أكد شيوخ وعلماء الصوفية أن طرقهم عاشت - ولا تزال - تاريخا طويلا من الكفاح والمجابهة للخوارج والغلاة في كل عصر. محذرين من أن هؤلاء الغلاة يتصفون بمعسول الكلام مما يجذب إليهم العامة وقليلي الثقافة والعلم الديني. ويفعلون عكس ما يقولون. أكدوا أن خطر الخوارج علي تماسك ووحدة الأمة أشد لأنهم يتخذون الدين ستارا في ارتكاب جرائمهم وهو منهم براء. بل يمرقون منه كمروق السهم من الرمية. مطالبين المجتمع بكافة فئاته وطوائفه بالوقوف صفا واحدا في محاربة تلك الفئة. المهندس محمد عبد الخالق الشبراوي- شيخ الطريقة الشبراوية. رئيس جبهة الإصلاح الصوفي- يوضح أن الطرق الصوفية علي الساحة الدعوية منذ بداية الدعوة المحمدية للإسلام وهي المنهج الذي زرعه سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في قلوب أصحابه في ثلاث عشرة سنة قبل التكاليف الشرعية. فزرع الذوق والوجدان والمحبة وفنون العبادة في المعاملات . ومنهج الطرق الصوفية من الكتاب والسنة لا يخرج عنها مقدار شعرة. فالشريعة والطريقة والحقيقة هي أبواب الاسلام الأول للمعرفة. وباب الايمان لوسطها. وباب الاحسان لغايتها. ولما كانت الرسل تبتدئ في دعوتها الي الله بالشرائع قبل الحقائق فقد قيل لرسول الله أولا "يا أيها المدثر قم فأنذر" فلما أنذر وبشّر أنزل علي أمته "ما ضل صاحبكم وما غوي وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي علمه شديد القوي ذو مرة فاستوي وهو بالأفق الأعلي" فلما تمكّن الدين أنزل الله عليهم "ثم دنا فتدلي فكان قاب قوسين أو أدني" فلما رسخ يقينهم وصح إسلامهم وإيمانهم أنزل الله "ما زاغ البصر وما طغي" فدلهم اولا علي الطريق الي الله .ثم إلي الوصول . ثم علي الدخول في الحضرة الإلهية . يستطرد م.الشبراوي قائلا: والطرق الصوفية عليها تصحيح المفاهيم المغلوطة فورا في الخطاب الديني والذي زرعه صاحب الفكر الماسوني من خلال أخذ الدين بالرأي فقد ظهر هذا الفكر من سنة 1811م وتم تفعيله في سنة 1926م وجناحه الآخر سنة 1928م . وهناك اختلاف عقائدي وهذا يظهر جليّا من تصرفاتهم من خلال مفتي حلف الناتو الجنرال القرضاوي ومنظماتهم الإرهابية والتلفية اللا أخلاقية. وأرجو مراجعة تاريخهم الأسود في الاغتيالات واغتيال الرئيس المؤمن محمد أنور السادات وفي أحاديث المصطفي صلي الله عليه وسلم ما يُنبئ بهم. فعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم : "تُعرض الفتن علي القلوب كعرض الحصير عودًا عودًا. فأي قلب أشربها نُكتت فيه نكتة سوداء. وأي قلب أنكرها نُكتت فيه نكتة بيضاء. حتي تعود القلوب علي قلبين» قلب أسود مربادًا كالكوز مجخيًا. لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا. إلا ما أشرب من هواه. وقلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت الأرض والسموات ¢ أخرجه مسلم.. وحديث المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم الذي أخرجه أبو يعلي عن حذيفة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ¢ إن مما أخاف عليكم. رجل قرأ القرآن حتي إذا رؤيت بهجته عليه وكان رداؤه الإسلام اعتراه إلي ما شاء الله انسلخ منه ونبذه وراء ظهره . وسعي علي جاره بالسيف ورماه بالشرك . قال: قلت: يا نبي الله. أيهما أولي بالشرك المَرمِي أم الرامي؟ قال : بل الرامي¢ قال الحافظ : إسناده جيد. وقال رسول الله صلي الله عليه سلم- فيما معناه- : سيكون في أمتي اختلاف وفرقة . قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل. ويقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم . يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم . وصيامه مع صيامهم . يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية لا يرجع حتي يرد السهم علي فوقه. وهم شرار الخلق والخليقة. طوبي لمن قتلهم. فمن قتلهم فله أفضل الأجر. ومن قتلوه فله أفضل الشهادة. يدعون إلي كتاب الله وليسوا منه في شيء . من قاتلهم كان أولي بالله منهم. قالوا: يا رسول الله. ما سيماهم ؟ قال: التحليق . صدق رسول الله. يضيف الشبراوي: وفي المستدرك حديث رقم 2648 عن معمر عن قتادة عن أنس رضي الله عنه وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ¢سيكون في أمتي اختلاف وفرقة وسيجيء قوم يعجبونكم وتعجبهم أنفسهم . الذين يقتلونهم أولي بالله منهم . يحسنون القيل ويسيئون الفعل ويدعون إلي الله وليسوا من الله في شيء. فإذا لقيتموهم فأنيموهم¢ قالوا: يا رسول الله. انعتهم لنا ؟ قال: ¢سيماهم الحلق والتثبيت¢ والتثبيت استئصال الشعر. حديث صحيح علي شرط البخاري ومسلم كما قال الإمام الذهبي في المستدرك حديث رقم 2659. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أتاه مال . فجعل يضرب يده فيه فيعطي يمينا وشمالا . وفيهم رجل مقلص الثياب . ذو سيماء بين عينيه أثر السجود . فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يضرب يده يمينا وشمالا حتي نفد المال . فلما نفد المال ولي مدبرا وقال: والله ما عدلت منذ اليوم .قال: فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يقلب كفه ويقول : ¢إذا لم أعدل فمن ذا يعدل بعدي؟! أما أنه ستمرق مارقة يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية. ثم لا يعودون إليه حتي يرجع السهم علي فوقه . يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم . يحسنون القول ويسيئون الفعل. فمن لقيهم فليقاتلهم. فمن قتلهم فله أفضل الأجر. ومن قتلوه فله أفضل الشهادة. هم شر البرية. بريء الله منهم. يقتلهم أولو الطائفتين بالحق¢ ي رسول الله صلي الله عليه وسلم. التستر بالدين من جانبه يؤكد الشيخ طارق الرفاعي- شيخ الطريقة الرفاعية- أنه لابد من وقفة يتكاتف فيها الجميع مع أجهزة الدولة للرد علي خوارج هذا العصر الذين يتخذون الإسلام شعارا لكي ينفذوا جرائمهم الإرهابية ضد الدولة والشعب. فخوارج العصر لا دين ولا وطن لهم. وعلي الأزهر والأوقاف والطرق الصوفية ونقابة الأشراف تنظيم لقاءات فكرية لتفنيد أفكارهم التكفيرية الارهابية. وهذه المنظومة لابد وأن تكتمل بالتعاون مع الجيش والشرطة الذين يحمون الأرض والأمن. ويشير الشيخ عبد الحليم العزمي- أمين عام الاتحاد العالمي للطرق الصوفية. مدير تحرير مجلة الإسلام وطن. الناطقة باسم الطريقة العزمية- إلي بعض النقاط بخصوص محاربة الصوفية للخوارج. فيقول: - العالم الصوفي ابن عطاء الله السكندري ناظر ابن تيمية وفضحه. - الدولة العثمانية حاربت الحركة الوهابية وهي فرقة خارجية. وصدرت فتاوي من الآستانة والأزهر الذي كان أغلب مشايخه صوفية بضرورة محاربة هذه الحركة الآثمة. - السيد عز الدين ماضي أبو العزائم حارب الخوارج بشدة. وأصدر كتابيه "إسلام الصوفية هو الحل لا إسلام الخوارج". و"أيها القرنيون هلا فقهتم" للرد علي أفكارهم المتطرفة. وهو أول من وصفهم بالخوارج. - أصدرت مجلة ¢الإسلام وطن¢ أكثر من 40 كتابا للرد علي أفكار الخوارج وما تناسل منها من فرق وجماعات. - الصوفية يقفون بالمرصاد لأفعال الخوارج في أغلب دول إفريقيا. حتي أنهم يحمون أضرحة الأولياء من هجمات المتطرفين في الصومال وغيرها. - تنشر مجلة ¢الإسلام وطن¢ علي ظهر غلافها حديثا للنبي يتحدث فيه عن صفات وأحكام خوارج عصرنا. وكذلك مقولة الإمام علي عن داعش لتحذير المسلمين من الانضمام لهذه الفرق الضالة. - كلما خرجت جماعة أو تنظيم جديد يعتنقون هذه الأفكار تقوم المجلة بفضحهم فكريا. وإيضاح مخططاتهم ضد الأمة. - قام السيد علاء أبو العزائم بعمل سلسلة مقالات لفضح ابن لادن. وعلاقته بالمخابرات الأمريكية. بعد أن خدع به بعض المضللين. واعتبروه إماما للجهاد. وكذلك اصدار كتابه "يهود أم حنابلة" لتفنيد أفكارهم الضالة. ماض مؤلم في حين يري أحمد إبراهيم التسقياني- شيخ عموم السجادة التسقيانية- أن الحديث عن الخوارج هذه الأيّام هو حديث عن ماضي مؤلم. أضاعت فيه هذه الفرقة الطاغية من دماء الأبرياء وحياة الأتقياء وأموال المسلمين ما لا يُحصيه إلاّ الله سبحانه وتعالي. وصرفت الخلافة عن قتال أعداء الله والمسلمين إلي دفع شرورهم والتصدّي لهم وحالت دون الدعوة إلي الله . وهكذا حال أصحاب البدع والضلالات قديماً وحديثاً يستنفدون طاقات الأمّة. ويضيّعون جهودها بإخماد نار فتنتهم عمليّاً بتجييش الجيوش وعلميّاً بردود العلماء عليهم وبيان ضلالاتهم. وأمّا حديثاً ففي هدر طاقات الشباب المسلم وتمزيق شملهم وهم أحوج ما يكونون للاجتماع والتصدّي لأعداء الله سبحانه وتعالي من المنصّرين والمنافقين وأصحاب الضلالات من الفرق المارقة عن الدين . فالخوارج : هم طائفة أبت إلاّ تمزيق صفّ المسلمين وتشتيت شمل الموحّدين. فخرجت علي الخليفة الذي تمّت بيعته من أهل الحلّ والعقد وتمّت له الإمامة علي المسلمين. قال الشهرستاني في كتابه الملل والنحل: كلّ من خرج علي الإمام الحقّ الذي اتّفقت الجماعة عليه يُسَمّي خارجيّاً سواء كان الخروج في أيّام الصحابة علي الأئمة الراشدين أو "من" كان بعدهم علي التابعين لهم بإحسان والأئمة في كلّ زمان. ج1/ص114. أمّا من حيث الاتّجاه - وهو التشنيع علي أمير المسلمين- فقد ظهرت بوادرها في زمن رسول الله صلي الله عليه وسلم. عندما طعن عبدالله ذو الخويصرة التميمي بقسمة رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال فيها - ولبئس ما قال-: هذه قِسمة ما أُريد بها وجه الله . وقال أيضاً: اعدل يا رسول الله. فقال الصادق الأمين : "ويلك. إن لم أعدل فمن يعدل؟" ثمّ قال فيه : ¢يخرج من ضئضيء هذا. قوم تحقرون صلاتكم إلي صلاتهم وصيامكم إلي صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية¢ فالخوارج فرقة مارقة. تري كلّ من خالفها من المسلمين علي غير الهدي والدين . وغلاتهم - وهم بالجملة غلاة- يرون كفر من خالفهم وحتّي الأطفال .وهم مع ذلك يستبيحون الدماء والأموال. لدرجة أنّ بعضهم يري كفر الرعيّة إذا كفر الحاكم. يضيف التسقياني: لقد وضع الخليفة علي بن ابي طالب منهجاً قويما في التعامل مع هذه الطائفة . تمثل في قوله للخوارج: ¢ ألا إن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله . ولا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا . ولا نقاتلكم حتي تقاتلونا ¢ رواه البيهقي وابن أبي شيبة. وهذه المعاملة في حال التزموا جماعة المسلمين ولم تمتد أيديهم إليها بالبغي والعدوان . أما إذا امتدت أيديهم إلي حرمات المسلمين فيجب دفعهم وكف أذاهم عن المسلمين . وهذا ما فعله أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حين قتل الخوارج عبد الله بن خباب بن الأرت وبقروا بطن جاريته . فطالبهم رضي الله عنه بقتلته فأبوا . وقالوا: كلنا قتله وكلنا مستحل دماءكم ودماءهم . فسل عليهم رضي الله عنه سيف الحق حتي أبادهم في واقعة النهروان . فعلينا نحن أيضاً محاربتهم بالحجة والمجاهدة والمصابرة والعلم ولا نترك لهم الساحة. وعلينا أيضاً تربية وتثقيف النشء علي تعاليم ديننا الصحيح وإسلامنا الواسطي من خلال الندوات او المؤتمرات وأيضاً من خلال القنوات الفضائية وكثرة البرامج حتي تصل الرسالة بأسرع وقت ممكن حتي ننقذ شبابنا ووطنا من أي انحرافات.