هشام الصافورى لا يمكن أن نفصل بين المشهد السياسى وتطوراته وبين المشهد الاقتصادي، لأن المشهد الاقتصادي ربما يكون سببا في إرغام الجميع علي إيجاد حلول سياسية، وإذا أصرت سلطة الانقلاب علي الحلول الأمنية، فلن تكون هناك حلول سياسية ولا مفاوضات، والجرائم التي ارتكبت في فض الاعتصام هي في حقيقتها جرائم حرب يعاقب عليها القانون الجنائي الدولي، وأعجب ممن كانوا يعتبرون أن مساعدات قطر وتركيا لمصر أيام مرسي تدخلا في شئوننا الداخلية، والآن هم يهرولون لطلب المساعدة من الإمارات والسعودية، ولا يرون في ذلك تدخلا في شئوننا، والمساعدات السعودية والإماراتية لن تستطيع حماية الاقتصاد المصري من الانهيار لأكثر من أسبوعين قادمين، في ظل عدم وجود إنتاج ولا سياحة، وتأكدنا من تبعية حزب «النور» لأمن الدولة بعد إعلانه أن الخروج علي الحاكم حرام أيام مبارك، وإقراره الخروج علي مرسي في 30 يونيو. هذه هي أبرز العناوين التي جاءت علي لسان عمرو عبد الهادي، المتحدث باسم جبهة "الضمير" في حواره مع "الأهرام العربي"، والذي أكد أن تسريب فيديوهات "علي جمعة وعمرو خالد وسالم عبد الجليل" من داخل الشئون المعنوية لعرضها علي المصريين، هو دليل علي أن الانقلابيين بدأوا في التخلص من كل من ساعدهم وشاركهم وتواطأ معهم حتي لا يكونون سكينا في ظهرهم بعد ذلك. بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، وسلسلة الاعتقالات فى صفوف جماعة الإخوان المسلمين، والسير قدما نحو خارطة الطريق.. كيف ترى المشهد السياسى المصرى فى الفترة المقبلة؟ المشهد الآن أقرب إلى حرب استنزاف، وهذا قد يصل بنا إلى مشكلة اقتصادية كبيرة، فنحن دولة غير منتجة وهناك حظر تجول، وتحركات غير محسوبة من حكومة الانقلاب العسكري، وعدم اعتراف دولى بهذه الحكومة، وهذا كله يصب فى اتجاه انهيار جميع مؤسسات الدولة، وحازم الببلاوى قالها صراحة إنه عنده عجز فى السلع التموينية والطاقة. أنا أحدثك عن المشهد السياسى وسبل الوصول إلى حل يرضى جميع الأطراف، ولا أحدثك عن المشاكل الاقتصادية؟ لا يمكن أن نفصل بين المشهد السياسى وتطوراته وبين المشهد الاقتصادي، لأن المشهد الاقتصادى ربما يكون سببا فى إرغام الجميع على إيجاد حلول سياسية، ومع ذلك أقول: إن الحلول الآن باتت فى يد سلطة الانقلاب وحدها، من خلال تنحية من شاركوا فى هذا الانقلاب بعيدا عن المشهد السياسي، وضمان خروج آمن لهم، وتولى قيادة جديدة رشيدة من المؤسسة العسكرية تعمل على تجميع كل الأطراف مرة أخرى للجلوس على طاولة المفاوضات فى إطار الشرعية، لكن إذا أصرت سلطة الانقلاب على الحلول الأمنية ومع نزيف الدم الذى لا يتوقف ومع كل هذه الاعتقالات، فلن تكون هناك حلول سياسية ولا مفاوضات. أفهم من كلامك أنكم لن ترضوا بأى حل سياسى فى ظل وجود القيادة العسكرية الحالية؟ لا يمكن أن يكون هناك أى حل من أى نوع فى ظل وجود القيادة العسكرية الحالية. الحديث عن فض اعتصامى رابعة والنهضة لا يخلو من الإشارة إلى وجود أسلحة داخل هذه الاعتصامات وأن تدخل قوات الأمن بهذا الشكل الذى اعتبره البعض استخداماً مفرطاً للقوة أمر طبيعي؟ الفريق عبد الفتاح السيسي، قال بنفسه إن هذا الاعتصام كان به ما يقرب من 50 مسلحاً، وهذا كلام غير صحيح بالمرة، وعلى فرض أن كلامه صحيح، فاتفاقية جنيف تقول بشكل واضح إنه لو كان هناك مجموعة مسالمة وفى وسطهم مجموعة من المسلحين، فلا يجوز ترويعهم أو قتل المسالمين بذنب المسلحين، وقد رأينا أنه بعد أن كانت هناك من يروج لوجود أسلحة ثقيلة وكيماوية داخل الاعتصام، انتهى الأمر إلى الحديث عن "نبل وبلي"، فى مواجهة دبابات ومجنزرات وطائرات حربية ورصاص حى وقنابل حارقة، وقد رأيت صورة لضابط معه رشاش آلى وهو يمسك ببلية فى يده ويرفعها عاليا وكأنه وجد قنبلة نووية، وهذه الجرائم التى ارتكبت فى فض الاعتصام هى فى حقيقتها جرائم حرب يعاقب عليها القانون الجنائى الدولي. بعد كل هذا أما زلتم مصرين على عودة الرئيس مرسي؟ هذا السؤال يجيب عنه الشعب المصرى الذى يخرج كل يوم فى مظاهرات حاشدة ليطالب بالشرعية، وليس أنا. ما قضيتكم بالضبط؟ قضيتنا الديمقراطية، التى تحترم أصوات الشعب المصرى ورغباته من خلال صناديق الانتخاب الحرة النزيهة. بعد فشل مظاهرات 30 أغسطس فى إحداث ثورة جديدة وإسقاط ما تسمونه بالانقلاب العسكرى، على أى شيء تراهنون بعد ذلك؟ التليفزيون المصرى كان ينقل صورة النيل وميادين مصر كانت محتشدة فى ثورة 25 يناير، وهذا الأمر يتكرر الآن، الميادين والشوارع والقرى والنجوع فى 30 أغسطس كانت ممتلئة وإعلام الانقلاب يقول إن الشوارع فارغة، هذه هى عادتهم، لكن الحقيقة أن مظاهرات 30 أغسطس كانت ناجحة ومبهرة بكل المقاييس، ويمكن الرجوع لصور وفيديوهات هذا اليوم لترى بعينيك عدد المدن والقرى والشوارع التى كانت بها التظاهرات ولا أقول لك عدد المتظاهرين. فى حال عدم الاستجابة لمطالبكم..هل يمكن أن تلجأوا للعصيان المدني؟ العصيان المدنى سيأتى بشكل تلقائي، لأن هناك حظر تجول، وأعتقد أنه فى القريب سيكون هناك مشكلة فى الرواتب، وهناك مشاكل أمنية عديدة، ومع الاقتراض على المكشوف من ودائع الناس، ومع اختراع سراب الإرهاب وتصديره للعالم الخارجى كحقيقة، سيأتى العصيان المدنى الكامل لا محالة. موقف الإمارات والسعودية مغاير تماما لموقف قطر وتركيا من الأحداث الجارية فى مصر.. كيف تفسر هذا الأمر؟ أنا ضد المساعدات وضد التدخل فى شئوننا، لكن المساعدات أيام مرسى كانت حتمية والآن أيضا أراها حتمية، وبصراحة أنا لا ألوم على أى من هذه الدول، وكل حر فى موقفه، لكنى أعجب ممن كانوا يعتبرون أن مساعدات قطر وتركيا لمصر أيام مرسى تدخلا فى شئوننا الداخلية، والآن هم يهرولون لطلب المساعدة من الإمارات والسعودية ولا يرون فى ذلك تدخلا فى شئوننا، وهذه هى قمة الازدواجية. كم من الوقت يستطيع الاقتصاد المصرى الصمود فى وجه هذه المشاكل الطاحنة وفى ظل المساعدات السعودية والإماراتية؟ أعتقد أن المساعدات السعودية والإماراتية لن تستطيع حماية الاقتصاد المصرى من الانهيار لأكثر من أسبوعين قادمين، فى ظل عدم وجود إنتاج ولا سياحة، وفى ظل وجود الانقلابيين فى السلطة، ومن اختارهم الشعب فى السجون. كيف تنظرون إلى موقف حزب "النور" من الإطاحة بالرئيس مرسي؟ حزب "النور" تابع لأمن الدولة، وقد تأكدنا من ذلك بعد إعلانه أن الخروج على الحاكم حرام أيام مبارك، وفى 30 يونيو أقر الخروج على مرسي، ثم إن تكوين الحزب بهذه السرعة بعد ثورة 25 يناير وهذه الأصوات الكبيرة التى حصل عليها فى الانتخابات السابقة برغم حداثة عهده بالسياسة أمر مثير للشكوك، ونحن لا نعول عليه كثيرا، وسينكل به من الانقلابيين فى القريب العاجل. انتشرت مجموعة من الفيديوهات المصورة داخل الشئون المعنوية بالقوات المسلحة ويظهر فيها "د.على جمعة وعمرو خالد وسالم عبد الجليل"، وهم يفتون للجنود بأن الموجودين فى اعتصامى رابعة والنهضة خوارج ويجب قتلهم.. كيف تنظرون لهذا الأمر؟ هؤلاء هم شيوخ السلطان، فلا حرج عليهم، ونفس هذه الوجوه هى من كفرت من خرج ضد حسنى مبارك، لكن الأهم فى الموضوع هو تسريب هذه الفيديوهات من داخل الشئون المعنوية لعرضها على المصريين، وهذا دليل على أن الانقلابيين بدأوا فى التخلص من كل من ساعدهم وشاركهم وتواطأ معهم حتى لا يكونون سكينا فى ظهرهم بعد ذلك