مع ارتفاع تكلفة واردات الغذاء في دول الخليج بما يضاهي 18 ضعف تكلفتها قبل أكثر من 10 أعوام، وتوقع بلوغ توافر الماء مستويات شحيحة للغاية عام 2025، تحتاج المنطقة إلى تغييرات جذرية للحفاظ على النظام الزراعي المستدام، وذلك وفقاً لأحد خبراء القطاع. فقد قال نيكولاس لودج، المدير التنفيذي لشركة "كلاريتي" للاستشارات المالية في الإمارات، والتي تركز على الاستثمار في قطاعات الغذاء والماء والطاقة، أن تكلفة واردات الغذاء إلى دول مجلس التعاون الخليجي ارتفعت من 2 مليار دولار أمريكي عام 2002 إلى 36 مليار دولار حالياً. وأشار لودج، أحد المتحدثين في "ملتقى مستقبل الأعمال الزراعية"، إحدى الفعاليات المصاحبة لمعرض الشرق الأوسط للزراعة في الفترة من 26 إلى 28 مارس في مركز دبي الدولي للمؤتمرات والمعارض، إلى أن 85 بالمائة من الأغذية المتوفرة في دول الخليج حالياً هي أغذية مستوردة، بينما يتوقع انخفاض حجم الموارد المائية في المنطقة بنسبة 50 بالمائة بحلول العام 2050. وأضاف: "تستهلك الإمارات والسعودية حوالي خمسة إلى ستة أضعاف كمية الماء للفرد الواحد مقارنة بالمملكة المتحدة التي تمتلك موارد مائية كافية. ففي دول الخليج تستخدم ما نسبته 80 % من المياه للزراعة التي تمثل بالأصل 2 إلى 5 % فقط من إجمالي ناتج الدخل القومي للمنطقة بأسرها، وتنتج 5 إلى 15 % من احتياجاتها الغذائية." وتابع: "تعتبر كفاءة استهلاك المياه أحد أهم المتطلبات لوجود نظام زراعي مستدام وطويل الأمد، إلا أن العديد من الأساليب الزراعية في المنطقة لا تعكس التناقص الحالي في موارد المياه على مدى الخمسين عاماً الماضية، ويجب أن يكون هناك تغيير فعلي في هذا الجانب بدلاً من الاعتماد على دعم القطاع من خلال المساعدات والوسائل الصناعية." واستطرد قائلاً: "قد يؤدي الأمر إلى توقف العديد من الأنشطة الزراعية في المنطقة. فعلي سبيل المثال، يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد من التمور أكثر من 3,000 لتر من الماء، ومن المحتمل أن يجري إنتاج الماء صناعياً باستخدام التحلية، بينما كانت قبل 20 عاماً مياهاً سطحية موجودة بشكل طبيعي." وأوضح لودج، والذي سيتطرق خلال مشاركته في "ملتقى مستقبل الأعمال الزراعية" للحديث حول مقاربات القطاع تجاه الأمن الغذائي المستدام في دول الخليج، إلى أن الاعتماد الضخم على واردات الغذاء في المنطقة أدى إلى انشغال القطاعين العام والخاص بتملك الأراضي في الدول النامية لتعزيز مخزونها من التموين الغذائي. ووفقاً للمعهد الدولي لأبحاث السياسات الغذائية، فإن 50 مليون هكتار من الأراضي "ما يعادل ضعف مساحة بريطانيا" في الدول النامية قد جرى تملكها أو استئجارها بموجب عقود للأغراض الزراعية عام 2010. وقال لودج: "يمكننا القول أن دول الخليج العربية، بالإضافة إلى المستثمرين من القطاعين العام والخاص في مختلف أنحاء العالم، قامت على مدى 10-15 عاماً الأخيرة بإنفاق مليارات الدولارات على تأمين وتطوير الأراضي الزراعية التي يبلغ إجمالي مساحتها ملايين الهكتارات." وبيّن: "هناك الكثير مما يمكن القيام به لتحسين مستويات الأمن الغذائي وتوفير الغذاء في دول الخليج دون الحاجة إلى تملك الأراضي في الدول الأخرى. أوضحت الاحصائيات إلى أن ثلث أو نصف كميات الغذاء التي يتم انتاجها يكون مآلها صندوق النفايات. واختتم حديثه بالقول: "ومقابل تلك الأرقام المزعجة نجد أن حوالي مليار شخص يعانون من نقص الغذاء والجوع حول العالم، ولا تتوفر لديهم كميات كافية من الطعام، رغم أن أنظمة الزراعة الحالية في العالم تنتج ما يكفي حوالي 10-12 مليار نسمة، أي أكبر بكثير من حاجة سكان العالم الذين يبلغ عددهم حالياً سبعة مليارات." ويقام معرض الشرق الأوسط الزراعي تحت رعاية سعادة راشد أحمد بن فهد، وزير البيئة والمياه في الإمارات، وهو المعرض الوحيد في المنطقة الذي يغطي جوانب الأعمال الزراعية والماشية والدواجن والثروة السمكية والزراعة المائية والبستنة والمعدات واللوازم الزراعية في مكان واحد، ليتيح للعارضين إمكانية استعراض أحدث الابتكارات والمنتجات والخدمات أمام جمهور من كبار صانعي القرارات بالمنطقة. وبالإضافة إلى ملتقى توقعات الأعمال الزراعية يوم 26 مارس، يستضيف معرض الشرق الأوسط الزراعي أيضاً ملتقى توقعات قطاع الدواجن وفعاليات القمة الأولى للبستنة في الشرق الأوسط في 27 مارس المقبل. كما يشهد المعرض في نسخته للعام 2013 انطلاق جوائز الشرق الأوسط للزراعة للمرة الاولى، والتي تكرم الأفراد والأقسام وفرق العمل والمؤسسات التي ساهمت في نمو وتطوير القطاع الزراعي مع التركيز على أفضل الممارسات والمنهجيات المبتكرة. يقام معرض الشرق الأوسط الزراعي إلى جانب معرض الشرق الأوسط للطب البيطري، وهو المعرض الرائد لقطاع الطب البيطري المزدهر في المنطقة، مما يمثل فرصة للموردين الدوليين والموزعين المحليين لاستعراض أحدث التقنيات والمعدات والأدوية في الطب البيطري.