قبل مطالبتها صندوق النقد الدولى بتأجيل اجتماعاته لمدة شهر بشأن منح مصر قرضا بقيمة 4.8 مليار دولار، أصدرت حكومة الدكتور هشام قنديل التعديلات الضريبية الجديدة، التى أوقفها الرئيس محمد مرسى، وقيل إنها صدرت تلبية لشروط صندوق النقد للحصول على القرض، وبصرف النظر عن تأجيل هذه التعديلات لحين إجراء حوار مجتمعى حولها، فإنه من المؤكد أن هناك تعديلات ضريبية سيتم تطبيقها قريبا، الأمر الذى ستتبعه بالضرورة زيادة فى بعض السلع الأساسية لتقع نسبة كبيرة من الشعب المصرى بين مطرقة شروط صندوق النقد وسندان هذه الزيادات، التى تلقى عليها بأعباء مالية جديدة. يأتى قرض صندوق النقد وهذه الزيادة الضريبية المتوقعة فى وقت يئن فيه الاقتصاد المصرى من تراجع وربما غياب الاستثمارات الأجنبية، بدرجة تجعله يقف على أعتاب نفق مظلم، والسؤال عما إذا كان قرض صندوق النقد والزيادات الضريبية، قادرا على دفع عجلة الاقتصاد للأمام، أم أن هناك من القرارات العلاجية ما يجب اتخاذها على الفور لمنحه «قبلة الحياة». بداية ترى بسنت فهمى، خبيرة الشئون النقدية والبنكية أن استمرار عدم الاستقرار السياسى والاجتماعى وعدم وضوح الرؤية فيما يخص القضاء ومحاربة الفساد، سيدخل مصر اقتصاديا فى نفق مظلم لا يمكن الخروج منه ،فلا يمكن التفكير فى الاستثمارات مادامت حالة اللا استقرار مستمرة، إضافة إلى دين داخلى وصل إلى 1.3 تريليون جنيه، وخارجى 3.5 مليار دولار، وعجز هائل فى الموازنة العامة، وانخفاض فى الاحتياطيات النقدية، ليصل إلى أقل من 15 مليار دولار، هذا بخلاف الودائع الدولارية الموجودة لدى البنك المركزى المصرى التى يجب خفضها من الرقم السابق، أضف إلى ذلك ما أعلنه الاتحاد الأوروبى بأنه سيوقف المساعدات المخصصة لمصر فى الوقت الحالى حتى تستقر الأوضاع، وكانت هناك ثلاث شركات أمريكية كبرى كانت ستعمل فى مصر، لكنها ألغت نشاطها حتى تستقر الأوضاع، وهذا تصريح صادر من رئيس غرفة التجارة الأمريكية، وبالتالى فنحن لا نقوم بأى عمل أو إجراء لحل عدم الاستقرار الاجتماعى، فالقرارات كلها عكس العدالة الاجتماعية. أما أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، فيرى أن حالة عدم الاستقرار الموجودة فى مصر الآن لا تساعد على انتظام العمل وجذب الاستثمار الخارجى، والحقيقة أن الحكومة فى موقف لا تحسد عليه، فلابد من علاج هذا الموقف المتردى فى أقرب فرصة، وإلا فإن النتائج ستكون سيئة جدا، يجب عليها أن تتخذ إجراءات لمعالجة هذا الوضع، ومن سبل العلاج ترشيد ضخ النفقات، وفى نفس الوقت يجب على الحكومة أن تعظم مواردها السيادية ،لكن لم تختر الحكومة الوقت المناسب لتعلن عن زيادة الضرائب التى قررت فرضها، والضرائب سواء كانت ضرائب مباشرة على الدخل والجمارك، أم ضرائب غير مباشرة، لن يكون لها تأثير سريع على الاقتصاد. يرى أحمد الوكيل، أن هناك خطأ فى عملية العلاج التى يحتاجها الاقتصاد المصرى، فالعلاج لم يأت بصورة شفافة وواضحة، وكان من المفترض أن تعلن الحكومة عن الموقف الاقتصادى الذى تمر به البلاد حتى تعود عجلة الاقتصاد بشكل طبيعى مرة ثانية، ومن ثم لابد من عودة الأمن والاستقرار مرة أخرى حتى تدور عجلة الإنتاج. أما ممدوح زهران، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، فيرى أن الوضع غير المستقر لا يساعد على الإنتاج سواء للاستهلاك المحلى أم للتصدير، يكفى أن العديد من الموردين والمصدرين قاموا بإلغاء تعاقداتهم، لأنهم لن يستطيعوا الاستمرار فى التوريد سواء أكانت منتجات وسطية أم منتجا نهائيا ،وكل الصناعات وعلى رأسها الصناعات الهندسية لديها مشاكل جمة، ومهما عمل رجال الأعمال المصريون، فلن يستطيعوا إحداث الطفرة الاقتصادية التى تحتاجها مصر حتى تخفض معدلات النمو المطلوبة، فلابد من العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية، لكن للأسف ما يحدث مؤشر بالسلب على جذب تلك الاستثمارات، فيكفى أن شركة Wal Mart قبل أن تفتح مكتبا فى مصر مطلع العام المقبل قررت غلقه. أما المهندس محمد المرشدى، رئيس غرفة الصناعات النسجية باتحاد الصناعات المصرية، فيؤكد أن الحركة الصناعية والتجارية متوقفة، فما يحدث فى الشارع يؤثر على الإنتاج، فنحن ننتج ولا توجد مبيعات، فالحركة التجارية متوقفة بسب كثرة المظاهرات والتوترات المستمرة ،ونستطيع تحصيل الإيرادات، فالتجار ليست لديهم مبيعات، وبالتالى لا يستطيع أن يدفع استحقاقاته، وبالتالى فالمنتج لا يستطيع سداد التزاماته المالية، كما أن المستوردين يبحثون عن دول أكثر أمنا واستقرارا. أما المهندس سامح محمد زكى، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة، فيرى أن الأحداث الجارية الآن فى مصر تؤثر بشكل مباشر على حركة الاستيراد، فالاستيراد مرتبط بوجود طلب على البضائع المستوردة، والناس فى حالة خوف وحذر لعدم وضوح الرؤية المستقبلية للأوضاع داخل مصر، والأغلب الأعم يخاف من حالة الانشقاق وتحولها إلى أحداث أكثر دموية من ذلك ،كما أن معظم الصناعات تدخل فيها نسبة من المكون الأجنبى تتراوح ما بين 40 إلى 60 ٪ ، الأمر الذى أثر على حركة الإنتاج المحلى، وبالتالى حدوث انكماش كبير أثر على التصدير، حتى المحاصيل الزراعية المصدرة تراجعت بسبب استيراد مادة الشمع التى تغطى بها المحاصيل التى يتم تصديرها.