الجميع يتجسس على الجميع، هذا ما يراه عدد من خبراء الاستخبارات، الذين يعتبرون ان الادانات التي صدرت في اوروبا، بعد تسريبات حول برامج التجسس الاميركي، ليست سوى «لعبة» معهودة، يتظاهر فيها القادة باستنكار وقائع يعرفونها تماما، ولم يتردد الرئيس الاميركي باراك اوباما في التذكير بذلك، محاولا في الوقت نفسه تهدئة غضب القادة الاوروبيين بوعده توفير «معلومات» حول نشاطات وكالة الامن القومي ضد الاتحاد الاوروبي ومعظم بلدان القارة. وقال ان «في العواصم الاوروبية هناك اناس مهتمون بمعرفة ما قلته، عندما تحدثت الى قادتهم ان لم يكن ما اتناوله في فطور الصباح ايضا». كما رفض الجنرال مايكل هايدن، الذي قاد من 1999 الى 2005 وكالة الامن القومي، الانتقادات الصادرة من الاوروبيين، وقال انه على كل اوروبي يشتكي من التجسس الدولي ان ينظر اولا الى ما تمارسه حكومته. وقال مسؤول اميركي سابق في الاستخبارات لوكالة فرانس برس، طالبا عدم ذكر اسمه، ان «الفرنسيين يتجسسون علينا كما يتجسسون على انكلترا»، مؤكدا ان «الاسرائيليين والروس والبريطانيين والولاياتالمتحدة والصينيين.. كل الدول الكبيرة التي لديها اجهزة استخبارات جدية تتجسس على حكومات الدول الاخرى». المفاوضات التجارية في المقابل، اتخذت فرنسا والمانيا امس مواقف مختلفة تماما حول فتح مفاوضات تجارية بين واشنطن والاتحاد الاوروبي، اذ ان باريس ترغب في ارجائها، بينما تريد برلين البدء فيها الاسبوع المقبل كما هو مقرر. ويفترض ان تبدأ هذه المفاوضات في الثامن من يوليو، غير ان الناطقة باسم الحكومة الفرنسية، نجاة فالوه بلقاسم، اعلنت انه «لا يتعلق الامر بوقف المفاوضات»، بل «يبدو لنا من الحكمة تعليقها مؤقتا لمدة اسبوعين على الارجح، تفاديا لاي جدل، وذلك حتى يتوفر وقت للحصول على المعلومات المطلوبة» من واشنطن حول تجسس الولاياتالمتحدة على المؤسسات الاوروبية. واضافت «سنركز هذا الاسبوع دون تأخير مع شركائنا الاوروبيين على هذا الموضوع». وكان الرئيس فرنسوا هولاند دعا الثلاثاء الى «موقف منسق مشترك» بين الدول الاوروبية، في الرد على مسألة التجسس على المؤسسات والدول الاوروبية، التي يشتبه في ان الولاياتالمتحدة قامت به. غير ان المستشارة الالمانية، اعربت عن دعمها المفوضية الاوروبية في رغبتها البدء في المفاوضات في الثامن من يوليو الجاري، وقال الناطق باسمها، ستيفن سيبرت، ان «المفوضية تريد افتتاح المفاوضات في موعدها، والحكومة الالمانية تساندها في ذلك، مؤكدا وجوب تشكيل مجموعة خبراء مشتركة بين اميركا والاتحاد الاوروبي، توكل اليها مهمة توضيح مسائل مثل مراقبة اجهزة الاستخبارات ونشاطاتها، وذلك يتضمن ايضا قضيتي حماية المعطيات والحياة الخاصة». وكانت سلطات الأمن الألمانية نفت علمها المسبق ببرنامج «بريزم» التجسسي الأميركي، الذي كشفه المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الاميركية ادوارد سنودن. في المقابل، أعرب رئيس المجلس الاوروبي، هرمان فان رومبي، عن قلقه الشديد ازاء التقارير الاعلامية حول تجسس الاستخبارات الاميركية على مكاتب الاتحاد الخارجية وفي بروكسل، مطالباً السلطات الاميركية بتوضيح فوري وكامل ازاء هذه الادعاءات. في حين استدعى وزير الخارجية النمساوي، ميخائيل شبيندل ايغر، السفير الاميركي في فيينا، الامر الذي فعلته تركيا ايضاً. وتزامن التنديد الاوروبي مع دعوة مؤسس موقع ويكيليكس، جوليان اسانج، الاوروبيين، ولا سيما الالمان والفرنسيين، الى استقبال المستشار سنودن ومنحه اللجوء السياسي، وقال انه نظرا لتلقي اوروبا جائزة نوبل للسلام عام 2012، «فعليها ان تكون على مستواها واثبات ارادتها، والدفاع عن حرية نقل المعلومات ايا كانت المخاوف من ضغوط سياسية تمارسها الولاياتالمتحدة». طائرة موراليس في غضون ذلك، اتهمت بوليفيا النمسا بالعدوان على سيادتها بتفتيش طائرة الرئيس ايفو موراليس امس، وألقت باللوم على واشنطن في إجبار الطائرة على الهبوط في فيينا، للاشتباه في أنها تقل سنودن الهارب حاليا. وتعطلت طائرة موراليس في مطار فيينا عدة ساعات، بعد أن الغت البرتغال وفرنسا فجأة تصاريح الطيران في مجاليهما الجويين، لكنها استأنفت رحلتها عائدة الى بوليفيا، بعد ان حضر الرئيس اجتماعا للطاقة في موسكو. وهدد الرئيس موراليس أسبانيا وفرنسا والبرتغال وإيطاليا باتخاذ إجراءات قانونية انتقامية، بسبب منع طائرته في بادئ الامر من دخول المجالات الجوية لتلك الدول.وقال إنه شعر بأنه «اختطف لمدة 13 ساعة».