أطراف مختلفة تعبث بسيناء، الموساد يطلق تحذيرات مجانية عن وجود تنظيم القاعدة، وتجار فلسطينيون يغرقون الأسواق ببضائع إسرائيلية، ومتطرفون يعتدون على مقار أجهزة الشرطة، وأكمنة الجيش، آخرها استشهاد ثلاثة من جنود الشرطة بلا ذنب، فما هذه الأطراف، ولماذا تختار سيناء تحديدا؟ وهل هناك مخططات أكبر لفصلها عن مصر؟ أثارت القضية الأخيرة من قتل 3 جنود من أفراد الشرطة العديد من التساؤلات، فمنهم من يري أن هناك تنظيما للقاعدة بسيناء يستهدف زعزعة الأمن بمصر من خلال استغلال طبيعة سيناء الجغرافية وما يحدث من دول الجوار متمثلة في إسرائيل وفلسطين، وكلتيهما تدور بينهما صراعات كبيرة! ومنهم من يري أن الموساد الإسرائيلي وراء تلك العمليات بهدف زعزعة الأمن بمصر واللعب باقتصادها، فلم تعد الحرب والسيطرة حاليا حربا بالدبابات والصواريخ، والقنابل بقدر ما أصبحت حربا للفكر والسيطرة علي الاقتصاد وضربة بكل الوسائل. نعم هذا ما تقوم به إسرائيل حاليا في محاولة لضرب الاقتصاد المصري وإبعادها عن الساحة العربية والقضايا التي تحاول إسرائيل طمسها فتارة تعلن عن وجود تنظيم للقاعدة بسيناء وأخري تعلن فيها عن اقتراب عمليات تفجيرية وتارة أخري تغرق الأسواق المصرية ببضائعها وبنصف الثمن، ولكن هيهات تناست إسرائيل أن بمصر عقولا واعية تستطيع أن تدرك ما تفكر به وتفشل كل خططها. البداية.. كان اللقاء مع محافظ شمال سيناء السيد عبد الفتاح حرحور، والذى نفى نفيا قاطعا ما نشرته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية عن رصد أجهزة الأمن لأكثر من 400 فرد ينتمون إلي عناصر تنظيم القاعدة بسيناء، وأكد أنه لا يعقل أن تكون هناك عناصر للقاعدة بسيناء، وأن ما رددته بعض وسائل الإعلام ليس له أساس من الصحة، وأن هذه المنطقة تتم مراقبتها جيداً. وأضاف: يجب أن ننتبه لمثل هذه المؤامرات التي تطلقها إسرائيل، فمرة تقول إنها قد أطلق عليها صواريخ من سيناء، وهذا لا يصدقه أي شخص يحبو في العسكرية، فمعني إطلاق صواريخ يحتاج إلي منصات كبيرة، وهذه بالطبع لن تلبس طاقية الإخفاء، ومراقبتها سهلة للغاية، ولكن الحقيقية أن بسيناء بعض العناصر التي تطلق علي نفسها العناصر الجهادية، وهي معروفة لدي الأجهزة الأمنية وأعدادهم تتراوح من ألف إلي ألف وأربعمائة شخص، وهذه المجموعات لها أفكار دينية متطرفة والقضاء عليهم بات وشيكا، حيث إنهم معروفون لدي الأجهزة الأمنية بالاسم. اللواء أحمد سعيد الخبير الأمني بسيناء يشرح ما تقوم به إسرائيل من محاولات لضرب الاقتصاد المصري، ويقول: سوف نبدأ من أسواق سيناء، فانظر وقد امتلأت الأسواق بالعديد من الأجهزة الكهربائية إسرائيلية الصنع، وتباع بأسعار زهيدة في مقابل البضائع المستوردة والمصرية، وتشمل البضائع الموجودة بالأسواق والتي يفترشها الباعة الجائلون مختلف الأجهزة الكهربائية من أفران ميكروويف وأفران للخبيز وعجانات وحلل كهربائية ومراوح كهربائية وأجهزة تسخين ومرشحات وفلاتر، والعديد من الأجهزة الكهربائية حديثة الصنع ومدون عليها باللغة العبرية من حيث الصناعة، ويقول الباعة الجائلون: إن أحد التجار الفلسطينيين يمر عليهم يوميا بسيارة نصف نقل بيضاء ويعرض عليهم ما لديه من هذه المنتجات والإقبال عليها كبير من كل الأفراد بالمحافظة. هذا البعد نطلق عليه نحن كأمنيين بعد الضرب الاقتصادي بإغراق الأسواق بمنتجات مجهولة المصدر أو علي الأقل دخلت مصر دون دفع الجمارك ليظل المنتج المصري في ركود، وبالتالي تكون الضربة موجهة إلي هدم الاقتصاد بشكل مباشر، وهذا نوع من أنواع الحروب وإن كانت أجهزة الأمن تحارب ذلك إلا أن الظاهرة موجودة ومنتشرة. أما البعد الثاني فهو بعد الإعلام ويقوم باستغلال بعض الأعمال التي تتم في سيناء تحت مسمي تنظيم القاعدة، وهنا يجب أن نشير إلي أن هذا الأمر مفضوح تماما من إسرائيل فلا وجود للقاعدة نهائيا بسيناء، وإن إسرائيل نفسها بها انفلات أمني كبير، ودعنا نشرح ما يتم في سيناء وكيف استغلته إسرائيل وغياب الأمن بسيناء يتمثل فيما تقوم به بعض أبناء القبائل ضد بعضها بعضاً مطلقين عليه عرفا قبليا، وكان قديما يسمي بظاهرة التوثيق وسوف أشرحها بالكامل لنبين للقراء كيف تستغل إسرائيل، هذه الظواهر في إثارة الفتن بسيناء، هذه الظاهرة تعني قديما أنه في حالة حدوث مشكلة بين اثنين من أبناء سيناء يطلب أحدهما من الآخر أن يحدد جلسة عرفية لحل النزاع بينهما، فإذا رفض الطرف الآخر أن يجلس معه لحل النزاع يبادر إلى أخذ الجمل الذي يمتلكه ويربط قدميه - ومن هنا جاءت تسمية «التوثيق» - ويقول الشخص الذي أخذ الجمل لصاحب الجمل عن طريق وسيط:«إنني اضطررت إلى أخذ جملك لإجبارك على حل النزاع، ولكي تتمكن من استرداده يتوجب عليك أن تجلس جلسة عرفية لحل النزاع بيننا.. ثم تأخذ جملك». لسنوات كان ينظم «التوثيق» القضاء العرفي السائد في المنطقة. غير أنه تحول خلال السنوات الأخيرة إلى ما يشبه السطو المسلح، إذ ترك كثيرون من أبناء المجتمع البدوي في سيناء المغزى العرفي من «التوثيق» واتجهوا إلى تصفية الخلافات بعضهم مع بعض بطرق أخرى لا تمت إلى القانون العام ولا إلى القضاء العرفي بصلة، ومنها، مثلا، أن يقدم أحد أفراد العائلة التي لديها نزاع، وحتى الجد الخامس، على خطف سيارة الغريم تحت تهديد السلاح، وإجبار سائق السيارة على النزول منها والفرار بها. وكثيرا ما أدى هذا الأمر إلى مقتل الكثير من المواطنين حين كان خاطف السيارة يلجأ إلى استخدام سلاح آلي، وغالبا، عندما يحاول صاحب السيارة الهروب من غريمه يكون نصيبه رصاصة تودي بحياته. هذه الظاهرة استغلتها إسرائيل أسوأ استغلال ونحن قمنا بمخاطبة دار الإفتاء المصرية لنبين للمواطنين أن هذا الأمر حرام شرعا، وكانت دار الإفتاء قد قالت في هذا الأمر بخصوص تحريم «التوثيق». واعتبرت أن هذه الأساليب في طلب الحقوق، أو الحصول عليها، «محرمة» شرعا، بل إنها معدودة من كبائر الذنوب. وأضافت دار الإفتاء في ردها:«نهيب بأهل سيناء أن يأخذوا على أيدي من يفعل ذلك، وأن يردعوهم عن غيهم، وأن يقفوا صفا واحدا ضد من تسول له نفسه ترويع الآمنين، أو أخذ الناس بجريرة أقاربهم أو معارفهم، أو التعدي في المطالبة بالحق أو تحصيله واستيفائه، وعلى الجميع أن يلتزموا بالأحكام الشرعية والقواعد العامة التي تنظم أخذ الحق والمطالبة به، حتى لا تنقلب الأمور إلى فوضى عارمة يصبح الخصم فيها حكما، وحتى لا تتحول مجتمعاتنا إلى غابة تضيع فيها الحقوق والمبادئ والقيم». وأضاف أحمد سعيد الخبير الأمني، أن هذه الفتوى استقبلها مشايخ القبائل في سيناء بالإعلان عن رفضهم لتنامي ظاهرة العنف واستخدام السلاح في النزاعات بين الأفراد.وهذا ينم عن أصالة هذا الشعب ومدي وعيه وارتباطه بدينة وقيمه. تركنا الخبير الأمني وانتقلنا إلي القاضي العرفي، يحيى الغول، لمعرفة الحقيقية أكثر، فبين لنا أنه لا وجود علي الإطلاق لتنظيم القاعدة بسيناء وأن القضية باختصار هي ظاهرة خطف السيارات تحت مسمي العرف واستغلتها إسرائيل أسوأ استغلال، وأضاف نحن في طريقنا للقضاء علي هذه الظاهرة لنغلق علي إسرائيل أي باب للرجوع فنحن نطالب حاليا بضرورة دعم دور شيخ القبيلة وتقويته لكي يتمكن من فرض السيطرة على أبناء القبيلة، وأن يصار إلى تعميم القانون المدني على الجميع، خصوصا أن القضاء العرفي قد يحتمل الصواب والخطأ طبقا لوجهات النظر، وأن ظاهرة «التوثيق» انحرفت في تطبيقها، مما أدى إلى تزايد عدد المشكلات الناتجة عنها.