وفاء فراج آراؤه صادمة وصريحة يتحدث بواقع خبرته الطويلة في مجالي القانون والسياسة ومعاصرته لعهود سياسية مختلفة، دافع كثيرا عن الإخوان المسلمين في عهد الرئيس حسني مبارك، ولكنه صدم فيهم بعد توليهم مقاليد البلاد، الدكتور علي الغتيت أستاذ القانون والاقتصاد الدولي ورئيس المجلس الاستشاري بعد الثورة، الأحداث الأخيرة التي تشهدها البلاد أخرجته من صمته ليتحدث إلي «الأهرام العربي» ليعرض قراءته للموقف في الداخل والخارج وتسجيل رفضه في إمكانات عودة الإخوان والتيارات الإسلامية إلي الحياة السياسية بعد كشف مخططهم لتقسيم وبيع مصر.هذا وقضايا أخري نقرأها في السطور المقبلة. هل تري دوراً للإسلام السياسي في مستقبل الحياة السياسية في مصر في الوقت الراهن؟ في البداية أتوقف عند المصطلح المزيف «الإسلام السياسي» والذي أدخل في قاموس النشاط الاجتماعي والفكري في الدولة من أجل أن يكون زريعة لبناء غير صحي للهيمنة بحجة الدين متنافيا مع قواعد الديمقراطية، كما أنه لم يكن هناك في الدين الإسلامي تصنيفات إسلام اجتماعي وإسلام اقتصادي وغيرها، فتلك المصطلحات ضد الإسلام نفسه وصنيعة الخارج، وإذا سلمنا بدقة المصطلح إذن سيكون لدينا غدا المسيحية السياسية واليهودية السياسية وغيرها، مما يؤدي إلي فوضي لغوية وواقعية علي الأرض، خصوصا أن كل الجماعات المتطرفة التي ظهرت في العالم كانت تستتر وراء دين لتتمكن من فرض آرائها السياسية الشاذة علي أكبر عدد ممكن من البسطاء. تقول إن هذا المصطلح صنيعة الخارج لماذا؟ وما الاستفادة من ورائه؟ هذا المصطلح يحمل أخطاراً لا حصر لها لأن الدول التي لها مصلحة في المنطقة سياسية واقتصادية وعلي رأسهم الولاياتالمتحدةالأمريكية أطلقت هذا المصطلح الشيطاني ونشرته ليكون وسيلتها في تحجيم الحرية السياسية من خلال الجماعات الإسلامية الطامعة في الحكم وإعطائها صفة الألوهية لتستطيع بها أن تخضع من حولها باسم الدين تحت مبدأ السمع والطاعة وألا يكون كافرا، وهذه إحدي وسائل الحروب الجديدة لفرض السيطرة و«الهيمنة بالوكالة»، علي الرغم من أن مصطلح الإسلام السياسي جاء علي لسان المستشرقين الأوائل تمهيدا إلي احتلال الدول التابعة لها تلك البلدان. كيف تري المعتصمين في ميداني رابعة والنهضة؟ وهل يستطيعون التواصل من جديد مع المجتمع والحياة السياسية؟ الرجال عندما يخسروا معركة عليهم أن يدركوا أنها الحقيقة لكن المكابرة في الهزيمة من شأنها التأكيد علي أن فكر هذه الجماعة وأنصارها أصحاب فكر مسطح وجنون للعظمة يمنعهم من الإدراك البشري أنه كما له حقوق فالآخرين لهم أيضا حقوق، والأهم حق المجتمع في الحساب فيمن أخطأ عندما تسلم السلطة وتحمل المسئولية هذا الأمر الذي يرفضون الاعتراف به تماما، وما يحدث منهم الآن من تصعيد ومكابرة وغطرسة وكثير من الفزع يقضي علي أي فرصة لهم في الرجوع إلي الحياة السياسة بل يحتاجون إلي علاج نفسي لأنهم اعتقدوا أنهم امتلكوا مصر في ظروف استثنائية وحاولوا أن يمارسوا سياستهم في التحكم والخنوع ولكنهم فشلوا فتحول الأمر لديهم إلي إنكار كل شىء ليس علي هواهم. كنت من المدافعين عن الإخوان في عهد الرئيس مبارك ألا تتعاطف معهم الآن قليلا؟ وقت دفاعي عنهم كنت أدافع عن حق منتهك أما بعد وصولهم للحكم هم أول من انتهك الحق وظهرت ممارستهم الفاشلة بعض أيام من حكم محمد مرسي في رفضه حكم المحكمة الدستورية العليا في حل البرلمان وإصداره قراراً لإعادته للعمل وكنت شاهد عيان، وقتها عندما رفعت قضية لإلغاء قراره المعتدي علي السلطة القضائية وفوجئت يوم المحكمة بوجود أكثر من 30 محاميا حاضرين عن مرسي بشكل غير قانوني وأهمهم صبحي صالح ومحمد عبد المقصود وعلي مدار 8 ساعات قاموا بسب المحكمة وأعضائها وشككوا في ذمتهم وسبوهم علنا حتي يجعلوا القضاة يتعصبون في الرد عليهم فيستغلوا الفرصة ويطالبوا برد المحكمة وليس هناك محكمة أخري مختصة فتنهار المحكمة الدستورية ويظل الوضع علي قرار مرسي، ومن هذا الوقت الذي وجدت فيه الإخوان يحاولون بكل الطرق التقليل من شرف القضاة وهدم مؤسسة القضاء فيما بعد أيقنت أنهم جماعة للإجرام السياسي جاءت إلي الحكم لتقسيم مصر لمصلحة أجنبية، وهذا ما تأكد فيما بعد عندما عملوا قانون الصكوك والذي يسمح ببيع كل شىء وكنت موجوداً مع لجنة مناقشة الأزهر للمشروع عند رفضه ثم مشروع هيئة قناة السويس التي تحرمنا من القناة من جديد، بعد أن أممها عبد الناصر، بالإضافة إلي وثيقة بيع سيناء وهو أمر حقيقي وليس مجرد كلام واتهامات والأيام المقبلة ستظهر كل الحقائق أمام المجتمع، ولو كنا في العصور الوسطي كانت جماعة الإخوان ومحمد مرسي بعد أن اقترفوا كل تلك الموبيقات كانوا ذهبوا فورا إلي المقصلة. لكن التيارات الإسلامية ليست الإخوان فقط فهناك السلفيون والجماعة الإسلامية وغيرهم الذي ممكن أن يكون لهم دور في المشهد السياسي ما رأيك؟ لا نريد أن نخدع أنفسنا فكل تلك التنويعات والأحزاب والحركات الإسلامية هم في النهاية واحد فكلهم فروع من نفس الشجرة جميعهم عقيدتهم العنف واستغلال الدين للوصول للحكم وتفتيت المجتمع من أجل الغير، خصوصا أن فكرهم يشبه الفكر الصهيوني في التعالي والتكبر وأنهم الشعب الأفضل، وما تسعى إليه تلك التيارات الدينية أنها تعمل عددا من الإمارات الدينية لتبرير وجود الدولة الإسرائيلية القائمة علي أساس الدين اليهودي، وأري إذا كانوا يصرون علي فكرة إنشاء دولة دينية فليذهبوا جميعا إلي مدينة في أفغانستان أو أمريكا ليكونوا صورة أخري من دولة الفاتيكان ولكن بصبغة إسلامية. ولكن هناك دعوات لتقبل المنشقين عن الإخوان والجماعات الأخري غير المتورطين في العنف في الحياة السياسية؟ لا مانع من اشتراك أي مواطن في الحياة السياسية، لكن وفق قوانين صارمة من الدولة المدنية، أهمها عدم السماح بإنشاء أحزاب علي أساس أو مرجعية دينية وانفصال الدين عن العمل السياسي، لأنه عندما يظهر الدين علي السطح السياسي يحدث الاقتتال باسمه، وعموما لأن أمر فصل هذه الجماعات الدين عن العمل السياسي لن يفلحوا فيه ولا توجد فرصة سواء في مصر أم الوطن العربي أم العالم كله للإسلام السياسي أو المسيح السياسي أو اليهود السياسي. علي ذكر الوطن العربي هل فشل تجربة الإسلام السياسي أثر علي مثيلاتها في الوطن العربي؟ كما انكشف أمر الإخوان في مصر انكشف أيضا في سوريا التي حولها المشروع الإسلامي الإخواني إلي خراب ودمار من أجل عيون من يدفع بهم ويدعمهم للقيام بهذا الدور وأهمهم الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض الدول الأوروبية تحقيقا لمخطط تقسيم المنطقة وتفتيتها، وكما لفظت مصر الإخوان سيلفظهم كل الشعوب في البلدان المجاورة. مع انكشاف أمر الإخوان وسقوط شعبيتها.. لماذا تصر الدول المهيمنة علي دعمهم والوقوف خلفهم؟ الدول المهيمنة رتبت لنفسها هذا الدور في تحريك تلك الجماعات التي صنعتها وسوف يستمرون في استخدامهم بشكل علني، خصوصا أنه بعد رفض المجتمعات لهم سيكون تأثيرهم أقوي في خلق الفوضي والصدام كما يحدث الآن في مصر، وحتي لو اختفي الإسلام السياسي من المنطقة ستوجد الدول صاحبة الهيمنة والمصالح الإستراتيجية في المنطقة من إندونيسيا إلي المغرب البديل السريع لتكملة مخططها في التفتيت وحتي الآن فإن التيارات الإسلامية تقوم بهذا الدور علي أكمل وجه. كيف تقرأ المشهد الراهن في مصر الآن من كل أطرافه وهل هناك حل؟ بالنسبة للخارج ستقف دائما للحيلولة دون نهوض الدولة وتقدمها، أما الإخوان وأمر فض اعتصامهم من عدمه الذي أصبح الشغل الشاغل للجميع أؤكد أن الاعتصام سوف يفض في النهاية، ولكن يجب علي الشعب الذي فوض الفريق السيسي والجيش أن يثق فيهما ويترك لهما الأمر بالكامل ولا يضغط علي الفريق السيسي حتي لا ندفعه كما دفع الشعب جمال عبد الناصر إلي الدخول في حرب 67 دون الحاجة إلي دخولها، أو كما ضغطوا علي السادات بعد توليه عام 71 حتي نصر 73 وتلك الضغوط وعدم الصبر ناتجة عن عدم وعي الناس وتاريخهم الطويل مع الإحباط، وأقول لأن تلك القيادات التي تدير البلاد الآن هم من أذكي الشخصيات التي ظهرت في مصر منذ سنوات، أما علي الجانب الشعبي فيجب أن تتم ترجمة ثورة 30 يونيو إلي عمل واستحضار الهمة والعبقرية لإيجاد حلول لمشاكل مصر المستعصية كمشاكل التعليم وأطفال الشوارع والعشوائيات وجرف الأخلاق والعمل معا من أجل بناء الدولة الذي سيكون الحل أمام أي احتلال ثقافي ومحاربة العنف واستغلال عبقرية الكبار الذين اعتزلوا الحياة العامة بعد أن استقصوا من المشهد بسبب كفاءتهم مع الاستفادة من أفكار وابتكارات الشباب وحماستهم وعلي الجميع أن يكتشف نفسه من جديد