نشرت قناة روسيا اليوم الروسية الناطقة باللغة العربية على موقعها الإلكترونى أمس السبت ما قاله ضيف الحلقة الجديدة من برنامج "حديث اليوم" هو فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي تطرق الى مواضيع شتى تشغل بال العالمين الاسلامي والعربي. ومنها العلاقة بين المذاهب والفرق الاسلامية، والموقف من ما يسمى"صراع الحضارات"، وموضوع ثورات " الربيع العربي" والموقف الروسي ازاءها، وغيرها من المسائل الهامة الاخرى. وإليكم مقتطفات النص الكامل للحديث: إذا انتقلنا من معضلة الفرق الإسلامية إلى معضلة أكبر هي الديانات في العالم، هل برأيكم فضيلة الشيخ يعيش العالم صراعاً بين الأديان والحضارات أم تفاهماً؟ - نحن كمسلمين نؤمن بأن الإنسانية كلها يعتبرها الإسلام أسرة واحدة تنتمي من جهة الخلق إلى الرب الواحد، وتنتمي من جهة النسب إلى الأب الواحد، كلنا أبناء آدم وحواء، وهذا ما أعلنه الرسول في حجة الوداع، أمام عشرات الألوف من الناس ، قال يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، فأراد أن يجمع الجميع على هذا، ولذلك نحن نؤمن بأن الإنسانية يجب أن تتقارب.اختلاف الأديان ليس معناه صراع بين الأديان بعضها مع بعض، بل هو فعلاً المفروض أن يكون بينهم الحوار، القرآن سمى هذا الحوار بالجدال بالتي هي أحسن، جعل القرآن طريقة الدعوة، أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، الحكمة التي تقارب العقول والموعظة الحسنة التي ترقق القلوب، والجدال بالتي هي أحسن الذي يحاور المخالفين بعضهم مع بعض. وإذا كان هناك الخلاف البعض بطريقة حسنة والبعض بطريقة أحسن اختر الطريقة الأحسن، هذا ما يدعو إليه الإسلام. نحن نريد لأصحاب الأديان وخاصة من اشترك في عدد من الحوارات، دعونا الأخوة في سانت ديديو إلى روما وحضرنا المؤتمر الأول والمؤتمر الثاني وكانوا يحضرون لمؤتمر ثالث، ولكننا وجدنا لما جاء الأب الجديد وخطب من ألمانيا وهاجم الإسلام من دون داع، رفضنا أن نستمر في هذا الحوار. حاورنا في القاهرة مع المسيحيين مسيحيو الشرق أنا تقابلت مع مسيحيي الغرب ومع مسيحيي الشرق، ولم نرفض أي حوار، ولكن حينما وجدنا الذي يتكلم باسم المسيحية وباسم الكاثوليك في العالم يهاجم الإسلام قلنا نحن لسنا مع هذا الحوار إلى أن يصدر اعتذار من البابا أو كلام يخفف ما أوقعه على المسلمين. - توصفون بأنكم الأب الروحي لثورات الربيع العربي، برأيكم هل أن الفكرة الإسلامية مركزية في هذه الثورات؟ - أنا أعتبر نفسي جندياً في ثورات الربيع العربي كلها، ابتداءً من ثورة تونس فثورة مصر فثورة ليبيا فثورة اليمن فالثورة السورية الحالية، أنا أرى أن هذه كلها ثوراتي، لا أفرق بين بلد وآخر ، إن هذه كلها بلاد عربية إسلامية وكل منا له فيها نصيب ويؤثر بعضها في بعض، ولهذا من أول يوم بدأت مع ثورة تونس وقال لي بعضهم: هل أنت تونسي؟ نعم أنا تونسي أنا تونسي وأنا مصري وأنا قطري وأنا عربي وأنا مسلم، أنا أحمل كل جنسيات البلدان الإسلامية ويهمني أهلها وكأنهم أهلي، وأعتبرهم أهلي فعلاً، ولست أدري سوى الإسلام لي وطنًا، الشام فيه ووادي النيل سيان ، وحيثما ذكر اسم الله في بلدٍ عددت أوطانه من لُبِّ أوطاني، فأنا مهتم بهذه البلاد كلها واعتبر نفسي جندياً لهم، خادماً لهذه الثورات كلها، التي المحرك الأساسي أو المحرك الأول أو المحرك الأكبر لها لا شك أنها الروح الإسلامية والفكرة الإسلامية والعاطفة الإسلامية التي حركت هذه الجماهير، هذه الجماهير وافقت أو قبلت أو خنعت للذل الذي ضرب عليها سنين طويلة ولم تشارك في حكم بلدها وهي الأغلبية الساحقة، هذه الأغلبية الساحقة كانت مهمشة ومحنطة ومجمدة والذين يحكمونها فئة قليلة من الناس تتحكم في أرزاقها وتتحكم في رقابها وتتحكم في إمورها كلها، وهم يعيشون كأنما هم عبيد للطائفة الأخرى أو كأنما هم ماشية للأمة، فكان لا بد أن يرفض، هناك كانت ثورة تغلي في النفوس، كانت تنتظر من يشعل هذه ... الثورة تحتاج إلى عود ثقاب لتشتعل، فكان عود الثقاب الأول في تونس وانتقل بعده إلى مصر ومن مصر إلى البلاد الأخرى. فأعتقد أن الفكرة الإسلامية والروح الإسلامية هي التي وراء هذه الثورات كلها، ولذلك ننتظر ان يكون للإسلام شأن، أن يعترف بالإسلام، لا نريد ان تقوم دولة دينية كما كان في أوروبا في العصور الوسطى، لأننا لا نقبل دولة، نحن نريد دولة مدنية يحكمها المدنيون، الأطباء والمهندسون والمحاميون والاقتصاديون والإداريون ولكن مرجعيتها الإسلام، فهذا ما نريده لأمتنا ونعتقد أنه إذا تم الأمر واستتبت الأمور وتهيأ الاستقرار لهذه البلاد سيكون لها شأن عظيم إن شاء الله، ستنتج انتاجاً عظيماً وتصلح بين الناس وتربط الناس بعضهم ببعض وتشيع روح الحب لا روح البغض، ورح السلام لا روح الحرب، روح التآلف لا روح التصادم، هذا ما نسعى إليه جميعاً.