اعتماد 66 مدرسة جديدة في القاهرة ضمن منظومة الجودة التعليمية    السيسي: مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان يحظى بدعم سياسي وحكومي قوي    مخاطر جسيمة.. اللاجئون السودانيون فى إثيوبيا بين مطرقة الحرب وسندان الفقر    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    عماد المندوه يقود تدريب حراس الزمالك    التحفظ على السيارة المتسببة في مصرع شاب بطريق السويس    غادة إبراهيم تشن هجومًا لاذعًا على بوسي شلبي بعد نفي ابنائه استمرار زواجه منها    مسيرات أوكرانية تستهدف موسكو مع وصول زعماء أجانب للمشاركة في الاحتفالات بيوم النصر    وزير الخارجية الألماني الجديد: على كل من في موسكو أن يعمل حسابا لنا    مدير هيئة نظافة القاهرة: 20 ألف طن مخلفات تخرج من العاصمة يوميا    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    المشدد 7 سنوات لشقيقين في اتهامهما بقتل جارهما بأسيوط    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    محافظ المنيا يوجه بتسريع وتيرة العمل في ملف التصالح وتقنين أراضي الدولة    إيهاب فهمي: محمد سامي موهبة كبيرة.. ولا يعامل مي عمر معاملة خاصة    بطل قصة حياتي.. روجينا تتغزل في زوجها أشرف زكي بحفل زفاف رنا رئيس    غدًا.. قصر ثقافة روض الفرج يشهد انطلاق الأسبوع ال38 لأطفال المحافظات الحدودية بمشروع «أهل مصر»    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    ابتعدي عن هذه الأكلات لحماية طفلك من النزلات المعوية في الصيف    أول يوليو.. بدء التشغيل الفعلي لمنظومة التأمين الصحى الشامل بأسوان    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    أوس أوس يطلب الدعاء لوالدته بعد دخولها رعاية القلب    إزالة 8 تعديات على أملاك الدولة في حملات بالأقصر    إغماءات وبكاء... جنازة مهيبة ل'أدهم' طالب كفر الشيخ ضحية الطلق الناري من زملائه الثلاثة (صور)    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    جوندوجان يأمل في بداية مسيرته التدريبية كمساعد لجوارديولا    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ المنيا يوافق على تحسين خدمات النقل وفتح التقديم لترخيص 50 تاكسي    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    قرار هام من الحكومة بشأن الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دول الخليج تقع تحت "خط الفقر المائي المدقع".. والمياه المحلاة هي الحل
نشر في الأهرام العربي يوم 27 - 03 - 2012

اختتمت عصر اليوم الثلاثاء، فعاليات المؤتمر السنوي السابع عشر ل "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية": "أمن الماء والغذاء في الخليج العربي"، الذي عقد على مدى يومين في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في مقر المركز في أبوظبي، تحت رعاية كريمة من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية".
جاء في الكلمة الختامية للمؤتمر التى قالها الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، أنه لا بدّ أن يفكر البشر في الحفاظ على أمن المياه، وذلك لأهميتها الكبيرة في أمن الحياة، مبيّناً أنه من هنا تأتي الأهمية الحيوية والاستراتيجية لهذا المؤتمر، الذي أثار النقاش الجادّ والواقعي بين الخبراء وصنّاع القرار حول ما طرح من موضوعات، متمنياً أن يكون ذلك دافعاً لصياغة استراتيجية لمستقبل أفضل، ليس لمنطقة الخليج العربي فحسب بل للعالم بأسره أيضاً.
وأشار السويدي إلى أنه على مدى يومين ومن خلال أربع جلسات تم عرض اثنتي عشرة ورقة بحثية نوقشت بموضوعية وعمق، وأسفرت هذه النقاشات عن رؤى وأفكار مهمة وجديرة بالنظر، يمكن استخلاص أبرز نتائجها، وهي: أولاً، أن التحدي الأكبر بالنسبة إلى كلّ من أمن المياه والغذاء يتمثّل في تخفيض نسبة الفاقد، موضحاً أنه في الدول النامية يتمّ فقد كميّة تصل إلى 70% من إمدادات المياه والغذاء قبل وصولها إلى المستهلك، في حين تمكّنت الدول المتقدمة من تخفيض نسبة الفاقد إلى 10%.
ثانياً، أن الانكشاف الاستراتيجي لمجالي الأمن والغذاء جاء نتيجة للخلل في التوازن بين الموارد المتاحة والطلب المتزايد عليها. ثالثاً، أن دول "مجلس التعاون" تقع الآن تحت "خط الفقر المائي المدقع" وفق المعايير الدولية، وتعتبر المياه المحلاة الحلّ الوحيد للمنطقة، غير أن هناك تحديات تتعلّق بالتكاليف الباهظة لها وضرورة استيراد التقنيات من الخارج، إلى جانب التأثيرات البيئية السلبية والاستهلاك المكثّف للطاقة في التحلية.
رابعاً، أن البيئة الطبيعية التي تنذر بمزيد من الجفاف ونقص المياه بسبب تغيّرات المناخ لا يمكن تغييرها، لكن البيئة الاجتماعية والاقتصادية يمكن تغييرها، حيث يتم تحويل المجتمع من مجتمع مستهلك إلى مجتمع يكون جزءاً من الحل. خامساً، أن الزراعة العالمية سوف تحتاج إلى التغلّب على مشكلة تغيير المناخ، التي قد تشمل آثارها التراجع الشديد في الإنتاج العالمي من الغذاء وهبوط إنتاج المحاصيل الاستراتيجية.
وأضاف الدكتور جمال سند السويدي أن المؤتمر خلص إلى أطُر عامة عدة، كخطة لتحقيق الأمن المائي والغذائي بحيث تشتمل على التركيز على الابتكار والاعتماد على التكنولوجيا لضمان تنامي الإنتاجية وزيادة كفاءة استخدام الموارد المتوافرة والحدّ من الفاقد منها، وكذلك عبر الحاجة إلى تقويم إيجابيات بناء احتياطي غذائي إقليمي وسلبياته للحدّ من تقلّبات السوق وتوحيد صناديق تموين البحث والتطوير الزراعي وتعزيز تأثيرها في المجتمع.
ولفت كذلك النظر إلى ضرورة استخدام المياه على نحو أكثر كفاءة من خلال تقويم البصمة المائية لأنماط الإنتاج والاستهلاك والتجارة، موضحاً أنه توجد هناك ثلاثة مجالات للأمن الغذائي، هي في حاجة إلى مزيد من الاهتمام على المستوى الوطني، وهي: النظم الغذائية غير الصحية التي تسبّب أمراضاً مثل السمنة والسكري، وتحسين إدارة المياه، وسهولة وصول الغذاء إلى الشرائح الضعيفة من السكان.
وأكد " ضرورة تبنّي دول "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" استراتيجية متكاملة حول أمني الماء والغذاء لمواجهة التحديات المستقبلية. مبيناً أنه يمكن زيادة الرسوم على استخدام المياه، حيث إن ارتفاع الأسعار يمكن أن يكون فعالاً في تعزيز استخدام موارد المياه القائمة بشكل أكثر حصافة وفعالية.
وأضاف أن شراء الأراضي الصالحة للزراعة في دول أخرى للمساعدة على ضمان الأمن الغذائي يعتبر الخيار الأمثل لدول "مجلس التعاون"، مشدداً على ضرورة تبنّي تقنيات الري المعاصرة لإدارة الطلب على المياه، وتطوير سلالات نباتية لترشيد استخدام المياه كتفعيل التوعية بترشيد المياه ونشرها، ووضع خطط متطوّرة لتحلية المياه تقوم على استخدام الطاقة المتجدّدة في هذه التقنية، وهناك ضرورة للاستفادة من تقنيتي حصاد مياه الأمطار والاستمطار.
كما أكد جمال السويدي أن هذا المؤتمر يعدّ دليلاً عملياً على أهمية مناقشة القضايا الحيوية المرتبطة بأمن الحياة واستمرارها على كوكبنا الذي يئنّ من تزايد البشر وندرة المياه الطبيعية واستنزاف مصادر الحياة وتغير المناخ وإنتاج أسلحة الدمار الشامل، لافتاً النظر إلى أن المشاركات الفعالة في هذا المؤتمر كان لها أهم الأثر في إبراز التحديات وطرح الحلول الملائمة للقضايا والموضوعات المطروحة، وهذا يدفعنا إلى الثقة بالمستقبل. وأعرب عن أمله أن يكون المؤتمر انطلاقاً للمجتمع الدولي لتضافر جهوده والعمل على مواجهة التحديات والمخاطر والتهديدات التي تواجه البشرية، وأن تجد الموضوعات والتوصيات الثرية التي تم طرحها في المؤتمر الصدى الملائم في دولنا وأن يترجم إلى واقع عملي لمصلحة المجتمع الخليجي.
وفي ختام كلمته تقدّم الدكتور جمال سند السويدي بوافر الشكر إلى راعي المؤتمر الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، وإلى أصحاب السمو والمعالي والسعادة الذين حضروا المؤتمر وكل المحاضرين والمشاركين فيه، كما عبّر عن تقديره العميق لرعاة المؤتمر: وزارة الداخلية، وهيئة البيئة في أبوظبي، وشركة "توازن القابضة"، وشركة أبوظبي للعمليات البترولية البرية "أدكو"، و"بنك الاتحاد الوطني"، والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات، وصحيفة "جلف نيوز"، و"غرفة التجارة والصناعة" في أبوظبي، و"هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة" و"المجلس الوطني للإعلام".
كما شهدت جلسات اليوم الاخير من المؤتمر جلسة ترأسها راشد محمد الشريقي، المدير العام ل "جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية" في دولة الإمارات، و تمّت خلالها مناقشة قضية الأمن الغذائي، حيث عرض الدكتور محمد آيت قاضي، رئيس المجلس العام للتنمية الفلاحية، رئيس اللجنة الفنية للشراكة العالمية للمياه في المملكة المغربية "التحديات التي تواجه إمدادات الغذاء العالمي". موضحاً أن الأمن الغذائي يواجه مستقبلاً غامضاً، لأن الإمدادات الغذائية تواجه تهديداً متزايداً من ندرة الموارد الطبيعية وتدهورها، وتشمل المياه والأرض، وكذلك من المنافسة المتزايدة بين الاستخدامات الزراعية والمنزلية والبلدية للمياه والطاقة.
وأضاف قاضي أن إطعام سكان العالم المتزايدة أعدادهم، وإيجاد موارد كافية لزراعة المحاصيل الغذائية لا يزالان يشكّلان تحديات أساسية كبيرة. حيث إن هذه مهام هائلة لأنه سيكون من المتعيّن تحقيق الزيادة المطلوبة في الإنتاج لتلبية الاحتياجات المستقبلية بعدد أقل من الأراضي والموارد المائية.
وأوضح أن هناك دولاً عديدة تفتقر إلى ميزة الموارد غير المستخدمة، فبعض المناطق تواجه ندرة شديدة ومتزايدة في الموارد. وقد استنفدت مناطق جنوب آسيا والشرق الأدنى وشمال أفريقيا كثيراً من هذه الأراضي البعلية وأنضبت حصة كبيرة من مياهها المتجددة.
وأشار قاضي إلى أن الزراعة العالمية سوف تحتاج إلى التغلب على مشكلة تغير المناخ التي قد تشمل آثارها التراجع الشديد في إمكانات الإنتاج العالمي من الغذاء، وهبوط إنتاج المحاصيل الرئيسية مثل القمح والذرة على الصعيد العالمي. موضحاً أنه من المحتمل أيضاً أن تتزايد الأحوال الجوية القاسية، مثل الجفاف والفيضانات، ما يزيد من خسائر المحاصيل والثروة الحيوانية. وأن الانعكاسات المتوقعة هي ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة تقلّباتها. منوّهاً بأن أزمة الغذاء خلال المدة ما بين عامي 2007 و2008 كانت مؤشراً باكراً إلى أمور مستقبلية.
وذكر قاضي أن رؤساء الدول والحكومات صنفوا الأمن الغذائي على أنه يمثّل خطراً عالمياً رئيسياً، وأنه قد نشأ إجماع حول أجندة عالمية للأمن الغذائي. وهي تدعو إلى: (1) زيادة الاستثمارات في الزراعة والبنية التحتية الريفية والوصول إلى الأسواق بالنسبة إلى المزارعين، ولا سيما صغار الملاك. (2) توسيع نطاق الحماية الاجتماعية للسكان الأشد فقراً في المناطق الحضرية والريفية. (3) تعزيز كفاءة الأسواق الزراعية من خلال تجارة عالمية أكثر شفافة ونزاهة. (4) تسهيل استجابات الإنتاج الزراعي من خلال الحلول القائمة على العلوم والتقانة.
وفي الجلسة ذاتها أكد الدكتور نديم خوري، نائب الأمين التنفيذي في الأمم المتحدة - اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، في الجمهورية اللبنانية، في ورقته "استراتيجيات الأمن الغذائي في منطقة الخليج العربي" أن دول الخليج العربية تعتمد اعتماداً كبيراً على الواردات الغذائية. ومن المتوقع أن تستمر حالة الاعتماد هذه في الازدياد نتيجة للتزايد السريع في عدد السكان، وتحسّن الظروف المعيشية، والتنمية الاقتصادية/الصناعية المستدامة، واستنزاف الموارد الطبيعية. وعلاوة على ذلك، فإن من المتوقع، بحسب خوري، أن يؤثر تغير المناخ في المنطقة أكثر من أي منطقة أخرى في العالم.
وذكر خوري أنه لتلبية الاحتياجات الغذائية لدول الخليج يتعيّن عليها الاعتماد على الأسواق الدولية، ما يجعلها عرضة لتقلّبات الإنتاج العالمي للأغذية، والسياسات التجارية، وأسعار السلع الأساسية. ويتجلّى هذا في أزمة الغذاء خلال عامي 2007 و2008، التي دفعت دول الخليج العربية إلى اعتماد استراتيجيات تشمل بناء احتياطي استراتيجي وطني من المواد الغذائية، ورفع مستوى الدعم، والحصول على أراضٍ في الخارج للاستثمارات الزراعية من خلال اتفاقيات ثنائية. وهذه التدابير قد يكون لها، وفقاً لخوري، بعض السلبيات على المدى الطويل، مثل بقاء تقلّب الأسعار، وتأثير الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية في صفقات الأراضي، وتأثر التجارة بالأحداث الدولية أو الصراعات، وغير ذلك.
وأشار إلى أن المطلوب هو استراتيجية أمن غذائي شاملة متعددة الجوانب لدول الخليج قاطبة تعتمد على عناصر من التدابير المذكورة أعلاه، وفي الوقت نفسه إدماجها ضمن نهج يشمل المنطقة.
ويوضح خوري في هذه الورقة عدداً من التوجّهات الاستراتيجية الواعدة التي تشمل: أولاً، تقويم إيجابيات بناء احتياطي غذائي إقليمي وسلبياته للحدّ من تقلبات السوق. ثانياً، توحيد صناديق تمويل البحث والتطوير الزراعي وتعزيز تأثيرها. ثالثاً، بحث التحديات والفرص لنظام مشتريات على مستوى المنطقة يقوم على أساس أدوات مالية مبتكرة. رابعاً، استخدام المياه على نحو أكثر كفاءة من خلال تقويم البصمة المائية لأنماط الإنتاج والاستهلاك والتجارة. خامساً، إعادة النظر في اتفاقات تأجير الأراضي طويلة الأجل من خلال تطبيق الدروس الأوليّة المستفادة.
لافتاً النظر إلى أن استراتيجية الأمن الغذائي الشاملة تتضمّن عناصر حاسمة أخرى، ومراجعة معونات الدعم الغذائي والحماية الاجتماعية وترشيدها، وفي الوقت نفسه تعزيز التنمية الزراعية والاقتصادية الشاملة، فضلاً عن تشجيع التغيّرات في أفضليات الاستهلاك وأنماط التغذية.
أسعار المواد الغذائية
وتحت عنوان "الزراعة العالمية وتطورات سوق المواد الغذائية وآثارها على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية" قدّم الدكتور رائد صفدي، نائب مدير مديرية التجارة والزراعة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الجمهورية الفرنسية، تقريراً عن تقلّبات أسعار المواد الغذائية، تم إعداده بالتعاون مع المنظمات الدولية الأخرى، استجابة لطلب من "مجموعة العشرين". وهو يسلّط الضوء على الاتجاهات طويلة الأجل في قطاع الزراعة وأسواق المواد الغذائية، كما يصف محددات الزيادات الكبيرة الأخيرة في أسعار السلع الأساسية. ويلخّص التوقعات المستقبلية المتوسطة الأجل في ما يتعلق بالزراعة، مع التركيز بشكل خاص على دور السياسات الزراعية والتجارية، إضافة إلى الانعكاسات المحتملة لدراستها من قبل دول "مجلس التعاون لدول الخليج العربية".
وتوصل إلى نتيجة رئيسية، هي أن النظام الغذائي والزراعي العالمي قد دخل حقبة جديدة تميّزت بمزيد من الطلب على العلف والغذاء والوقود، وأن الاستجابة للعرض قد أصبحت أكثر غموضاً؛ نتيجة الطلبات المتنافسة على موارد الأرض والمياه المحدودة، والتأثيرات غير الواضحة حتى الآن للتغيّرات المناخية.
وأوضح صفدي أن الصفقات التجارية المعتادة لم تعد خياراً مناسباً لتحقيق أمن غذائي عالمي طويل الأجل، بل ثمّة ما يبرر اتباع نهج جديد، مع زيادة التركيز على مزيد من الابتكار وتنامي الإنتاجية، ومزيد من الكفاءة في استخدام الموارد (وبخاصة المياه)، وتقليل الضياع في النظام الغذائي، والحدّ من الفقر من خلال نمو اقتصادي وفرص حصول على الدخل أكثر شمولاً، وبخاصة في الدول الأقل نمواً، وتحسينات في أداء كل من أسواق المدخلات والمخرجات، على الصعيدين الوطني والدولي.
الجلسة الرابعة
ناقشت الجلسة الرابعة للمؤتمر، التي ترأسها ناصر محمد اليماحي، مدير إدارة الإعلام والتواصل الجماهيري في الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث في دولة الإمارات، "استراتيجيات أمن الماء والغذاء في دولة الإمارات".
وقال الدكتور محمد عبدالحميد داود، مدير إدارة موارد المياه في هيئة البيئة–أبوظبي في ورقته "الأمن المائي في دولة الإمارات: التحديات والفرص" إن دولة الإمارات تعاني شحاً في مواردها المائية المتجدّدة نتيجة وقوعها في حزام المناطق الجافة، ما أدى إلى انخفاض معدلات الأمطار وعدم وجود مصادر مائية سطحية دائمة الجريان كالأنهار أو البحيرات العذبة، مضيفاً أنه مع اكتشاف النفط في بداية الستينيات من القرن العشرين حدثت طفرة وزيادة كبيرة في معدلات التنمية في القطاعات المختلفة، مثل الزراعة والغابات والصناعة، وكذلك زيادة معدلات النمو السكاني. وقد أدى ذلك إلى الضغط على موارد المياه العذبة الشحيحة والضخّ الجائر من الخزانات الجوفية غير المتجدّدة لتلبية الزيادة في الطلب على موارد المياه، ما نتج عنه هبوط كبير في مناسيب المياه في بعض مناطق الدولة.
وأفاد داود بأنه مع زيادة الطلب ظهرت فجوة بين الموارد المائية المتاحة والطلب المتزايد عليها. وأنه لسد هذه الفجوة لجأت الحكومة إلى زيادة الاستثمار في المصادر المائية غير التقليدية مثل التحلية وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالج، على الرغم من ارتفاع تكلفتها ووجود بعض الآثار البيئية المصاحبة لها.
وتطرق داود في ورقته إلى وضع الأمن المائي وتحليل الميزان المائي للدولة وتحديد الوضع الحالي للإمداد بموارد المياه من خلال تقويم لجميع مصادر المياه المتاحة؛ التي تشمل المياه الجوفية والتحلية ومياه الصرف الصحي المعالج، ومستقبل إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالج، وكذلك تحديد الطلب والاستخدامات الحالية في القطاعات المختلفة، مع تحديد العجز المحتمل في الميزان المائي حتى عام 2030، ومدى تأثر الأمن المائي في الدولة نتيجة الاعتماد على التحلية بوصفها مصدراً رئيسياً للمياه العذبة.
كما ناقش التحديات الطبيعية والبيئية والفنية التي تواجه الإدارة المتكاملة والتنمية المستدامة لموارد المياه، والوضع المؤسسي والأطُر التشريعية والقانونية المنظّمة، سواء لإنتاج المياه أو استخداماتها والتحليل الاقتصادي لقطاع المياه، ومدى ارتباط الأمن المائي بالأمن الغذائي وتأثير الوضع الحالي للسياسات الزراعية في الميزان المائي. وأخيراً، قدّم داود التوصيات والحلول اللازمة للوصول إلى إدارة متكاملة وتنمية مستدامة لموارد المياه والخيارات الاستراتيجية للمحافظة عليها وترشيد استخداماتها في القطاعات التنموية المختلفة للوصول إلى تحقيق الأمن المائي للدولة.
الاحتياجات الغذائية والأسواق الدولية
وفي ورقته بعنوان "الأمن الغذائي في دولة الإمارات العربية المتحدة" أشار الدكتور إيكارت وورتز، زميل زائر، "معهد برينستون للبيئة" في "جامعة برينستون" في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أنه على الرغم من أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقوم باستيراد معظم احتياجاتها الغذائية، فإنها تتمتّع بالأمن الغذائي إذا ما قيست على
أساس نصيب الفرد من الدخل، وتغطية الواردات الغذائية بعائدات التصدير، ومؤشر الجوع العالمي للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية. وذلك ما دامت الأسواق الغذائية الدولية مفتوحة.
وأكد وورتز أن القيود على الصادرات من قبل الدول المصدرة للغذاء في أعقاب أزمة الغذاء العالمية قد أسهمت في إحداث حالة من الإرباك في البلاد. مبيناً أن رد فعل دولة الإمارات العربية المتحدة تمثّل في ثلاثة تدابير مختلفة: الرقابة على الأسعار، وتجميع مخزون استراتيجي، وإعلان استثمارات زراعية في الخارج، وغالباً في بلدان ينعدم فيها الأمن الغذائي مثل السودان أو باكستان.
وبحث وورتز في ورقته الدوافع التاريخية وراء اتخاذ مثل هذه الخطوات في مجال السياسات وصلاحيتها، مؤكداً ثلاثة أمور، هي: أولاً، الرقابة على الأسعار لا يمكن الدفاع عنها على المدى البعيد إذا لم تكن مصحوبة بشكل من أشكال الدعم. ثانياً، تجميع مخزون استراتيجي يمكن أن يستفاد منه في حال التعاون الدولي أو الإقليمي من أجل تجميع الطاقات وتجنّب مدد تخزين غير ضرورية ومكلفة. وأخيراً، تحديد الأسباب وراء وجود الفجوة الكبيرة القائمة بين إعلان الاستثمارات الزراعية وتنفيذها الفعلي.
وأضاف أن العقبات الرئيسية تمثلت في: عدم كفاية البنية التحتية، وردود فعل سياسية في البلدان المستهدفة، فضلاً عن تعقيد عملية التمويل في أعقاب "الأزمة المالية العالمية". لافتاً النظر إلى أن تعزيز أسواق الغذاء الدولية واللوائح الخاصة بها سوف يكون أكثر أهمية للأمن الغذائي في دولة الإمارات من السعي إلى الحصول بصورة ثنائية حصرية على إنتاج الأغذية، الأمر الذي سيبقى على الأرجح بعيد المنال.
وبصرف النظر عن هذا، فهناك ثلاثة مجالات للأمن الغذائي، وفقاً لوورتز، تستحقّ مزيداً من الاهتمام، ويمكن معالجتها على المستوى الوطني، وهي: النظم الغذائية غير الصحية التي تسبب أمراضاً مثل السمنة ومرض السكري، وتحسين إدارة المياه، وسهولة وصول الغذاء إلى الشرائح الضعيفة من السكان، مثل العمال المهاجرين من الطبقة الكادحة.
الماء والغذاء والتنمية المستدامة في الإمارات
وحول موضوع "الماء والغذاء والتنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة" أكدت سعادة الدكتورة مريم حسن الشناصي، وكيل وزارة البيئة والمياه في دولة الإمارات، أن المياه تمثّل إحدى أهم القضايا البيئية الرئيسية، وتعدّ محوراً رئيسياً من محاور التنمية المستدامة، حيث يعدّ الماء العذب أهم الثروات الطبيعية اللازمة لجميع النشاطات التنموية. مضيفة أن بعض البلدان ومن بينها دولة الإمارات، تعاني نقصاً في الموارد المائية الطبيعية، وذلك بسبب الظروف الطبيعية المتمثلة في الموقع الجغرافي، الذي يقع ضمن نطاق المناطق الجافة. وذكرت الشناصي أن حكومة دولة الإمارات تبذل جهوداً لتحقيق التوازن بين العرض المتاح من مصادر المياه والطلب المتزايد عليها من قطاعات الاستخدام المختلفة لتحقيق الأمن المائي. وقد أدّت الزيادة السكانية وتحسن مستوى المعيشة ونمو قطاع الخدمات والصناعة والزراعة الإنتاجية والغابات والتخضير إلى زيادة الطلب على المياه، حيث بلغ المجموع الكلي للمياه المستخدمة (الطلب) في القطاعات المستهلكة كافة ما يعادل 4.5 مليار متر مكعب. مضيفة أن قطاع الزراعة الإنتاجية والتخضير يعدّ أكبر قطاع مستخدم للمياه (60%)، يليه القطاع البلدي (40%). كما يتم تدبير الطلب بنسبة 51% من المياه الجوفية.
ونوّهت بأنه نتيجة للفجوة الكبيرة بين موارد المياه الطبيعية المحدودة والطلب المتزايد عليها، فقد لجأت الدولة إلى موارد المياه غير التقليدية، كتحلية مياه البحر وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لتدبير النسبة المتبقية (49%). وأنه من المتوقع أن يتضاعف الطلب على المياه خلال العشرين عاماً المقبلة بافتراض استمرار نمو الطلب على المياه بالوتيرة الحالية نفسها.
ومضت الشناصي تقول إن مفهوم الأمن الغذائي متحقّق من حيث وفرة الغذاء وسهولة الحصول عليه وسلامته، لكن ذلك يتحقّق من خلال عمليات الاستيراد للغذاء وبرامج المراقبة والتفتيش، وليس من خلال الاعتماد الذاتي على الزراعة الإنتاجية، ما دفع إلى اتّباع سياسة الزراعة المائية، التي وفرت نحو 70% من المياه، وحققت اعتماداً في منتجات بعض أنواع الخضراوات، مبينة أن أعداد البيوت المستخدمة لنظام الزراعة المائية بلغ 11513 بيتاً في مساحة 372.1 هكتار عام 2009، ومن المتوقع زيادة الإنتاج ليقارب المليون طن في عام 2013.
واستعرضت الشناصي أهم التحديات والخطوات التي تنفّذها استراتيجية وزارة البيئة والمياه في دولة الإمارات في سبيل تحقيق أعلى معدلات الأمن المائي والغذائي من خلال حزمة من المبادرات والبرامج والأنشطة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.