ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 62 جراء غارات إسرائيلية متواصلة    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الكلب طاهر.. وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    بوش الألمانية تعتزم شطب المزيد من الوظائف لتخفيض التكاليف بمقدار 2.5 مليار يورو    الأسهم الأمريكية تتجه نحو تسجيل رقم قياسي جديد بفضل قفزة سهم تسلا    النائب إبراهيم نظير: كلمة الرئيس في قمة الدوحة «خارطة طريق» لمواجهة التحديات الإقليمية    ترامب يحذر حماس من استخدام المحتجزين الإسرائيليين كدروع بشرية    القناة 12: المجلس الوزارى المصغر يقدر أن العملية البرية بغزة ستنتهى العام الجارى    مسئول صينيى: عزم الصين على حماية حقوقها المشروعة أمر لا يتزعزع    ترامب يعلن عن مهاجمة قارب مخدرات مزعوم من فنزويلا مجددا    ترامب: إسرائيل تعهدت بعدم مهاجمة قطر مجددًا    4 مصريين يتأهلون لربع نهائى بطولة مصر المفتوحة للاسكواش    الشيبي: نريد دخول التاريخ.. وهدفنا مواجهة باريس سان جيرمان في نهائي الإنتركونتيننتال    نبيه يعلن برنامج معسكر منتخب الشباب في تشيلي.. والشربيني متفائل.. والحقيبة المفقودة تعود    نجم بيراميدز يكشف: تعرضت لحملة ممنهجة في الزمالك    العثور على جثة ربة منزل في العبور بعد مقتلها على يد زوجها إثر خلاف مالي    «الدراسة على الأبواب».. موعد بدء العام الدراسي 2025-2026 في المدارس والجامعات    الفنان أحمد إبراهيم يلقى كلمة "اليوم المصرى للموسيقى" بقلم الموسيقار عمر خيرت.. وزير الثقافة يكرم عددا من الرموز.. عادل حسان: أتمنى أن ترافقنا الموسيقى فى كل لحظة.. وخالد جلال يؤكد ألحان سيد درويش علامة فارقة    مسيحيون فلسطينيون في مؤتمر أمريكي يطالبون بإنهاء حرب غزة ومواجهة الصهيونية المسيحية    الثقافة والوعي قبل كل شيء.. «البوابة» تكشف المسكوت عنه في ملف الريادة الثقافية    ارتفاع أسعار النفط مع تصاعد حدة القتال بين روسيا وأوكرانيا    اكتشاف أول حالة إصابة ب إنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة    أهمها قلة تناول الخضروات.. عادات يومية تؤدي إلى سرطان القولون (احذر منها)    حريق ب مطعم شهير بالدقي والدفع ب 5 سيارات إطفاء للسيطرة عليه (صور)    «مشاكله كلها بعد اتنين بالليل».. مجدي عبدالغني ينتقد إمام عاشور: «بتنام إمتى؟»    تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد تُناشد: «حافظوا على سلامتكم»    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر 2025    تقرير: حفل موسيقي يمنع برشلونة من مواجهة سوسييداد في مونتجويك    4 أهداف مرشحة للأفضل في الجولة السادسة للدوري    مهرجان الجونة السينمائي يكشف اليوم تفاصيل دورته الثامنة في مؤتمر صحفي    لا تتردد في اتخاذ خطوة جديدة.. حظ برج الجدي اليوم 16 سبتمبر    القليل من التردد ومغامرات محتملة.. حظ برج القوس اليوم 16 سبتمبر    4 أبراج «معاهم ملاك حارس».. صادقون يحظون بالعناية ويخرجون من المآزق بمهارة    الأهلي يفوز بسباعية في افتتاح دوري الناشئين    الدكتور محمد على إبراهيم أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحري ل«المصري اليوم»: سياسات الصندوق جوهرها الخفض الخبيث للعملة وبيع الأصول العامة بأسعار رخيصة (الحلقة الخامسة)    الاحتلال يكثف غاراته على مدينة غزة    تحذير من تناول «عقار شائع» يعطل العملية.. علماء يكشفون آلية المخ لتنقية نفسه    عيار 21 الآن يواصل الارتفاع.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 16-9-2025 في الصاغة    أخبار 24 ساعة.. البيان الختامي لقمة الدوحة: تضامن وإشادة بقطر ورفض التهجير    محافظ كفرالشيخ: تمويل ميسر لنشر ثقافة العمل الحر    إخماد حريق نشب داخل مطعم شهير بالدقي    حبس شاب 4 أيام على ذمة التحقيقات لإطلاقه أعيرة ناريحبس شاب 4 أيام على ذمة التحقيقات لإطلاقه أعيرة نارية على بائع متجول في خصومة ثأرية بسوهاجة على بائع متجول في خصومة ثأرية بسوهاج    شيخ الأزهر: مستعدون للتعاون في إعداد برامج إعلامية لربط النشء والشباب بكتاب الله تعالى    مدرب بيراميدز: لا نهتم بأنباء مفاوضات الأهلي مع ماييلي    إسقاط الجنسية المصرية عن 3 متورطين في الاعتداء على البعثة الدبلوماسية بنيويورك    محافظ الغربية: الثقة في مؤسسات الدولة تبدأ من نزاهة وشفافية أداء العاملين بها    كلمة الموسيقار الكبير عمر خيرت بمناسبة الاحتفال الأول باليوم المصري للموسيقى    ما حكم أخذ قرض لتجهيز ابنتي للزواج؟.. أمين الفتوى يوضح رأي الشرع    كيفية قضاء الصلوات الفائتة وهل تجزئ عنها النوافل.. 6 أحكام مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    أستاذ بالأزهر يحذر من ارتكاب الحرام بحجة توفير المال للأهل والأولاد    موفد مشيخة الأزهر ورئيس منطقة الإسماعيلية يتابعان برامج التدريب وتنمية مهارات شيوخ المعاهد    المجلس الأعلى للنيابة الإدارية يعقد اجتماعه بتشكيله الجديد برئاسة المستشار محمد الشناوي    محافظ القليوبية يشدد على صيانة المدارس قبل الدراسة (صور)    "مدبولي" يعلن بدء تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بالمنيا    القليوبية تدعم التأمين الصحي بعيادات ووحدات جديدة (صور)    وزير الري يفتتح فعاليات اليوم الثانى من "معرض صحارى"    تأجيل محاكمة 25 متهمًا بخلية القطامية لجلسة 12 نوفمبر    قرار وزاري بإصدار ضوابط وآليات إعتماد «الإستقالات» طبقًا لقانون العمل الجديد    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاومة الفساد بالصحافة الاستقصائية
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 02 - 2013

تعد الصحافة الإستقصائية واحدة من أكثر الأنماط الصحفية المثيرة للجدل وأكثرها تكلفة , إذ تتطلب المزيد من الالتزام والوقت والاستثمارات , فهى تضطلع بدور أكثر تحريضا للرأى العام تجاه أية انحرافات تحدث فى المجتمع , بالإضافة إلى دورها فى تحليل المعلومات وممارسة الدور شبة القضائى فى تحديد جهات الاتهام للانحرافات التى يتم تحديدها , ويتجاوز هذا الدور مجرد الاقتصار على الوصف , أو رد الفعل , على غرار ما يحدث فى الأنواع الأخرى من الصحافة , ومن ثم فهى تحظى بالمزيد من الإطراء والتشجيع بإعتبار أنها تسهم فى تعريز الدور الذى تقوم به وسائل الإعلام فى مقاومة الفسادوالرقابة على الحكومات , والشركات الكبرى التى تتمتع بنفوذ هائل فى تلك المجتمعات .
من هناتتضاعف أهمية هذا الكتاب (الصحافة الإستقصائية : أطر نظرية ونماذج تطبيقية-تأليف د/ عيسى عبد الباقى أستاذ الصحافة بجامعة بنى سويف)والذى صدر حديثا ، وأكد فيه مؤلفه أن الصحافة الإستقصائية تسهم بدورلايمكن الإستعاضة عنه فى المجتمع الحديث , خاصة أن تعرية القصور والفساد يمكن أن يؤدى إلى تغيير السياسات الحكومية العقيمة , ومن ثم حماية أموال دافعى الضرائب من التبديد والإهدار ، وبالتالى إنهاء خدمة المسئوليين الذين يسيئون التصرف فى الأموال العامة , كما أن عملية الكشف عن الممارسات غير الأخلاقية لرجال الأعمال يمكن أن ينقذ صحة وأموال المستهلكين .
ويعمل الصحفيون الإستقصائيون بصورة مستقلة فى الكشف عن الأخطاء فى المجتمع , ومن ثم تتسبب التقارير التى يعدونها فى حشد وتهييح الرأى العام من أجل المطالبة بالإصلاح والتغيير , مع دفع صانعى القرار لتقديم مشروعات القوانين التى تنظم المقترحات الإصلاحية , ومن خلال هذا الدور يمكن أن يؤثر المحررون بصورة ايجابية على العملية السياسية.
كما أن الصحافة الإستقصائية فى كثير من الأوقات تقوم بوضع أجندات العمل العام دون ممارسة أية أدوار تهدف للحشد والتعبئة و التحريض من قبل الرأى العام , فهى تسلط الضوء على الأخطاء التى يتم ارتكابها بدون الدعوة المباشرة للمطالبة بالإصلاح والتغيير , وفى أحيان أخرى تقوم الصحافة الإستقصائية ببناء الأولويات العامة كعملية جماعية يمكن أن يتبادل التأثير فيها كل من الحكومة , ووسائل الإعلام , والرأى العام , من أجل خلق وايجاد نتائج إصلاحية , وتغييرات فى السياسات العامة , يمكن أن تعزز الديمقراطية والعدالة الاجتماعية .
فعملية كشفت الأخطاء من خلال الصحافة الإستقصائية يمثل قوة يمكنها أن تؤثر على السياسات العامة , ففى الحقبة الأولى لظهور هذا اللون من الصحافة كان لها الفضل فى فضح جرائم الرشوة , والفساد , والجريمة المنظمة , وهدر الموارد , والوحشية من جانب أجهزة الشرطة فى التعامل مع المواطنين , وكان الإحساس بالمسئولية الاجتماعية الدافع وراء هذه التوجهات من جانب المحررين .
السطور السابقة هى مجرد فقرات منقولة من كتاب " الصحافة الإستقصائية أطر نظرية ونماذج تطبيقية " الصادر عن دار العلوم للطباعة والنشر هذا العام , للمؤلف الدكتور عيسى عبد الباقى قسم الصحافة بجامعة بنى سويف , حيث يشير المؤلف فى مقدمة الكتاب إلى أن تاريخ الصحافة الإستقصائية فى الغرب , والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص حافل بما لديها من ثراء فى عدد المحررين المتمرسين الذين تمكنوا من الكشف عن الجوانب غير المنظورة فى المجتمع , ومن ثم إعداد التقارير عن أوجه القصور وتقديمها إلى العالم الخارجى , ومثل هذا النوع من الصحافة أدى إلى إحداث تغييرات عميقة فى تلك الأنظمة , وأسهم فى تخليص المجتمع من العيوب المستترة التى قد لا تثير الانتباه فى معظم الأحيان .
وأوضح د .عيسى أنه فى أواخر الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين تسبب الكشف عن الفضائح التى ارتكبتها القوات الأمريكية فى حرب فيتنام فى تحويل توجه الرأى العام الأمريكى إلى معارضة تلك الحرب , مما أدى إلى ادخال بعض التغييرات فى السياسة الخارجية الأمريكية , وبالمثل فإن نشر القصص الإستقصائية عن المسئولين فى البيت الابيض أبان فضيحة ووترجيت Watergate تسبب فى فقد الثقة فى ادارة الرئيس الجمهورى السابق ريتشارد نيكسون Nixon , مما أسفر عن ارغام نيكسون على الإستقالة من منصبه قبل أن يتم فترة رئاسته الأولى, وفى المرحلة الراهنة هناك العديد من الموضوعات الإستقصائية الرصينة التى توضح بقوة الأثر الذى أحدثنه أجهزة الحاسبات الآلية فى تطور تقنيات العمل الإستقصائى , فقد خرجت إلى النور العديد من التقارير الإستقصائية بفضل المساعدة التى قدمتها أجهزة الحاسوب.
ويوضح المؤلف أنه فى البيئة العربية ظل هذا النوع من الصحافة غائباَ بشكل واضح بمفهومه المنهجى والعلمى الدقيق والمتعارف عليه فى آدبيات مهنة الصحافة رغم التحديات التى تواجهها , والبحث عن تقديم ماهو مختلف للحفاظ على القراء من جهة , وضمان قدرتها على البقاء فى السوق الإعلامية من جهة أخرى ففى ظل تسيد وسائل الإعلام المرئية والشبكات الإخبارية واجهة المشهد الإعلامى بعد أن أصبحت المصدر الرئيسى للأخبار عن مختلف الأحداث ,ودخول وسائل الإعلام الجديدة والتى ساعدت شبكة الإنترنت على وجودها قد جعلت وسائل الإعلام التقليدية خاصة الصحافة المطبوعة أمام تحدى الإستمرارية بتقديم ماهو مختلف ,وهو ماتنبهت إليه بعض المؤسسات الصحفية خاصة الخاصة , فكان تركيزها على العمل الإستقصائى المثير كمادة أن تنافس بها وسائل الاتصال الحديثة ,فلم تعرف الصحافة المصرية والعربية هذا النمط من الصحافة بشكل منهجى الإ فى السنوات الأخيرة من القرن الحالى , وبقدر هامش الحرية المتاح فى كل دولة , مما جعل المشهد متفاوتا من بلد إلى آخر .
ويرجع ذلك إلى عدة أسباب منها القيود التشريعية المنظمة للعمل الصحفى والإعلامى بشكل عام فيما يتعلق بقانون حق الحصول على المعلومات , وعدم توفير المؤسسات الصحفية والإعلامية البيئة المناسبة للصحفيين لديها لتنفيذ مشاريع استقصائية , وغياب الصحفى المتدرب بسبب اهمال تلك المؤسسات تدريب العاملين لديها , بالإضافة إلى العقلية التى تتحكم فى القائمين على أمر هذه الوسائل وعدم الرغبة فى تقديم ماهو مختلف , الإ أنه فى ظل تسيد وسائل الإعلام المرئية خاصة الشبكات الإخبارية الفضائية لواجهة المشهد الإعلامى العربى , بحيث أصبحت المصدر الرئيسى للأخبار عن مختلف الأحداث , بجانب دخول وسائط اتصال جديدة ساهم الإنترنت على وجودها وسرعة انتشارها بين مختلف الأوسائط والفئات فى المجتمع – باتت الصحافة المطبوعة أمام تحدى الاستمرارية بتقديم ماهو مختلف لضمان عدم الخروج من حلبة المنافسة, وهو ما تنبهت إليه بعض الصحف المصرية والعربية خاصة المؤسسات الصحفية الخاصة , فكان تركيزها على التحقيقات الإستقصائية المثيرة كمادة يمكن أن تنافس بها وسائل الاتصال الحديثة والإعلام الفضائى , وتضمن لها الوجود على الخريطة , مستمدة دعمها من المتظمات التى لا تهدف إلى الربح , والتى أنشات من أجل تدعيم هذا اللون من الصحافة بمساعدة وتمويل من المؤسسات الدولية.
ويأتى هذا الكتاب ليقدم دراسة شاملة للتوجه الرقابى والنقدى فى أدوار ووظائف الصحافة. ويجيب عن مجموعة من التساؤلات, تتعلق بمفهوم الصحافة الإستقصائية , كنمط مستحدث فى البيئة الصحفية والإعلامية العربية , وكيف تختلف عن الأشكال الأخرى من الصحافة , وتقنيات الصحافة الإستقصائية, والبيئة المهنية الملائمة لنموها وتطورها , وخصائص الكتابة الإستقصائية القائمة على الإسلوب السردى, حيث يقدم الكتاب دراسة شاملة لهذا الموضوع من كافة جوانبه, الأمر الذى يضيف جديداَ إلى مكتبة الدراسات الإعلامية , ويمثل رافداَ مهماَ للباحثين فى حقل الإعلام , كما يعد مرجعاَ شاملاَ للصحفيين المصريين والعرب الراغبين العمل فى هذا الحقل الحيوى للإعلام .
يتضمن الكتاب سبعة فصول رئيسية , يعرض الفصل الأول للصحافة الإستقصائية كمدخل تاريخى ومراحل تطورها حتى العصرالرقمى ,ويناقش الفصل الثانى الصحافة الإستقصائية المفهوم والخصائص بإعتبارها نمطاَ متميزاَ عن الصحافة العامة , ويوضح الفصل الثالث, المداخل النظرية المفسرة للصحافة الإستقصائية ودورها الرقابى فى المجتمع, بينما يقدم الفصل الرابع الأسس والمبادئ الخاصة بالصحافة الإستقصائية كممارسة مهنية ,ويبحث الفصل الخامس دور الصحافة الإستقصائية فى صناعة الرأى العام بإعتبارها قوة دافعة للحشد والتحريض, ويشرح الفصل السادس التقنيات المستخدمة فى الصحافة الإستقصائية , وبناء الفرضية فى العمل الإستقصائى, ويقدم المؤلف من خلال الفصل السابع والأخير للكتاب بعض النماذج من الصحافة الإستقصائية التى تم تنفيذها بالصحف المصرية بإسلوب منهجى يعتمد على فرضيات العمل الإستقصائى كما هو موجود فى الصحافة الغربية..وهو اضافة حقيقية للمكتبة الاعلامية العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.