الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الأكثر تضررا من ندرة المياه في العالم، ويقدر أن يتدهور هذا الوضع في المستقبل. ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث ينخفض نصيب الفرد من استهلاك المياه في العديد من الدول إلي معدلات تقل كثيرا عن مؤشرات الأممالمتحدة الخاصة بندرة المياه التابعة للأمم المتحدة أي بمعدل 1،000 متر مكعب سنويا. كما تستنفذ دول المنطقة موارد المياه غير المتجددة أو طبقات المياه الجوفية الأحفورية. ومن ناحية أخرى، بين تقرير لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" نشر في مارس الماضى، أن الشرق الأوسط قد خسر بالفعل بين عامي 2003 و 2009 كمية من المياه تعادل حجم البحر الميت. والأهم والأخطر هو أن الأمور يمكن أن تزداد سوءا: فيتوقع البنك الدولي أن ينمو الطلب علي المياه في المنطقة بنسبة 60 في المئة بحلول عام 2045. وتكمن أسباب مشاكل المياه في المنطقة في نقص موارد المياه الطبيعية، جنبا إلي جنب مع سوء إدارة الموارد المتاحة على المستويين الوطني والإقليمي، وفقا للخبراء. ثم هناك قضية عدم وجود تعاون كاف وسليم بين بلدان المنطقة عندما يتعلق الأمر بتقاسم المياه من الأنهار العابرة للحدود. وعلي ضوء التحديات الكبري القائمة، يعتبر التعاون الدولي مفتاح التغلب على ندرة المياه في المنطقة، علما بأن المنظمات الدولية سعت في الماضي لمعالجة قضايا المياه في هذا الإقليم من خلال برامج مساعدات التقنية ومنح مالية، ولكن بقدر محدود من النجاح. هذا وقد خططت منظمة الأغذية والزراعة لإجراء تقييم شامل لموارد المياه واستخدامها في المنطقة بأسرها، وذلك طوال عام 2013، في محاولة لمعالجة تحدياتها المائية ككل، و إعطاء أهمية بالغة للتفاعلات المتعددة بين المياه وجميع الجوانب الأخرى من حياة الإنسان. علاوة على ذلك، تمثل الزراعة أكثر من 70 في المئة من الاستخدام العالمي للمياه. وما هو أهم وأخطر هنا هو أن كمية المياه اللازمة للري ستتقلص بسرعة وبنسبة عالية. والحقيقة أن ندرة المياه هي بالفعل واقع يومي لأكثر من 760 مليون شخص في الوقت الراهن. و من المتوقع وفقا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة أن تنخفض حصة المياه المتاحة للزراعة إلي مجرد 40 في المئة -من 70 في المئة حاليا- وذلك بحلول عام 2050 . ومن اللطيف أنه على هامش مؤتمر معهد إستوكهولم الدولي للمياه الذى أقيم العام الماضي، طرح معرض " المياه التي نأكلها" حقيقة أن كل شيء يأكله البشر يتطلب المياه بإنتاجه. فقد أشار إلى أن إنتاج "همبرجر" متوسطة الحجم -شريحتين من الخبز ولحم بقر وطماطم وخس وبصل وجبن- يستهلك حوالي 2،389 لترا من المياه، مقابل 140 لترا لكل فنجان من القهوة و 135 لترا لكل بيضة واحدة. كذلك يتطلب إنتاج وجبة متوسطة من الأرز ولحم البقر والخضروات حوالي 4،230 لتر من الماء في حين يعتبر إنتاج "ستيك" لحم شهي بقر شهي -وهو العنصر الرئيسي بين الأغنياء في الدول الصناعية في العالم- واحدا من أكبر المأكولات استهلاكا للمياه علي الإطلاق: حوالي 7،000 لترا. والخلاصة أنه وفقا للخبراء، فإن تحقيق الأمن المائي يتطلب أمرين أساسيين: إدارة رشيدة للموارد المائية، وخدمات إمداد جيدة الإدارة (مضخات، أنابيب، صنابير، وصهاريج تخزين).