يرى كل إنسان في أبنائه امتداد لذكراه، فيسعى لأن يكون له نسل يخلفه في الأرض، وتتضاعف أهمية هذا الأمر لدى الأسرى الفلسطينيين الذين تحول قضبان الاحتلال بينهم وبين تحقيق هذا الحلم. بيد أن 50 أسيرًا تمكنوا مؤخرا من كسر قضبان الاحتلال التي تحول بينهم وبين حلمهم في الإنجاب، حيث تمكنوا من تهريب "حيوانات منوية" لزوجاتهم لإجراء عمليات تلقيح صناعي رغم التشديدات الأمنية في السجون. وأعلن أحد مراكز علاج العقم وأطفال الأنابيب، في مؤتمر صحفي مؤخرا بمدينة نابلس شمال الضفة الغربيةالمحتلة، نجاح عملية تلقيح أربع زوجات لأسرى فلسطينيين. ويقول الطبيب المشرف على عملية زرع البويضات سالم أبو خيزران إن "الحيوانات المنوية وصلت إلى المركز بعد أقل من 24 ساعة من خروجها حيث تم تجميدها على الفور ومن ثم زراعتها في رحم زوجات الأسرى". وفي تصريحات لمراسل الأناضول، يشير إلى "وجود ما يزيد على 50 نطفة تم تهريبها من أسرى داخل المعتقلات والعمل جارٍ على زراعتها". ويضيف أبو خيزران أن "الحيوانات المنوية يمكنها أن تبقى على قيد الحياة مدة 72ساعة في ظروف معينة تهيأ لها". وتقول زوجة الأسير علي نزال، لمراسل الأناضول: "الفكرة طرحها زوجي وتقبلتها بعد أن استطاع أسير وزوجته الإنجاب بهذه الطريقة العام الماضي، وأنا الآن حامل في شهري الثاني". وتشير إلى أن "هذه التجربة تثبت قدرة الأسرى وزوجاتهم على كسر سطوة الاحتلال". ويقضي الأسير علي نزال حكمًا مدته 25 عامًا أمضى منها ثماني سنوات في سجون الاحتلال بتهمة الانتماء للجناح العسكري لحركة حماس "كتائب الشهيد عز الدين القسام". وإلى جانب زوجة نزال، تقف زوجة الأسير عبدالكريم الريماوي معبرة عن فرحتها وسعادتها بحملها بعد أن اقتنع زوجها بفكرتها لإنجاب شقيق لابنته الوحيدة. ويقضي الريماوي حكمًا بالسجن 29 عامًا بتهمة الانتماء للجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "كتائب الشهيد أبو علي مصطفى" قضى منها 10 سنوات. والدة الأسير رأفت القروي المحكوم عليه ب 15 عامًا بتهمة الانتماء لكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح تقول لمراسل الأناضول: "حاول الاحتلال حرماني من أن أرى أبناء لرأفت، لكننا كسرنا جبروته اليوم واستطاعت زوجة ابني أن تحمل في أحشائها الجنين لتنجب طفلاً بعد عدة شهور إن شاء الله". وتتنهد والدة الأسير القروي الذي أمضى 7 سنوات من محكوميته قليلا وتذرف الدموع قائلة "لن أسمح لزوجته بزيارته وهي حامل حتى تضع الجنين ويرافقها في زيارة والده"، مؤكدة "بتنا لا نخشى الاحتلال كسرنا كل الحواجز وحققنا ما نبغي". وتقول أخصائية الأجنة بأحد مراكز التلقيح في الضفة المحتلة تمارا أصلان لمراسل الأناضول إن "الحيوانات المنوية وصلت إلينا مهربة من داخل السجون الإسرائيلية في علب صغيرة الحجم تم تغليفها بعناية ولفت بقماش مصنوع من الصوف للحفاظ على سلامتها". وتضيف أن "أربع سيدات فقط حملن، بينما توجد 46 عينة أخرى تم تجميدها في جهاز خاص لإجراء عملية الزراعة للبقية فيما بعد". من جانبه، يصف مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى فؤاد الخفش ل"الأناضول" العملية ب"بداية الانتصار على السجان الإسرائيلي، وإعادة الروح للأسير الفلسطيني". وترفض زوجات الأسرى الكشف عن كيفية تهريب النطفة من داخل السجون الإسرائيلية لأسباب أمنية. وأعلن المركز عن تبرعه بزراعة النطف لزوجات الأسرى مجانا.