السعودية تصدر قرارات إدارية ضد مخالفين لأنظمة وتعليمات الحج 2024    وزير الحج السعودي: أعداد الحجاج هذا العام بلغت 1.8 مليون حاج    تكبيرات عيد الأضحى.. متى تبدأ وأفضل صيغة لها    هل يجوز توزيع ثمن الأضحية نقدًا على الفقراء والمساكين؟.. الأزهر للفتوى يوضح    أسعار العملات العربية في ختام تعاملات يوم وقفة عيد الأضحي 2024    وزارة التموين: 60% زيادة فى معدلات ضخ اللحوم بالمجمعات الاستهلاكية    مياه المنيا تعلن استمرار خدمات شحن العدادات خلال عطلة عيد الأضحى    وسط غياب روسيا، بدء قمة سويسرا حول السلام في أوكرانيا    حرائق بمواقع إسرائيلية إثر سقوط مُسيرات أطلقت من لبنان    ميسي يتصدر قائمة الأرجنتين النهائية لبطولة كوبا أمريكا 2024    الجيش الإسرائيلي: قصف مبنى عسكري لحزب الله جنوب لبنان    وفاة حاج عراقي علي جبل عرفات بأزمة قلبية    الولايات المتحدة تقدم مساعدات جديدة لأوكرانيا ب1.5 مليار دولار    أردوغان: النصر سيكون للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل ومؤيديها    داخل الجيم، هكذا احتفل محمد صلاح بعيد ميلاده ال32    أزمة في فريق الزمالك بسبب صبحي وعواد    عمره 26 عاما.. ميلوول الإنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    «رياضة القليوبية» تفتح 120 مركز شباب لصلاة العيد أمام المواطنين    بعثة من المجموعة الإنمائية «SADC» تطلع على التجربة المصرية في التعليم الرقمي    انتشار أمني مكثف لتأمين احتفالات المواطنين بعيد الأضحى المبارك (فيديو)    ثقافة الوادي الجديد يكثف فعالياته خلال العيد، وهيبس تعرض "ولاد رزق 3"    تفاصيل البوكس أوفيس لأفلام عيد الأضحى الأربعة بدور العرض السينمائي    تعرض ثاني أيام العيد.. تعرف على أسعار تذاكر "مش روميو وجولييت"    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    بمناسبة عيد الأضحى.. الرئيس السيسي يتبادل التهنئة مع ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والإسلامية    محافظ أسيوط يبحث مع التنظيم والإدارة تطوير منظومة العمل بالمحليات    عالمة نفس تربوي تكشف التأثيرات الإيجابية للسفر على جسم الإنسان    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    هيئة الدواء: رقمنة 5 خدمات للاستفسار عن توافر الدواء والإبلاغ عن الآثار الجانبية    الكشف على 900 حالة خلال قافلة نفذتها الصحة بمركز الفشن ببنى سويف    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    موندو ديبورتيفو: نيوكاسل يخطط لضم ثنائي برشلونة    تعرف على المقصود برمي الجمرات.. والحكمة منها    بالصور.. مصيف بلطيم يتزين استعدادًا لعيد الأضحى    مشاهد خاصة من عرفات.. دعوات وتلبية وفرحة على الوجوه (صور)    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    سعر الذهب اليوم في مصر يواصل الارتفاع بمنتصف التعاملات    تخصيص 206 ساحات و8 آلاف مسجد لأداء صلاة عيد الأضحى بسوهاج    الصحة السعودية: لم نرصد أي حالات وبائية أو أمراض معدية بين الحجاج    تفاصيل مقتل 8 جنود حرقا أثناء نومهم داخل مدرعة في غزة    11 معلومة عن خطيب عرفات ماهر المعيقلي.. من أروع الأصوات وعمره 55 عاما    نزلا للاستحمام فغرقا سويًا.. مأساة طالبين في "نيل الصف"    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    قبل انطلاق كوبا أمريكا.. رونالدينيو يهاجم لاعبي "السامبا"    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    هالة السعيد: 8.6 مليار جنيه لتنفيذ 439 مشروعا تنمويا في البحيرة بخطة عام 2023-2024    كفرالشيخ: تحرير 7 محاضر لمخالفات خلال حملات تموينية على المخابز بقلين    محمد رمضان يكشف عن أغنيته الجديدة "مفيش كده".. ويعلق: "يوم الوقفة"    يوم عرفة 2024 .. فضل صيامه والأعمال المستحبة به (فيديو)    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    ب«6 آلاف ساحة وفريق من الواعظات».. «الأوقاف» تكشف استعداداتها لصلاة عيد الأضحى    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    أستاذ ذكاء اصطناعي: الروبوتات أصبحت قادرة على محاكاة المشاعر والأحاسيس    بعد تدخل المحامي السويسري، فيفا ينصف الإسماعيلي في قضية المدافع الفلسطيني    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب العالمية الباردة الجديدة

يبدو أننا نواجه حربا عالمية باردة جديدة، بشكل أو بآخر، فثمة التقاء جديد للقوى الدولية بين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في أوروبا والعالم الهابطة من نشوة النظام العالمي الجديد ذي القطب الواحد مع بوش الأب، وبين روسيا الاتحادية الصاعدة للعودة بقوة للتأثير الدولي بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.
تشهد هذه المراحل الانتقالية بين القوى الدولية عادة اضطرابات كبرى وصراعات دموية، وتجاذبات استخباراتية، وحروبا إقليمية. في الاضطرابات الكبرى فإن منطقة الشرق الأوسط تحظى بنصيب الأسد منها، وبخاصة في دول الانتفاضات العربية من تونس لمصر ومن ليبيا لليمن، وفي الصراعات الدموية فإننا نرقب ما يجري في ليبيا مثلا وفي الدول المثيلة ذات الانتشار الواسع لتنظيمات العنف الديني، وفي التجاذبات الاستخباراتية لا يمكن تفويت خبر طرد روسيا لدبلوماسي أميركي الأسبوع الماضي، الذي ستقابله واشنطن بفعل مماثل من دون شك، وهو ما يجب أن يعيد النظر في قضية تفجيرات بوسطن وما تنطوي عليه من خبايا لم تتضح أبعادها بعد، ويبدو أن مشاغبات كوريا الشمالية الأخيرة ليست بمنأى عن هذا المشهد الجديد.
وفي الحروب الإقليمية تقف سوريا على رأس المشهد حيث يبدو أن ما يجري في سوريا اليوم ومع كل الخسائر الفادحة والمأساة القائمة لا يعدو أن يكون معركة في حرب إقليمية تدور رحاها بين الجمهورية الإسلامية في إيران والدول العربية، وحرب عالمية تنعقد غيومها بين القوى العظمى لإعادة ترتيب التوازنات الدولية.
إن كل المرحلة الماضية تظهر أن عجز القوى الإقليمية والدولية عن الحسم وافتعال المشكلات الكبرى كتهديدات كوريا الشمالية ونحوها ليس سوى تشغيبات في حرب باردة جديدة.
إن إيران التي تمر بمرحلة انتخابات صورية أثبتت في المعركة السورية أنها في حربها الإقليمية ضد العرب لن تدع أي سلاح تستطيع استخدامه إلا استخدمته، إنْ على مستوى السياسة الدولية حيث تريد حماية مشروعها النووي وإنْ على مستوى النفوذ والهيمنة عبر جسر الطائفية حيث تلقي بأوراقها واحدة تلو الأخرى من العراق الذي باتت الحكومة فيه تكشر عن أنياب طائفية وأخذت التفجيرات تعود للشوارع من جديد ليس في المدن الكبرى فحسب بل وصل الأمر لمناطق الاحتجاجات السنية كالتفجير الذي استهدف مسجدا في مدينة بعقوبة قبل يومين، إلى لبنان حزب الله الذي أصبحت رائحته الطائفية تزكم الأنوف وهو يغوص يوما بعد يوم في حرب طائفية مكشوفة ضد الشعب السوري.
لقد أصبحت تجارة السلاح رائجة، وصار خبراء الأسلحة ووسطاؤها وجوها إعلامية، وصار حديث السلاح نوعيا وكميا منتشرا ومتفشيا، وهذه هي أجواء الحروب الباردة والساخنة على حد سواء.
إن الضربة الإسرائيلية لبعض مخازن أسلحة الأسد في دمشق، وزيارة نتنياهو للصين بعد الضربة بساعات التي لم يكن لها أثر حقيقي نظرا لابتعاد الصين تدريجيا عن المعركة الإقليمية، ولكن زيارته لروسيا وتأكيد الرئيس الروسي بوتين على تزويد سوريا بأسلحة نوعية، تشير مجتمعة إلى عزم روسي حازم للعودة للتأثير في المشهد الدولي وبكل قوة. إن موسكو لن ترضى بتراجع سهل بعد أن شعرت بعودتها قبلة دولية لعواصم العالم لإدارة الصراعات الدولية انطلاقا من الأزمة السورية.
موقف الجمهورية الإسلامية في إيران تجاه الأزمة السورية فضح الكثير من الشعارات التي كانت ترفعها لاستقطاب حركات الإسلام السياسي كقضية فلسطين أو لاستقطاب بعض مغفلي القوميين العرب كالمقاومة، وهي كانت مفضوحة من قبل لدى بعض الكتّاب والمثقفين العرب ولكن صوتهم لم يكن يصل كما ينبغي وأفكارهم كان يتم اتهامها من قبل حلفاء إيران بغوغائية دينية وقومية معروفة.
كنت أحسب كغيري أن استخدام القضية الفلسطينية كوسيلة آيديولوجية للتغطية على مشكلات إيران الداخلية وكذلك للتوسع والنفوذ في المنطقة العربية هو أمر حدث بعد الثورة في إيران وبعدما أصبح بعض رجال الدين هناك هم قادة البلاد وصناع سياساتها ورعاة طموحاتها ولكنني اكتشفت وأنا أقرأ مذكرات الرئيس الإيراني الأسبق والمرشح الحالي هاشمي رفسنجاني «حياتي» أن هذه الحيلة أمر قديم.
يذكر رفسنجاني وهو يتحدث عن تأسيس «مكتب تشيع» الذي كان ضمن معارضة رجال الدين لنظام الشاه قائلا «لقد استفدنا من هذه الوسيلة في طرح القضية الفلسطينية، التي كانت منسية، وضمنا، لنتمكن عبر هذا الطريق من إيجاد علاقات مع الخارج وتقويتها» فهي قضية تبنوها لغرضين حسب كلامه «الاستفادة» منها و«إيجاد علاقات مع الخارج» بمعنى أنها مجرد وسيلة تم تبنيها لتقوية موقف رجال الدين المعارضين لمواجهة النظام في الداخل.
ثم يؤكد الأمر مرة أخرى وهو يتحدث عن الخميني بأنه «كان يرغب منذ السنوات الأولى في طرح موضوع القضية الفلسطينية.. ورغبته بأن تمتد المعركة إلى المنطقة ومن ثم إلى العالم»، فهي إذن سلاح في معركة داخلية أراد الخميني توسيعها عبر القضية الفلسطينية لكي تمتد إلى المنطقة وإلى العالم أجمع.
هذا العمق التاريخي لسياسات الجمهورية الإسلامية مفيد في تسليط الضوء على هذه السياسات وأهدافها العميقة والمستمرة حتى اليوم، فاستخدام الدين في خدمة السياسة هو أمر ثابت لديها، واستغلال القضية الفلسطينية لخداع عامة المسلمين مثل ذلك، وخداع القوميين العرب بشعار المقاومة يمر من ذات الطريق، وأخيرا، إشهارها لشعارها الأخطر وهو شعار الطائفية للتدخل في الأزمة السورية.
إن هذه السياسات الإيرانية تعبّر عن استراتيجية قديمة وثابتة ومستقرة وليست نزوات رئيس ولا رغبات مرشد، ومن هنا فإن نتائج الانتخابات الإيرانية الصورية أيا كان الفائز فيها لن تغير كثيرا في هذه الاستراتيجية إلا بقدر الفارق بين عصا غليظة خشنة وأخرى ملساء.
في رسم الاستراتيجيات وصناعة الخطط طويلة الأمد وإدارة الصراعات فإن كل أزمة فرصة وكل حدث سلاح وكل موقف رصيد، وإيران اليوم لم تعد تكتفي برفع «الطائفية» شعارا فقط بل سلاحا يقتل ويفني ويدمر، ويشارك بالخبرة والسلاح وبالعسكر والعتاد، وبالسياسات كالعراق، وبتحريض الأحزاب كحزب الله وكتائب الفضل بن العباس. وهي بعلاقاتها الدائمة والمعقدة مع «القاعدة» تصنع الشيء ونقيضه.
ختاما، فإن أحدا لا يرغب في رؤية حرب باردة جديدة تصرف البشرية عن التطوير والتنمية إلى سباقات التسلح وصناعة الأزمات وترويج الحروب، وما لم تحل الأزمة السورية سريعا فإننا سنواجه هذا المصير.
*نقلاً عن "الشرق الأوسط"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.