- ما الدول الأربع التى يمتنع على أمريكا التجسس عليها؟ عمليات التجسس بين الدول لا تتوقف، ومن وقت لآخر، ما إن تكشف دولة عن عملية جديدة يتحول انتباه العالم إليها لكل ما تحمله من إثارة وتشويق، وأحدث العمليات فى دنيا الجاسوسية وقعت أخيرا ما بين روسياوالنمسا، وهو ما يفتح ملفا يداعب خيال الكثيرين، وينسج الكثير من الحكايات فى حبكة ما زالت مستمرة حول العالم. فقد أعلنت الخارجية الروسية، أنها استدعت سفير النمسا لدى موسكو يوهانيس أيجنير، على خلفية اعتقال فيينا عقيدا نمساويا سابقا بشبهة التجسس لصالح روسيا، وجاء هذا الإجراء عقب استدعاء السلطات النمساوية القائم بأعمال السفير الروسى لدى فيينا، كما طالب المستشار النمساوى سيباستيان كورتس موسكو بتقديم «معلومات شفافة» بشأن هذه القضية، وأعلن أن وزيرة الخارجية كارين كنايسل، ألغت زيارة لها إلى العاصمة الروسية، كانت مقررة مطلع ديسمبر المقبل، مضيفا أن بلاده ستحدد الخطوات التالية بعد التشاور مع الشركاء الأوروبيين. ذكر المستشار النمساوي، أن الضابط المعتقل استمر بالتعاون مع الاستخبارات الروسية حتى عام 2018، فى حين أفاد المتحدث باسم وزارة الدفاع النمساوية فى تغريدة على تويتر بأن «مكتب مكافحة التجسس العسكرى، تمكن بالتعاون مع هيئات أجنبية من الكشف عن حالة تجسس». وأشار إلى أن «الضابط النمساوى المتقاعد، استمر بالتجسس منذ تسعينيات القرن الماضي، وسلم المعلومات التى كان يحصل عليها للجانب الروسي». وقد أفادت بعض الصحف المحلية بأن العقيد كان يجمع للاستخبارات الروسية معلومات عن سلاحى الجو والمدفعية النمساويين، وعن أزمة الهجرة، بالإضافة إلى معلومات مفصلة عن بعض العسكريين من أصحاب الرتب العالية، كما أن كانت هناك اتصالات كل أسبوعين بين الضابط السابق وشخص روسى يدعى يورى ، فيما تزعم بعض الصحف بأن العقيد تلقى 300 ألف يورو مقابل تخابره مع موسكو. وفى الوقت نفسه، رجح الخبير السياسى فيودور لوكيانوف رئيس تحرير مجلة «روسيا فى السياسة العالمية» تورط دولة ثالثة فى فضيحة التجسس التى اندلعت بين روسياوالنمسا، وقال فى حديث لوكالة «نوفوستي» إن الفضيحة ستؤثر حتما على العلاقات بين موسكو وفيينا «لأن هذا لا يمكن أن يعجب أحدا». ويرى لوكيانو أن الدولة الثالثة تقع فى أقصى الغرب بالنسبة للنمسا، وأوضح أن العلاقات الخاصة بين النمساوروسيا، بعد وصول كورتز للسلطة، كانت تثير امتعاض الولاياتالمتحدة، والكثير من دول الاتحاد الأوروبي، وأضاف أن النمسا ومستشارها كانا الطرف الوحيد فى الغرب الذى لم ينضم بأى شكل من الأشكال إلى العقوبات الأوروبية، بعد حادث تسميم سيرجى سكربيل، وقال:«هذا الأمر أثار انزعاج الجميع لعدم حشدهم التضامن المطلوب»، وأشار إلى أنه كان يجب التوقع «أنهم سيذكرون روسياوالنمسا بالواقعة وهو ما حدث فعلا». التجسس على مسئولين التجسس هو عملية الحصول على معلومات ليست متوافرة عادة للعامة، وهو أحد الأنواع والسبل الملتوية في الحروب وأحد الطرق الحديثة والقديمة، إضافة إلى أنه يمثل تربصا وخطرا داهما لكلا طرفى الحرب. وقد شهدت الحرب الباردة المشاركة المكثفة لأنشطة التجسس بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها والاتحاد السوفيتى وجمهورية الصين الشعبية وحلفائها، لا سيما ما يتصل بأسرار الأسلحة النووية. والتجسس لا يقف فقط على الدول بعضها البعض، ولكن قد يمتد إلى المسئولين الكبار. فقد فتح اتهام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لسلفه باراك أوباما بالتجسس على حملته الانتخابية الباب على قضية التجسس على مسئولين كبار فى أكثر من دولة حول العالم، وسلطت هذه القضية الضوء على ملف الولاياتالمتحدة المليء بالتجسس على مسئولين كبار من حول العالم من بينهم رؤساء دول ومسئولون فى الأممالمتحدة. فقد نشر موقع ويكيليكس، فى يونيو 2015، تقارير تشير إلى تجسس واشنطن على ثلاثة رؤساء فرنسيين - جاك شيراك ونيكولا ساركوزى وهولاند - مما دعا الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند للدعوة إلى اجتماع عاجل لمجلس الدفاع. وكانت ألمانيا قد أعلنت استنكارها الشديد عام 2014، إزاء قيام وكالة الأمن القومى الأمريكى بالتجسس على الهاتف النقال للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كما أظهرت وثائق كشفها موقع ويكيليكس أن وكالة الأمن القومى الأمريكية تجسست على الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كى مون وعدد من القادة الأوروبيين. وكشفت تقارير لوكالة الاستخبارات الألمانية فى عام 2013، أن وكالة الأمن القومى الأمريكية تجسست على عناوين بريد إلكترونية لساسة أوروبيين ووزارات فى الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبى ومؤسسات تابعة للاتحاد. وفى أغسطس عام 2015، أعلنت الحكومة اليابانية أن الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما قدم اعتذارا لليابان، بعد معلومات نشرها موقع ويكيليكس تفيد بأن واشنطن قامت بالتجسس على سياسيين يابانيين. وكالة الأمن القومى الأمريكية ومن الجدير بالذكر أن وكالة الأمن القومى الأمريكية كانت مخولة لرصد معلومات تشمل كل الدول فى العالم باستثناء أربع منها فقط. فقد نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية نقلا عن وثائق وصفتها ب «سرية للغاية»، كان قد سربها الموظف السابق مع وكالة الأمن القومى إدوارد سنودن، وتكشف أن «الولاياتالمتحدة وقعت اتفاقات واسعة النطاق حول منع التجسس مع تلك الدول الأربع وهى بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا». فإن «ترخيصا قانونيا سريا يعود إلى العام 2010 وغيره من الوثائق تثبت أن للوكالة صلاحية أكثر مرونة مما كان معروفا عنه، وهذا ما أتاح لها أن ترصد من خلال شركات أمريكية ليس فقط اتصالات لأهدافها فى الخارج بل وأى اتصالات حول تلك الأهداف». والترخيص الذى حظى بموافقة المحكمة المعنية لشئون التجسس فى الخارج، وكان ضمن مجموعة وثائق سربها الموظف السابق لدى الوكالة إدوارد سنودن،يفيد أن 193 دولة تشكل أهمية للاستخبارات الأمريكية، كما أتاح الترخيص للوكالة جمع معلومات حول هيئات أممية مثل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى والاتحاد الأوروبى والوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومن ناحية أخرى،كشفت صحيفة «هاآرتس» العبرية أن إسرائيل أصبحت أكبر مصدر لأجهزة التجسس فى العالم، وأشارت الصحيفة فى تقرير مفصل نقلا عن 100 مصدر فى 15 دولة إلى أن هذه الدول تستغل هذه الأجهزة إسرائيلية الصنع فى متابعة رسائل البريد الإلكترونى واختراق التطبيقات وتسجيل المحادثات،وذلك حتى فى البلدان التى لا علاقة رسمية لها مع إسرائيل. وخلصت الصحيفة إلى أن الشركات الإسرائيلية تواصل بيع أدوات التجسس، حتى بعد الكشف علنا أنها تستغل «لأغراض خبيثة»، وذلك بموافقة وزارة الدفاعالإسرائيلية. وفى بعض الأحوال، استخدمت الأجهزة الإسرائيلية لأغراض سلمية مثل المساعدة فى جهود وقف عمليات الخطف فى موزمبيق، ومكافحة الصيد غير المشروع فى بوتسوانا، ومحاربة حركة «بوكو حرام» المتطرفة فى نيجيريا، لكن كبار المسئولين فى الشركات الإسرائيلية يعترفون بغياب أى ضمانات لعدم إساءة استخدام هذه التكنولوجيات بعد تصديرها، ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن صفقات بيع أجهزة التجسس تعقد تحت إشراف وزارة الدفاع وحدها مع عجز الكنيست عن الرقابة عليها وعدم حصوله على التفاصيل الأساسية لهذه الصادرات. وذكرت الصحيفة أن وزارة الدفاع، ترفض الكشف عن قائمة الدول التى يحظر تصدير المعدات العسكرية إليها أو المعايير التى تعتمد عليها فى اتخاذ قرارات بهذا الشأن. واتهمت الصحيفة وزارة الدفاع ببيع «قدرات هجومية» إلى العديد من الدول التى «تفتقر إلى التقاليد الديمقراطية القوية». وكشف التقرير قائمة الدول التى باعت الشركات الإسرائيلية أجهزة التجسس إليها، بما فيها دول إفريقية وآسيوية وأمريكية لاتينية وبعض جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق.