الأجساد تفني هذا قدر الله في الخلق . فالموت حق بل هو كأس وكل الناس شاربه، لاجدال في ذلك، مات جمال عبد الناصر نعم وتحديدا في سبتمبر عام 1970 هذة حقيقه، إلا أنه مازال حيا بما قدم وبما أنجز.. كثيرون اختلفوا حوله فمنهم من قال إنه كان منقذا ومجاهدا وآخرون قالوا وهم الغلاة انه كان سببا في كل الموارث التي المت بنا وأننا مازلنا نجني ثمارها . ودعونا نتفق أن من سمات البشر أنهم يخطئون ويصيبون، ناصر بداية خرج من رحم الطبقي الوسطي لم يكن والدة من ملاك القصور أو الأطيان الزراعية ولكنه كان موظفا بسيطا يتقاضي راتبا محدودا وبالتالي فقد نشأ قريبا من الفقراء والمعدومين والثكالي وربما كان ذلك دافعا له لتبني حزمه من الرؤي التي تصب جميعها في صالح الفئات الدنيا . في تقديري أن عبد الناصر كفاة الدفع بقوانين الإصلاح الزراعي التي استنتجت تعريفا جديدا للفلاح، فقد كان يري أن الأرض لمن يزرعها لا لمن يمتلكها وكان الملاك في الغالب من الأفندية والبكوات والباشوات. وكان الأجراء هم من يعملون في الوسايا والإقطاعيات نظير قروش معدودة لا تغني ولا تسمن من جوع ، فكان قراره أن هؤلاء من بذلوا الغالي والنفيس من أجل تمهيدها وإصلاحها. استقرت العلاقه بين المالك والفلاح ورسم ناصر علاقه جديدة تكفي المالك أمانا وتمنح الفلاح حقه، فقد كانوا يعيشون حياة الاستعباد والقهر والذل ومن عاش تلك الأيام يمكن أن يحكي الأساطير التي كانت تحدث .. ولا يمكن أن نتغافل القلاع الصناعية التي شيدها وحجم العماله التي استوعبتها ولا يمكن حصر المصانع التي كانت عنوانا للمرحلة والمؤسف أنه تم تصفيتها في مرحله لاحقة وبيعت أنقاضا في سوق النخاسه وغفر الله لمن كان سببا في خرابها . وكفي عبد الناصر أنه رغم الضربات المتلاحقه التي تعرض لها إلا أنه زرع في نفوس المصريين العزة والكرامة والثقه في النفس، مازال ناصر حيا بما قدم، وكفاة أنه قضي علي مجتمع النصف في المائه وغير الخريطه. عبد الناصر كان بسيطا وعاش من أجل البسطاء، وفي كل الأحوال هو بشر أصاب وأخطأ.. وتلك سنة الله في خلقه.