لا يمكن الفصل بين التعليم والبيئة، ذلك أن التعليم يعد الانعكاس للبيئة والمترجم لها، وكلما كانت البيئة سليمة أنتج التعليم المتطور متعلمين على مستوىً من التمكن والإبداع. وزارات التعليم لا يمكنها خلق المعجزات في ظل وجود ثقافة ضاغطة ومتمكنة، ولا ننسى أن التعليم مر بصعوبات جمة قبل أن يقبل اجتماعياً، ولم يرفض فقط تعليم النساء، بل حتى تعليم الرجال كان مرفوضاً ومنبوذاً ولم يقتنع به البعض إلا بعد تعهدات بفتح معاهد دينية وغير ذلك من الأمور التي يمكنها أن تطفئ التوجس وتبدد الخيفة. ومن هنا فإن الوزارات تتعامل مع المعلم من جهة ومع التعليم كمؤسسة من جهة أخرى. لفت نظري حوار صحافي جديد مع وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله الذي قال:" لا يمكن تحقيق التطوير في قطاع التعليم دون التنسيق المشترك بين وزارة التربية ووزارة التعليم العالي، باعتبار أن الهدف الأساسي وحجر الزاوية هو (المعلم) هناك معايير لمواصفات المعلم تتبين من خلال إجراء اختبار القياس، ومن خلال هيئة التقييم التي تعطي رخصاً للمعلمين، إلى جانب نظام رتب المعلمين في الوزارة، من خلال تجربتي في الوزارة، فإن مشكلتنا الحقيقية تقع في المعلم والبيئة المدرسية. نتكلم اليوم عن أكثر من 700ألف موظف وموظفة من منسوبي وزارة التربية يشكلون 60% من موظفي الدولة". مشكلة وزارة التربية والتعليم أنها مأكولة مذمومة، وأنا لا أدافع عنها بل أضع المشكلة في سياقها، أسهل مهمة هي أن تكون معلماً مع أنها في الواقع أخطر مهنة، لأنك تعلم الجيل وتضع الأفكار وتؤثر في تربيتهم، التعليم أخطر المهن والمسؤوليات، ولا يمكن نسيان دور الثقافة في توجيه ذهن المعلم، في فتراتٍ مضت قبل عقود حين كان التطرف مغفولاً عنه كان المعلم يحذف أي موضوعٍ لا يناسبه، مثلاً يحذفون موضوعات عن الأممالمتحدة أو التعريف بالمؤسسات الدولية وذلك فقط لأنهم يختلفون معها أو لأنهم يرون عدم تطبيقها للأحكام الإسلامية وشرائع الدين. هذه هي المشكلة. بآخر السطر، كلام الوزير يعلمنا أن المعلم يستحق التطوير والتدريب، دراسة أربع سنواتٍ في كلية ليست كافيةً لأن يكون الإنسان معلماً، لننظر إلى الشروط التي تلزم بها المدارس في أوروبا لاختيار المدرس ضمن مواصفاتٍ معينة، حتى لا نقع في توظيف جماعي للمعلمين، ولولا الحاجة الماسة لهم لما عينوا إلا بعد تدريب. * نقلا عن جريدة الرياض السعودية