة دول الخليج كلا على حدة من خلق أجواء ثقه بينها وبين إيران بعد إعصار اتفاق جنيف الأخير، وفي هذا الإطار جاءت زيارة وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد لطهران وافتتاح مقر للسفارة الإماراتية هناك دون إثارة قضية احتلال إيران لجزر الإمارات الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبي موسى.كما أن وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف يعتزم القيام بزيارة للسعودية والكويت وسط أنباء عن مساع إيرانية لحل الأزمة السورية بإخراج الميليشيات الشيعية من هناك مقابل ترتيبات مستقبلية لدورها بالمنطقة.
أيضا إيران من جانبها سعت إلى طمأنة دول الخليج ولعل تصريحات وزير خارجيتها التى أدلى بها أخيرا خلال زيارته الأخيرة لسلطنة عمان من أن الأصرار على السلاح النووي ضرب من الجنون، تصريحات قد يبدو مجملها مطمئن ويحمل في طياته رسالة إلى دول الخليج بأن إيران لا تمثل تهديدا لها.
العودة إلى قصة الاتفاق ربما توضح مجريات الوضع في مستقبله على مختلف الأصعدة وهي قصة تعكس حجم المخاوف التى تراها دول الخليج من إيران وأطماعها في المنطقة، وأن التصريحات والجمل الدبلوماسية لا تخفي حقيقة تلك الأطماع.فقد هبت الأعاصير السياسية فجأة على منطقة الشرق الأوسط بعد أن شهدت تحولات عميقة بيت عشية وضحاها على خلفية الاتفاق الأخير بين القوى الكبرى وطهران بشأن برنامجها النووي، وقبلها تراجع الولايات المتحدة وحلفائها على القيام بعمل عسكري ضد النظام السوري.
صحيح أن الاتفاق كان صادما للدول العربية والإسرائيليين، لكنه كان مدعاة للبعث عن نمط جديد في علاقات قد يهدم ركائز علاقات، استقرت على مدار أكثر من 4 عقود بالنسبة للعرب وأكثر من ثمانية عقود بالنسبة للإسرائيليين.
وقد بدت في الأفق ملامح تحالفات جديدة في سماء الشرق الأوسط فرضها الإحباط من التغيرات في السياسة الأمريكية والتي تكرس لهيمنة إيرانية على المنطقة أو على الأقل مزيد من إثارة القلاقل بها، وكان لافتا للنظر أن الدول العربية لاسيما الخليجية في تعاطيها مع تداعيات الاتفاق النووي لم تركز فحسب على الأنشطة الإيرانية، وإنما تعدتها إلى أمور أخرى لا تقل أهمية لأنها تلقي بظلالها على الاستقرار الإقليمي ومنع دعم الجماعات والميليشيات الشيعية مثل حزب الله في لبنان أو الحوثيين في اليمن أو المعارضة في البحرين والتدخل في العراق وسوريا وأماكن أخرى، والسعي بشكل عام للوصول إلى القوة العسكرية والنفوذ الاقتصادي والإقليمي بل وحتى الهيمنة.
لكن الأمر قد لا يبدو في النهاية أخطاء أمريكية كما صورها الكثيرون من المراقبين والمتابعين للشأن الخليجي، بينما تبدو المسالة في حقيقتها أن تكاليف المواجهة مع إيران قد أصبحت مرتفعة بينما حلفاء أمريكا في المنطقة غارقون في أتون حرب طائفية لا يمكن الفوز بها بينما إيران تملك مفاتيح التهدئة في المناطق التى تريد الولايات المتحدة تهدئتها من فلسطين وحتى أفغانستان.
كما أن فراغا سياسيا أمريكيا محتملا في المنطقه يمكن تعويضه بتحالف إقليمي جديد يقوم على التصالح مع إيران مع التسليم جزئيا بنفوذ طهران الجديد في المنطقة. فضلا عن أن محاولة الحكومات الغربية تصعيد الوضع ضد المحور الإيراني السوري انقلبت إلى العكس حيث عززت روسيا من مكاسبها في المنطقة.
يبقى في النهاية أن أقرب حليفين للولايات المتحدة في المنطقة، وهما إسرائيل والمملكة العربية السعودية يرددان عبارات الخيانة ويطالبان حلفاءهما بدعم محاولة عرقلة الصفقة في الكونجرس، فيما يرى آخرون وعلى رأسهم الكويت، أن المخاطر التي تواجهها وجيرانها من دول مجلس التعاون الخليجي جراء سلوكيات إيران، تتجاوز المخاطر التي تواجهها أي دولة أخرى وأن بعض أصولها أو مصالحها الحيوية يمكن أن تنتهي ويتم التهامها. لتبقى الصفقة الأخيرة مع الغرب على خلاف بين الحلفاء وحتى الأعداء وفي النهاية تظل حاملة لقب «صفقة الشياطين» إلى أن يثبت العكس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.