هل تعلم أن هناك سرطانا ناعما يتسلل من بين يديك ومن خلفك ومن كل الاتجاهات باختيارك غالبا وباضطرارك أحيانا ..هذا هو واقع نعايشه يوميا باستخدامنا المفرط ل"شنطة البلاستيك"، والتي نسرف في تداولها - لنعومتها وسهولة تداولها وخفة وزنها – بعد أن تسللت إلي تلافيف تعاملاتنا وحياتنا، وفي مياهنا وأرضنا، وفي طعامنا وصحتنا وهو الأكثر خطرا.. منذ ما يقرب من 15 عاما، وأمام مخاطر البلاستيك المتزايدة، وبعد ما تكشف عن مخاطر الخامات المكونة لتلك الحقائب، بدأت دول عديدة في عمليات استبدال الحقائب البلاستيكية ببدائل من خامات الورق، والقماش، ونظرا لما واجهته دول ومجتمعات وشركات وتجار من تكلفة هذه البدائل، اختارت الاستغناء عن كلاهما واكتفت بتسليم المكونات أو الأشياء المباعة بلا شنط..، بريطانيا فعلت ذلك، وتسأل هناك الشركات ومنافذ البيع العميل "الزبون"، إذا كان يريد أن يتسلم ما أشتراه في شنطة من القماش أو الورق، فعليه أن يدفع ثمن هذه الشنطة بمكونات آمنة غير بلاستيكية.. لن نضيف جديدا، اذا تحدثنا عن الأعداد الهائلة لتلك الشنط البلاستيكية والتي نستخدمها كل ساعة، وتتجاوز المليارات إلي خانة التريليون، ولن نهدر الوقت في سرد معلومات قديمة عن استخدام خامات رديئة من البلاستيك في صناعة وإنتاج هذه الشنط فائقة المخاطر، ولكننا ننبه إلي أن ما يقال عن إعادة تدوير نفايات البلاستيك، ومن بينها الشنط، لايشكل علاجا للخطر أو تقليلا منه، نظرا لأن ما يعاد تدويره من تلك المخلفات لا يتجاوز 2٪ من حجم المتداول البلاستيك، ولذلك ستظل الأكياس تشكل أضرارا صحية وبيئية، وتستمر وتتكاثر متناثرة في الشوارع والطرقات في البر وفي الأنهار والبحار، فالمواد البلاستيكية صعبة التحلل، كما أنها تساهم في تلويث الهواء، والتربة، بالمواد التي تتسرب منها، كما تتسبب المواد البلاستيكية التي تلقى في البحر بقتل ملايين الكائنات البحرية سنويا، مايؤدي الي اختلال بيئي ينتشر مابين البر والبحر. وتتركز خطورة منتجات البلاستيك علي الصحة العامة لاحتوائها على مواد تسمي “فثاليتات” "phthalates" التي تدخل في مادة ال “بولي فينيل كلورايد”، ونتائجها السلبية، فهي تحتوي علي مواد كيمائية تتفاعل مع الأطعمة، وتسبب سرطان الكبد، والرئة، والزهايمر، كما تساهم في زيادة تخزين الدهون بالجسم، حيث ترفع من قدرة الجسم على مقاومة الأنسولين، ما ينعكس سلباً على مرض السكري، أيضا فانها تخفض من نسبة الهرمونات الجنسية، وتؤثر سلباً على الحيوانات المنوية للرجل، وبالتالي تؤدي إلي العقم، إضافة إلي أمراض السرطان، فضلا عن خطورتها علي الجهاز العصبي، كما تحتوي الأكياس البلاستيكية على مادة "الديوكسين" المحرم دوليا، لتسببه المباشر في أمراض السرطان، حيث يصنف ضمن أخطر 20 مادة باعتباره مصنعا من مشتقات البترول والمواد كيمائية.. تقول منظمة الصحة العالمية أن متوسط استهلاك الفرد 24 كيلو جراما سنويا، أو 21 جراما يوميا، من البلاستيك، وتكشف دراسة يابانية أن الأصباغ المستخدمة في تلك الأكياس تحتوي على الرصاص، وأظهرت احتواء الأكياس على مستويات عالية من هذا الرصاص تتجاوز معيار السلامة الذي حدده الاتحاد الأوروبي، وحذرت من أن الرماد المتبقي من حرق الأكياس بمصانع التخلص من النفايات ومخلفات الأكياس التي لم يتم القضاء عليها نهائيا، يمكن أن يلوث البيئة، وأن هذه الأكياس تترسب في دم الإنسان وتؤدى لأخطر الأمراض، حيث تتحلل المواد الكيماوية الموجودة بالأكياس داخل الطعام. وأمام المخاطر المؤكدة، والأضرار الصحية والبيئية المتنامية، لم تتوقف الجهود للتنبيه بتلك الأخطار، فقد بزغ توجه عالمي، تعززه مصر، بحملتها عبر وزارة البيئة، حيث أطلقت المبادرة الوطنية للحد من استهلاك الأكياس البلاستيكية فى مصر، وهو ما ينبه عن مخاطره وزير البيئة الدكتور خالد فهمي، محذرا بأن مخاطر الشنط البلاستيك، تتعدد من خطر على الصحة العامة الي البيئة الي السياحة والاقتصاد، وتوضح الأرقام أن حجم استهلاك المصريين من الأكياس البلاستيكية ما يقدر بحوالى 12 مليار شنطة بلاستيكية سنويا تسبب مشكلات في البحر مما ينتج نفوق واختناق للكائنات البحرية والنيلية، مما يؤثر سلبا على السياحة البيئية ورياضات الغوص.. وفي هذا الاتجاه تسعي مصر، بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة للبيئة، ومركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا، من خلال "البيئة"، لتشجيع المواطنين للوصول الي سياسات وممارسات واقعية لا تضر بالصحة العامة، وتطبق برامج أكثر فاعلية صديقة للبيئة، من خلال المبادرة الوطنية للحد من استهلاك الأكياس البلاستيكية في مصر.. بقي أن نقول، إن غالبية الأنشطة التي تسعي الحكومة لإنجازها في مجال حماية البيئة، تظل مكبلة ومحدودة الأثر في ظل قانون الجمعيات الأهلية الجديد الذي يحجم عمل المجتمع الأهلي، ويعيق نشط الجمعيات الأهلية المعنية بالبيئة..