باسم يوسف.. هل يختبر الثورة؟!

تسيّد باسم يوسف المشهد المصري هذه الأيام منذ طلب النيابة القبض عليه وصولاً إلى أخذه من تلابيبه، وكأن الثورة المصرية أصبحت بوليسية. باسم يوسف إعلامي كوميدي يمشي على نمط النقد ضمن مجتمع ديموقراطي، أفهم أن تقوم دولة لا تدّعي الديموقراطية بممارسة نشاطها ضد الساخرين، لكن أن تدّعي الديموقراطية ثم تزجّ الناس بالسجون هذه هي المشكلة الكبرى. باسم يوسف لم يفعل شيئاً قام بممارسة الإعلام ضمن سياق ديموقراطي مزعوم، إذ ينتقد هنا وهناك، ولا يمكن إغفال المعاني الأساسية للديموقراطية وعلى رأسها نقد أي شخص بشكل موضوعي وبما لا يجرح بالآخرين وفي حال جرّح بالآخرين فإنه يحاسب قانونياً لا سياسياً وهذا فرق كبير بين النمطين.
كتبتُ من قبل أن الثورة المصرية تمر باختبارات كثيرة، ولا شك أن الإعلام هو الترمومتر للديموقراطية، وقل لي عن إعلامك أقل لك ما هو نظامك. التشدق بالمبادئ المدنية من قبل النظام الإخواني الحاكم حالياً لا يعفيه بتاتاً من مسؤولية القمع، ويا لسهولة توريط الآخرين بالدين، حين عجزوا عن إيجاد ثغرةٍ قانونية لاستئصال باسم يوسف قالوا إنه "يزدري الأديان"!!نعم.. يزدري الأديان، وهذا يذكرني بالأحداث التاريخية التي كان فيها الخليفة يدين الناس بالدين حتى يقطع شوكتهم ويضرب بهم من خلفهم!
قد يفهم من الناحية السياسية والعلمية أن يكون النظام العادي غير الديموقراطي له حساسيته من نقد رمز الدولة لاعتبارات أمنية وأخلاقية ول"سلوم"قبلية، لكن أن تتشدق وتدعي ملء فمك بأنك النظام الذي سحق الطغيان ودمر الاستبداد ثم سرعان ما تمارس ما هو أبشع وأنكى هذه مصيبة عظمى.
دعوني أنصف نظام مبارك هذه المرة، فبرغم كل الهجوم الذي جلد به مبارك شخصياً من الإعلاميين لم يرفع دعاوى كثيرة، بل ذكرت "العربية.نت"وغيرها من المواقع أن عدد القضايا التي رفعت ضد الإعلاميين من قبل مرسي ضد المنتقدين خلال أشهر قليلة يفوق ما رفعه حسني مبارك ضد الإعلاميين خلال أكثر من ثلاثين سنة!
بآخر السطر، باسم يوسف اختبار للثورة، والآن على الإعلاميين المصريين الوقوف بوجه الطغيان، والتضامن مع حرية الكلمة والقول، ولئن بقيت مصر بهذا السياق فسيؤول بها المطاف إلى نظام استئصالي عدواني، فهل من معتبر؟!
* نقلا عن جريدة الرياض السعودية