اتهم رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان سياسيين أكرادا اليوم الجمعة بمحاولة تخريب محادثات لإنهاء تمرد بدأ قبل 28 عاما واستنكر غياب الأعلام التركية أثناء تجمع حاشد احتفالا بإعلان المتمردين وقف إطلاق النار. وكان زعيم المتمردين الأكراد المسجون عبد الله أوجلان أمر مقاتليه بوقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي التركية في رسالة قرأها أمس الخميس سياسي مؤيد للأكراد أمام مئات الآلاف من المحتشدين في بلدة ديار بكر في جنوب شرق تركيا الذي تسكنه أغلبية كردية. ورفعت الحشود الأعلام الكردية ولافتات عليها صور أوجلان. واتساقا مع هذه الدعوة قالت وسائل اعلام محلية إن القائد العسكري للمتمردين الأكراد مراد كارايلان أمر مقاتليه بوقف الأعمال القتالية ضد القوات التركية استجابة لدعوة أوجلان في اوضح مظهر على ان المتمردين ما زالوا يطيعون قائدهم. ولم يتسن التحقق من هذه الانباء على الفور. وكان حزب العمال الكردستاني الذي يتزعمه أوجلان المسجون منذ عام 1999 يطالب في البداية بدولة كردية مستقلة. لكنه خفض مطالبه المعلنة لتقتصر على الحكم الذاتي وتعزيز الحرية الثقافية في إطار تركيا. ويتعين على أردوغان تفادي إثارة المخاوف بين القوى المحافظة من أن يؤدي أي اتفاق مع حزب العمال الكردستاني إلى تفكك تركيا. وقال اردوغان في اجتماع مع مسؤولي حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه في العاصمة أنقرة "نمضي في عملية حساسة للغاية معرضة للاستفزازات." وأضاف "غياب علمنا (التركي) في ديار بكر كان استفزازا يستهدف تخريب العملية" متهما منظمي الاحتفالات بالنفاق. وقال "اليوم هو يوم الوحدة والتآزر والأخوة." وتسبب الصراع الكردي التركي في مقتل 40 الف شخص وفتح الباب امام اتهام تركيا بانتهاك حقوق الانسان وقوض طموحها في لعب دور اكبر على الساحة الدولية وتسبب في افقار الجنوب الشرقي للبلاد. وعلى الجانب الاخر تعتبر الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي وتركيا حزب العمال الكردستاني منظمة ارهابية. والمسيرة الحاشدة نظمها أساسا سياسيون أكراد محليون ومسؤولون في حزب سياسي كردي ممثل في البرلمان التركي وهي شخصيات سيكون تعاونها مطلوبا لدفع عملية السلام. وقال الزعيم المشارك لحزب السلام والديمقراطية الذي نظم المسيرة صلاح الدين ديمرتاس ان الاكراد ليست لديهم مشكلة في رفع العلم التركي والتلويح به لكنهم لا يشعرون بالارتياح لكونه مفروضا عليهم. وقال "العلم التركي هو علم كل شخص يعيش في هذا البلد. لكن اعتقد ان من يفرضونه ليست لديهم نوايا طيبة. الفرض من جانب عناصر عنصرية يرقى الى حد الاضطرار للركوع امام العلم." وأمر أوجلان الذي يجري محادثات منذ أكتوبر تشرين الأول مقاتليه بالانسحاب إلى قواعدهم في جبال شمال العراق لكنه لم يحدد جدولا زمنيا لذلك. وقال اردوغان ردا على سؤال من صحفيين بشأن ما إذا كان يستهدف إتمام العملية هذا العام "هذا هدفنا. ومن ثم ستكون لدينا انتخابات جيدة في عام 2014." ومن شأن إنهاء أشد الصراعات تعقيدا في تركيا أن يعزز سمعة اردوغان كأقوى زعيم تركي منذ مصطفى كمال أتاتورك ويمنحه دعم الأكراد في طموحه لتولي السلطة مجددا كرئيس يتمتع بسلطات تنفيذية في انتخابات العام القادم. لكن الفشل يمكن أن يلطخ سمعته ويعيد جنوب شرق تركيا إلى صراع أشد في وقت يزداد فيه الأكراد قوة في شمال العراق وفي سوريا التي مزقتها الحرب. وقد تأتي أكبر عقبة أمام عملية السلام من داخل حزب العمال الكردستاني نفسه ومن الأكراد الأكثر تشددا الذين ربما أصيبوا بخيبة أمل جراء إعلان اوجلان انتهاء الصراع المسلح دون أن يقدم مطالب ملموسة.