المعتصم بالله حمدى هل يشهد الفن المصري غياب عدد من نجومه خلال الفترة المقبلة، بعد أن أبدوا رغبتهم في الاعتزال؟ هذا السؤال يفرض نفسه في الوسط الفنى، بعد زيادة الاعتراضات على ما يقدم الآن من أعمال فنية هابطة تصر علي تقديمها شركات الإنتاج الخاصة بحجة أن «الجمهور عايز كده» ومن خلال التحقيق التالي نستعرض أسباب اتجاه عدد من الفنانين لاعتزال الفن ورؤية البعض لهذا القرار، وهل سيكون بمثابة ظاهرة خلال الفترة المقبلة، أما أن صناعة الفن ستتحسن مع هدوء الأوضاع في الشارع المصري ومحاربة الفساد بكل أشكاله ومجالاته ومنه الفن. الفنانة تيسير فهمى، أكدت أن اعتزالها للفن جاء بسبب انشغالها بالعمل السياسى منذ اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011، حيث أوضحت أن بعد هذه الثورة مباشرة وجدت نفسها مشغولة بأحوال البلاد مثل باقى المصريين حتى قامت ثورة 30 يونيو، والتى صححت مسار البلاد، وأنها ركزت جهودها فى تأسيس حزب سياسى، لافتة النظر إلى أن الفن أعطاها الكثير وهو حب الناس، ولابد أن تكون مقدرة لهذا وتسعى للتعبير عن آرائهم وعما يريدون من خلال الطريق الجديد الذى اختارته وهو طريق السياسة وخدمة قضايا مصر التي هي في أمس الحاجة لمن يدعمها. وأوضحت تيسير أن الفن الحالي يحتاج لثورة هو الآخر حتي يعود كما كان ويؤثر إيجابيا في الأسرة المصرية، كما أن ما يعرض حاليا من أعمال سينمائية وتليفزيونية يؤكد أن هناك أموراً عديدة سلبية لابد من تصحيحها لأن الأجيال الجديدة تعاني من تدهور الفن ولو استمر الوضع كما هو، فستكون العواقب وخيمة. أما الفنانة آثار الحكيم، فهي واحدة من أبرز الأسماء الذين اتخذوا قرارا بالاعتزال رغم إجماع الكثيرين علي موهبتها الكبيرة وطاقتها الفنية الإيجابية، وهي أكدت أن اعتزالها المفاجئ للفن جاء لتدهور الساحة الفنية بجميع عناصرها، فأصبحت مهنة من لا مهنة له، وأصبحت صناعة الفن تدار بشكل سيئ وبعيد عن الاحترافية، وهو ما أصبح يظهر على الشاشة من خلال السينما الرخيصة التى نراها، والألفاظ الإباحية المباشرة التى تمتلئ بها هذه الأفلام، فضلا عما نراه أيضا فى المسلسلات التلفزيونية التي أصبحت الألفاظ الخارجة مسيطرة علي بعضها. وشددت آثار الحكيم، علي أنها حرصت على الاعتزال وهى فى كامل صحتها وتعرض عليها سيناريوهات كثيرة، مثلما فعلت النجمتان القديرتان هند رستم وليلى مراد، اللتان اعتزلتا الفن وهما فى كامل صحتهما، وليس صحيحا أنها ستقاطع الفن لعدم وجود فرص عمل أمامها، لأن العديد من شركات الإنتاج تقدم لها أدوارا في أعمال فنية جديدة، ولكنها غير مقتنعة بالوضع الفني الحالي. الفنان عزت العلايلي، أوضح أن اتجاه عدد من الفنانين الكبار للاعتزال جاء كتعبير عن الحالة السيئة التي تعيش فيها الساحة الفنية والمرتبطة بالظروف السياسية المتوترة والحالة الاقتصادية، وأيضا رغبة بعض شركات الإنتاج في تحقيق ربح مادي علي حساب المضمون، ولهذا نشاهد أفلاماً سينمائية تعتمد علي الرقص والعنف والأغاني الشعبية وغابت الأفلام السينمائية التي تعبر عن موضوعات تشغل بال المواطن المصري والعربي. وأكد العلايلي أنه يطالب الفنانين الموهوبين بالصبر والعودة مجددا للعمل عندما تتحسن الظروف لأن دورهم إيجابي للغاية والجمهور في حاجة إلي أعمالهم. وطالب أيضا الفنانين الشباب والكبار عدم التركيز علي أعمال النجم الأوحد لأن المستقبل للعمل الجماعي والدليل علي ذلك أن المسلسلات والأفلام التي تعتمد علي نجومية فنان معين لا تحقق النجاح المطلوب وتنتهي سريعا وإذا غيرت شركات الإنتاج سياستها ستتغير العديد من الأمور منها رغبة النجوم في الاعتزال. كما شدد علي ضرورة تواصل الأجيال في الساحة الفنية المصرية وأن تتدخل الدولة لدعم صناعة الدراما بدل من تركها لشركات الإنتاج الخاصة التي كثيرا ما تقدم أعمالا تجارية ضعيفة وتبحث فقط عن كيفية تسويق أعمالها والتعاقد مع أسماء معينة وعدم التركيز علي جودة النصوص الدرامية. ونفي العلايلي أن يكون اعتزال الفن ظاهرة تفرض نفسها علي الساحة خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن تحسن الأوضاع سيجعل هناك حماسة لاستكمال المشوار والدراما المصرية يمكن أن تستوعب الجميع. وقالت الفنانة رجاء الجداوي، إنها حزينة للحالة التي وصل لها الفن المصري، ورغم ذلك فإنها مستعدة للوجود في أي عمل فني جاد ولا يشغلها إن كان المشاركون فيه نجوماً أم وجوهاً جديدة، فالمهم عندها قيمة هذا العمل، فهي رغم تقدمها في السن إلا أن حبها للعمل والفن دائما ما يعترض أي محاولة من جانبها للاعتزال وهذا الأمر طبيعي لأنه طوال سنوات مشوارها الفني وهي تعمل من أجل الفن فقط ولم بحث عن الربح المادي أو مجرد الوجود فقط. وطالبت رجاء الجداوي، كل الفنانين الذين يفكرون في الاعتزال أن يراجعوا أنفسهم ويتخلوا عن إحباطهم من السلبيات التي تحاصر الساحة الفنية لأنه من المؤكد أن هذ الوضع لن يدوم والجمهور سيقاطع الأعمال التي لا يجد نفسه فيها، ومازالت هناك جهات إنتاج محترمة تقدم أعمالا قوية والاعتزال لن يحل المشكلة بل سيزيد من تعقيدها، لأن أي فنان محترم سيترك الساحة الفنية، فإنه يظلم بذلك الجمهور الذي يحتاج لموهبته وفنه الراقي. أما الفنان يوسف شعبان، فعبر عن اعتراضه الشديد علي العشوائية والفوضي التى شهدها الوسط الفنى والصبغة التجارية التى فرضت نفسها على معظم جهات الإنتاج، وعدم وجود أعمال تدعم طاقته كممثل أو تتلامس مع كيانه وميوله الفنية، فالقائمون على الفن انصرفوا عن القضايا المهمة التى من المفترض أن تكون محل الاهتمام الأول للفن، وانشغلوا بالربح المادى وقدموا العديد من الأعمال التى لا تعبر عن ثقافتنا الشرقية. وأوضح يوسف شعبان، أن أي فنان قد يقرر الاعتزال إلى حين أن يجد عملا مناسبا له، وسيظل مبتعدا حتى لا يقدم شيئا غير راض عنه، ويكون الاعتزال هو القرار الصحيح الذى اتخذه، ولن يندم عليه لأنه لم يبحث عن المال والشهرة من الفن، ولكنه كان حريصا علي خدمة الناس بأعمال جادة لها أهداف حقيقية وتعبر عن نبض الشارع. المنتج أحمد السبكي، يدافع عن سياسته الإنتاجية ويؤكد أنه يوفر فرص عمل لفنانين من أجيال مختلفة ويقدم أفلاما متنوعة وإذا كا هناك بعض النجوم يفكرون في الاعتزال، فهذا القرار يرجع لهم وهو راض عما يقدمه من أعمال رغم الانتقادات الموجهه إليه، فهو قدم أعمالا قوية مثل "كباريه" و"ساعة ونص" وغيرها من الأفلام، ويتواصل أيضا مع الشباب بأفلام الفنان محمد رمضان، وهو يري أنه من الطبيعي أن تتواصل الأجيال في الأعمال الفنية التي تنتج حاليا بحيث تتوفر فرص عمل للجميع.