لقد توقف الرأى العام العربى طويلا، وما زال يقف حائرا، حيال موقف النظام القطرى المعادى لكلّ ما هو عربي، وحرصه على أن يكون طرفا فى أيّ مشروع يستهدف العرب، دولا وشعوبا.. وأن يجزل الدعم، لكل المجموعات الإرهابية الطائفية الشعوبية.. وأن يطور العلاقات والدعم والتحالف مع الأنظمة الراعية لهذا الإرهاب والتى تكنّ الأحقاد للعرب والعروبة.. وأن يسلط ضجيج إعلامه لنشر الفوضى والإرهاب والصراعات والفتن فى ربوع الوطن العربي.. وأن يفتح أبوابه (المقاومة) لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية، والتطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني، سياسيا وإقتصاديا وإعلاميا.. حتى تحوّل هذا النظام إلى خنجر مسموم فى خاصرة الأمة العربية، يستشعر إمعانه فى إحداث أكبر قدر من النزف والألم، كلّ مواطن عربى فى كلّ الساحات العربية. وفى محاولة لفهم هذا الموقف الشاذ والغريب للنظام القطري، قدمت مقاربات عدّة.. بعضها أحاله إلى العقد الدونية المرضية التى يعانيها هذا النظام فى مواجهة أطراف محدّدة من الزعامات العربية فى الماضى والحاضر.. وبعضها الآخر أحالها إلى الشعور بالقزمية فى مواجهة دول عربية تمتلك مقومات جغرافية وسكانية وقيادية.. فيما أحالها البعض الثالث إلى القابلية الوظيفية للعبودية والخدمية.. وغير ذلك من المقاربات، التى تصبّ جميعها فى ما أطلق عليه علم النفس: «الاستجابة بالتعويض»» عن الإحساس بالنقص والشعور المرضى بالدونية والقزمية والقابلية للعبودية والخدمة للأجنبي.. وهو ما انعكس فى استغلال ما سمّى بالربيع العربى، لارتكاب أبشع الجرائم فى كلّ الساحات العربية.
فقد مارس التحريض على الإرهاب والإبادة والتقسيم، واستجلاب المرتزقة ودعمهم بالمال والسلاح، وإطلاقهم ليعيثوا إرهابا وتوحشا وتخريبا فى الوطن العربي: فى مصر التى أطلق عليها حربا إعلامية شعواء فى قناة الجزيرة البائسة، وأدخل إليها فى سيناء عبر غزّة والكيان الصهيونى والحدود الليبية مئات المرتزقة والإرهابيين، فى محاولة يائسة للنيل من مصر، شعبا وجيشا وقيادة وثورة شعبية أنهت حاكمية الردّة والشعوبية والإرهاب. حتى تحولت مصر: العروبة والدور والإمكانية والقيادة، إلى عقدة نفسية متضخمة من الدونية لدى النظام القطري.. وكذلك الأمر فى ليبيا وسورية والعراق واليمن وفلسطين، التى استجلب إليها النظام القطرى المرتزقة والإرهابيين للنيل من وحدتها وعروبتها.. ومن ثمّ استثمار ذلك كلّه واهما، فى دعم مشروع تفتيت الوطن العربى إلى محميات للطوائف والأعراق والمكونات، أقل من دولة قطر مساحة وسكانا، وهو ما ينقذ النظام القطرى من الإحساس بالنقص والدونية، ويمنحه قدرا من السيطرة التعويضية.. وذلك واحد من منطلقات وأهداف النظام القطرى فى حربه الإرهابية والإعلامية ضد الأمة العربية، فى كلّ زمان ومكان، والتحالف مع أعدائها التاريخيين. لذلك فإنّ المقاطعة العربية، لن تحقق أهدافها، إلاّ بطرد هذا النظام من عضوية مجلس التعاون والجامعة العربية، ومن ثمّ إسقاطه.. وتعميم المقاطعة العربية على مجرم الحرب الدولى أردوغان ونظامه، الذى يبدو دور النظام القطرى متواضعا، أمام الدور الإرهابى الأكبر لنظام أردوغان وعقدته الدونية أمام العرب والعروبة، وأحلامه المرضية البائسة لإعادة إنتاج الإمبراطوريات الأكثر بؤسا من مقابر التاريخ.