خرجت القمة العربية التى عقدت فى الظهران بالمملكة العربية السعودية، بالعديد من الرسائل المهمة، كان أبرزها الرسائل الموجهة بشكل مباشر إلى إيران، حيث تم توجيه رسالة واضحة الملامح والقسمات، إلى هذه الجارة المشاكسة التى ترسل بصواريخها الباليستية، إلى الانقلابيين الحوثيين فى اليمن ليقوموا بإطلاقها على المدن والأراضى السعودية وبلغت 119 صاروخا حتى يوم عقد القمة، وفق ما أعلنه العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز، مضمون الرسالة إلى طهران كان محملا بأبعاد متعددة أولها: إن السعودية ليست وحيدة فى تصديها للخطر الإيرانى سواء فى منطقة الخليج أم فى غيرها من المناطق وفى مقدمتها اليمن التى تشكل الخاصرة الجنوبية، وإنما خلفها حشد عربى يكاد يصل إلى حد الإجماع، بعد أن تطورت مواقف بعض الدول التى تصنف بأنها حليفة لإيران، وطبقا لما أوضحه السفير حسام زكى، الأمين العام المساعد للجامعة العربية ل"الأهرام العربى"، فإن ثمة إشارات واضحة وقوية أكدها القادة العرب ووثائق القمة، باتجاه الرفض المطلق لنزاعات ظهران للتمدد وفرض هيمنتها على المنطقة، الأمر الذى يمثل تطورا إيجابيا يتسم بالوضوح، فهو يتحدث بشكل إيجابى عن ضرورة قيام العلاقات العربية الإيرانية، وفقا لمبادئ حسن الجوار والقانون الدولى والأبعاد التاريخية والجغرافية، ويحذر فى الوقت نفسه طهران من استمرارها فى مسار التدخل فى الشأن العربي، ما يبعث بالرسائل المطلوبة ليس لها فحسب، وإنما لكل الأطراف الإقليمية والدولية بالامتناع عن التدخل فى الشأن الداخلى العربي. ويتابع: ربما كانت هناك بعض الدول العربية تقيم فى فترة ما علاقات كاملة مع إيران، ولكن الموقف العربى الآن تطور وبدأ ينحو فى اتجاه إدراك أن تدخلات إيران، تفضى إلى آثار وتداعيات سلبية سواء على صعيد القضايا والملفات التى تتدخل فيها إقليميا، أم على صعيد الدول التى تتدخل فيها، وحسب منظوره فإنه من الضرورة بمكان اليقظة والوعى بمخاطر ذلك على الأمن القومى العربى، لأن هذا التدخل فى غاية الدقة والحساسية.
ولعل ما صرح به الدكتور إبراهيم الجعفرى وزير الخارجية العراقى، عقب مشاركته فى اجتماع وزراء الخارجية التحضيرى للقمة بالرياض يوم الخميس قبل الماضى، يعكس بعض هذا التطور، فقد أعلن رفضه لما وصفه بالحماقات التى تقوم بها أطراف يمنية بترويع الأطفال والنساء فى السعودية، مؤكدا أنّ المملكة خط أحمر باعتبارها من" أقدس مقدساتنا وأنها يجب أن تبقى آمنة
ولدى سؤاله حول ضرورة التصدى للتدخلات الإيرانية فى المنطقة وقد علق بقوله: إن العراق مع الإجماع العربى، لكنه حريص فى الوقت نفسه على مد الجسور مع جميع الدول سواء كانت عربية أم غير عربية. واللافت للنظر أن كل كلمات القادة الذين تحدثوا أمام القمة حذروا من مخاطر التدخلات الإيرانية والتى وصفها العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز، رئيس القمة بالعدائية، وترمى إلى زعزعة الأمن وبث النعرات الطائفية، لما يمثله ذلك من تهديد للأمن القومى العربى وانتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولى، كما نجدد فى هذا الخصوص الإدانة الشديدة للأعمال الإرهابية التى تقوم بها إيران فى المنطقة العربية، مؤكدا الرفض الكامل لتدخلاتها السافرة فى الشئون الداخلية للدول العربية.
وبدوره يلفت أحمد أبو الغيط النظر إلى هذه التدخلات التخريبية من قبل إيران ويرى أنها استفادت من هشاشة الوضع اليمني،، لتحقيق مأرب قديم بالولوج إلى الساحة الخلفية للمملكة العربية السعودية، فسعت فى سبيل ذلك إلى الإمساك بتلابيب اليمن من خلال الانقلاب على الشرعية الدستورية. وتشجيع بعض العصابات المارقة لتضرب عرض الحائط بكل القواعد السياسية والإنسانية.. حتى صارت الميليشيات التابعة لها مصدراً لعدم الاستقرار داخل اليمن، وتهديداً لأمن السعودية والجوار.
وذلك يتطلب - وفق أبو الغيط -أن يقف العرب جميعاً وقفة واحدة ويتحدثون بصوت موحد لإدانة هذا التخريب والتدمير والعدوان، والتضامن مع المملكة فى الإجراءات الجادة التى تقوم بها لصون أمنها ومصالحها وحماية مواطنيها، وكذلك من أجل استعادة الاستقرار لهذا البلد بعد سنوات من الاحتراب والفوضى.
لكن هل يملك العرب إستراتيجية للتعامل مع تداعيات تعديل اتفاق إيران مع مجموعة 5 +1 بشأن ملفها النووى وذلك فى ضوء تباين الرؤى بين الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق؟
هذا السؤال تم طرحه على كل من عادل الجبير وزير الخارجية السعودى، وأحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية فى مؤتمرهما الصحفى المشترك عقب اختتام وقائع قمة الظهران مساء الأحد الماضى، فأشار أبو الغيط إلى أن اللجنة الوزارية العربية الرباعية المعنية بالتدخلات الإيرانية برئاسة الإمارات، وتضم إلى جانبها وزراء خارجية مصر والسعودية والبحرين، عقدت اجتماعا على هامش الوزارى العربى التحضيرى للقمة، وأعدت خلاله تقريرها النهائى الذى تم عرضه على القادة فى الظهران، متناولا كل جوانب اختراقات إيران للشئون الداخلية للدول العربية، غير أن التقرير تضمن تقدير موقف إزاء مسألتين تنطويان على مخاطر على المنطقة العربية، أولهمها مسألة تطوير الصواريخ الإيرانية الباليستية ودعوة المجتمع الدولى، بألا يسمح لطهران بالاستمرار فى هذا التطوير، لأنه يعرض الوطن العربى لأخطار هائلة، مؤشراتها واضحة فى استخدام الميليشيات الحوثية فى اليمن، لأنواع مختلفة من هذه الصواريخ وتوجيهها للأراضى والمدن السعودية، أما المسألة الثانية، فتتمثل فى المطالبة بأن التعديل الذى ينبغى التركيز عليه فى اتفاق إيران النووى، يجب أن يقوم على أن تكون فترته الزمنية مفتوحة وغير محددة، كما هى الحال فى النص الحالى الذى يحدد هذه الفترة بعشر سنوات، التى تتأهب طهران للمضى قدما فى برنامجها النووى العسكرى فور انتهاء هذه الفترة القصيرة، وقد تم عرض هذه الأفكار على القادة الذين أخذوا علما بها فى الجلسات المغلقة.