جيهان محمود أثيرت فى الأيام الماضية أزمة حول ذهاب بعض الصحفيين إلى الأراضى الفلسطينية المحتلة، فعقب سفر وفد مصرى تضمن 15 صحفيًا برفقة ثلاثة من أعضاء مجلس النقابة: هشام يونس وأسامة داود وحنان فكري، وأثناء وجودهم بالقدسالشرقية تعالت أصوات تتهمهم بالتطبيع مع العدو الصهيوني، وتعتبرهم خالفوا قرار الجمعية العمومية -الصادر منذ 35 عامًا- الذى يمنع التعامل مع الإسرائيليين أو أخذ تأشيرة قوى الاحتلال لدخول الأرض القدس، وهذا ما نفاه الزملاء الثلاثة المرافقون للوفد، ورفضوا الاتهام الموجه إليهم، وأعربوا عن صدمتهم فيما تناوله البعض عنهم. نقيب الصحفيين ضياء رشوان قال: إنه شكل لجنة تحقيق فى الواقعة، وإنه لا يملك أحد فى مجلس النقابة أو خارجه التعقيب أو الحديث فى هذا الشأن إلا بعد ما ستنتهى إليه اللجنة من نتائج ومعرفة كل ملابسات وتفاصيل السفر . اعتبر الكاتب الكبير "مكرم محمد أحمد" نقيب الصحفيين الأسبق، قرار التحقيق مع أعضاء مجلس النقابة العائدين من الأراضى المحتلة "تعسفًا شديدًا" من مجلس نقابة الصحفيين، لأن الزملاء سافروا إلى القدسالشرقية وليس إلى إسرائيل، وأن الفلسطينيين يستنجدون بالناس للسفر إلى الأراضى المحتلة، ويتمنون أن يزورها العرب جميعهم وسط محاولة الصهاينة تهويدها بأى شكل، وأن الرئيس محمود عباس وكل الهيئات الفلسطينية تطلب من المصريين والعرب زيارة القدس، كما أن المفتى السابق د. على جمعة سبق وأن زار القدس، وثارت ضجة –آنذاك- انتهت إلى لا شيء، وأنه هو شخصيًا – مكرم محمد أحمد- سافر إلى القدس، وحاول البعض استخدام الزيارة ضده أثناء انتخابات النقابة وبرغم ذلك نجح نقيبًا. وطالب مكرم بتغيير هذا القرار "المتزمت" –على حد قوله-، وأن يحدد فيه ألا يتعامل الصحفى مع الإسرائيليين أو مع نقابتهم، أو اتحاد الكتاب الإسرائيلي، ووصف إجراء التحقيق مع صحفى لمجرد عبوره الأراضى المحتلة، بالأمر شديد التزمت والتعسف. مشددًا على أن قرار الجمعية العمومية بمنع التطبيع، لابد أن يُفسر تفسيرًا صحيحا، ويحدد فيه عدم التعامل مع الجانب الإسرائيلي، لافتًا النظر أن زيارة المصريين أو العرب إلى "القدس" يعطى أهلها - والفلسطينيين عمومًا - "زخمًا" يخفف عنهم معاناة وآلام الحصار الإسرائيلى المستمر. ووصف "أسامة داود" الأزمة ب"المفتعلة"، قادها عدد من الزملاء، ورأى أن ضياء رشوان نقيب الصحفيين الحالى تصرف بشكل لا يليق بالصحفيين –على حد قول داود- منوهًا أن الوفد سافر إلى الأراضى الفلسطينية بناء على قرار نقابة الصحفيين، وبالتنسيق بين النقابتين المصرية والفلسطينية، وقال داود إنه اتصل بالنقيب قبل السفر بثلاثة أيام للتأكد بأنهم لن يمروا من خلال معابر إسرائيلية ولن يحتاجوا إلى تأشيرة إسرائيلية، ومن ثمَ سافروا إلى عمان، ودخلوا رام الله عن طريق جسر الملك حسين، للمشاركة فى الاحتفاء بذكرى الاستقلال الفلسطينى المواكب لذكرى وفاة ياسر عرفات، وكان ضمن الوفد المصرى المسافر نائب وزير الشباب والسفير المصري، والتقوا –هو وزملاؤه الصحفيين- بعدد من المسئولين الفلسطينيين الذين طلبوا منهم ضرورة الذهاب إلى القدس لمشاهدة وتوثيق ما يجرى على الأراضى المحتلة والأماكن المقدسة من انتهاكات إسرائيلية، وساعدهم هؤلاء الفلسطينيون فى التنقل من مكان لآخر "متسللين"، والتقوا محافظ القدس وذكر "داود" أنه أجرى حوارًا مع مفتى القدس وعدد من القيادات، الذين أكدوا للوفد المصرى أن وجودهم حجر عثرة فى وجه العدو الصهيوني، وشارك الوفد الفلسطينيين فى فاعلية أقيمت بالمسجد الأقصى. وقال "داود" كان يجب على ضياء رشوان نقيب الصحفيين أن ينتظر لحين عودة الوفد الصحفى أو يتصل بهم للتأكد مما أشيع، وكان أولى به أن يدافع عن زملائه الذين يعرفهم جيدًا، وأن يتعامل مع كل الأعضاء بمعيار واحد، واعتبر "داود" ما حدث "مزايدة" لتحقيق أهداف خاصة وشخصية. من جانبه استنكر "هشام يونس" اتهام الوفد بممارسة التطبيع مع العدو الصهيوني، كاشفًا كيفية تسللهم إلى القدسالمحتلة بدعم من المقاومة الفلسطينية الباسلة، وبغطاء من بنادق المقاومين وبحراسة الشرفاء فى القدس العربية، وليس بإذن من الصهاينة، واعتبر "يونس" ادعاء البعض لهم بالتطبيع "بلاغ أمني" مجانى لسلطات الاحتلال الإسرائيلى فى جميع أعضاء الوفد لاعتقالهم إذا تكررت الزيارة، وأن هذا الادعاء الذى جاء عبر الفضائيات جعل سلطات الاحتلال الإسرائيلى تفاجئ الوفد على جسر الملك حسين بالضفة الغربية، وتحتجز "محمود محيي" الصحفى فى جريدة اليوم السابع لمدة ساعة، وعندما أُبلغت المخابرات الأردنية احتجزت اثنين آخرين: "محمد خير الله" من الأهرام و"أحمد الليثي" من جريدة الوطن لمدة ساعة أخرى، فيما رافقت السلطات الفلسطينية الوفد من الضفة الغربية حتى دخول الجميع الطائرة فى عمان. فيما أعربت "حنان فكري" عن أسفها لأن البعض يطلق عليها وزملائها تلك الاتهامات فى وقت شديد الحساسية تعيشه مصر كلها، قائلة: لم أتصور أن يشكك البعض فى وطنيتي، فى الوقت الذى كنا نتعرض فيه لخطر الموت أو الاعتقال، وأن يتم فيه خلط الأوراق واتهامنا بالتطبيع، والحقيقة المخزية أن يأتى تصريح للرئيس الفلسطينى "أبو مازن" ينفى كل المزاعم التى أثيرت عن زيارتنا إلى القدس..وروت "حنان فكري" كيف استطاع الفلسطينيون أن يدخلوهم دون الحصول على تأشيرة إسرائيل، ومروا بسيارات عديدة دون الوقوف فى نقاط مرورية إسرائيلية، مؤكدة أن الذين يتهمونهم بالتطبيع لمجرد دخولهم القدسالشرقية، يعلمون جيدًا أنهم لم يتعاملوا مع أى إسرائيلي، وأن اتهامهم هذا بمثابة اعتراف منهم بأن القدس "إسرائيلية" وليست فلسطينية، وقد كانت هناك وفود عربية وليس الوفد المصرى فقط، وسط فرحة المقدسيين، وتساءلت: هل زيارة بيت المقدس أو كنيسة القيامة تطبيع؟! وقالت إن هناك تربصا شديدا من مجموعات داخل النقابة –للأسف- كانت محل ثقة وتقدير واحترام وثقة شديدة، فى أسماء كبيرة، وكأن سفرنا كان "فخًا" من النقابة التى رشحتنا وجازفنا فى رحلة سفر استغرقت 14 ساعة، ويبدو أنها حملة تشويه..ووصفت "حنان فكري" هذا الفعل بأنه تشويه عمدى. وفى الوقت الذى أنشأ الصحفيون العائدون من القدس «جروبا» على الفيس بوك بعنوان "صحفيون من أجل القدس" كنواة لدعم القضية الفلسطينية وفضح ممارسات الاحتلال بنقل معاناة الفلسطينيين اليومية مع إرهاب دولة إسرائيل، قام المدعون عليهم بالتطبيع بإنشاء مجموعة أخرى تحمل اسم "صحفيون ضد التطبيع مع العدو الصهيونى وعملائه" وقاموا بتركيب صورة "فوتوشوب" تجمع أعضاء مجلس النقابة الثلاثة: هشام يونس وحنان فكرى وأسامة داود وعلى يسارهم صورة نجمة داود وحاخامات، مما استفز بعض الصحفيين ومنهم الزميلة آمال عويضة التى طالبت بالتحقيق مع من وضع تلك الصورة؛ لأن الصورة المصنوعة –من وجهة نظرها- تخوين ومزايدة غير مقبولتين..ولفتت "عويضة" إلى أنه منذ أصدرت الجمعية العمومية للنقابة قرارها بمنع التطبيع الصحفى مع إسرائيل، هناك العشرات من الصحفيين ممن زاروا القدس، خصوصا بعد أحداث الانتفاضة الثانية فى 2001 واتفاقية غزة - أريحا، ولم يتم التحقيق معهم - وقالت وأنا منهم- إذ قمت بتغطية أحداث الانتفاضة الثانية لمجلة الشباب وحصلت عنها على جائزة، وكان ذلك بدعم وترشيح من رئيس تحريرها الراحل عبد الوهاب مطاوع ، وبموافقة ضمنية للنقيب ورئيس مجلس إدارة الأهرام آنذاك إبراهيم نافع، وترى أنه إذا كان لابد من إجراء تحقيق فالأولى التحقيق بأثر رجعي، وحصر كل الأسماء التى سافرت خلال الأعوام الماضية، والتحقيق معها، وإعادة النظر فى القرار وتوضيحه أو تعديله، حتى لا يكون الأمر بمثابة تقديم كباش للفداء، وإثارة زوبعة ضد أسماء بعينها.