شاهيناز العقباوى لأنه مشروع القرن الذى سينقل مصر من الظلمة الاقتصادية إلى النور والتقدم، أثيرت حوله العديد من المشكلات، وبرغم أهميته تأخر تنفيذه كثيرا، لأسباب بعضها مادية وأخرى سياسية، ولكن بوجه عام عاد مرة أخرى ويطالب البعض بتنفيذه، لأن مزاياه الاقتصادية لا تعد ولا تحصى، لذا حاولنا خلال هذا التحقيق عرض أهم وجهات النظر الاقتصادية حول هذا المشروع العملاق، بعد تخليصه من الاستهداف الإخوانى ومحاولتهم لتقسيم مصر من خلال محاور تنفيذه التى أشرف عليها خيرت الشاطر بنفسه. الدكتورة درية شرف الدين، وزيرة الإعلام، قالت فى هذا العدد إن مجلس الوزراء ناقش مدى أهمية مشروع تنمية منطقة قناة السويس، باعتباره مشروعا قوميًا عظيمًا سيتيح لمصر دخلا قومياً وفرص عمل خاصة لأبناء سيناء. .وأضافت الوزيرة أن المجلس أكد أن المشروع سيتم تنفيذه بما يحافظ على الأمن القومى، وأن هيئة قناة السويس هى المظلة الرسمية لهذا المشروع، وسيتم التعاون والتنسيق بينها وبين الوزارات المعنية، وسيتم طرح هذا المشروع فى إطار حوار مجتمعى شامل. واعتبار هذا المشروع القومى الجديد لمصر الذى يستحق أن يلتف حوله كل المصريين لما سوف يتيحه من فرص استثمارية عظيمة تضاعف الدخل القومى وتوفر فرص عمل هائلة للمصريين خاصة من قاطنى إقليم القناة بمحافظاته الثلاث ومن أبناء سيناء، وبما يمكن أن يحققه من جذب للصناعات التكاملية والأنشطة اللوجيستية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب الصحراء. ويؤكد مجلس الوزراء أن هذا المشروع سيتم تنفيذه بما يحافظ على البعد الأمنى والقومى لمصر ولمنطقة القناة بصفة خاصة، وأنه لا صلة له بمشروعات سابقة تم طرحها من قبل ولاقت رفضاً شعبياً لتهديدها لأمن واستقلال البلاد. وأوضحت الوزيرة فى تصريحات صحفية أن هيئة قناة السويس هى المظلة الرسمية لهذا المشروع بما تملكه من إمكانات وخبرات ودراسات وسمعة وثقة عالمية ومنوط بالهيئة الإعلام والطرح للدراسات التفصيلية لهذا المشروع، وسيتم التعاون والتنسيق بينها وبين الوزارات المعنية..وسوف يتم طرح تفاصيل هذا المشروع القومى الكبيرعلى المواطنين المصريين فى إطار حوار مجتمعى شامل، أملاً فى الوصول به إلى آفاق كبيرة لخدمة مصر والعالم. من جانبها الدكتورة علياء المهدى، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ترى أن فكرة المشروع تقوم فى الأساس على الاستفادة اقتصاديا من حجم السلع التى تمر بقناة السويس، إذا علمنا أن قيمة مايعبر القناة سنويا يتخطى 1.6 تريليون دولار وهذا يعادل عشرة في المئة من إجمالي السلع المشحونة عالميا. ومصر تحصل على 5.4 مليار دولار من خلال رسوم مرور السفن، وهو رقم ضئيل جدا لا يتناسب مع حجم القناة اقتصاديا، فإذا استطعنا إقناع السفن بالتوقف على الأقل لأعمال الصيانة أو الإصلاحات عبر إنشاء منطقة خدمات لوجستية، فستحدث حركة تجارية شاملة فى المكان ستقضي علي كم كبير من المشكلات التي نعاني منها حاليا، وبالتالى إذا تم تنفيذ المشروع سينقلنا من دولة متخلفة إلي دولة متقدمة ويوفر الآلاف من فرص العمل، كما سينقل ثلاثة ملايين نسمة من العاصمة ومحيطها، بعد تنمية محاوره الثلاثة الشمال والوسط والجنوب، إلى العمل هناك، بالإضافة إلى السياحة حيث إن 6.82 ٪ من السياحة بمصر داخل سيناء بما يبشر بتعمير وإنشاء العديد من المشروعات السياحية علي الجانب الشرقي للقناة لتعمير الشريط الغربي لسيناء إلي جانب مصانع الأسمنت والبترول وأعمال التكرير واستخراج المنجنيز والفحم بجانب المصايد السمكية، هذا إلى جانب ما سيتم إنشاؤه من ترسانات بحرية علي طول القناة ومصانع حاويات وتخريط سفن وهي ذات عمالة كثيفة، وبالتالي تعمير سيناء سيصبح أكثر سهولة ويخلق فرص عمل لأهلها، مما يحقق أمنا قوميا متكاملا للبلاد فهو مشروع عملاق إذا جاز التعبير لوصفه..وقالت: إن إمكانات ممر القناة ضخمة وإنها ستجذب بسهولة المستثمرين إذا ألغيت الإجراءات البيروقراطية غير الضرورية، لذا فبعد الانتهاء من المشروع وحتى قبله، لن نحتاج إلى الجهد لجذب المستثمرين لأنه يستغل نجاحات واسم وسمعة أهم ممر ملاحي عالمي..ونوهت د.علياء، بضرورة استخدام مفهوم المناطق اللوجستية بدلا من التجارية لجعل منطقة القناة مركزا اقتصاديا عالميا، ولكن في البداية يجب دراسة مفهوم المناطق اللوجستية وإمكانية تنفيذها في مصر، وعلي ذلك فنحن نتحدث عن' عملية تخطيط وتنفيذ وتطبيق الرقابة والتحكم علي التدفق والتخزين الفاعل والمؤثر للسلع والخدمات والمعلومات المتعلقة، وذلك ابتداء من نقطة المنشأ إلي نقطة الاستهلاك لتحقيق متطلبات العملاء. بينما يرى الدكتور فخرى الفقى، أستاذ الاقتصاد السياسى بكلية الاقتصاد والعلوم السياسة أنه مشروع واعد للغاية ومجد جدا من الناحية الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية لمصر ولكن توقيت طرحه حاليا غير ملائم من الناحية المادية، لأن الوضع الاقتصادى لمصر هش للغاية ولدينا عجز فى الموازنة والدين المحلى والخارجى أصبح يفوق تريليون جنيه، وهذا يعنى دخولنا فى مرحلة الخطر، ولكى يحقق الهدف منه لابد من تحويله إلى مشروع قومى وهدف عام لكنه يحتاج إلى الوقت الكافى ليتم التخطيط الجيد له ودراسته اقتصاديا لاسيما ما يتعلق بالتمويل، لأن هناك العديد من المستثمرين الأجانب الذين يدركون أهمية قناة السويس العالمية، ومستقبل هذا المشروع الواعد الذى بالتأكيد لن يقل عائده سنويا عن 100 مليار دولار، وذلك طبقا لآخر الإحصائيات، لن يترددوا فى المشاركة والمساهمة فيه..والمشكلة الآن، والكلام يعود للدكتور فخرى، ليست فيما سيحققه المشروع من أرباح ولكن فى الأموال المطلوبة لإقامته، لاسيما أنها تتجاوز المليارات، وسبق وعرض على العديد من الدول للمشاركة، وبادر الكثير منها لعرض خدماته المادية، ولكننى من أنصار أن يكون المشروع مصرياً خالصاً وأفضل وسيلة لذلك هى طرحه فى صورة أسهم على الشعب، هذا فضلا عن دعوة المصريين العاملين فى الخارج، والذين يتجاوز تعدادهم الثمانية ملايين مصرى، للمشاركة إذا طرح المشروع عليهم، وبالتأكيد لن يترددوا فى المساهمة فى بناء مشروع القرن لمصر والذى لايقل أهمية عن بناء السد العالى..ولفت الفقى النظر إلى أن انتشار الشائعات حول المشروع تعود إلى حساسية المكان من الناحية السياسية، لأن قناة السويس ممر دولى عالمى وسياسى قبل أن يكون اقتصادياً تنموياً، هذا فضلا عن أنه من أكثر المشروعات ربحية دون جدال ولا يحتاج الأمر إلى برهان، فهناك الكثير من المتربصين بمصر الذين لا يرغبون فى أن تتقدم خطوات إلى الأمام..ولا يبتعد الدكتور مصطفى السعيد، وزير الاقتصاد الأسبق، عن هذه الفكرة من حيث أهمية المشروع لمصر، ويؤكد أنه لم يحظ بالدعاية الكافية له من حيث الترويج لجذب المستثمرين برغم اهتمام الدولة به منذ سنوات وعكوف الكثيرين على التخطيط له، خصوصاً أن فكرته بسيطة وتقوم على مرحلتين: الأولى إنشاء تفريعة جديدة من البحيرات المرة وصولا إلى البحر المتوسط بمواصفات عالمية تسمح بمرور جميع السفن، والثانية تطوير المناطق المحيطة بمجرى القناة من السويس إلى بورسعيد بمشاريع تخدم حركة الملاحة العالمية، مثل صناعة السفن ومناطق تجميع التجارة وأخرى سياحية، هذا فضلا عن تطوير حركة الملاحة فى القناة لتواكب الزيادة فى حركة التجارة العالمية..لكن، كما يقول السعيد، لأسباب غير معروفة تأخر إنشاءه، برغم أنه يفوق مشروع توشكى فى أهميته ويسبقه من حيث التخطيط، لكن بشكل عام لا يمكن الاختلاف حول حجم الفائدة الضخمة والمتنوعة له سواء السياسية أم الاقتصادية وحتى الاجتماعية التنموية التى ستعود على مصر .