ما زالت الانقسامات وتباين وجهات النظر، وتبادل عبارات التخوين والعمالة، هى المسيطرة على المشهد، فما نكاد نفرغ من جدال حتى ندخل فى آخر، كان آخرها قانون الانتخابات الجديد, «الأهرام العربى» حملت كل التساؤلات، ووجهات النظر المختلفة حول القانون وتعديلات المحكمة الدستورية عليه ومدى التزام مجلس الشورى بهذه التعديلات، إلى واحد من الذين شاركوا فى صياغة تعديلات هذا القانون، وهو د. رمضان بطيخ أستاذ القانون الدستورى وعضو اللجنة التشريعية بمجلس الشورى، فكان هذا الحوار . فى ظل هذا التباين الواضح فى الرؤى حول قانون الانتخابات الجديد .. لماذا كان هذا التسرع فى إصدار القانون وإرساله إلى المحكمة الدستورية العليا؟ هذا ليس قانونا، وإنما هو تعديلات على قانون، وهذه التعديلات لا تستوجب إطالة الوقت، خصوصا أن صلب النظام الانتخابى جاء منصوصا عليه فى الدستور، وبالتالى ما حدث هو مجموعة من الإجراءات الشكلية الخاصة بضوابط إجراء العملية الانتخابية، ولا يتناول جوهر العملية الانتخابية، وبالتالى لم يكن هناك تسرع، لأن الدستور حدد 60 يوما للإعلان عن بدء الانتخابات فكان لابد من الانتهاء من هذه التعديلات قبل انتهاء هذا الموعد . لكن هذا ميعاد تنظيمى وليس إلزاميا وبالتالى لا يترتب على مخالفته أى بطلان للعملية الانتخابية ؟ بالفعل هو ميعاد تنظيمى، ولكننا لا نلجأ إلى هذا المعنى إلا عندما تكون هناك عقبات تحول دون الإعلان عن بدء إجراء الانتخابات فى موعدها، أما وأن تعديلات القانون لا تواجه أى عقبات، وقد حدث عليها اتفاق، فلماذا التأخير . هناك من يرى أن هذا القانون لم يحدث عليه توافق مجتمعى وأنه طبخ بليل لصالح فصيل معين ؟ القانون لم يطبخ بليل ولا بنهار، هذه تعديلات على قانون الانتخابات وتمت خلال 15 يوما تقريبا، وأى قانون لا يأخذ مدة طويلة طالما أنه معد مسبقا من قبل الحكومة، ومجلس الشورى لم يكن هو الذى صاغ مشروع القانون، وإنما القانون جاء إلى مجلس الشورى لمناقشته . الملاحظات الكثيرة التى أبدتها المحكمة الدستورية على قانون الانتخابات تدل بشكل أو بآخر على أنكم تعجلتم فى إرسال القانون إليها، أو أن من وضع هذا القانون ليس لديه الدراية الكافية بالدستور ؟ الملاحظات التى أبدتها المحكمة الدستورية فى أغلبها عبارة عن خلاف فى التفسير، وهى تعديلات شكلية، ففى مادة عزل الفلول مثلا المحكمة أخذت بالتفسير الضيق، وقالت العزل يكون لمن شارك في كل من الفصلين التشريعيين، ونحن كنا نأخذ بالتفسير الواسع ليكون العزل لكل من شارك فى أى من الفصلين التشريعيين. وماذا عن باقى الملاحظات؟ نحن التزمنا بكل الملاحظات التى أبدتها المحكمة الدستورية حرفيا، لكن هناك نقطة واحدة وهى المتعلقة بشرط التجنيد والاستثناء منه، ففى القانون الذى أرسل للمحكمة الدستورية كنا نقول إن من شروط الترشح أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها أو استثنى منها بقانون، حتى لا يكون من استثنى من الخدمة العسكرية بتقرير من مخبر فى أمن الدولة ممنوعا من الترشح، وحتى يكون ضباط الشرطة والجيش المحالون للمعاش من حقهم الترشح لأنهم مستثنون من الخدمة العسكرية بقانون، لكن المحكمة فى ملاحظاتها اعترضت على جملة “ أو استثنى منها بقانون"، وقالت لا يجوز الترشح إلا لمن أدى الخدمة العسكرية أو أعفى، فجئنا بقانون الخدمة العسكرية لنعلم من هى الفئات التى استثناها القانون من أداء الخدمة الإلزامية، فوجدنا ضباط الجيش والشرطة، ومن هو خطر على الأمن العام بناء على تقارير أمن الدولة، فوجدنا أن هؤلاء سيحرمون من حقهم فى الترشح، فجئنا بضابط من أحكام المحكمة الدستورية نفسها، ففى الحكم الصادر منها بخصوص قانون العزل السياسى الذى أصدره مجلس الشعب قبل حله، والذى حكمت بعدم دستوريته، قالت: لا يحرم شخص من ممارسة حقوقه السياسية إلا بناء على حكم قضائى بات، وبالتالى أخذنا بهذا المبدأ حينما نظرنا فى تعديلات المحكمة الدستورية على قانون الانتخابات، وعدلنا النص إلى : “ لا يجوز الترشح إلا لمن أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها، ومن استثنى بقانون، ما لم يكن استثناؤه تأكد بحكم قضائى بات" . وهل يجوز حرمان شخص من حقوقه السياسية مدى الحياة ؟ هذا لا يجوز أبدا، ويتعارض مع الدستور ومع الأعراف الدولية . المحكمة الدستورية وظيفتها النظر فى القوانين والحكم بمدى اتفاقها مع الدستور من عدمه، فلماذا عرجت إلى استدعاء قانون الخدمة العسكرية؟ هى بذلك دخلت فى التفسير وهذا ليس من حقها، بالإضافة إلى أن الدستور يقول : شروط الترشح كذا وكذا، والقانون يضع باقى الشروط ، أى أن الدستور نفسه سمح للمشرع بأن يضع شروطا جديدة للترشح، وبهذا تكون هذه الشروط الجديدة دستورية، لكن المحكمة كان لها رأى آخر وطالبت بحذف الشرط الذى وضعه المشرع والخاص بمن تم استثناؤهم بقانون، وهى بذلك خالفت الدستور نفسه. بالنسبة للمادة الخاصة بالعزل السياسى، هناك من يرى أن الفصل التشريعى الخاص بعام 2010 لم يكتمل، وبالتالى سيكون من حق كل أعضاء مجلسى الشعب والشورى عن الحزب الوطنى سواء كانوا أعضاء فى مجلس 2005 أم فى مجلس 2010 أو فى المجلسين معا أن يترشحا ؟ يكفى أن يكون عضو الحزب الوطنى قد نجح ودخل المجلس فى هذا الفصل التشريعى، ولا يشترط أن يكتمل الفصل التشريعى، فمن نجح فى 2005 ونجح أيضا فى 2010، لن يكون من حقه الترشح