سعد وباسيل وأسود والجميل.. أرقام صعبة فى معادلة الحسابات بولا يعقوبيان وجيسكا عازر وطونى خليفة.. الفرص متباعدة.. وبريق الشاشة قد يطفأ
تيمور والمشنوق وسامى.. الدخول بالملابس الرسمية
تجرى الانتخابات النيابية فى لبنان غدا الأحد السادس من مايو، لانتخابات أعضاء المجلس النيابى البالغ عددهم 128 نائبا، وهو حدث طال انتظاره لأكثر من 5 سنوات، للحد الذى كان قد تسرب للبعض فيه شعور عام بفقد الأمل فى إتمامها حتى اللحظة الأخيرة. هذه الانتخابات هى الأولى منذ انتخابات عام 2009، حيث جرى التمديد للمجلس لأكثر من مرة وحظيت باهتمام كبير من الناخب اللبنانى، وعبرت عن ذلك بوضوح القوى والتيارات السياسية التى رصدت مبالغ طائلة للحملات الدعائية، وتبارت الماكينات الانتخابية فيما بينها فى جذب انتباه الناخب والتأثير عليه لضمان صوته، وتقدمت لها شخصيات سياسية وإعلامية شهيرة.
كما دفع عدد من الزعماء بالجيل الجديد من الأبناء فى هذه الانتخابات، من بينهم وليد جنبلاط وسليمان فرنجية وأحمد فتفت، حيث يخوض تيمور جنبلاط المعركة على لوائح الحزب التقدمى الاشتراكى فى دائرة الشوف - وهو خريج الجامعة الأمريكية فى بيروت، وعاش لسنوات فى باريس قبل أن يستقر مجددا فى لبنان ويتم تصعيده لتحمل المسولية نيابة عن الأب وعن تحمله المسئولية قال: «أريد أن أكون تيمور جنبلاط لا كمال ولا وليد جنبلاط».
ونفس الحال تنطبق على رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية الذى تخلى عن مقعده النيابى، ليترشح بدلا منه ابنه البكر «طونى» والذى درس الاقتصاد فى بريطانيا، ويبلغ من العمر 31 عاما، وهو شاب طموح له قاعدة شعبية فى «إهدن» الشهيرة، التى تقيم فيها عائلة فرنجية وشهدت المذبحة التى راح فيها جده سليمان فرنجية، كما تنازل عضو كتلة المستقبل النيابية النائب أحمد فتفت، الذى شغل من قبل منصب وزير الشباب والرياضة والداخلية بالوكالة عن مقعده لابنه سامى البالغ من العمر 28 عاما، ليخوض الانتخابات على مقعد لوائح تيار المستقبل فى الضنية بطرابلس، سامى درس الاقتصاد فى باريس وعمل 3 سنوات بين الرياض وعمان ودبي، ويكشف عن أن رئيس الحكومة سعد الحريرى يقف وراء ترشحه.
هذه الانتخابات تجرى للمرة الأولى أيضا بالنظام النسبى، حيث تم تقسيم لبنان إلى 15 دائرة انتخابية، وعلى عكس القانون السابق الذى عُرف "بقانون الستين" كونه يعود للعام 1960، أتى القانون الجديد ليرفع نسبة تمثيل القوى المسيحية المنتخبة بأصوات المسيحيين، فقانون الستين كان يعطى القوى المسيحية المختلفة قدرة السيطرة على نحو 47 مقعداً من أصل المقاعد ال 128 للمجلس النيابى الحالى عبر تحالفاتها المختلفة مع القوى الأخرى غير المسيحية، وتطمح مع قانون ال 15 دائرة فى توسيع نفوذها والسيطرة على نحو 55 مقعداً.
ويشكل المسيحيون 35 % من السكان فيما المسلمون 65 % ، حيث توزع السلطة مناصفة بين الطائفتين، وقبل إقرار القانون تحفظ المسيحيون على اعتماد النسبية من زاوية خشية عدم الحصول على الأصوات المناسبة واشترطوا وضع ضوابط على القانون بألا تقوم الانتخابات على دائرة واحدة إنما على عدة دوائر،إضافة إلى صوت تفضيلى على مستوى القضاء "المحافظة " وليس على الدائرة. المجلس النيابى المقبل قد يفسح المجال أمام دخول شخصيات كان من الصعب عليها الفوز وفق قانون الستين، حيث تبرز حظوظ القيادى أسامة سعد زعيم التيار الناصرى، والمرشح على المقعد السنى فى دائرة مدينة صيدا فى الجنوب ومتزوج من السيدة المصرية إيمان طلبة ولهما ثلاثة أبناء معروف، منار ومحمد ونفس الحال تمتد إلى المرشح جبران باسيل وزير الخارجية ورئيس التيار الوطنى الحر وزوج ابنة العماد ميشال سليمان رئيس الجمهورية فى دائرة البترون، فالنسبية تضمن له الفوز بعد أن فشل فى انتخابات 2009 على نفس المقعد فى دائرة البترون، وربما يكون ضحية جبران باسيل، النائب زياد أسود بسبب هجومه على نبيه برى زعيم حركة أمل ودفاعا عن جبران باسيل، حيث اعتبرت حركة "أمل سقوط النائب العونى زياد أسود يعادل نجاح كل لوائحها فى لبنان وضربا فى رئيس "التيار الوطنى الحر" جبران باسيل، الذى يكرر الهجوم على برى فى كل مناسبة. وتبدو فرص رئيس "حزب الكتائب اللبنانية" النائب سامى الجميل، طبيعية فى دائرة المتن والتى تم تسميتها من قبل بأم المعارك وخسرها والده أمين الجميل بعد استشهاد شقيقه بيار الجميل، وإجراء انتخابات على المقعد الشاغر وتنافس ضد الجميل مرشح التيار الوطنى الحر كميل خورى، حيث حصل على 39.116 صوتا مقابل 39.534. وأرجع سبب خسارته إلى الأصوات الأرمينية، وإلى ما أسماهم عملاء سوريا فاللائحة قد تمنحه الفوز على الرغم من المنافسة الكبيرة فى الدائرة وفى انتخابات 2009 نجح سامى بأعجوبة وسط منافسة شرسة بعد تحالف الأرمن مع التيار الوطنى . هناك عدد من الإعلاميين المشهورين يخوضون السباق، منهم الإعلامية بولا يعقوبيان من تليفزيون المستقبل وتخوض الانتخابات على لائحة "كلنا وطنى" وهى لائحة المجتمع المدنى وتضم 66 مرشحاً ومرشحة بمشاركة نسائية بنسبة 30 فى المائة، وجاء اسمها فى القوائم بوليت ياجوبيان، وهى مرشحة عن مقعد الأرمن الأرثوذكس فى دائرة بيروت الأولى التى تضم "الأشرفية – الرميل – المدوّر - الصيفي" وتقول بولا إن وزارة الداخلية أصّرت على كتابة الاسم بحسب وثيقة الولادة، علماً بأنها استثنت بعض المرشحات، وسمحت لهن باستخدام اسم الزوج، أما أنا فلم يُسمح لى بإضافة اسمى الذى يعرفنى به الجميع منذ ولادتى.
ويتنافس فى الانتخابات الإعلامى طونى خليفة، حيث يترشح على المقعد المارونى فى طرابلس ضمن لائحة القرار المستقل، والتى تضم وجوها بارزة بينها النائب السابق مصباح الأحدب، ووجه طونى رسالة عبر صفحته قال فيها إلى كل الأحبة من اللبنانيين، يشرفنى منحى صوتكم التفضيلى عن المقعد المارونى فى طرابلس، ومنحى شرف أن أكون صوتكم فى وجه الظلم والفساد. كما تخوض الانتخابات بضجة كبيرة الإعلامية جسيكا عازر ، المرشحة على المقعد الأرثوذكسى فى دائرة المتن ضمن حزب القوات اللبنانية على لائحة "المتن قلب لبنان، وهى أثارت حالة من الجدل كونها مذيعة نشرة أخبار ولها حضور على الشاشة ولم يسبق لها العمل السياسى، والقائمة تضم مرشحين من حزب " القوات " وآخرين مستقلين مدعومين من الحزب، وعبرت عن قرارها ، خلال مهرجان انتخابى وشعبى للائحة بالقول إن "أبواب الجحيم لم ولن تقوى علينا".
وعلى نفس النهج يترشح الإعلامى نهاد المشنوق، وهو أيضا وزير الداخلية والبلديات ونائب ويترشح فى دائرة بيروت الثانية، ويشكل الناخبون المسلمون النسبة الأكبر أى نحو 62 فى المائة، ويقترع فيها 347277 ناخباً، ووصف المعركة بقوله إن ما نواجهه هو معركة سياسية بامتياز وليست معركة انتخابية، المشنوق لا يفوت الفرص فى انتقاد الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله، حيث وصف خطابه بالكلام التعبوى الحاد الّذى لا سابق له منذ عام 2006، وقال المشنوق ضمن جولاته إن طبيعة المعركة بالنسبة إلى "حزب الله"، وكأنّها معركة حياة أو موت"، لافتاً النظر إلى أنّ "الخطورة أنّها تدار من صندوق الاقتراع هذه المرّة، ومن خلال لوائح متعدّدة، بحيث إن 8 لوائح تواجه لائحة "تيار المستقبل" فى دائرة بيروت الثانية"، مسجّلاً "عتباً على بعض الأشخاص الذين تملكتهم الأنانية الشخصية، والتى ستصب لمصلحة لائحة حزب الله".
هذا الهجوم على حزب الله لم يكن الوحيد من نوعه، حيث انتقدت الصحف اللبنانية الطريقة التى يقدم بها الحزب مرشحيه ووصفتها صحيفة النهار، بأنها لوائح شرعية من فرط الحديث بالفتاوى الدينية.
وشهدت الحملات سخريات وتراشقا بالكلمات، منها وصف برى لجبران باسيل "بالبرغوث "وسخرية رئيس "حزب التوحيد العربي" والمرشح فى دائرة جبل لبنان الرابعة وئام وهاب ، من الأمير الدرزى طلال أرسلان، حيث قال وهاب " أتمنّى على رئيس "الحزب الديمقراطى اللبناني" وزير المهجرين طلال أرسلان التخفيف من المواكب المسلحة عند زيارته القرى، فالدخول إلى برجا يجب أن يراعى أصول الضيافة، فلا هو فاتح ولا برجا مدينة تقبل الفاتحين بل تحب الضيوف".
ولفت النظر إلى أنّ "وكالة "سى. آى. إيه" ويقصد وكالة الاستخبارات الأمريكية أبلغتنا أنّ الخطر على عطوفته لم يعد كبيراً، فليرحم الناس من مواكبه والاستعراض". ولم يفوت الفرصة رئيس "اللقاء الديمقراطى"، النائب وليد جنبلاط، حيث عبر على مواقع التواصل الاجتماعى قائلا: ل"تبقى مشاعل الحزبيين والأنصار والأصدقاء والحلفاء عالية فى السماء تغطى بنيرانها وتحجب بدخانها شعاراتهم الحاقدة والبغيضة والمعادية للمصالحة والكاذبة حول الإصلاح"، مشيراً إلى أن "مصير المعركة ومصير وجودنا يكمن فى أعلى نسبة تصويت نتمكن من الوصول اليها من خلالكم يا حماة الديار يا جيل آذار".
وعكست فى نهاية الأمر كلمات رئيس مجلس النواب نبيه برى، وفى الخطاب الذى ألقاه فى مهرجان "عهد القسم" فى ساحة القسم فى صور، رسالة لأنصاره حيث قال "من خلال الاستحقاق الانتخابى لن نقبل بجعل لبنان قرباناً للمصابين بجنون العظمة والمعقدين نفسياً، ولن نسمح بإضعاف الحاضن الشعبى للمقاومة وتحويله من موقع القوة للبنان إلى شراع مثقوب تتسلل منه رياح الفتنة".
ومن الآن وبعيدا عن كل الحسابات التى جاءت بها اللوائح، يترقب اللبنانيون صعوبة المعركة فى انتخاب رئيس المجلس النيابى وتكليف رئيس الحكومة، فالسوابق ترجح استمرار نبيه برى رئيسا للمجلس، لكن السؤال هل سيترشح ضده أحد بدعم من التيار الوطنى الحر وحزب الكتائب؟ وهل سيمر تكليف الحريرى برئاسة الحكومة سهلا أم سيواجه نفس الصعوبات التى مر بها عام 2009 وجعلته يعتذر عن الاستمرار قبل تأليف الحكومة بسبب التعنت فى توزيع الحقائب؟ وتدخل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وأعاد تسميته من جديد، واستغرقت المهمة وقتا طويلا قبل أن ينجح فى تأليفها.